08‏/04‏/2014

مفهوم الإيمان بالله عند النورسي

عبداللطيف ياسين 
مفهوم الإيمان بالله عند شيخنا (النورسي) لا نستغرب عندما لا نراه تقليدياً في السرد، فهو يبتعد عن تجريد الإيمان عن مفهومه القرآني والواقع المعاشي، كما قلنا أراد (النورسي) أن يعود بمفهوم الإيمان إلى حظيرته الحقيقية، وهي القرآن، فقد رأينا في حقبة ما انغماس مفهوم الإيمان داخل الجدالات العقلية والجدلية، وهذا كانت له أحكام وظروف تتحكّم في نمط تفكير العلماء والردِّ على المنحرفين والزنادقة. وكان لزمن شيخنا أيضاً أحكام وظروف تحكمت في نوعية الخطاب، إلا أن تمسك الشيخ بمنهجه القرآني جعله أصوب في طرحه، ودخل إلى عالم الكينونة الإنسانية بشكل انسيابي، وهي مرحلة الصفاء، حيث لا لبس فيها ولا غموض، فهو يؤكد على الحفاظ على الإيمان في هذا الزمن، الذي أصبح التهديد والهجوم على الإيمان من أولويات الأعداء، " دفع الشخص المعنوي لطلاب رسائل النور وحقيقتها - في هذا العصر - لأداء وظيفة التجديد، من حيث المحافظة على الحقائق الإيمانية" ..!! 
و(النورسي) حين سعى لإثبات وجود الله، كحقيقة متعينة في الظاهر، عوّل على ذلك المفهوم العميق لمعنى الإثبات، الذي يخرجه عن الإطار السردي المالك للأدلة والبراهين والشواهد. ومما ينصب عادة في الكشف عن الغائب والمجهول والخفي، فتحول الإثبات عنده في النهاية ليعني الوقوف على حقيقة الموجود، أي الوقوف على ما هو أصلاً ثابت وحق وواقع بالفعل، ولا مجال لإنكاره مطلقاً. وحتى في هذا فهو لا يريده وقوفاً مجرداً، يصل فيه بالإثبات إلى منتهاه وغايته، بل يريده وقوفاً قلبياً مشعوراً به، بحيث يقول المثبت: أتيقن وأعتقد، ولا يقول أعلمه وأعرفه" . "تكررت كلمة "الله" تعالى في القرآن الكريم (2500) مرة، بينما تكررت فيه كلمة "الإسلام" أقل من عشر مرات، غير أننا نرى أن هذه النسبة عكست في الكتب الإسلامية المعاصرة، ففي القرآن نرى أن النسبة بين الإيمان والإسلام هي خمسة مقابل واحد، وذلك لصالح الإيمان، بينما نرى أن النسبة بين الإيمان وبين الإسلام، في عناوين الكتب الإسلامية المكتوبة باللغة العربية، حتى آواخر القرن التاسع عشر، هي اثنان مقابل ثلاثة لصالح الإسلام. نرى أن هذه النسبة أصبحت في ستينيات هذا القرن، ثلاثة عشر أمام واحد، أي 13 كتاباً يبحث عن الإسلام، مقابل واحد يبحث عن الإيمان، ولا شك أن هذه النسبة زادت في هذه الأيام. والنتيجة الحتمية لهذا هي أن التوجه نحو الغرب تركز في تقديم الإسلام بصفة نظام وبديل أيديولوجي، وتم هذا التقديم في الغالب دون الإشارة الى الإيمان" . "وفي رسائل النور، إنطلاقاً من المنهجية القرآنية، لا تجد فواصل قاطعة، ولا تجد منهجية مدرسية، أو أكاديمية، تقدم لك المعارف أو القضايا عبر سلسلة أو حلقات من الأبواب والفصول والمباحث، بل تجد انسياباً هنا، يلتقي مع انسياب هناك، قد يكون التركيز في جانب إبراز عقيدة التوحيد ، لكن الاعتماد في تأكيد هذه الرؤية الإيمانية القرآنية (النورسية)، يقوم على حقائق الكون والإنسان والفكر الرصين، وتجليات أسماء الله الحسنى في الكون والإنسان، (الأنا الإنسانية التي تمثل مرآة أسماء الله الحسنى ونقطة تجلياتها).. ولأن الاعتماد في الرؤية الإيمانية يقوم على أساس هذه النظرة الشمولية غير التقليدية، فإنه بالتالي يعتمد في عرضه على أسلوب، لا يمكن أن يكون أسلوباً رياضياً، أو علمياً، خالياً من الروح والفكر الروحي، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن يكون أسلوباً أدبياً بلاغياً إنشائياً، حسبه أن يقرع الأذن، ويحرك العاطفة، ثم لا يترك أثراً في توجيه الصياغة السلوكية الفردية أو الاجتماعية في الحياة، وكأنه أقرب إلى الشعر بمفهومه عند أكثر المحدثين والحداثيين" 

أولاً: وجود الله عند (النورسي) 
يحتل النقاش حول وجود الله محوراً حيوياً في الفكر الإنساني. ونظرة متفحصة على النقاش الدائر في هذا الموضوع، في كل من ساحة العلم والتكنولوجيا، والدين، في عصرنا هذا الذي يفخر بإنجازاته، تظهر لنا أن مثل هذا النقاش لن يزول ولن ينتهي، فهذه المسألة تحتل مركزاً رئيساً في نظرة الفكر الإنساني نحو العالم، في جميع الأزمنة والأوقات، في الماضي، والحاضر، وفي المستقبل أيضاً "، و(النورسي) حين سعى لإثبات وجود الله كحقيقة متعينة في الظاهر، عوّل على ذلك المفهوم العميق لمعنى الإثبات، الذي يخرجه عن الإطار السردي المالك للأدلة والبراهين والشواهد، ومما ينصب عادة في الكشف عن الغائب والمجهول والخفي، فتحول الإثبات عنده في النهاية ليعني الوقوف على حقيقة الموجود، أي الوقوف على ما هو أصلاً ثابت وحق وواقع بالفعل، ولا مجال لإنكاره مطلقاً. وحتى في هذا، فهو لا يريده وقوفاً مجرداً، يصل فيه بالإثبات إلى منتهاه وغايته، بل يريده وقوفاً قلبياً مشعوراً به، بحيث يقول المثبت: أتيقن وأعتقد، ولا يقول: أعلمه وأعرفه" .. قد تتغير خيوط وخطوط وملامح هذه المسألة بتغير الأزمان، وبزيادة العلم والمعرفة الإنسانية، ولكنها تبقى إحدى الركائز المهمة والأساسية في تشكيل حياة أغلبية الناس، بحيث لا يمكن إهمالها، أو الاستخفاف بها" 
ويرى الإمام (الغزالي) أن "الأصل الأول معرفة وجوده تعالى، وأول ما يستضاء به من الأنوار، ويسلك من طريق الاعتبار، ما أرشد إليه القرآن، فليس بعد بيان الله سبحانه بيان" ، وهو يستدل بآيات من القرآن الكريم كمنهج لمعرفة الله سبحانه، وهو قريب - إن لم أقل مطابق - لما سيذهب إليه (بديع الزمان): " فليس يخفى على من معه أدنى مسكة من عقل، إذا تأمل بأدنى فكرة مضمون هذه الآيات، وأدار نظره على عجائب خلق الله في الأرض والسموات، وبدائع فطرة الحيوان والنبات، أن هذا الأمر العجيب، والترتيب المحكم، لا يستغني عن صانع يدبره، وفاعل يحكمه ويقدره، بل تكاد فطرة النفوس تشهد بكونها مقهورة تحت تسخيره، ومصروفة بمقتضى تدبيره. ولذلك قال الله تعالى: [أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض] ، ولهذا بعث الأنبياء صلوات الله عليهم لدعوة الخلق إلى التوحيد، ليقولوا لا إله إلا الله، وما أمروا أن يقولوا: لنا إله، وللعالم إله، فإن ذلك كان مجبولاً في فطرة عقولهم، من مبدأ نشوئهم، وفي عنفوان شبابهم" .
يقول (النورسي):" إن عدم معرفة الله سبحانه وتعالى، هو الذي أوقع متعلمي الفلسفة، وملة الكفر، والنفس الأمارة، في الضلالة الرهيبة "فَأَتَى الْفَلَاسِفَةُ إِلَى تِلْكَ الْأُصُولِ فَتَلَقَّفُوهَا، أَوْ تلقفوا منها، ما أرادوا، أَنْ يُخَرِّجُوهُ عَلَى مُقْتَضَى عُقُولِهِمْ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ عَقْلِيًّا لَا شَرْعِيًّا" - .كما قلنا في كل تعابير الشيخ (النورسي) نطلع على أمور مهمة، منها سعة إطلاع الشيخ على ثقافة العصر، وحرصه على بيان الحقيقة، وردوده العلمية الرصينة، بالبراهين والحجج العقلية التمثيلية، لبيان حقائق الإيمان في القرآن-. فمثلما قال الناصح الأمين - في الحكاية - إنه لا يمكن أن يكون حرف بلا كاتب، ولا قانون بلا حاكم، كذلك نقول:
أنه محال أن يكون كتاب بلا كاتب، ولا سيما كتاب كهذا الذي تتضمن كل كلمة من كلماته كتاباً خُطّ بقلم دقيق، والذي تحت كل حرف من حروفه قصيدة دُبجت بقلم رفيع. وكذلك من أمحل المحال أن يكون هذا الكون من غير مبدع، حيث أن هذا الكون كتاب على نحو عظيم، تتضمن كل صحيفة فيه كتباً كثيرة، لا بل كل كلمة منها كتاباً، وكل حرف منها قصيدةً.. فوجه الأرض صحيفة، وما أكثر ما فيها من كتب! والشجرة كلمة واحدة، وما أكثر ما فيها من صحائف! والثمرة حرف، والبذرة نقطة.. وفي هذه النقطة فهرس الشجرة الباسقة وخطة عملها. فكتاب كهذا ما يكون إلا من إبداع قلمٍ، صاحبَ قدرةٍ، متصفٍ بالجمال والجلال والحكمة المطلقة. أي: أن مجرد النظر إلى العالَم، ومشاهدته، يستلزم هذا الإيمان، الاّ مَنْ أسكَرته الضلالة!.
ومثلما لا يمكن أن تكون دار بلا بنّاء، لا سيما هذه الدار، التي زيّنت بأبدع زينة، ونقشت بأروع نقوش وأعجبها، وشيّدت بصنعة خارقة، حتى إن كل حجر من أحجارها يتجسم فيه فن ما في البناء كله. فلا يقبل عـاقل أن تكـون دار مثل هذه الدار بلا بنّاء ماهر، وبخاصة أنه يشيِّد في هذا الديوان - في كل ساعة - مساكنَ حقيقية في غاية الانتظـام والتنـاسـق، ويغيّرها بانتـظـام وسهـولة كاملين - كسهولة تبديل الملابـس - بل إنه ينـشئ فـي كل ركن غـرفـاً صغيـرة عدة في كـل مشهد حقيقي.
فلا بد لهذا الكون العظيم من خالق حكيم عليم قدير مطلق، لأن هذا الكون إنما هو كالقصر البديع، الشمسُ والقمر مصابيحه، والنجوم شموعه وقناديله، والزمن شريط يعلق عليه الخالق ذو الجلال - في كل سنة - عالماً آخر يبرُزه للوجود، مجدّداً فيه صوراً منتظمة، في ثلاثمائة وستين شكلاً وطرازاً، مبدلاً إياه بانتظام تام، وحكمة كاملة، جاعلاً سطح الأرض مائدة نِعَمٍ، يزيّنها في كل ربيع بثلاثمائة ألف نوع من أنواع مخلوقاته، ويملؤها بما لا يعد ولا يحصى من آلائه، مع تمييز كلٍ منها تمييزاً كاملاً، على الرغم من تداخلها وتشـابكها.. وقس على هذه الأشياء الأمور الأُخرى.. فكيف يمكن التغافل عن صانع مثل هذا القصر المنيف؟ 
ويرى الشيخ بأن من ينكر الشمس الواحدة، يستلزم قبول شُميسات حقيقية أصيلة، "لأن إنكار الشمس الواحدة ورفضها - في هذه الحالة - يستلزم قبول شُميسات حقيقية أصيلة، بعدد قطرات البحر، وبعدد الزَبَد والحباب، وبعدد بلورات الثلج! ومثلما يكون قبول وجود شمسٍ عظيمة في كل جزيئة - وهي تسع ذرة واحدة - بلاهةً، فإن عدم الإيمان بالخالق ذي الجلال، كذلك". "واستدل على وجود الله، وحدوث الإنسان، من وجود الإنسان نفسه، وأشار إلى أن الله أكد هذا الطريق، حينما دعا العباد جميعاً إلى أن يتفكروا في خلق السماوات والأرض، وما بث فيهما من منافع ومصالح، لا تخفى على كل ناظر " . لأنه يلزم إذ ذاك قبول ألوهية مطلقة في كل شيء، حتى في كل ذرة!. لأن كل ذرة من ذرات الهواء - مثلاً - تستطيع أن تدخل في كل زهرة، وفي كل ثمرة، وفي كل ورقة، وتتمكن أن تؤدي دورها هناك. فلو لم تكن هذه الذرة مأمورةً ومسخرةً، للزم أن تكون على علمٍ بأشكال ما تمكنت من الدخول فيه، وبصورته وتركيبه، وهيئته، أي يجب أن تكون ذات علم محيط، وذات قدرة شاملة، كي تستطيع القيام بذلك!! .
نعم، إن خلق كل شيء من شيء واحد، وخلق شيء واحد من كل شيء، إنما هو عمل يخصّ خالق كل شيء. فتدبر وتأمل في قوله تعالى: [وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه] . واعلم أن عدم الاعتقاد بالإله الواحد الأحد، يستلزم الاعتقاد بآلهة عدة بعدد الموجودات!" 
وفي هذا النص يتبين لنا بجلاء ووضوح، ما يتضمنه إثبات وجود الله سبحانه وتعالى، من "دليل الخلق، ودليل الفطرة، ودليل الآفاق، ودليل الأنفس، ودليل الهداية، ودليل انتظام الكون وعدم فساده، ودليل التقدير، ودليل التسوية" 
ويقول الشيخ (النورسي): "لقد بيّنا إجمالاً في رسالة "قطرة من بحر التوحيد " قطبَ أركان الإيمان وهو "الإيمان بالله". و "الإيمان باللّه" تلك التي ذكرتُها إجمالاً في رسائل النور."
اللمعة الأولى
التوحيد توحيدان، لنوضح ذلك بمثال:
إذا وردتْ إلى سوقٍ، أو إلى مدينة، بضائع مختلفة، وأموال متنوعة، لشخص عظيم، فهذه الأموال تُعرف مُلكيتها بشكلين اثنين:
الأول: شكل إجمالي عامي (أي لدى العامة من الناس)، وهو : " أن مثل هذه الأموال الطائلة ليس بمقدور أحدٍِ غيره أن يمتلكها"، ولكن ضمن نظرة الشخص العامي هذه، يمكن أن يحدث اغتصاب، فيدّعي الكثيرون امتلاك قِطَعها.
الثاني: أن تُقرأ الكتابة الموجودة على كل رزمة من رزم البضاعة، وتُعرف الطغراءُ الموجودة على كل طَول، ويُعلم الختمُ الموجود على كل مَعْلمَ. أي كلّ شيء، في هذه الحالة، يدل ضمناً على ذلك المالك.
فكما أن البضاعة يُعرف مالكُها بشكلين، كذلك التوحيد فإنه على نوعين:
الأول: التوحيد الظاهري العامي: وهو "أنّ الله واحد لا شريك له، ولا مثيل، وهذا الكون كلّه ملكه".
الثاني: التوحيد الحقيقي: وهو الإيمان بيقين أقرب ما يكون إلى الشهود، بوحدانيته سبحانه، وبصدور كلّ شيء من يد قدرته، وبأنه لا شريكَ له في ألوهيته، ولا معينَ له في ربوبيته، ولا ندَّ له في مُلكه، إيماناً يَهب لصاحبه الاطمئنان الدائم، وسكينة القلب، لرؤيته آية قدرته، وختمَ ربوبيته، ونقشَ قلمه، على كل شيء. فينفتح شباكٌ نافذٌ من كل شيء، إلى نوره سبحانه.
وسنذكر في هذه "الكلمة" شعاعاتٍ تبيّن ذلك التوحيد الحقيقي الخالص السامي.
تنبيه ضمن اللمعة الأولى:
أيها الغافل الغارق في عبادة الأسباب!
إعلم أن الاسباب ليست إلاّ ستائر أمام تصرف القدرة الإلهية، لأن العزة والعظمة تقتضيان الحجاب، أما الفاعل الحقيقي فهو القدرة الصمدانية، لأن التوحيد والجلال يتطلبان هذا، ويقتضيان الاستقلال.
وأعلم أن مأموري السلطان الأزلي، وموظفيه، ليسوا هم المنفّذين الحقيقيين لأمور سلطنة الربوبية، بل هم دالّون على تلك العظمة والسلطان، والداعون إليها، ومشاهدوها المعجَبون، فما وُجدوا إلاّ لإظهار عزّة القدرة الربانية وهيبتها وعظمتها، وذلك لئلا تظهر مباشرةُ يد القدرة في أمور جزئية خسيسة، لا يدرك نظر أكثر الغافلين حُسنَها، ولا يعـرف حكمــتهــا، فيشــتكي بغــير حــق، ويعتــرض بغــيــر عــلــم. وهم ليسوا كموظفي السلطان البشري، الذي لم يعيّنهم، ولم يُشركهم في سلطنته، إلاّ نتيجة عجزه وحاجته.
فالأسباب إذن إنما وُضعَت لتبقى عزةُ القدرة مصونةً، من جهة نظر العقل الظاهري، إذ إن لكل شيء جهتين - كوجهي المرآة - أحداهما جهة "المُلك"، الشبيهة بالوجه المطلي الملوّن للمرآة، الذي يكون موضع الألوان والحالات المختلفة، والأخرى جهة "الملكوت" الشبيهة بالوجه الصقيل للمرآة. ففي الوجه الظاهر - أي جهة المُلك - هناك حالات منافية ظاهراً لعزة القدرة الصمدانية وكمالِها، فوُضعَت الأسبابُ كي تكون مرجعاً لتلك الحالات ووسائلَ لها. أما جهةُ الملكوت والحقيقة، فكلُّ شيءٍ فيها شفافٌ، وجميلٌ، وملائمٌ لمباشرةِ يدِ القدرة لها بذاتها، وليس منافياً لعزّتها، لذا فالأسباب ظاهرية بحتة، وليس لها التأثير الحقيقي في الملكوتية، أو في حقيقة الأمر.
وهناك حكمة أخرى للأسباب الظاهرية، وهي:
عدم توجيه الشكاوى الجائرة، والاعتراضات الباطلة، إلى العادل المطلق جلّ وعلا. أي وُضعت الأسبابُ لتكونَ هدفاً لتلك الاعتراضات، وتلك الشكاوى، لأن التقصيرَ صادرٌ منها، ناشيء من افتقار قابليتها." وفي كل اللمعات يؤكد على ما ذهب إليه في بداية هذا المبحث، ولكن لا يسعنا أن نورد جميع اللمعات، وإنما نختار منها نماذج، وكذا في بقية المباحث والفصول، وذلك لضيق المساحة.

الهوامش:
1- ملحق قسطموني (197)
2 – ينظر: الكلمات سعيد النورسي، الكلمة العشرون - ص: 276
3 - البُعدُ العَقَدي في فكر النورسي، الدكتور الشفيع الماحي أحمد، جامعة الملك سعود- الرياض ص5
4 – ينظر: الكلمات، سعيد النورسي، الكلمة الأولى - ص: 7 وفي عشرات الأماكن.
- ثورة الإيمان، الأستاذ الدكتور كولن تورنر، مجلة النور، العدد 1 يناير 2010 ص 14 
- الكلمات، سعيد النورسي، الكلمة الثالثة عشرة ص: 181،182،183،184.
5- رجل الإيمان والتجديد في وجه العلمانية والتقليد: بديع الزمان سعيد النورسي، تأليف الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس، ص131 ط الأولى 2003، شركة سوزلر للنشر، مصر.
6- البُعدُ العَقَدي في فكر النورسي، الدكتور الشفيع الماحي أحمد، جامعة الملك سعود- الرياض ص 5
7- نظرة سعيد النورسي حول الإيمان بوجود الله، د. امتياز يوسف، ص 533
8- الكلمات، سعيد النورسي، الكلمة السادسة عشرة - ص: 220
9- إحياء علوم الدين (1/ 118)
10- { أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) [النبأ: 6 - 16] و {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)} [البقرة: 164] و { أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18)} [نوح: 15 - 18]
11- سورة إبراهيم: الآية 10
12- إحياء علوم الدين (1/ 118)
13 الاعتصام للشاطبي، ت: الشقير والحميد والصيني (1/ 63)
14- الكلمات، سعيد النورسي، الكلمة العاشرة - ص: 61 
15- رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري (المتوفى: 324هـ) تحقيق: عبد الله شاكر محمد الجنيدي، عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية ط: 1413هـ (ص: 54)
16- الكلمات، سعيد النورسي، الكلمة العاشرة - ص: 61 
17- سورة الإسراء: الآية 44 
18- الكلمات، سعيد النورسي، ص: 60 -62.
19- ينظر: كتاب الإيمان بالله جل جلاله، الدكتور علي محمد الصلابي، ط الأولى 2010م، دار ابن كثير، دمشق. وكتاب: وجود الله، لفضيلة الدكتور يوسف القرضاوي.
20- منشورة ضمن رسائل المثنوي العربي النوري.
21- الكلمات، سعيد النورسي، الكلمة الثانية والعشرون - ص: 326 
22- الكلمات، سعيد النورسي، ص:325- 328. 
23- سورة الأنبياء: 22.
24- سورة الحديد:2.

هناك تعليق واحد:

  1. مقال جميل، وقد قرأت كتابا للشيخ سعيد النورسي بعنوان أنوار الحقيقة اطلعت فيه على بعض من تجليات الشيخ.
    أتمنى أن يطلع الكثير من الناس على أفكار هذا الشيخ الجليل، فأفكاره لا شك في أثرها في السمو الوحي والفكري لدى المطلعين عليها.
    وربما أقوم بكتابة مقالة عن الشيخ أنشرها في مدونتي، التي عنونتها بعنوان (أولو النهى).. وقد كنت نشرت من خلالها مقالا عن إثبات وجود الله بالعقل، لا أدعي أني جئت فيه ببدع من القول، ولكني اختزلت قراءات لي في هذا الشأن، وعموما هذا رابط المقالة، http://arabgate-mageed.blogspot.com/2010/12/blog-post_18.html

    ردحذف