تقرير: المحرر السياسي
تتسم العملية السياسية في مرحلتها الحالية بـ(إقليم
كوردستان – العراق) بالتوتر الدائم، منذ تعطيل عمل (البرلمان) - المؤسسة الشرعية
الأولى -، بمنع رئيسها الذي ينتمي لـ(حركة التغيير) من دخول العاصمة (أربيل)، وإقالة
وزراء الحركة من الحكومة الائتلافية، بأوامر من (الحزب الديمقراطي الكوردستاني)، إثر
خلافات حول مسائل ذات أبعاد سياسية وقانونية.
ولم تفلح المبادرات والوساطات في دفع طرفي النزاع لتجاوز
خلافاتهما، منعاً لتداعي المكاسب الوطنية
العليا لشعب كوردستان، وعلى العكس، فقد شهدت الايام القليلة الماضية زيادة في حدة
التوتر الناشب بين الجانبين، بعد اتهامات متبادلة، وتراشق إعلامي، عقب أوامر
اعتقال قضائية صدرت في أربيل بحقّ المنسق العام لـ(حركة التغيير) (نوشيروان
مصطفى)، على خلفية عدم الاستجابة لأوامر استدعاء سابقة أمام المحاكم بشان اتهامات
بالتحريض على إشاعة الفوضى في الإقليم نسبت إلى الأخير، فيما وصفتها الحركة بـ(المسيّسة)،
متهمة (الحزب الديمقراطي الكوردستاني) باستخدام القضاء وسيلة للانتقام من
المعارضين لسياساته.
وحالة التناحر السياسي لها صداها في الأوساط السياسية
والنخبوية والجماهيرية الكوردستانية، فالغالبية تشعر بالامتعاض، وتعبّر عن
استيائها من استمرار هذه الحالة وتفاقمها، مبدية تخوفها من العودة إلى الانقسام الإداري
المقيت، والترسيم البغيض مرة أخرى لمناطق النفوذ الحزبي، الخاضعة لأجندة خارجية،
والمستندة للمال والقوة المسلحة.
الحالة المستعرة تغذيها الآلة الإعلامية للطرفين
الخصمين، وهي لم تنكفأ عن النفخ والنفث في نار الصراع المتأججة إلا قليلاً، بعد النداء
والمناشدة التي وجهها الأمين العام لـ(الاتحاد الإسلامي الكوردستاني): (صلاح الدين
محمد بهاء الدين)، إلى كل من: (مسعود البارزاني) رئيس (الحزب الديمقراطي
الكوردستاني)، و(نوشيروان مصطفى) المنسق العام لـ(حركة التغيير)، بتوجيه إعلام
حزبيهما بالكف عن مواصلة (حرب السباب السياسي)، واحترام شهر رمضان الفضيل، والأخذ
بنظر الاعتبار معنويات قوات البيشمركة وتضحياتها في جبهات القتال، وكذلك مراعاة مشاعر الناس، الذين يعانون أصلاً
من ضائقة معاشية بسبب الأزمة المالية.
وأبدت العديد من الاتجاهات السياسية، وقطاع من الشخصيات
المجتمعية، تأييدها للمناشدة التي أطلقها الأمين العام للاتحاد الإسلامي
الكوردستاني، معبّرين عن ثقتهم بالدور الذي سيلعبه الأمين العام (صلاح الدين محمد
بهاء الدين)، إذا ما دخل في وساطة بين الحزبين الخصمين لتهدئة الموقف.
في المقابل يرى البعض من تلكم الاتجاهات والشخصيات، أنه
رغم ضرورة العمل على تجنيب الإقليم مخاطر ضياع المكاسب، إلا أن جهود الوساطة
الداخلية تأتي متأخرة، ولن يكون لها استجابة كبيرة ، لأن التجارب السابقة أثبتت
تمترس الغرماء السياسيين في خنادق مصالحهم الحزبية، وعدم تراجعهم عن مواقفهم
المتصلبة، إعلاءاً للمصلحة الوطنية والقومية.
وعلى أية حال، فلا خيار سوى المضيّ في إيقاف ما يمكن إيقافه
من ازدياد هوة الشرخ السياسي، والوساطة المتأخرة أفضل من لا وساطة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق