01‏/01‏/2019

بصراحة/ على هامش اغتيال خاشقجي

صلاح سعيد أمين
   ناقشت مع أحد أصدقائي، وهو من طبقة الأئمة والخطباء، (تلك الطبقة التي وصفها الرسول - عليه الصلاة والسلام - بأنّها ورثة الأنبياء، تعظيماً لمقامهم) موقف علماءٍ سعوديين معروفين، وردود أفعال مؤسساتٍ محسوبةٍ على الإسلام والفكر الإسلامي، في قضية اغتيال الصحفي السّعودي جمال خاشقجي، الذي دخل قنصلية بلاده بأسطنبول في الثاني من تشـرين الأول (2018)، ولم يخرج.
   ودون تردّد - وعلى وجه السّرعة - أجابني الأخ الصّديق، بأنّه من الأفضل اختيار الصّمت، لأنّ هؤلاء العلماء، ولسببٍ بسيطٍ جداً، إذا كسـروا حاجز الصّمت، وقالوا كلمتهم، فإنّهم سيزيدون الطين بلّة، ولن يخدم ما قالوه الحقيقة، ولن يصبّ في مصلحة القضية!

  إنّ قصة اغتيال جمال خاشقجي، الّتي هزّت ضمير كل إنسانٍ على وجه المعمورة، وعمليّة خنقه، ومن ثم تقطيع جثّته، أذهلت القاصي والدّاني، وأخرجت رؤساء الدول، والمؤسسات العلمية الكبيرة، والمفكرين المعروفين، والصحفيين البارزين، من جلودهم، واستنكروا ما حدث للصحفي المغدور، على الصورة التي ربّما لم يتخيلها أحد من قبل، سوى هؤلاء الذين دبّروا العمليّة، ونفّذوها، دون أدنى شفقةٍ ولا رحمة.
   وفي السّعودية هناك الكثير من العلماء المعروفين، لا على مستوى المملكة، ولا العالم الإسلامي فحسب، بل على مستوى العالم أيضاً، والأكيد أنّ هناك مؤسساتٍ إسلاميةً عالميةً اتخذت السّعودية مقراً رئيساً لها.. لكنّ أيّاً منها - ولحدّ هذه اللحظة - لم تصـرِّح بمواقفها، ولم تكشف مستورها إزاء القضية!
   جمال خاشقجي ليس إلا صحفي، أخذ ينتقد - في الآونة الأخيرة - بعض ممارسات السّلطات السّعودية، وأبدى ملاحظاته على تصرفات بعض المسؤولين السّعوديين.
   يا علماء المملكة، بالله عليكم، متى صار النقد في الفكر الإسلامي جريمة تستحق هذا القتل المروّع؟ بالله عليكم، بماذا تجيبون الله (جلّ جلاله) عندما يسألكم عن كل ما جرى - وما زال يجري- من ظلمٍ وبطشٍ، لا مثيل له، على كل الأصعدة المتعلقة بحياة المسلمين؟ لكن سيادتكم  آثرتم الصّمت، ولم تخرجوا عن الوضع الّذي كنتم فيه؟
   السؤال الوجيه هنا هو: متى ستقولون كلمتكم إزاء الظلم والجور، أيّاً  كان فاعله؟ متى ستأتي السّاعة التي تقودون فيها هذه الأمة، حاملين راية العدل التي أنتم - قبل الكلّ - مكلّفون برفعها، والتضحية من أجلها؟
   أذكّركم، لأنّ الذكرى تنفع المؤمنين، أنّ الأمانة الملقاة على عواتقكم كبيرة جداً، بحجم قدسية رسالتكم، وإنسانية شريعتنا الرّبانيّة، التي تهتم بالإنسان أولاً، قبل أنْ يسأل عن دينه وفكره ولونه ولسانه وعشيرته!

هناك تعليق واحد: