16‏/10‏/2010


التقليد النافع منه والضار






إعداد :
رمزية عبد الله محمد
(أم إسراء)




    كثير من الناس يذم التقليد ويراه مصدرا للشرور والآثام؛ ويلعن التشبه بلغير ويعده سبب الاباحية والخلاعة،ويشتاق بعضنا الى سماع الكلام القارص من الخطباء في ذم التقليد وأضراره، بعد ما رأوا من تمرد المرأة على الاخلاق والفضائل والعادات المألوفة وتجاوزها الحدود، وتخطيها القيود وتبرجها الشنيع، واستهتارها الزائد بالشرف والكرامة، وخلع عذار الحياء ولثام العرض وليس التقليد قاصرا على تقليد المرأة الشرقية بالأجنبية فالرجال منا يقلدون الأجانب، وليس كل تقليد بمذموم، ولاكل تشبه بالغير قبيح، فالله خلق غريزة التقليد في الطفل من صغره، وبقيت ملازمة له في شبابه وهرمه، ولن يخلق الله شيأ عبثا، ولن يسلح الله خلقه بسلاح، مغلول، بل لمولانا تعالى حكمة فيما يخلق، وهو العليم الحكيم {فتبارك الله أحسن الخالقين}. التقليد عن الطفل يساعده على النطق والتكلم، والادراك والتفهم، ويعلمه كيف يأكل ويشرب، وينام ويلعب، وكل أعمال الأطفال تقليد لآبائهم والمختلطين بهم؛ فإذا صار تلميذا بالمدرسة فلن يعرف اللغة إلا بالتقليد لأهل البلاغة، والبيان، وعلم الرسم عموما، وعلم الخط خصوصا، نقلد فيهما ما أمامنا  من رسوم وخطوط، فاذا كان صانعا أو عاملا قلد رئيسه وتشبه بمدربه، حتى يتقن الصنعة ويضبطها، فأذا صارا شابا واراد ان يعرف العبادة الدينية فلابد له من تقليد شخص يعلّمه الوضوء وحركات الصلات، وكذا كل عبادة بدنية ضاهرة لابد فيها من التقليد، حتى الحجاج لبيت الله، اتخذوا المطوف يعلمهم مناسك الحج وهم كما يعمل يعملون. والتشبه بالعظماء في فضائلهم، وبالرجال في عزائمهم وبالأبطال في شجاعتهم ومروءتهم، وتقليد كل خلق فاضل وفعل حميد، امر لايذم ولا يقبح، وكيف نذم كل تقليد والله تعالى قد امر نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقلد من سبقه من الرسل في الثبات والقوى والصبر والعزم، بعد ان ادبه ربه فأحسن تأديبه، ونشا على احسن الكمال واعلى المكرومات، فقال الله تعالى {فصبر كما صبر الوا العزم من الرسل}، وقالى تعالى بعد ان ذكر بعض الرسل صلوات الله عليهم {اولائك اللذين هدى الله فبهداهم اقتده}، وقص الله تعلى على نبيه عليه الصلات والسلام أخبار الرسل ومصارعتهم للشرك، ومقاومتهم للضلال، ليقلدهم في ثباتهم واحتمالهم قالى تعالى {وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك}. فاذا كان الرسول الكامل المختار قلد الرسل من قبله في خلقهم، فكيف نستغني عن التقليد النافع، والتشبه الطيب المفيد، ومحاكات الغير في الخير وحسن الخلق؟ لابد من القدوة، لاغنى عن الأسوة، فالتقليد الحسن يسهل علينا كثيرا من أعمالنا ويربي خلقنا ويغرس الفضائل في نفوسنا حتى تصير عادة ملازمة، وصفة ثابتة، وما حبنا للعضماء الا لرغبتنا في تقليدهم والتشبه بهم (إن التشبه بالرجال فلاح). لذلك الزمنا الله بتقليد سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، والتأسي به في قوله وفعله، ومحاكاته عي ادبه ونبله فقال جل ذكره {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، وقالى تعالى {لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} وقال تعالى {قل ان كنتم تحبون الله فتبعوني يحببكم الله}. أما التقليد المذموم، والتشبه المضر فهو يصادم أوامر الله، ويخالف عمل رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن المؤسف ان المسلمين تركوا تقليد رسولهم، وقلدوا الكافرين، وأهملوا التشبه بأبطال الإسلام وتمدحوا باعمال الفرنجة، واستخدموا غريزة التقليد فيما ضرهم وابعدهم عن الله واضلهم. نحارب تقبيل الاعتاب، والاستنجاد بغير الله، والبدع والتخريف، فيقول الجاهل: هذا ما وجدنا عليه ابأنا، ندعوا الى الله وتنزيهه عن الشريك، والمساعد والتوسيط فيقولون: دعونا في شأننا، نشنع بخروج النساء للمقابر والمبيت عليها وببدعة الزار، ونسفه عمل المنجمين والدجالين، فيقول الكثير هكذا يفعل كل الناس ننهى عن بدع الافراح والمآتم، والإسراف في الحفلات، فلا يستجيب احد ولا يطيعنا انسان، وهذا من الجمود على التقليد اللاحق للسابق، والتشبه بالعاقة في عوائدهم، ولو خالفت الدين والادب والعقل؛ وليس عمل الآباء حجة على الدين حتى يقلدهم الأبناء، وليس مألوف عذرا في مخالفة سير المرسلين، فهذا النوع من التقليد يميت العقل ويفقد الانسان قوة التمييز بين الحق والباطل، والخير والشر، والهدى والضلالة، ذمة الله في كتابه وبكت أهله بقوله (وإذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أولو كان آبائهم لا يعقلون شيا ولا يهتدون ) .ومثل هذه الاية في القرأن كثير في سورة الانبياء، والصافات، وسورة الشعراء، والزخرف، وكلها تعني التقليد للآباء، والجمود على العرف، والقرأن يدعو الى التعقل والتدبر والتفكر، والتماس الدليل والحجة، والبرهان، ليطمئن القلب الى اليقين والاعتقاد السليم. ومن شر انواع التقليد واعضمه تقليدنا، للغربيين في الاتجار بالخمور وشربها علنا، واتخاذ بيوت البغاء الرسمي، واماكن القمار والميسر والاختلاط الشائن بين الشبان الشهوانيين، و الشابات المستهترات،حتى الرقص الخليع والسفور الفاضح، الذي عم جسم المراة، قلدناهم في ضننا ان لا تقدم ولا رقي الا بذلك، وهل التقدم في خدمة اللذه الحيوانية؟ وهل الرقي في ان يستمتع الرجل بكل امراة يصادفها؟ ام هذه بهيمية وفجور؟. يامن تنشدون التقدم وتبغون الاصلاح لما لاتقلدونهم في الاختراعات واتقان الصناعات!؟ لما لا تقلدونهم في اتخاذ الطائرات والغواصات وضروب التفنن العملي؟! لما لا تقلدونهم في النشاط وتأدية الواجب والتعصب للوطن والعقيدة ؟!.والله ان الاجانب يحتقروننا مع اننا نقلدهم، ويسخرون منا ونحن نتبعهم، فقد برهنا على ضياع شخصيتنا، وعزتنا، وفرطنا في  عوائدنا ومميزاتنا، واغضبنا ديننا وخالقنا والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (من تشبه بقوم فهو منهم )وفي رواية(حشر معهم). وكان يكره للمسلم ان يقلد مسيحيا في عاداته، او يتشبه في لبسه وشكله وزيه، ولاكنا نستتر بخدمة قضية المراة الشرقية لنشبع شهواتنا، ونرضى الانانية المتأصلة فينا وان لم نرجع لتقليد نبينا ضعفنا وذهبت ريحنا.قالى نبينا صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من قبلكم شرا بشر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه وراءهم قلنا: اليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال: فمن غيرهم).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق