07‏/10‏/2010

رسالة السماء ومنهج التغيير

بقلم - عبدالعزيز احمد صالح 
من اجل ان يبقى العقل البشري نظيفا وناصعا وتستقيم الحياة جاءت الرسالات السماوية لتعالج التصورات والمعتقدات الخاطئة وتوجهها نحو مسارها الصحيح إلى معرفة الله جل شأنه وتنزيهه من ما الحق به من أباطيل وأوهام، هذا من جانب، ومن جانب آخر كان منهج التغيير عن طريق اتصال السماء بالأرض يعمل عمله ويقوم في عملية بناء الإنسان وتشكيل عقله وعمارة نفسه وتأهيله ليمارس دوره ومهمته في استخلاف الأرض وعمارتها ويسير في خط مستقيم نحو تحقيق المكانة التي تليق به والتي شرّفه الله تعالى بها {ولقد كرمنا بني آدم (الإسلام) خاتم الرسالات هو المنهج المختار ليكون شاملا ويحيط بحاجات الإنسان ومستلزمات نموه وارتقائه في سلم الكمال والحضارة، ومن أجل ذلك جاء المنهج الإسلامي شاملا ومتكاملا ليعالج حركة الحياة البشرية ويلبي حاجاته المادية والروحية وينشىء جيلا يحمل في جنباته عوامل التقدم والتمكين وتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة.ومن الجدير بالذكر أن بناء الحضارات العريقة لا يمكن أن يتم ما لم يكن وراءه الإنسان المسلح بالعلم والمعرفة، ويكون في الوقت ذاته مستظلا بظل القيم والموازين النابعة من رسالات الأنبياء ومناهج الصالحين.أما أن يكون الهدف بناء حضارة بلبنات مادية فقط دون الالتفات إلى ضوابط ومستلزمات البناء المادي والقاعدة التي يقوم عليها، فذلك بناء على الرمال المتحركة والأرض الرخوة التي سرعان ما تنهدم وتسبب الكوارث والنكبات المؤلمة للبشرية، كما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وحروب أخرى ذهب من جرائها الملايين من النفوس البشرية، إلى جانب تهديهم البنى التحتية وهدر الموارد والثروات الهائلة التي كان من الممكن توظيفها في النهضة الشاملة وتحقيق الخير والرفاهية لتلك الشعوب، وكذلك إنقاذ الملايين من البشر من خطر التخلف والفقر والمجاعة في عموم العالم. فالحضارة والرقي نحو الأفضل في معناهما الدقيق تبدأ من النفس البشرية أولا ثم تمتد إلى البناء والتطور المادي، وهذا ما أكدته الآية القرآنية الكريمة {ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.وعلى ضوء ذلك جاء الأنبياء والمصلحون لإرساء القواعد الصلبة التي يقوم عليها البنيان والحضارة الصالحة .. وعلى ضوء ذلك أيضا حدث ذلك الانقلاب العظيم عند انبثاق نور الإسلام وانتقل الإنسان من بيئة فاسدة وعقل موبوء بأصناف الأمراض والأسقام الاجتماعية والنفسية التي كانت سائدة وقتذاك إلى فضاء رحبنظيف مطعم بالحب والعدالة والمساواة ونصرة الحق، فكان الإنسان هو هدف التغيير ومادته في آن واحد، ثم تلت ذلك مرحلة بناء الدولة والحضارة ودخل الناس أفواجا في دين الله بعد أن لمسوا بأيديهم وشاهدوا بأم أعينهم ذلك المجتمع الصالح الذي يشدّ بعضه بعضا، وكان الناس فيه كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وانتقل المنهج بين دفتي الكتاب إلى واقع مشهود يحفظ حياة الناس ويقيم نظاما ونموذجا رائعا تشهد له الدنيا كلها بما أشاع من عدالة وتحرر وارتقاء ورحمة ومحبة بين بني الإنسان، وبذلك تحقق الحلم الذي طالما شغل فكر الفلاسفة والمصلحين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق