14‏/10‏/2010

نظرة عن كثب عن على المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة

تقرير – عماد ابراهيم
مراسل الحوار/ الموصل
أكرمني الله سبحانه وتعالى بأداء مناسك العمرة في شهر شعبان ؛ و إنما هي دعوة من الله سبحانه وتعالى يصطفي إليها من يشاء من عباده، يدرك هذا المعنى من يذهب إلى الديار المقدسة ويتنسم عبق القرب من الله تعالى، ولذة الأنس بأداء مناسك مخصوصة في أماكن يفوح منها عبق التاريخ؛ تستشعر فيها خطوات سيدنا ابراهيم وسيدنا اسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت، وتستشعر المكان الذي عاش فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا فيه الله تعالى، وفيه أوذي، ومنه أخرج، وإليه عاد فاتحا، ومنه خرجت الدعوة إلى مشارق الأرض ومغاربها.
الكثير من المعاني، والكثير من الصور تمر عليك وأنت في ذاك المكان المبارك، وقد أحببت أن لا أعود من هناك إلا بنقل جانب من تلك الصورة، وشيء من تلك الاحاسيس لقراء مجلة الحوار الكرام الذين تعودوا ان يقرأوا تقاريري التي تتحدث عن مدينتي الأثيرة إلى نفسي الموصل (الحدباء)، هذه المرة سيكون تقريري من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المملكة العربية السعودية، ومن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم تحديدا.. فما أن تطأ قدماك أرض ساحاته، حتى تُكبـِر وتُهلل تلقائيا ودون سابق إعداد.
يأخذك سحر المكان، من قبته الخضراء، إلى فضائه، إلى مظلاته، إلى بواباته، وإلى مآذنه، مرورا بجيش العاملين فيه على الإدامة والنظافة، وجميع ما فيه من روعة وبهاء. كل ذلك وأنت مازلت خارج الحرم. فكيف بك إذا دخلت الحرم؟.
تأخذك الرهبة من جمال المكان وأناقته، من مئات الأعمدة الرخامية الرشيقة، من القباب المزركشة، من الخطوط والزخارف، من الهندسة المعمارية وهندسة الديكور المتداخلان والمتعاشقان في هذا الصرح العظيم، بل إن شئت فقل إنه من عظمة ساكن المكان، إنه أول مسجد بناه الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد أن هاجر إليها، إنه المسجد النبوي الشريف. شعور ممزوج من كل ما ذكرته، وإضافات شخصية يمكنك أن تشعر بها لتضيفها على كل ما قاله الآخرون إن تسنى لك زيارة هذا المكان الطاهر والصلاة في باحاته وساحاته، والروضة المطهرة، والسلام على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.أهم ما يميز الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية هو حجم الخدمات والتسهيلات التي تقدم لزوارها وعمارها، وهو جهد جبار يحتاج إلى توظيف المليارات من الاموال، وجيوش من العاملين الاداريين والفنيين، والكثير من الوقت والجهد، وهو ما دفعني لإجراء هذا الحوار مع الشيخ (راشد الرويشد) مدير الأبواب في المسجد النبوي الشريف

الحوارـ المسجد النبوي تحفة عمرانية من كل النواحي؛ وهذا العمران لاشك تم على مراحل زمنية طويلة، فهل لك أن تعطينا فكرة عن هذه المراحل؟.
- مر المسجد النبوي الشريف على مدى التاريخ بعدة مراحل؛ بدءا من بنائه على يد الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم، مرورا بعهد الخلافة الراشدة ثم الأموية فالعباسية وغيرهما، وذلك كله بحسب حاجة المسلمين وعددهم المتزايد في قصد المشاعر المقدسة، ولكن التوسعة الأهم والأكبر لحد الآن هي التوسعة التي شهدها المسجد إبان حكم خادم الحرمين الشريفين (فهد بن عبد العزيز) رحمه الله، حيث تم شراء أراضي جديدة محيطة بالحرم لضمها إليه في مشروع التوسعة العملاق سنة 1405 هـ، والآن لا يمكن توسعة الحرم إلا عن طريق البناء العمودي فوق ماهو كائن الآن، حيث إن المساحة الإجمالية للمسجد النبوي مع الساحات المحيطة به تبلغ (400300) أربعمائة ألف وثلاثمائة متر مربع. 

الحوارـ كيف تكون إدارة العمل في المسجد النبوي، علما أنه مفتوح أمام المسلمين على مدار اليوم وعلى أيام السنة؟.
- توجد إدارات ميدانية تخدم داخل الحرم، كل من هذه الإدارات مختصة بناحية معينة، ومن أسمائها يتبين العمل الذي تقوم به.
1 . إدارة الأبواب، وهذا هو العمل الذي أقوم بإدارته أنا شخصياً، ومعي في هذه الخدمة يقوم عدد من الموظفين مهمتهم العناية بالزوار الكرام وتسهيل حركة دخول وخروج المصلين بكل يسر وسهولة وإرشادهم نحو الأبواب وتخفيف الزخم الذي يحصل على هذه الأبواب ومراقبة الحالات السلبية والإيجابية، وكذلك تزويد المعاقين وكبار السن والعجزة بكراسي متحركة لتسهل عليهم التنقل ومن وإلى المسجد النبوي الشريف، وغيرها من الأعمال آنية الحدوث. ويتميز القائمون على هذا العمل بملابس تميزهم عن غيرهم وذلك لكي يكونوا معروفين من قبل الجميع، وأيضا ليؤدوا عملهم مع الآخرين على خير ما يكون.
2. إدارة التوجيه والإرشاد، وهذا القسم يقوم على العمل فيه جمع من المختصين بالتوجيه والإرشاد الديني لمعالجة الحالات السلبية التي تحصل من قبل البعض من الحجيج والمعتمرين، فيقوم المختصون بإرشادهم نحو السليم وترك ما سواه، وذلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
3. إدارة السقيا، ومن اسمها يمكن معرفة الدور الذي تقوم به، حيث أن هذه الإدارة تقوم على تزويد الحرم النبوي بماء زمزم والمحافظة على دوامها عبر عدد كبير من العمال الذين يكون شغلهم الشاغل على مدى 24 ساعة هو استمرارية وجود ماء زمزم في الأماكن المخصصة لها وفي الأماكن التي يسهل الوصول إليها من قبل الحجيج والمعتمرين وزوار الحرم النبوي الشريف، وهناك آليات مخصصة لهذا القسم لتسهل عملية نقل ماء زمزم.
وهناك المزيد من الإدارات الأخرى مثل (الصيانة\ الساحات \النظافة\ وغيرها ...). وكل هذه الإدارات بمجموعها يشرف عليها نائب الرئيس العام لشؤون المسجد النبوي، وهو بدوره يخضع للرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وهو الشيخ (صالح الحصين). 

الحوارـ هل هناك مشاريع مستقبلية لتوسعة وتطوير المسجد النبوي الشريف؟.
- كما أسلفت الذكر بأن التوسعة الأخيرة التي جرت على عهد خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبد العزيز رحمه الله، بلغت حدا لايمكن بعدها إجراء المزيد من التوسعات الأفقية إلا عن طريق البناء العمودي فقط، مع أن العمل جارٍ الآن على توسعة الساحات المحيطة بالحرم من جهتي الشرق والغرب.
ولكن أعمال التطوير لن تنتهي في يوم من الأيام، حيث أن أعمال التطوير والصيانة تجري على قدم وساق وعلى مدار اليوم، ويتم الآن العمل على مشروع نصب مظلات جديدة لتقي المصلين حرارة الشمس اللاهبة، وهذا المشروع جرى العمل فيه منذ بداية تولي خادم الحرمين الشريفين (عبدالله بن عبد العزيز) الحكم وذلك بعد اقتراحات من قبل بعض الغيارى على سلامة وصحة الحجيج والمعتمرين؛ بعد أن شكا البعض منهم من الأذى عند الصلاة في الساحات المحيطة بالحرم بسبب حرارة الشمس الشديدة، فأوعز خادم الحرمين الشريفين منذ ذلك الحين بالبدء بهذا المشروع المبارك والذي أثبت فاعليته على خير ما يرام. 
ونحن من هنا نعلن بأننا على استعداد لتلقي المقترحات التي تصب في خدمة زوار بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف.

الحوارـ ماهي المعوقات التي تعترض عملكم اليومي؟.
-لاشك بأن كل عمل ومهما كان من الدقة والنظام، فإن بعض العقبات والمعوقات تقف في طريقه، ونحن هنا في المسجد النبوي الشريف نعاني من البعض منها مثل:
الإختلاف في اللغات ما يجعل التعامل مع الجميع فيه من الصعوبة الكثير.
اصطحاب البعض للأمتعة ومحاولة إدخالها للحرم وهذا أمر غير مسموح به لأنها قد تعيق حركة وصلاة المسلمين داخل الحرم.
البعض يحلو له أن يصلي عند الأبواب ما يعيق الدخول والخروج للحرم، وهنا يأتي عمل موظفي الأبواب لإرشادهم للدخول إلى داخل الحرم لأداء الصلاة.
ومن أجل التغلب على مشكلة التعامل اللغوي مع المسلمين من سائر أرجاء المعمورة، نقوم الآن بالإعداد لدورات لموظفي الحرمين للتعامل مع المسلمين من غير العرب وذلك ببعض المصطلحات التي تؤدي الغرض وأيضا بلغة الإشارة.

الحوارـ هل من الممكن أن توجز لنا بعض المعلومات عن المسجد النبوي الشريف الآن وبشكل مختصر؟ .
وضع حجر الأساس لتوسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله في يوم الجمعة 9/2/1405 هـ. وبدأ العمل في شهر محرم عام 1406هـ وانتهى العمل في 4/11/1414هـ.
مساحة الحرم القديم (4800) متر مربع، مساحة التوسعة الأولى (11500) متر مربع، مساحة التوسعة الثانية (82000) متر مربع. إجمالي مساحة المسجد النبوي (98300) متر مربع، مساحة سطح التوسعة الثانية (67000) متر مربع، مساحة الساحات (235000) متر مربع،إجمالي مساحة المسجد النبوي مع الساحات والسطح(400300)متر مربع.
استيعاب المصلين في المسجد النبوي (700000) مصلي تقريبا في الأوقات العادية، وفي وقت الذروة يصل إلى مليون مصل.
عدد الأعمدة في الحرم القديم 183 عمود دائري، وعدد الأعمدة في التوسعة السعودية الأولى (236) عمود، وعدد الأعمدة في التوسعة الثانية (2029) عمود.
صنع المنبر الموجود حاليا من الرخام والمرمر وأرسله السلطان مراد العثماني في العام 999هـ وخشبه من خشب القرو.
أول من دهن القبة الموجودة أعلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم باللون الأخضر هو السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1253هـ/ 1837م.
عدد المآذن عشرة، (مئذنة باب السلام، وارتفاعها (47.5 م)، (مئذنة باب البقيع، وارتفاعها 60 م)، (مئذنة باب عمر رضي الله عنه، وارتفاعها 72م)، (مئذنة باب عثمان رضي الله عنه، وارتفاعها 72م)، ( وستة مآذن في التوسعة الثانية، وارتفاعها104م). وطلي الهلال الموجود في مآذن التوسعة الثانية بالذهب من عيار 24 قيراط وارتفاعه (6م) ووزنه (4.5طن).
عدد أبواب المسجد النبوي الرئيسية (42) بابا مع باب الجنائز، وعدد إجمالي أبواب المسجد (86) بابا، ويزن الباب الواحد من أبواب التوسعة الثانية (5 طن) مع حلق الباب، وهذه الأبواب مصنوعة من خشب الساج حيث تم صنعها في برشلونة بإسبانيا ولم تستخدم المسامير في تثبيتها بل تم تثبيت القطع الخشبية بطريقة التعشيق، أما النحاسيات الموجودة في الأبواب فهي مطلية بالذهب وصنعت في فرنسا بمدينة راوة.
عدد السلالم العادية للصعود للسطح (18) سلما عاديا، وعدد السلالم الكهربائية (6) مواقع وكل موقع فيه سلم للصعود وآخر للنزول.
عدد المصاعد بالمسجد النبوي (3) وهي للخدمات فقط.
عدد المظلات داخل الحرم (12) وطول المظلة الواحدة (18) وعرضها (17) مترا، وهي مصنوعة من قماش البوليستر الخاص. وعدد المظلات في ساحات المسجد (250) مظلة.
عدد القباب المتحركة (27) قبة، وزن القبة الواحدة (80 طنا)، مصنوعة من الحديد وملبسة من الداخل بخشب الأرز المغربي ومن الخارج ببلاط زخرفي مشدود إلى زجاج ليفي من عدة رقائق، أما الأحجار الزرقاء فهي حجر أمازوني شبه كريم.
تم صنع الثريات الزخرفية الموجودة بالمسجد النبوي في النمسا والقناديل في تشيكوسلوفاكيا (سابقا).
جميع الحجر الصناعي الموجود بالمسجد النبوي من المدينة المنورة من مصنع الحجر الصناعي التابع لمجموعة بن لادن السعودية.
عدد مباني دورات المياه (15) مبنى، تحتوي على (1732) حمام عربي، أما عدد الحمامات الغربية (144) حماما.
استيعاب مواقف السيارات (4500) سيارة.
عدد السلالم الكهربائية بالدورات (29) موقعا، وكل موقع به سلّمان.
عدد المصاعد بالدورات (2) لذوي الاحتياجات الخاصة في الجهة الجنوبية الشرقية من الساحات.
عدد صنابير الوضوء بالدورات (5789) حنفية، عدد المراوش (دوش) بالدورات (1862). يتم تشغيلها وقت المواسم.
عدد طوابق الدورات (4) ثلاث منها دورات مياه وطابق واحد للخدمات.
المساحة الإجمالية لمواقف السيارات (290000) مترا مربعا.
عدد مداخل المواقف (6) مداخل ومخارج.
يتم تغذية المسجد النبوي بالكهرباء بأربع طرق. 
أ- من شركة الكهرباء السعودية.
ب- محطة حرم 2 المجاورة لمحطة التبريد المركزية.
ج- إذا انقطع التيار يتم تشغيل البطاريات (ups) تشتغل لمدة تصل إلى نصف ساعة حتى يتم تشغيل المولدات الاحتياطية.
د- مولدات احتياطية وعددها (8) مولدات.

الحوارـ كلمة أخيرة توجهها للمسلمين الزوار لمسجد الحبيب المختار صلى الله عليه وسلم؟.
- نأمل من الأخوة الزائرين أن يحافظوا على هذه البقاع المقدسة وان يكون دخولهم لأداء المناسك دون مزاحمة لإخوانهم الزائرين، لأن المكان واسع، ولاشك أنك شاهدت من خلال زيارتك للمسجد النبوي الشريف، الخدمات التي تقدمها الإدارات العاملة فيه لتقدم جميعها أفضل ما لديهاللزوار الكرام للمسجد النبوي المبارك، وذلك لأن خدمة الحجاج والمعتمرين والزوار شرف لنا وقربة إلى الله تعالى. ولدى الإدارة صدر رحب لكل المقترحات التي تصب في خدمة زوار بيت الله الحرام والمسجد النبوي المبارك.
وأخيرا أسأل الله تبارك في علاه أن يتقبل من الجميع زيارتهم وأن يأجرهم عن الزيارة والصلاة في المسجد النبوي المبارك، ونسألهم الدعاء لنا.

أخيرا..

إن الكلمات مهما كانت منمقة، والعبارات مهما كانت متزنة، والصور مهما كانت معبرة، كلها لن تصل بك إلى حقيقة الشعور العظيم الذي يكاد يملأ عليك حواسك وأحاسيسك ومشاعرك ودقائق أفكارك وأنت تتجول في هذا الصرح العظيم، العظيم بساكنه، العظيم ببنائه، العظيم بروحانياته وبكل مافيه.
أسأل الله تبارك في علاه أن يمكن كل مشتاق لزيارته والصلاة فيه والتنسم من نسائمه التي تشفي العليل. والعودة مرارا وتكرارا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق