16‏/10‏/2010


مؤتمرات «التغطية» على صنّاع الموت




شعـبـان عـبـد الرحـمـن


 

تكاثرت مؤتمرات الأمم المتحدة عن مقاومة «الفقر والجوع» حتى أصبح المرء يظن أن تلك المنظمة باتت تسخّر نفسها من أجل فقراء العالم؛ ففي كل عام نتابع مهرجاناً دعائياً يصاحب قمم الثماني الكبار السنوية؛ حيث يجري إيهام العالم - خاصة العالم الثالث - بأن مشكلاته باتت قاب قوسين أو أدنى من الحل، بينما الفقر يزداد توحشاً والجوع يرعى في خلق الله، فقد تابع العالم يوم الاثنين 20/9/2010م قمة «أهداف الألفية للتنمية» الذي عقدته الأمم المتحدة لمدة  ثلاثة أيام؛  لاستعراض جهود المنظمة الدولية لخفض مستويات الفقر إلى النصف - وفق إعلان المؤتمر - بحلول العام 2015م.   ولم يملك الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» إلا الإعراب عن ثقته - كما يعرب في كل مؤتمر-  بأن القمة ستتمكن من جمع مليارات الدولارات.وهكذا بتنا بين الحين والآخر نعيش مع مثل هذه المؤتمرات  تمثيلية كبرى تحاول إقناعنا بأن شيئاً يتم فعله من قبل الكبار لإنقاذ العالم من «الفقر والجوع والموت»،  بينما تؤكد كل الوقائع والأحداث الماثلة أمامنا على الأرض أن تلك القوى الكبرى هي الصانع الأكبر لذلك الفقر والجوع والموت..!! إنها صانعة الكارثة بكل ما تعني الكلمة، صحيح أن الفساد والإفساد ضارب بكل مستوياته «للركب» في شتى الميادين، وصحيح أن الدول الكبرى لا تتأخر عن تقديم مساعداتها، لكن معظم قادة الفساد هم صنائع تلك القوى الكبرى التي لا تدفع دولار مساعدة واحداً، ولا تقدِّّم كِسْرة خبز لشعب من الشعوب إلا ويكون مقابلها  خصم من حريته واستقلال قراره، ومن يتوقف أمام الخارطة يكتشف ذلك بسهولة، ولو كانت الـ 52 مليار دولار التي أعلن الرئيس الأمريكي «أوباما» عن رصدها كميزانية لمساعدة الدول الفقيرة قد تم رصدها لوجه الله أو رحمة بالجوعى والفقراء حول العالم وإنقاذاً لاقتصادات الدول الفقيرة فقط؛ فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: إن كانت أمريكا بهذه الرحمة بفقراء العالم؛ فلماذا تنفق مئات المليارات على تدمير أمة بأكملها في العراق وأفغانستان وتعيدهما إلى ما تحت الصفر بمراحل؟! ولماذا رفعت ميزانية وزارة دفاعها إلى 693 مليار دولار في عام 2010م، ومن المنتظر أن ترتفع إلى 708 مليارات دولار في عام  2011م (وكالات - نقلاً عن مسؤولين دفاعيين أمريكيين - 14/1/2010م)؟ ألا يتم إنفاق معظم هذه الميزانيات على الحروب التي تعد أول مقومات إفقار الشعوب.وإذا كانت القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة بهذه الشفقة والرحمة على الشعوب التي يحصدها الفقر في العالم الثالث؛ فإننا نسأل: أليس الشعب الفلسطيني واحداً من تلك الشعوب؛ حيث تفعل مقصلة الفقر والجوع والإبادة أفاعيلها على أيدي الصهاينة وبدعم مالي وعسكري أمريكي بلغ - وفق صحيفة «كريتسان ساينس منيتور» الأمريكية في  26/5/2010م - منذ العام 1973م بلغ 1.6 تريليون دولار (أي 1600 مليار دولار)، أي أن كل مواطن أمريكي دفع 5700 دولار للكيان الصهيوني؛ ليكرس احتلاله لفلسطين ويقتل ويشرد ويحاصر شعبها!!.وفي مارس 2009م، حذر تقرير لمعهد التنمية الخارجية من أن انهيار الاقتصاد العالمي سيؤثر في نحو تسعين مليون شخص حول العالم، وهو ما يرفع تعداد الجياع إلى ما يقرب من المليار، ويكلّف الدول النامية 750 مليار دولار من التنمية الضائعة (حسب التقرير)!! وفي التوقيت ذاته تقريباً، حذّر البنك الدولي - بحسب صحيفة «أوبزرفر» - من أن موجة من القلق السياسي والاجتماعي يمكن أن تجتاح أفقر دول العالم إذا فشل زعماء مجموعة العشرين في التحرك لنجدتهم وذلك بسبب الانهيارات الاقتصادية العالمية.وفي 5 أبريل عام 2009م طالب الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» بتخصيص ثلاثمائة مليار دولار على الأقل لمساعدة الدول النامية، من الميزانية الحفزية التي وافق عليها قادة مجموعة العشرين بقمتهم وقدرها 1.1 تريليون دولار. (رويترز).. لكن مطالبات «بان كي مون» ذهبت أدراج الرياح، ومرة أخرى نسأل: من صانع تلك الانهيارات الاقتصادية العالمية؟.. أليست الدول الكبار؟!.ولنستمع إلى شاهد من أهلها، هو الناشط الأمريكي «نيكولاس جونز»: «ولأولئك الذين لا يعرفون، فإن الولايات المتحدة هي التي خلّقت «الإيدز» في المختبرات.. و«مركز السيطرة على الأمراض»، و«منظمة الصحة العالمية» هما الجهتان اللتان قامتا بحقن منهجي لفيروس التهاب الكبد الوبائي واللقاحات الأخرى في أفريقيا وبعض المدن الأمريكية، بما في ذلك «نيويورك»، و«سان فرانسيسكو».وقامت الولايات المتحدة بتصدير مرض «الإيدز» إلى الخارج من خلال أكياس الدم، وهي التي أعلنت عن وجوده قبل فترة طويلة! والآن تقوم بتصدير مرض «حرب الخليج» أيضاً من خلال إمدادات الدم!!.إذن الذي حدث ويحدث قتلٌ مدبَّر من قِبَل عدد قليل لكثير من البشر.. إنه قتلٌ منظَّم وإبادة ممنهجة»!!(1) وفي التحليل نقول: لو كانت الدول الثماني الكبرى بحق لديها رحمة بالبشر، لا أقول: أن تغدق مساعداتها، ولكن أقول: أن تكفّ أيديها فقط، وترفع سيف الإبادة عن أعناقهم، ولو كانت الأمم المتحدة فعلاً تشعر بمأساة الدول الفقيرة لكفت - فقط - عن تنظيم تلك المؤتمرات السخيفة التي لا طائل من ورائها، سوى أنها تمثل غطاء لجريمة إبادة البشرية!.ألم يقل «هنري كيسنجر» مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق: «إن تخفيض نسبة السكان في دول العالم الثالث مسألة حيوية للأمن القومي الأمريكي...»(2).
................................
(1 ، 2) «في أمريكا حكومة خفية»: مقال مترجم للكاتب الأمريكي «نيكولاس جونز» - نشر بالعدد 1919 من مجلة «المجتمع» ضمن ملفات خاصة عن مخطط إبادة البشر والعبث بمصير العالم.  (*)كاتب مصري ومدير تحرير مجلة المجتمع الكويتية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق