17‏/10‏/2010

أطفال العراق يلعبون بالهاون والرشاشات!


أطفال العراق يلعبون
بالهاون والرشاشات!
محمد العرب*


لاحظ علماء النفس والاجتماع أن ظاهرة العنف باتت من أكثر ثقافات الأطفال انتشاراً في العراق، وهو ما يشكل خطورة جسيمة على نشأة تلك الشريحة من المجتمع، فقد تنعكس بشكل لافت في المستقبل القريب على الواقع؛ حيث يغرق سوق ألعاب الأطفال في العراق بالأسلحة البلاستيكة من مختلف الأصناف العسكرية. فلم تعد المسدسات والبنادق هي الأسلحة البلاستيكة الوحيدة في الشارع العراقي بل أضيف إليها الهاون والقاذفة والقنابل الهجومية والدفاعية، وتطور الأمر لمجسمات الدبابة والطائرات والهمرات في محال بيع ألعاب الأطفال، مما يرسخ مبدأ العنف، خاصة مع انفتاح السوق العراقي على الأصناف الفاخرة وجيدة الصنع من تلك الألعاب الصينية المنشأ. وأصبحت السوق العراقية مصدراً جيداً للربح لدى تجار الصين الذين لا يكفون عن ابتكار ألعاب جديدة تحتل مكان القديمة في سلم اهتمام الطفل العراقي؛ وسط غياب الوعي الحكومي المنشغل في جدلية تشكيل الحكومة وحل الملفات العالقة.
قتل خطأ
وتشبه بعض بنادق الأطفال إلى حد كبيرة تلك الحقيقية التي يحملها الجنود العراقيون والأمريكيون، فضلاً عن أنواع أخرى كثيراً ما تشاهد في أفلام الخيال العلمي أو أفلام الكرتون، وقد حذرت القوات الأمريكية من مغبة انتشارها لأن الأمر قد يكون صعب التمييز في بعض الأحيان ما قد يتسبب في حالات من القتل الخطأ. وتنتشر الأسلحة البلاستيكية بشكل لافت في شوارع وأزقة المدن العراقية في الأعياد والمناسبات، حتى يصبح المشهد وكأنه ساحة حرب يتقاسمها المنتصر والمهزوم ولكن بلا قتلى.
يقول بائع الألعاب محمد الدليمي إن "ألعاب الأسلحة والقتال ومجسمات الآليات العسكرية تجذب لنا نسبة كبيرة من الزبائن، خاصة من الأطفال الذين يفضلونها على ألعاب أخرى متوافرة؛ والكثير من أولياء الأمور يخوضون نقاشات مطولة مع أطفالهم لإقناعهم بالعدول عن شراء مجسمات الأسلحة، إلا أن إرادة الأطفال كثيراً ما تنتصر وسط إلحاحهم ودموعهم أحياناً".
أما نوري البدراني (بائع حلوى) فيخبرنا أن سوق ألعاب الفتيات تأثر هو الآخر؛ حيث نجد كثيراً من الفتيات يبحثن عن لعب محاربات وأسلحة بناتية، كما هو الحال مع المسلسل الكرتوني الشهير الجاسوسات ومحاربات الأمازون. وكانت لجنة المرأة والطفولة في البرلمان العراقي قد تقدمت بمشروع قانون إلى مجلس النواب يقضي بمنع استيراد ألعاب الأطفال المحرضة على العنف إلا أنه ضاع وسط تغيرات المشهد السياسي العام الذي يبدو أنه مهتم بأمور كثيرة غير أطفال المجتمع.
حروب إلكترونية
كذلك يدخل أطفال العراق ميداناً آخر للعنف، هو ميدان الحروب الإلكترونية والافتراضية حيث تنتشر مئات الصالات التي تجعل الطفل يقتل ويناور ويهاجم ويدافع من دون دراية بخطورة هذه الألعاب.
ويرى اختصاصي الطب النفسي الدكتور عقيل الصباغ أن الأطفال الذكور يمتازون بالميل إلى استخدام السلاح والألعاب التي فيها قوة وعنف، مشدداً على أن العنف بصورة عامة عند الأطفال هو جزء من مفهوم العنف العام لدى الكائن البشري والحيواني، وهو جزء من هذا السلوك الذي يمتاز بالقوة والتهور وإبراز الشجاعة وإبراز الغلبة على الغير.
ويشير الصباغ إلى أن هذا السلوك لا يوجد في كل المجتمعات بل يختلف، وهو ثقافة وحضارة وعادات وتقاليد واكتساب خبرة من خلال المجتمع الذي نعيش فيه. ويبين أن المجتمع العراقي مر بظروف قاسية وحروب وعنف شديدة خلال الثلاثين سنة الأخيرة بداخل هذه الظروف تعود الطفل على السلاح والعنف وإيذاء الآخرين واستخدام اللعب كالأسلحة، كما نشاهد هذا من خلال رسوماتهم فهو يرسم الدبابة والمسدس وغيره.
ويضيف: في فترة الأعياد نرى مجاميع وكأنها عصابات، يمكن أن نطلق عليها العصابات الكاذبة، لأنهم مجموعة من الأفراد يحملون مسدسات، لكنها مجرد مسدسات مائية أو مسدسات لعب.
من جهتها، ترى رئيسة قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة بغداد ناهد عبد الكريم أن الإقبال على اقتناء اللعب النارية ظاهرة خطيرة يمارسها الأطفال، لها نتائج سلبية كثيرة على حياتهم وحياة الآخرين ومن ثم خلق نوع من الاضطراب لديهم "فالطفل لا يستطيع أن يعي ما تؤدي إليه هذه اللعبة فهو قد يتصورها لعبة يتسلى بها ولكن نتائجها وخيمة".
وتحصر الدكتورة ناهد عبد الكريم أسباباً عديدة لهذه الظاهرة منها تأثره بما يشاهده سواء في الوسط الذي يعيشه أو عن طريق وسائل الإعلام كالفضائيات أو ما يشاهده في الشارع من خلال مرورالأرتال العسكرية سواء كانت أمريكية أم عراقية؛ والطفل بطبيعته يحب التقليد وعن طريق الإيحاء وطريق العدوى الاجتماعية يمكن انتشار استعمال هذه اللعب بين الأطفال؛ وناشدت الأسر أن تكون واعية لتصرفات أطفالها وما يستعملونه في ألعابهم، "وأن يكونوا على حذر من اقتناء لعب الأسلحة لأن لها نتائج وخيمة على حياة الأبرياء".
 وكانت نقابة أطباء العراق قد حذرت من هذه الألعاب بعد انتشار حالات الإصابة بالعيارات البلاستيكية خاصة في منطقة العين أثناء المعارك الوهمية بين الأطفال.
* نقلا عن العربية نت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق