صلاح سعيد امين
أخيراً صرّح السيد مسعود البارزاني بأن ما يحدث في إقليم كوردستان من أزمات مختلفة، بما فيها الأزمة المالية الأخيرة، يعود كله إلى السياسات الخاطئة لحزبي السلطة في إدارة الإقليم! وفي الحقيقة، فليس حزبا السلطة المتمثلين في: الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يتزعمه السيد جلال الطالباني، والحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي يترأسه السيد مسعود البارزاني، المسؤول الأول والأخير عن كل ما جرى ويجري في الإقليم، فالفيلسوف المشهور "آلآن دولابوتي" يعلمنا أن السلطة لا تستطيع أن تفعل ما تشاء إن لم نكن أنفسنا أداة بيدها لتحقيق ما تريد، فحزبي السلطة في الإقليم، وفي غضون العقدين الماضيين، خلطا الحابل بالنابل، بدءاً من الاقتتال الداخلي المنبوذ، مروراً بالاتفاقية الاستراتيجية الغاصبة للديمقراطية والقاسمة للسلطة والثروة والإدارة في الإقليم، وانتهاءاً بتأخير تشكيل الحكومة الجديدة التي حطمت الرقم القياسي في تأخير تشكيل الحكومات في المنطقة عموماً..
والغريب أن الشعب في الإقليم، وأمام كل ذلك اختار الصمت، ولم يكسر جدار السكوت، لا بل لم يتحرك قيد أنملة إزاء ما جرى ويجري من الفساد المستشري في كل مفاصل السلطة، ونهب وسلب البنية التحتية للإقليم، والعقود النفطية غير الشفافة المبرمة مع الشركات الأجنبية، وإهدار المال العام، فضلاً عن اغتيال الصحفيين، وحرق القنوات الإعلامية ومقرات الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة والعملية السياسية...إلخ. فعلى الشعب أن يصحو من نومه، وأن لا يغفل عن أداء واجباته تجاه ذاته، وتجاه الأجيال القادمة، فالمسؤولون في الإقليم لم يأتوا من المريخ، ولا من كواكب أخرى، بل هم ممن أنجبه هذا الشعب، ونشأوا على تراب هذا الوطن، فكيف بمقدورهم أن يتلاعبوا بمصائرنا مالياً وسياسياً وإدارياً، إن لم نقرر أن نختار الصمت، بل نصفق لهم ونباركهم بصمتنا المخيف إزاء ما يقومون به ليل نهار مما لا يرضى به أي إنسان شريف!
على الشعب أن يغضب من أجل أن لا يُنتج صمته دكتاتورية وثقافة استبدادية جديدة، وعلى الشعب أن يغضب ليثأر لنفسه ولحقوقه بأسلوب مدني، بل إن عليه أولاً أن يثأر حتى من نفسه - قبل غيره - لأنه شارك في كل ما حدث ويحدث، بصمته وبغياب كلمته، لأن التغيير يبدأ من داخل الشعوب، ومن ثم ينتشر إلى ما حولها، ويجب أن لا ننسى ما قاله الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجه): "إن الصامت عن الحق شيطان أخرس". إن على الكتل الفائزة في الانتخابات أن لا تنسى أنها على أبواب انتخابات جديدة، وأن الشعب سيقول كلمته، وسيأخذ بعين الاعتبار كل ما هو غير معقول مما جرى ويجري منذ انتخابات الحادي والعشرين من أيلول من العام المنصرم وحتى الآن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق