10‏/07‏/2016

عبق الكلمات/ صلاحُ دين الإسلام

عبد الباقـي يوسف
بدأ الإسلام صالحاً، وتدرّج في الصلاح، واكتملتْ رسالتُه بالصلاح، وبذلك فهو دينٌ صالحٌ، يصلحُ لكلِ زمانٍ ومكانْ، وهو دِينٌ يَصلِح - بفتح الياء وكسر اللام - ولا يُصلَح  - بضم الياء وفتح اللام -، وكل ما خلَقَ الله تعالى - جل شأنه – لا يملك إلاّ أن يُصلَح بالإسلام، وليس مِن أحدٍ كائِناً مَن كان يمكن له أن يعلو على الإسلام، أو يدّعي بأنه يأتي بما هو خير من الإسلام، بل حتى يدّعي بأن لديه إصلاح بشأن الإسلام، فذلك يعني بأنه يرى بأن الإسلام بات في شيء من الفساد، لأن الإصلاح لا يكون إلاّ في حالة الفساد. ودِينُ الإسلام الصالح، سواء من خلال الرُسُل الذين حملوه قبل محمّد - صلى الله عليه وسلم- أو الذي أكمله الله، رُسُلاً ورِسَالةً،
ببعثة خاتم أنبيائه ورسله – عليه الصلاة والسلام– لا تمسه ذرةُ فسادٍ، بأيّ مقياس من المقاييس، بيد أن الفساد يصيب المسلمين، وفق كل المقاييس.. فيتوّهم البعضُ بأن الإسلام بات بحاجةٍ إلى إصلاح، بل تقود المخيلة المريضة البعض إلى القول بأن الإسلام كلّه لم يعد صالحاً.
وهذا مِن عجبِ ما تجنحُ إليه بعضُ مخيَلات عليلة، فالذي يدّعي بأن الإسلام فقد صلاحيته، أو أنه بات بحاجة إلى ترميم وإصلاح، يكون هو فوق الإسلام الذي أتى به الله، أيْ يريد بذلك أن يُصلح الله!! وإن كان له ذلك، فسيكون جديراً بالعبادة، لأن مخيلته قادته إلى ذاك الاعتقاد المنحرف. وبالتالي: كيف يعبد إلهاً يرى بأنه بحاجة إلى إصلاح، وأنه هو الذي يمتلك مقوّم إصلاحه؟!.
إذاً، ليس من سبيلٍ إلى صلاح الأمّة إلاّ سبيل الإسلام. وقد ترى بعض المجتمعات فصلاً جزئياً بين الدِين والسياسة، وتُنشئ بعض القوانين الوضعية التي تدفع ضريبتها، لكن وفق كل المقاييس ليس بوسع أيّ دولة أن تفصل الدِينَ عنِ منظومةِ الحياة برّمتِها، ذلك أن الدِين هو شريان الحياة البشرية، ولا شيء بوسعه أن يضبط الإنسان دون المعتَقَد الدِيني. فبلاد الأرض – دون استثناء- تكتظّ بالمساجد، والكنائس، ومختلف دور ومراكز العبادة، وحتى الذي يدّعي بأنه لا يعترف بالدِين، فهو لا يملك إلاّ أن يقتدي بالناس في جلّ المناسبات الدينية، سواء في الأعياد، أو المصاهرة، أو مراسم العزاء، أو كلّ ما يمت إلى تفاصيل وقائع الحياة اليومية، والقوانين، والأعراف التي يتّبعها الإنسان المؤمن بشكل عام. فليس بوسع أحدٍ أن يتمرد على كل هذه القوانين والأعراف والثبوتيات، التي أصّلها الدِينُ في ضمير الإنسان.
من هنا، فليس بمقدور أمة، أو دولة، أو قوم، أو مجتمع، أو حتى فرد، أن يعيش في قطيعة عن الدِين، لأنه لا يملك أن يفرض انحرافه وتمرّده على المنظومة الاجتماعية التي يعيش في قلبها، وإن فعل ذلك، لا بد له أن يعيش في قطيعة تامة عن المجتمع، أيْ يعيش في كهف منعزلاً مع تداعياته وتخيلاته.
الأمر الآخر، أن وجود الدِين هو لصالح الإنسان، وليس عليه. واعلموا أنه لولا الله، كل شيء يتآمر عليكم، حتى الحجر، والشجر، والبحر، ويكون الإنسان فريسة لوسوسات الشيطان، لأن لا شيء يمكن له أن يوقف الشيطان عند حدّه، سوى تدخّل الله إلى جانب الإنسان، ولذلك يعلم بأن لا سلطان له على الناس جميعاً، بل حتى يغدو المرء فريسة لوساوس نفسه، وتتحوّل حياته إلى هلوسات، وترهات، لكن الله يبقى يحرس الإنسان ويحميه من خلال ملائكته، والله ييسر عليه كلما لقي عسراً.

جاء في الحديث القدسي: "ما من يوم تطلع شمسه إلا وتقول السماء: يا رب دعني أسقط كسفاً على ابن آدم، إنه طعم خيرك، ومنع شكرك. وتقول الأرض: يا رب دعني أبتلع ابن آدم، إنه طعم خيرك ومنع شكرك، ويقول البحر: يا رب دعني أغرق ابن آدم، إنه طعم خيرك ومنع شكرك. فيقول المولى عزّ و جل: دعوهم، دعوهم، لو خلقتموهم لرحمتموهم. إنهم عبادي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق