10‏/07‏/2016

عمليات الحشد الشعبي!

صلاح سعيد أمين
بعد اجتياح تنظيم (داعش) الإرهابي لمدينة (نينوى)، ثاني أكبر مدن العراق، واستيلائه على ثلث الأراضي العراقية تقريباً في 2014، تمّ تشكيل (الحشد الشعبـي)، بناءً على فتوى السيد (علي السيستاني)، لمواجهة داعش، وإيقاف تقدمهم نحو المناطق الأخرى، و(بغداد) العاصمة على وجه الخصوص.
المسؤولون في بغداد لم يخفوا هذه الحقيقة، وأشاروا إليها أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة، وأكدوا مراراً أن (الحشد الشعبـي) الرادع القوي بوجه داعش، ووصفوا المرجع (علي السيستاني) بـ(حكيم العراق)، تقييماً لفتواه التاريخية، على حدّ قولهم.
طبعاً، يواجه هذا (الحشد) انتقادات كثيرة، من داخل وخارج العراق، منها: عدم شرعيته الدستورية، وكون جلّ عناصره من طائفة معينة، هي الطائفة الشيعية، وبالتالي انتهاكه لحقوق الإنسان، وخصوصاً في المدن التي يشكّل (السنة) غالبية سكانها. وما جرى في (تكريت) من سلب ونهب، وحرق البيوت، وعرقلة عودة النازحين إلى ديارهم، وحرق المساجد، والقتل العشوائي لأبناء تلك المناطق، ليس ببعيد عنا!!
ويخطئ من يعتقد أن ما يجري الآن في (الفلوجة)، على أيدي عناصر تابعة للحشد الشعبـي، وبشكل منظم، من: القتل العشوائي، والاعتقال التعسفي، وحرق المساجد، والبيوت، هو عملية غير ممنهجة، أو مجرد تصرفات فردية لبعض عناصره، إذ لا يعقل أن يتكرر الشيء نفسه من الانتهاكات المختلفة في كل تلك المدن، التي شارك الحشد الشعبـي في استعادتها من سيطرة (داعش)، واعترف بذلك ضمناً القائد العام للقوات المسلحة (حيدر العبادي)، وحتى بعض قيادات الحشد أنفسهم.
من هنا، يبدو أن عقيدة الحشد الشعبـي مبنيّة على الدفاع عن إطار مذهبـي بحت، على عكس ما يروّج البعض من أنهم حماة العراقيين كلهم، وبأطيافهم المختلفة.
إنّ هذا (الحشد)، ولكي يثبت أن ولاءه للعراق فقط، وأن عقيدته تجاوزت الإطار المذهبـي الضيق، فمن الواجب أن لا يكرر في (الفلوجة)، ما فعله في (صلاح الدين)، وعلى قياداته مراجعة مسارها الفكري، وتجنب ما تكرر في ساحات القتال، مما من شأنه توسيع الفجوة الطائفية بين أبناء العراق من جهة، وتهديد العلاقات المستقبلية بينهم، من جهة أخرى.
إن تكرار الانتهاكات على أيدي عناصر الحشد الشعبـي، سيزيد الطين بلة، ويحمل في جعبته مخاطر كثيرة، ربما تجاوزت تداعياتها ما آلَ إليه الوضع بعد دخول (داعش) للعراق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق