02‏/01‏/2018

تراكم الأخطاء السياسية تولّد موجة احتجاجات جماهيرية في إقليم كوردستان

تقرير: سَرْهد أحمد
موجة الاحتجاجات الجماهيرية التي اجتاحت بعض مدن إقليم كوردستان، وصاحبتها أعمال عنف من قبيل مهاجمة مقرّات أحزاب سياسية ومبانٍ حكومية وإحراقها، وكذلك سقوط ضحايا بين قتيل وجريح، تأتي نتيجة تراكمات من الأخطاء ارتكبها القابضون الفعليّون على السلطة، بدءاً من مسألة رئاسة الإقليم وما رافقتها من إشكاليات، ومروراً بعجر الحكومة عن سداد رواتب التدريسيين، وموظفي القطاع العام، وتردّي الخدمات، وانتهاءً بتداعيات أحداث السادس عشر من أكتوبر.
وعلى الرّغم من مبررات الحكومة بشأن تأخّر صرف الرواتب، لكن احتجاجات التدريسيين تواصلت، وامتنع أغلبهم عن الالتحاق بمهنهم التدريسية، وتزامن ذلك مع خروج مظاهرات لشرائح مختلفة من موظفي القطاع العام يوم الاثنين 18-12-2017.
بداية، الاحتجاجات تركّزت في مدينة السليمانية، وسرعان ما انضمت إليها حواضر وبلدات عدة محيطة بالمدينة وتتبعها إدارياً. وشيئاً فشيئاً تطوّرت الأحداث إلى مواجهات وأعمال عنف طالت مقرّات الأحزاب الخمسة التي تشكّل الحكومة الائتلافية الحالية.
وفور تصاعد حدة الاحتجاجات بادرت تلك الأحزاب إلى إصدار بيانات تأييد لمطالب المتظاهرين، واعتبرتها مشـروعة مع مناشدتها الالتزام بالنهج السلمي والمدني، والابتعاد عن العنف في التعبير عن المطالب.
الاتحاد الإسلامي الكوردستاني كان أول حزب أعلن دعمه الكامل لمطالب الجماهير، وناشد الحكومة الإسراع بتبنّي سياسة عاجلة تحقّق تلكم المطالب، وذلك في بيان أصدره مجلسه التنفيذي - فرع السليمانية، ولاحقاً عقد المجلس القيادي للحزب اجتماعاَ في الثالث والعشـرين والرابع والعشـرين من كانون الأول 2017 اجتماعاً طارئاً بحث فيه الأوضاع السياسية في كوردستان لا سيما حركة الاحتجاجات في الشارع، وأعلن في بلاغ ختامي أنه يمهل حكومة الإقليم حتى منتصف كانون الثاني المقبل للشروع في الإصلاحات وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين ودفع رواتب الموظفين في مواعيدها، وفي حال عدم الاستجابة للمطالب سيقرر بعدها - وبشكل حاسم – مسألة بقائه في الحكومة من عدمه .
وتباعاً، بانت مواقف حركة التغيير، والجماعة الإسلامية المؤيدة لمطالب المحتجّين، وفي يوم الأربعاء 20-12-2017، أعلن الحزبان انسحابهما من الحكومة، وطالبتا بتشكيل حكومة انتقالية.
وتلا ذلك موقف رئاسة البرلمان ورئاسة وزراء الإقليم في بيانين منفصلين، أكّدتا فيه تأييدهما لمطالب المتظاهرين، وفي الوقت ذاته حذّرتا من اللجوء إلى العنف، لأنّه لا يحقق المطالب، وإن كانت مشروعة.
وعلى الرغم من مناشدات التهدئة إلا أنها لم تقنع المحتجين، حيث واصلوا تظاهراتِهم، وتفادياً لأيّ تطوراتٍ لجأت السلطات الأمنية والعسكرية إلى نشـر عناصرها في البلدات التي شهدت أعمال عنف، وتطاول على المنشآت العامّة والخاصّة.
  من جانبها دخلت حكومة بغداد على خطِّ الأزمة، حيث قال رئيس الوزراء الاتحادي حيدر العبادي في مؤتمره الصحفي الأسبوعي بعد ختام اجتماع حكومته، يوم الثلاثاء 19-12-2017، إنه يتابع بقلق مجريات الأحداث، وطالب السلطات في الإقليم بالاستجابة لمطالب المتظاهرين.   
ويبقى الوضع الداخلي الكوردستاني مشوباً بالتوتر والاحتقان مع زيادة ضغوط الحكومة الاتحادية على الإقليم، وامتناع الأخيرة عن صرف مستحقات الإقليم المالية.

ويجري رئيس حكومة الإقليم ونائبه جولة في عدد من الدّول الأوروبية بناءً على دعوات رسمية لحشد مواقف داعمة لاستئناف الحوار بين أربيل وبغداد لإنهاء المشكلات العالقة بين الطرفين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق