مسكين هو المواطن العراقي! عاش ويعيش حياته في حالة ترقب وانتظار لما سيأتي ولما ستؤول إليه الأيام والأحداث، انتظار جيل بعد جيل لسلطة بعد سلطة، ورئيس بلاد بعد رئيس بلاد، وحكومة بعد حكومة، حتى بات (الانتظار) صفة ملازمة له منذ ما يقارب القرن من الزمان:
- فقد كان منتظراً، وبفارغ الصبر، زوال الاستعمار، كي يتمتع - كباقي خلق الله - بحكومة عراقية، سادته من دم ولحم أبنائه، حتى نصب عليه ملك جيء به من آخر الدنيا، وكل يوم ينتظر (نادماً) اليوم الذي يليه، أملاً بحياة كريمة وعيش رغيد.. ويا ليته لم ينتظر!
- وانتظر طويلاً طويلاً زوال الملكية، كي ينعم بثورة شعبية، وحكومة جمهورية مدنية، تنسيه - ولو لبرهة من الزمان - فشل الملكية وتوابعها، وكي ينخرط رافعاً رأسه سياسياً واقتصادياً في المجتمع الدولي، ويقول للعالم: ها أنذا.. ويا ليته لم ينتظر!
- وانتظر بعد هذا وذاك عهد الانقلابات المتتالية، والإطاحة بكراسي السلطة؛ واحداً تلو الآخر، عسى ولعل أن يأخذ قسطاً من الراحة في ظل إحداها، وأن يذوق - ولو لسنوات - طعم الاستقرار والراحة الأمنية والسياسية!... ويا ليته لم ينتظر!
- انتظاره الأيوبي والطويل آل به إلى دكتاتور دموي، وحزب قمعي، أجبراه على الانتظار مرة أخرى ثلاثة عقود، خاضَا به ثلاثة حروب خاسـرة، وجعلا من بلده ساحة للمغامرات الطائشة والإعدامات والحروب والأزمات الكارثية... ويا ليته لم ينتظر!
- وانتظر هذا الشعب المغلوب على أمره المجتمع الدولي، و(المنقذ!) العم سام، كي يخلصه من هذا المغامر الطائش والدكتاتور الخاسر والحزب الجائر، ولكي تعود للبلد حياته المسلوبة بالأغلال، وينعم بشيء من الحرية والتنمية والازدهار... يا ليته لم ينتظر!
- وها هوذا منتظراً - وأيّ انتظار - منذ ما يقارب العقدين من الزمان، رئيس دولة بعد رئيس دولة، ورئيس وزراء بعد رئيس وزراء، وحكومة بعد حكومة، وبرلماناً بعد برلمان، وأحزاباً بعد أحزاب.. انتظار وانتظار وانتظار.. حتى ملّ منه الانتظار!!
فبالله عليكم، هل هناك شعب على وجه هذه البسيطة جرّب (الانتظار) كما جرّبه الشعب العراقي؟! ووحده الله يعلم في أي جيل سوف يتوقف هذا الانتظار، ويتحرّك قطاره من جديد نحو الأفق المنشود!
x
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق