07‏/10‏/2018

مرافئ/ واقع الإقليم والمرتجى من العملية الانتخابية


د. يحيى عمر ريشاوي
    لا شك أن فحوى وجوهر العملية الديمقراطية، والانتخابات، وإنشاء وتشكيل المؤسسات البرلمانية، يكمن في الوصول الى الاستقرار السياسي في أي بلد كان (وذلك أضعف الإيمان). ومن المفترض أن يكون مردود الجهود البشرية، والمادية الهائلة، والتي تصـرف في سبيل إجراء الانتخابات، إيجاد نوع من الطمأنينة السياسية، والتي بالتالي (من المفترض) أن تخلق نوعاً من الاستقرار والازدهار الاقتصادي والرفاهية المعيشية للمواطن البسيط.
صحيح أن الوصول إلى هذه النتيجة (الطبيعية) ليس بتلك السهولة، ويحتاج إلى زمن.. وصحيح أيضا أن الديمقراطية تحتاج إلى رعاية، وبيئة خصبة، كي تنمو وتزدهر.. وصحيح، مرة أخرى، أنه لا يجوز المقارنة بين بلدان عريقة في العملية الانتخابية، وتداول السلطة، وبين بلداننا الناشئة والنامية، والنائمة في معظم الأحيان.. ولكن الواقع الانتخابي في العراق، وإقليم كوردستان، بعيد كل البعد عن هذه الأمنيات المتواضعة.. وكل يوم نبتعد
فرسخاً، أو ربما فرسخين!! من المعاني الحقيقية للانتخابات والعملية الديمقراطية.
شلة من الأحزاب (هناك)، وحزبا السلطة (هنا)، يريدون - عن سابق إصرار وترصد - إفراغ العملية الديمقراطية من فحواها، وكل يوم يثبتون، للقاصي والداني، أنهم بعيدون كل البعد عن المعاني الحقيقية للعملية الديمقراطية؛ من انتخابات حرة، وفرص متساوية للتعبئة الانتخابية، ونزاهة في عملية التصويت، واعتراف بالنتائج، وبالتالي تداول سلمي وطبيعي للسلطة.. ما نشهده في كل عملية انتخابية، من لعب بالنتائج، وتشكيل لفيالق التزوير، وتهديد للناخب المسكين بقطع قوت يومه، وغيرها من الأساليب القذرة، دليل على هذا الواقع المرير، وعلى غياب حس المسؤولية التاريخية، الملقاة على عاتق هذه السلطة.
الانتخابات والعملية الديمقراطية قبل أن تكون صناديق اقتراع ومفوضية وأحزاب ومرشحين متنافسين، هي قناعة وثقافة وسلوك.. قناعة بحق الآخر (أياً كان) بتجربة الحكم والإدارة.. وهي ثقافة متجذرة لدى الشارع.. ثقافة متجذرة في الأرضية السياسية.. وليس مجرد شعارات رنانة.. وهي سلوك لدى النخبة السياسية على أرض الواقع.. عدا ذلك، فإن الانتخابات، والعملية الديمقراطية برمتها، ستكون وبالاً على الشعوب، وما 12/5/2018 منكم (ومنا) ببعيد.
فبقدر حاجتنا إلى الانتخابات، والتعددية الحزبية، وممارسة العملية الديمقراطية، بصورتها الشكلية، نحتاج (بل وربما أكثر) إلى جوهر الديمقراطية، والتي (ربّما) قوامها ثلاث اعترافات:
-      اعتراف بالآخر
-      اعتراف بالفشل
-      اعتراف بالنتائج، كيفما كانت..
وهذا لعمري من هذه السلطة بعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق