07‏/10‏/2018

دلالة المصطلح الإسلامي وتغيّرها في الفكر الإسلامي المعاصر (الإسلام والإيمان - منظومة القيم؛ دراسة تقويمية) - القسم الثاني -


د. فاتح سه‌نگاوی
مصطلح الإيمان والمؤمنين، عرض وتقويم
يذكر محمد شحرور الآيات التي يخاطب فيها الله عزوجل المؤمنين:) يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل(… النساء: 136، (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته..)الحديد: 28، (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد(… محمد: 2، (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم(… الفتح: 4، (فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون ، وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) التوبة: 124،- 125،ثم يوجه بعض الأسئلة كي ينتهي بإثبات رؤيته في إقرار معنى الإسلام والإيمان،
فيقول:(ونلاحظ في الآيات الثلاث الأولى أن فعل آمنوا يتكرر مرتين في كل آية، فلماذا؟ ما معنى أن يخاطب الله تعالى الذين آمنوا، فيأمرهم بأن يؤمنوا بالله ورسوله، إلا إذا كان هؤلاء لم يؤمنوا بعد برسوله، والكتاب الذي نزل على رسوله؟ وما معنى أن يأمر تعالى الذين آمنوا بأن يتقوا الله ويؤمنوا برسوله .. إلا إذا كان المخاطبون ليسوا من المتقين، ولم يؤمنوا بعد برسوله؟ وما معنى أن يأمر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن يؤمنوا بما نزل على محمد .. إلا إذا كان هؤلاء لم يصدقوا بالرسالة المحمدية بعد؟)([1]). وبعد طرح هذه الأسئلة، يجيب هو فيقول:(ولا نحتاج مع هذه الآيات إلى تأمل كثير، لربط دلالاتها مع ما قلناه عن الإسلام والمسلمين، فإذا فهمنا أن الإسلام هو الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، فهمنا أن المقصود بالذين آمنوا في الآيات الثلاث هم الذين آمنوا بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، وأن الله يطلب منهم أن يؤمنوا برسوله محمد، وما نزل على محمد)([2]).
ثم يجنح إلى تأويل لم يكن واضحاً عنده، ولكن للضرورة الملحة أثبته، وإن كان لا يتوافق مع أصل فكرته وهي أنّ الإسلام غير الإيمان، لكنه هنا أضاف مفهوم(الإيمانين). ويقول:(هنا يتضح ما قلناه من أن في التنزيل إيمانين، ونوعين من المؤمنين، وأن في التنزيل كفرين مقابلين لهما، وردا في قوله تعالى: (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا) النساء: 137، ونفهم أن المسلم قد  يكون مؤمناً وقد لا يكون، أي أن المؤمن بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، قد يكون مؤمناً بالرسالة المحمدية وقد لا يكون، لكن لا بد للمؤمن من أن يكون مسلماً أولاً)([3]).ولهذا يحاول أن يربط الآيتين الأخيرتين بهذه الفكرة، وإنكار زيادة الإيمان ونقصه عند العلماء فيقول:(ونأتي إلى الآيتين الرابعة والخامسة، لنجد أنهما تتحدثان أيضاً عن إيمانين، وليس عن إيمان واحد يزيد وينقص كما وهم البعض، حين فهموا من (فزادتهم إيمانا) و (فزادتهم رجساً) أنها  زيادة انصبت في إناء واحد هو الإيمان، ولم يروا بأساً لتدعيم فهمهم هذا، بالاستشهاد بقول هرقل ملك الروم يرويه ابن عباس (رقم 51 البخاري)([4])، أما نحن فنرى الإيمان إناءين، لا يحتمل كل منهما بذاته الزيادة أو النقص، وشاهدنا في ذلك الآية الخامسة، التي تشبه الكفر بالمرض والإيمان بالصحة، والصحة كالمرض لا تتجزأ ولا تزيد ولا تنقص، ونفهم من الآية الرابعة أن السكينة هي التنزيل الحكيم، وأن المؤمنين هم المؤمنون بالله واليوم الآخر والعمل الصالح الذين امتلأ إناؤهم الأول بهذا الإيمان، ثم نزلت هذه السكينة لتضيف (مع) إنائهم الأول إناء مترعاً آخر بإيمان آخر هو الإيمان بمحمد (صلى الله عليه وسلم) وكتابه)([5]).
ومن ثم يحاول شحرور أن يفسر الإسلام والإيمان في آيات (سورة الحجرات)، بحسب تصوره السابق، فإذا ما عدنا إلى قوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم …) الحجرات: 14، وإلى قوله تعالى: (يمنون عليك أن أسلموا، قل لا تمنوا علي إسلامكم، بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين) الحجرات: 17([6]رأينا الربط واضحاً في الآية الأولى بين الإسلام والإيمان، ورأينا الربط  واضحاً في الآية الثانية بين الإسلام كإيمان أولي بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، والإيمان كإيمان ثان بالهدى والحق والرسل والكتب السماوية. وفي الآية الثانية يمنّ الأعراب على الرسول الأعظم أن أسلموا، فيأمره ربه أن يقول لهم: لا تمنوا علي إسلامكم، لماذا؟([7]).يربط شحرور ذلك بمفهوم(الإسلام والإيمان)، باعتبار أنّ هؤلاء الأعراب هم مسلمون لا مؤمنون، ولأن الإسلام هو الفطرة، والفطرة هي الإسلام، فالفطرة التي توحي للنمل أن يدخل مساكنه كيلا تدوسه الأقدام، وتوحي للسلاحف أن تحفر على السواحل لتضع بيوضها، هي ذاتها التي توحي للإنسان أنما إلهه إله واحد. ونقرأ قوله تعالى:(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد، فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) الكهف 110، (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً(… النحل 68،ولما كانت الفطرة من صنع الله الذي فطر الناس عليها، فلا منّة لأحد غيره فيها، وذلك واضح في قوله تعالى:(ولقد مننا عليك مرة أخرى، إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى)  طه: 37، 38،والفطرة لا تحتاج إلى رسالة سماوية، ولا إلى تعليم، لكن الإيمان من حيث هو شعائر، ومن حيث هو سلوك وعمل، يحتاج إلى هداية وتعليم، والفضل فيه لله الذي أرسل الرسل بالهدى ونور الحق، يعلّمون الناس الشعائر التي تقرّب العباد إلى ربهم. وهكذا نفهم أيضاً قوله تعالى عن الذين كفروا بمحمد (صلى الله عليه وسلم)بأن الإسلام هو الحد الأدنى المطلوب من الناس، وذلك في قوله تعالى: (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) الحجر: 22. من هنا نرى أن أركان الإيمان لا  تتضمن التسليم بوجود الله واليوم الآخر والعمل الصالح، فتلك أركان الإسلام- كما أسلفنا - التي يجب أن تتوفر في الإنسان المتقدم من دائرة الإسلام إلى دائرة الإيمان)([8]).

معنى الإيمان في الآيات

يرى الباحث أنّ أكثر استنتاجات شحرور ليست في محلها. فهو يرجع إلى اللغة، إن كانت اللغة ومعاني مفرداتها في صالح رؤيته، ويترك اللغة إن لم تكن تؤيده وتسنده، وحين ذلك يحاول التفسير والتأويل بالسياق، وهذا ما قام به مع الآيات التي ورد فيها لفظ(آمنوا)، فهو يرى مسبقاً أنّ (المؤمن) يختلف عن (المسلم)، ولكن حين نظر أن هناك وصف بالّذين (آمنوا) للّذين سمّاهم هو (المسلمين) فهذا يناقض رؤيته، فرجع وعاد ثم قال إنّ هناك إيمانين، هذا عدا أنّه ابتعد عن المعنى اللغوي (لآمنوا) المكررة، والذي يعني (صدِّقوا): فحين يقول الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) النساء: 136، يقول الطبري في تفسير الآية الكريمة:"يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بِمَنْ قَبْلَ مُحَمَّدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَصَدَّقُوا بِمَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) النساء: 136) يَقُولُ: "صَدِّقُوا بِاللَّهِ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولِهِ، أَنَّهُ لِلَّهِ رَسُولٌ مُرْسَلٌ إِلَيْكُمْ وَإِلَى سَائِرِ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ. (وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ) يَقُولُ: وَصَدَّقُوا بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ الْقُرْآنُ. (وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ)، يَقُولُ: "وَآمِنُوا بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ قَبْلِ الْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ"([9]).

ثم يعقّب:"فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا وَجْهُ دُعَاءِ هَؤُلَاءِ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكُتُبِهِ وَقَدْ سَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ؟ قِيلَ: إِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يُسَمِّهِمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّمَا وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا، وَذَلِكَ وَصْفٌ لَهُمْ بِخُصُوصٍ مِنَ التَّصْدِيقِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا صِنْفَيْنِ: أَهْلَ تَوْرَاةٍ مُصَدِّقِينَ بِهَا وَبِمَنْ جَاءَ بِهَا، وَهُمْ مُكَذِّبُونَ بِالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا؛ وَصِنْفٌ أَهْلُ إِنْجِيلٍ وَهُمْ مُصَدَّقُونَ بِهِ وَبِالتَّوْرَاةِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ، مُكَذِّبُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفُرْقَانِ. فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، يَعْنِي: بِمَا هُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ مِنَ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}: مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،{وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ}، [فَإِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَجِدُونَ صِفَتَهُ فِي كُتُبِكُمْ {وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ}النساء: 136]، الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَكُونُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ وَأَنْتُمْ بِمُحَمَّدٍ مُكَذِّبُونَ، لِأَنَّ كِتَابَكُمْ يَأْمُرُكُمْ بِالتَّصْدِيقِ بِهِ وَبِمَا جَاءَكُمْ بِهِ، فَآمِنُوا بِكِتَابِكُمْ فِي اتِّبَاعِكُمْ مُحَمَّدًا، وَإِلَّا فَأَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ. فهَذَا وَجْهُ أَمْرِهِمْ بِالْإِيمَانِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ، بَعْدَ أَنْ وَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الدِّينُ آمَنُوا}، وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}النساء: 136، فَإِنَّ مَعْنَاهُ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَجْحَد نُبُوَّتَهُ، فَهُوَ يَكْفُرُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، لِأَنَّ جُحُودَ الشَّيْءِ مِنْ ذَلِكَ بِمَعْنَى جُحُودِهِ جَمِيعَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِيمَانُ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ إِلَّا بِالْإِيمَانِ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ، وَالْكُفْرُ بِشَيْءٍ مِنْهُ كُفْرٌ بَجَمِيعِهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}النساء: 136 بِعَقِبِ خِطَابِهِ أَهْلَ الْكِتَابِ، وَأَمْرِهِ إِيَّاهُمْ بِالْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَهْدِيدًا مِنْهُ لَهُمْ، وَهُمْ مُقِرُّونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، سِوَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْفُرْقَانِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}النساء: 116، فَإِنَّهُ يَعْنِي: فَقَدْ ذَهَبَ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ، وَجَارَ عَنْ مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ إِلَى الْمَهَالِكِ ذَهَابًا وَجَوْرًا بَعِيدًا، لِأَنَّ كُفْرَ مَنْ كَفَرَ بِذَلِكَ خُرُوجٌ مِنْهُ عَنْ دِينِ اللَّهِ الَّذِي شَرَعَهُ لِعِبَادِهِ، وَالْخُرُوجُ عَنْ دِينِ اللَّهِ: الْهَلَاكُ الَّذِي فِيهِ الْبَوَارُ، وَالضَّلَالُ عَنِ الْهُدَى هُوَ الضُّلَالُ"([10]).
فهل يرى شحرور أنّ من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من(المسلمين من أهل الكتاب) {قَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}، كما في الآية، وهل من ضل ضلالاً بعيداً يعدّ من الّذين {لاخوف عليهم ولاهم يحزنون)؟!! أم يجد تأويلاً ومخرجاً لذلك؟!
والقول في الآية الثانية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}الحديد:28، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ: التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، خَافُوا اللَّهَ بِأَدَاءِ طَاعَتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ، وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"([11]). وَقَوْلُهُ: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}، أيْ: يُعْطِكُمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْأَجْرِ لِإِيمَانِكُمْ بِعِيسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَنْبِيَاءِ قَبْلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِيمَانِكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ([12]). فهنا خاطب الله الذين آمنوا ويقصد به أهل الكتابين، وهذا يناقض مبدأه الأساسي من أنّ الذين آمنوا هم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم. و(آمنوا) في الآية الثالثة: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ}محمد:2، يقصد بهم:المؤمنون من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، على حدّ قول شحرور!، وآمنوا بما نزل على محمد يعني: "وَالَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ، وَعَمِلُوا بِطَاعَتِهِ، وَاتَّبَعُوا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَصَدَّقُوا بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، مَحَا اللَّهُ عَنْهُمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ سَيِّئَ مَا عَمِلُوا مِنَ الْأَعْمَالِ، فَلَمْ يُؤَاخِذْهُمْ بِهِ، وَلَمْ يُعَاقِبْهُمْ عَلَيْهِ، وَأَصْلَحَ شَأْنَهُمْ وَحَالَهُمْ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ أَوْلِيَائِهِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِأَنْ أَوْرَثَهُمْ نَعِيمَ الْأَبَدِ وَالْخُلُودَ الدَّائِمَ فِي جِنَانِهِ"([13]). فآمنوا الثانية هو التصديق.

نظرة شحرور إلى الإسلام والإيمان تنقصها الدقة وتتسم بالتخبط

لو كان كلام شحرور محكماً، ونفي الترادف عنده عاماً ومطرداًدون استثناء،وبالنحو الّذي قاله لما جاز له أن يفسر (آمنوا) بمعنيين مختلفين، فالمفروض - بحسب رؤيته - أن يقول الله تعالى:ياأيها الّذين أسلموا، لا يا أيّها الّذين آمنوا!! وبما أن شحرور يكيل بمكيالين، فهو حين يقف عند آيات في (سورة الحجرات) عن(الأعراب)، يرجع إلى مبدئه السابق من اختلاف الإيمان والإسلام.والآيات هي: {قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ. قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}الحجرات:14-17.
 فهل حقاً أنّ الأعراب هم مسلمون، بالمعنى الشحروري؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فهل هذاالإسلام يكفي؟ وما مهمة الرسول إذاً؟ ولماذا لم يتركهم وشأنهم؟! ولماذا وصفهم القرآن بأوصاف الكفر والنفاق؟! وإذا كان الإسلام هو الحد الأدنى، فما فائدة وجود الرسالة والرسول إن كان الإيمان في النهاية عبارة عن فضل وزيادة خير فقط؟! ويقبل الله الإسلام -بمعناه الشحروري- كحدّ أدنى!  فلننظر ماذا يقول الله تعالى عن هؤلاء الأعراب، الّذين يسميهم محمد شحرور مسلمين وليسوا بمؤمنين، وذلك استنباطاً من الآيات السابقة، وعلى أساس التفريق بين الإسلام والإيمان،كما في آخر الآيات السابقات.
 ففي آية قرآنية نرى الله تعالى يذمهم، مع أنهم دخلوا دائرة الإسلام،بحسب رؤية شحرور، يقول الله عنهم: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنْ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}التوبة:90، وفي آية أخرى يحثهم على عدم التخلف: {مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ..}التوبة120،  الظاهر أن التخلّف سمة ظاهرة فيهم: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنْ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}الفتح:11، {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمْ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً}الفتح:16، ومنهم أشد كفرا ونفاقاً، ومنهم من يبحث عن فرصة ليتربص بكم الدوائر، ومنهم المؤمن الحق يؤمن بالله واليوم الآخر ويعمل الصالحات، ومن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمْ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}التوبة97-99، ومنهم المنافق: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}التوبة:101.
فالآيات السابقة تدل على أن من بين الأعراب من كان مؤمناً حقاً، ومنهم الأشدّ كفراً ونفاقاً، وأكثرهم يبحثون عن الأعذار، ويتخلّفون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآمنوا بالإسلام ظاهراً ولم يدخل الإيمان في قلوبهم، أي ينقصهم التصديق القلبي، وهو الأساس، كما في الآية التي استشهد بها شحرور، والتي لاتدل علىالإسلام الذي يقصده شحرور. والإيمان الذي يستحق المنّ هو الإيمان القلبي، وليس التسليم الظاهري،إذا تجرّد عن القناعة والتصديق. هذا خلا أنه ليس هناك أدلّة ثابتة تثبت أنّهم ادعوا الإسلام قبل رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يقولوا أسلمنا! فبعد أن ادّعوا الإيمان قالوا هذا الكلام، فأين ادّعاء الشحرور التعسفي؟! فهذا استناد شحرور إلى التأويل وفق مزاجه، وتغييره  للمفاهيم والمصطلحات من دون مراعاة المعايير نفسها، ومن دون مراعاة المنهج الذي يدّعيه؟! وادعاء وجود إيمانين، ويقصد به إيمان الإسلام وإيمان أتباع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كان صادقاً، من جانب، فهو مخالف لما يدعيه هو، من حيث التفريق المقصود المتعمد..

الإيمان ضد الفطرة؟!

الإسلام فطرة، والفطرة لا تحتاج إلى رسالة سماوية ولا إلى تعليم. والادعاء بأن الإسلام-حتى بالمعنى الشحروري- لا يحتاج إلى رسالة سماوية غير صحيح بهذا الإطلاق،  وادعاء أن أركان الإيمان لا  تتضمن التسليم بوجود الله واليوم الآخر والعمل الصالح، ادعاء باطل أيضاً، لأنّ القرآن نصّ على خلاف ذلك: {وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}البقرة:285، {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ}التوبة:18، فالإيمان بالله واليوم الآخر جزء من الأركان التي يجب أن يعتقد بها المؤمن المتابع للرسول صلى الله عليه وسلم.
صحيح أن الإيمان بوجود الله فطرة لدى البشر، ولكن هذه الفطرة لا تتجه بالإنسان، كما يقول شحرور: "بادئ ذي بدء إلى وجود الله الخالق، فيقوده ذلك إلى الاعتقاد بأن لهذا الكون المخلوق نهاية، بعد ذلك يبحث عن الطريق إلى الله، للتعرف إلى ما يريده ربّه منه، فيصدّق بكتبه ورسله التي ترسم له هذا الطريق، ويبدأ بتطبيق الوارد فيها"([14]).فلِمَ إذن الإلحاد؟! ولم إنكار الكتب والرسل واليوم الآخر على مدار الأزمان؟!! وهل الإيمان بهذه الأركان ثبت واقعياًمن دون إرسال الرسل؟ وهل بإمكان الإنسان الإيمان بالله واليوم الآخر، والأعمال الصالحة، التي ذكرها شحرور،من دون الرسالات السماوية، وبصورته الصحيحة؟!
ومن ثم، فمن قال إن فطرية الشيء لا تتضمن تعباً وتكليفاً؟! فكثير ممّا يقوم به الإنسان لخدمة الإنسان والإنسانية فيه بذل جهدٍ وتعبٍ، مع ذلك يفرح به الإنسان ويوافق الفطر السليمة، والسلوكيات الحسنة، والأخلاقيات الحميدة، ومنه ما يتطلب التضحيات،ويحتاج إلى روح معنوية عالية،يتسم بها المؤمن ومن يتصف بالإيمان.. فتعميم القول في أن الإيمان تعب وتكليف، وهذا التعب والتكليف لا يسعد به الإنسان، ومخالف للفطرة الإنسانية، قول باطل لا يصدّقه الواقع الإنساني والاجتماعي والفطر السليمة.ذلك أن التعب والتكليف والفرح والسرور موجود أيضاً، وهذا شيء نسبي يختلف باختلاف قوة الإيمان ودوافع الخير التي تتوقُ إليها النفس الإنسانية المؤمنة.


     ماذا يريد شحرور: المؤمنون هم أتباع محمد صلى الله عليه وسلم أم لا؟!

بعد ذلك توصّلشحرور إلى أنّ: "الإسلام أعمّ من الإيمان، فهو دين عام إنساني لكل أهل الأرض، ولهذا سمّي الدين الإسلامي وليس الدين الإيماني، ولهذا أيضاً قال تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}، وقال: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه}، أما الإيمان فخاص باتباع محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولهذا سمّاهم التنزيل المؤمنين، ولهذا أيضاً سمّي عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، ولم يسمّ أمير المسلمين، وسمّيت زوجات الرسول أمهات المؤمنين وليس أمهات المسلمين. ونخلص إلى أن أركان الإسلام هي: الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح (الأخلاق والمعاملات)، وأن أركان الإيمان هي التصديق بالرسل والرسالات والشعائر والشورى والقتال، وأن الله أخبر رسوله في التنزيل الحكيم بأن كل أهل الأرض لن يكونوا مؤمنين، أيْ من أتباعه، ولا يجوز إكراههم على ذلك بقوله تعالى: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}يونس:99. ومن هنا نفهم الآية التي زعموا أنها تحوي أركان الإيمان، وهي قوله تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير}البقرة 285، هنا نلاحظ قوله (المؤمنون) جاءت بعد (الرسول)، وبما أن أتباع محمد (صلى الله عليه وسلم) هم المؤمنون قال: {والمؤمنون كل آمن …}، وبما أن أركان الإيمان تكاليف ضد الفطرة جاءت الآية التي تليها تقول: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها …}البقرة 286([15]).
ونحن لا ننكر أنّ بعض هذه النتائج صحيحة، ولكن ليس بالفهم الشحروري، فالإسلامبالمعنى الحقيقي أعمّ من الإيمان، لأن الإسلام يتضمن الإيمان،ولأنه قمة الإلتزاموالانقياد التام إذا سبقه الإيمان. والإسلام أعمّ من حيث تضمنه للرسالات السابقة، وعلى أتباع الديانات السابقة اتّباع الإسلام بعد أن يبلغهم، وبعد أن تظهر حقيقته عندهم، وهذا ما ثبت في القرآن. وهذا الإثبات حجة لمن آمن بالقرآن ونصوصه، ولغيرهم كلام آخر..وأمّا أنّ الإيمان خاص بأتباع محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهم المؤمنون، فهذا صحيح، لكن هذه التسمية تطلق على المسلمين السابقين، باعتبارهم آمنوا برسالات الرسل، كما سبق أن ذكرنا آيات في ذلك، وأثبته الشحرور ولكن لغرض آخر. وما يدّعيه شحرور من أركان الإيمان عبارة عن الأركان المذكورة، فهو خلط مقصود من عنده لكي يثبت آراءه، وإلا فإن الأركان المذكورة يمكن تسميتها بالإسلام بمعناه الشمولي، وبعضها من الإيمان بتعريف آخر، وبعضها الآخر أركان الإسلام، أو جزء منها.
ولو تأمل القارئ في قول شحرور، حين يقول: "ومن هنا نفهم الآية التي زعموا أنها تحوي أركان الإيمان وهي قوله تعالى: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير}البقرة:285، هنا نلاحظ قوله المؤمنون جاءت بعد الرسول، وبما أن أتباع محمد (صلى الله عليه وسلم) هم المؤمنون قال:(والمؤمنون كل آمن …)، وبما أن أركان الإيمان تكاليف ضد الفطرة جاءت الآية التي تليها تقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها …) البقرة 286[16].وذلك كي يثبت أن الإيمان تكليف، وأن اللهلا يكلّف نفساً إلا وسعها..ولا شك في أنّ الله لا يكلف الإنسان بما لا يستطيع القيام به، ولا يكلّفه فوق طاقته، لكن مناورة شحرور تدور حول إثبات رؤيته، لا البحث عن الحقيقة، والتوصل إليها.. لماذا هذا الزعم، والآية واضحة في مدلولها،وهو موافق لرأيه، إن كان صادقاً مع نفسه؟! فالله – سبحانه - يقول إن المؤمنين يؤمنون بالمذكورات، والمذكورات واضحات من الآية، إذ الإيمان عند أتباع محمد (صلى الله عليه وسلم)هو ما ذكر في هذه الآية، فلم هذا الانقلاب عن المنهج الذي دافع عنه في طول الكتاب وعرضه!! وبدلاً من الإقرار بالحق، فهو يبحث عن مخرج آخر، وهوإيجاد آية أخرى بعدها، كي يقول ما أراد قوله مسبقاً، وإلا فالآية كفيلة بأن يغيّر رأيه السابق؛ لو كان متبعاً للحق، وباحثاً عن الحقيقة.
وبعد أنْ أوقع شحرور نفسه في بعض التناقض، يحاول حلّه بطريقة يوظّفها لصالح رؤيته المعاصرة، فيقول: "وننتقل بعد أن تبيّن أمامنا الفرق بين الإسلام والإيمان، لإزالة التناقض بين قوله تعالى: {اتقوا الله حق تقاته}، وقوله تعالى: {واتقوا الله ما استطعتم}، يقول تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}آل عمران: 102،{فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لأنفسكم..}التغابن: 16، {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها..}البقرة 286،ونفهم أن التقوى تكليف، ونفهم أن التكليف يتناسب مع الوسع والاستطاعة، ولكن بما أن الاستطاعات تتفاوت من إنسان لآخر، فستأتي التقوى متفاوتة من إنسان إلى آخر، وهذا يتعارض مع الآية الأولى التي تأمر الذين آمنوا بأن يتقوا الله حقّ تقاته، أيْ بغضّ النظر عن الوسع والاستطاعة .. فما المخرج هنا؟والحل ببساطة يكمن في نهاية الآية الأولى، وفي أولها، فهي تبدأ الخطاب موجهاً إلى الذين آمنوا، ولما كنا قد أسلفنا(والقول لشحرور) بوجود إيمانين في التنزيل، فأيهما المقصود هنا؟وتأتي نهاية الآية لتوضيح أن المقصود هم المؤمنون بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، أي المسلمون، أما الآية الثانية فموجهة إلى المؤمنين بمحمد (صلى الله عليه وسلم)، ورسالته، بما فيها من تكاليف. إن المطلوب في تعاليم الإسلام أن تطبق حق تطبيقها كاملة:
أ- فليس هناك إيمان بوجود الله ما استطعنا..
ب- وليس هناك إيمان نبذل فيه كل جهدنا بأن الساعة آتية..
جـ- وليس هناك اجتناب لشهادة الزور، وللغش في المواصفات، على قدر الاستطاعة والوسع، كأن يأتينا من يقول إنه بذل جهده بألا يزني، فلم يستطع، أو إنه حاول وسعه بألا يقتل، فلم يقدر!! فنقول له نحن: أحسنت، لأن الله لا يكلّف نفساً إلا وسعها.
ومن هنا نفهم أننا في القانون الفطري الأخلاقي (أركان الإسلام)، نتقي الله حقّ تقاته، ولهذا ختم الله تعالى الآية بقوله: {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}، أما في أركان الإيمان، فنتقي الله ما استطعنا: {لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها}.. لاحظ الآية قبلها، كيف ذكرت (المؤمنون):{آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون}، فالمريض يعفى من الصوم لأنه لا يستطيعه، والحج مربوط أساساً بالاستطاعة: {من استطاع إليه سبيلا}، والقتال يسقط عمّن لا يستطيعه، والزكاة تسقط عمّن لا مال لديه، والشورى تطبّق بحسب الإمكانيات والتطور التاريخي الموجود، إذ ليس ثمة شورى مطلقة، إنما هناك شورى الإيمان بما هو مطلق، والقتال من أجلها نسبي تاريخي، لأن أركان الإيمان تكاليف غير فطرية، لذا فهي تؤدّى حسب الاستطاعة والوسع([17]).
فتعقيباً على المقاطع الآنفة نقول: إن الآيتين ليس بينهما تناقض، فشحرور هو الّذي أوقع نفسه في التناقض، حين أوجد التفريق بين الإيمان والإسلام بهذه الصورة، ولما لم يجد حلاً لبعض الآيات التي تناقض فكرته، أوجد بعض التراقيع التي لم تستطع حل الإشكال الّذي أوقع نفسه فيه، فأبدع مسألة الإيمانين، وجعل من الإيمان إسلاماً لمعالجة التناقض الذي وقع فيه جرّاء تفريقه التعسفي في بعض الآيات، وإلا فكيف يفسّر (ياأيها الّذين آمنوا) بـ(يا أيها الذين أسلموا؟!) مع إصراره أن المسلمين غير المؤمنين، فلماذا هنا تحولوا إلى مسلمين؟! ولماذا ربط(حق تقاته) بالمسلمين، و(واتقوا الله مااستطعتم) بالمؤمنين؟! فهل صحيح - بحسب الواقع - أنّ المسلمين يتقون الله حقّ تقاته، في أركانه الثلاثة، وبخاصة في تفصيلات العمل الصالح؟! وأنّ المؤمنين بعيدون عن اتّباع أوامر الله، التي سمّاها بالتكاليف الصعبة على النفوس؟! فهل المسلمون - بحسب تعبير شحرور - ملتزمون تمام الالتزام بالعمل الصالح والوصايا العشر؟! هذه الإدعاءات لا يصدّقها الواقع، بل العكس هو الصحيح في أغلب الأوقات، فنجد المؤمنين التزموا أكثر بتلك الواجبات والتكاليف، مع صعوباتها وتعبها ومشقاتها... وبما أن التقوى تكليف، فكيف يطالب به المسلم إسلاماً فطرياً؟! أليس هذا من التكليف، بحسب الفهم الشحروري؟!  ومع ذلك يطالب به مطالبة تامّة! وأن كثيراً من الأعمال الصّالحة تقع ضمن دائرة الإسلام، بمفهومه هو، والتكليف يحتاج إلى بذل جهد ومشقة وصبر وضبط، فكيف يطالبون بتقوى الله حق تقاته؟!! ..
 ففي مثل هذه الإشكاليات يقع شحرور في خطأ، وحين يريد معالجته، يزداد الأمر سوءاً، والخطأ فضاحة؟!
            فما قام به شحرور من تغيير مفهومي الإسلام والإيمان، وإعطاء مضامين جديدة لكليهما، لم يكن موفقاً فيه، وإن بذل جهدا كبيراً في سبيل إثباته، ولا ينفي ذلك أن يكون قد أصاب في بعض جوانبه، ولكنه أخطأ في النهاية، لأنه حاول بكل ما أوتي من حصافةليَّ النصوص تبعاً لما قرّره مسبقاً.. وما توصل إليه من نتائج، لا تطمئن إليها القلوب إلا في جزئيات هامشية. وقد وقع، فيما سمّاه هو بأركان الإيمان والإسلام، في أخطاء لا نخصها بالدِّراسة هنا.. أمّا العمل الصالح، وعدّه ضمن أركان الإسلام والإيمان،فلا نختلف معه كثيراً، من حيث وجوده في الأدلة الشرعية، لكننا نخالف تصنيفه، وبعض توظيفاته،عدا أنّ العمل الصالح جزء من الإسلام والإيمان، بالمعنى المعروف، وهو مكمّل للإيمان، وجزء منه، وثمرة له، على خلاف معروف بهذا الصدد. واعتبار العمل الصالح من الإسلام - بالمعنى الشحروري - لا يخرجه من كونه جزءاً من الإسلام، بالمعنى المعروف، فلا فائدة يذكر من هذا التصنيف، لأن المسلمين أتباع الرسول يؤمنون بذلك، ويعدّونه جزءاً من إسلامهم، فهل يؤمن به الإسلام الشحروري من أتباع الديانات الأخرى؟!!
وقبل أن ننهي الحديث عن مصطلح الإيمان، والمؤمنين، لدى شحرور، نلقي نظرة على دلالة الإيمان في اللغة والقرآن، وما استنبطه العلماء.. وبتتبع المعاجم العربية نتوصل إلى أنّ المعنى اللغوي لـ(الإيمان)، والّذي أخذ من:(أمن)، هو: التصديق، وضد الخوف، ونقيض الْخِيَانَةِ والكفر([18]). والملاحظ أن الآيات التي ورد فيها لفظ(أمن)، وصيغها([19])، لاتخرج عن المعاني السابقة المذكورة في اللغة، فهو إما بمعنى التصديق والاعتقاد، وإما بمعنى الأمن، وضدّه الخوف. وإمّا بمعنى الأمانة، ونقيضها الخيانة. مع التنبيه إلى أن الله تعالى ذكر مع الإيمان، ومع الذين آمنوا، أوصافاً للإيمان وللمؤمنين، وغير المؤمنين، سلباً وإيجاباً.
يذكر (الأصفهاني) بعض المعاني الاصطلاحية، والتوظيفات المتعددة لـ(آمن)، ومشتقاته، في القرآن، فيقول:"الإيمان يستعمل تارة اسماً للشريعة التي جاء بها محمّد عليه الصلاة والسلام، وعلى ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى}المائدة: ٦٩، ويوصف به كلّ من دخل في شريعته مقرّاً بالله وبنبوته. قيل([20]): وعلى هذا قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ}يوسف: ١٠٦.وتارة يستعمل على سبيل المدح، ويراد به إذعان النفس للحقّ على سبيل التصديق، وذلك باجتماع ثلاثة أشياء: تحقيق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بحسب ذلك بالجوارح، وعلى هذا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ}الحديد: ١٩. ويقال لكلّ واحد من الاعتقاد، والقول الصدق، والعمل الصالح: إيمان. قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}البقرة: ١٤٣، أي: صلاتكم، وجعل الحياء وإماطة الأذى من الإيمان. قال تعالى: {وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ}يوسف: 17، قيل: معناه: بمصدّق لنا، إلا أنّ الإيمان هو التصديق الذي معه أمْن، وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}النساء: ٥١،فذلك مذكور على سبيل الذمّ لهم، وأنه قد حصل لهم الأمن بما لا يقع به الأمن، إذ ليس من شأن القلب- ما لم يكن مطبوعاً عليه- أن يطمئن إلى الباطل، وإنما ذلك كقوله: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}النحل:١٠٦. ثم يشير إلى أنّ أصل الإيمان ستة...([21]).والمعاني السابقة، التي ذكرها الأصفهاني،تأكيد للمعاني اللغوية، مع إعطاء صبغة اصطلاحية للإيمان والمؤمن، وإطلاقه على الشريعة، ودين الإسلام، المتمثل بخاتم الأنبياء.



المبحث الثالث

الإسلام والإيمان بين الترادف التباين

في هذا المبحث نحاول أن نجد الفرق بين الإيمان والإسلام، ونعرض جزءاً مما كتبه علماء الإسلام في هذا الصدد، ثم نلخص آراءهم لنصل إلى نتائج علمية حول الموضوع، فليس الكلام في هذا الموضوع جديداً، بل تكلّم فيه العلماء كثيراً،وقلّما تجد كتاباً بارزاً في علم الكلام أو العقيدة لم يتصدَّ له.ولاشك أن هناك أقوالاً متعددة لعلماء الإسلام عن الفرق بين مصطلحي الإيمان والإسلام، ومن ثم المسلم والمؤمن، والعلاقة بين الإسلام والإيمان؛ التي قد تكون علاقة ترادف، أو  تباين، أو تلازم وتماسك.
(الإيمان) قول وعمل، و(الإسلام) فعل ما فرض على الإنسان أن يفعله، إذا ذكر كل اسم على حدته مضموماً إلى الآخر: فقيل المؤمنون والمسلمون جميعاً أو مفردين، أريد بأحدهما معنى لم يرد بالآخر، وإن ذكر أحد الاسمين شملَ الكلّ وعمّهم. وآخرون يقولون إن الإسلام والإيمان واحد، فقال الله عزوجلّ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}آل عمران: ٨٥، فلو أن الإيمان غيرُه لم يقبل، وقال:{فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ. فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ}الذاريات: ٣٥ - ٣٦.. ومنهم من ذهب إلى أن الإسلام مختص بالاستسلام لله والخضوع له، والانقياد لحكمه فيما هو مؤمنٌ به، كما قال: {قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}الحجرات: ١٤، وقال: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ}الحجرات: ١٧، وهذا أيضاً دليل على أنهما واحدٌ([22]). 
  ويوضح ابن تيمية رحمه الله هذا الأمر أكثر، إذ يرى أن (الإسلام) هُوَ الْأَعْمَال الظَّاهِرَة: الشَّهَادَتَانِ، وَالصَّلَاةُ، وَالزَّكَاةُ، وَالصِّيَامُ، وَالْحَجُّ. وَ(الإيمان) مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ الإيمان بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ([23]). وفي زاوية أخرى أشارابن تيمية إلى أنّ الْجُمْهُور مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ يرون أن هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وُصِفُوا بِالإسلام دُونَ الإيمان قَدْ لَا يَكُونُونَ كُفَّارًا فِي الْبَاطِنِ، بَلْ مَعَهُمْ بَعْضُ الإسلام الْمَقْبُولِ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: الإسلام أَوْسَعُ مِنْ الإيمان، فَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا. ويستدلّون بأدلّة من القرآن والسنّة([24]).ويرى أَنَّ الْقَلْبَ إذَا صَلَحَ بِالإيمان؛ صَلَحَ الْجَسَدُ بِالإسلام، وَهُوَ مِنْ الإيمان...([25])، فَجَعَلَ (الدِّينَ) هُوَ الإسلام وَالإيمان وَالْإِحْسَان. فَتَبَيَّنَ أَنَّ دِينَنَا يَجْمَعُ الثَّلَاثَةَ، لَكِنْ هُوَ دَرَجَاتٌ ثَلَاثٌ: (مُسْلِمٌ)، ثُمَّ (مُؤْمِنٌ)، ثُمَّ (مُحْسِنٌ)([26]).ويرى، مستنداً إلى أدلة سبق أن ذكرها، أَنَّ الإسلام دَاخِلٌ فِي الإيمان، فَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَكُونَ مُسْلِمًا، كَمَا أَنَّ الإيمان دَاخِلٌ فِي الْإِحْسَانِ، فَلَا يَكُونُ مُحْسِنًا حَتَّى يَكُونَ مُؤْمِنًا([27]). لكن المعادلة قد تنعكس، وبخاصّة اذا اعتبر أن الإسلام - بمعناه الواسع الحقيقي - يتضمن الإيمان والانقياد، فبهذا الاعتبار الإسلام أفضل وأوسع، لأنه يتضمن الإيمان.
ويذكر ابن تيمية أن اسْم الإيمان، تَارَةً يُذْكَرُ مُفْرَدًا غَيْرَ مَقْرُونٍ بِاسْمِ الإسلام، وَلَا بَاسِمِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلَا غَيْرِهِمَا، وَتَارَةً يُذْكَرُ مَقْرُونًا، وَكَذَلِكَ ذُكِرَ الإيمان مَعَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ([28]). فهُنَاك الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ، بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ مِنْ الإيمان. فَلَمَّا ذَكَرَ الإيمان مَعَ الإسلام؛ جَعَلَ الإسلام هُوَ الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ: الشَّهَادَتَانِ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ. وَجَعَلَ الإيمان مَا فِي الْقَلْبِ مِنْ الإيمان بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَإِذَا ذُكِرَ اسْمُ الإيمان مُجَرَّدًا؛ دَخَلَ فِيهِ الإسلام وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ([29]). وبهذا الاعتبار فتعريف الإسلام عنده هُوَ: "الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ بِفِعْلِ كُلِّ طَاعَةٍ وَقَعَتْ مُوَافِقَةً لِلْأَمْرِ". و"الإيمان أَعْظَمُ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ الإسلام". وَاسْمُ الإسلام: "شَامِلٌ لِكُلِّ طَاعَةٍ انْقَادَ بِهَا الْعَبْدُ لِلَّهِ؛ مِنْ إيمَانٍ وَتَصْدِيقٍ وَفَرْضٍ سِوَاهُ وَنَفْلٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ التَّقَرُّبُ بِفِعْلِ مَا عَدَا الإيمان مِنْ الطَّاعَاتِ، دُونَ تَقْدِيمِ فِعْلِ الإيمان"([30]).
وهذا يعني أن هناك عموماً وخصوصاً بين الإسلام والإيمان، لكن الأبرز في مفهوم الإسلام الالتزام بالطاعات الظاهرة، والاستسلام لأوامر الله تعالى، وعلى وجود تداخل بينهما، بحسب السياق المستعمل.
            ولكن بصورة عامة فالإيمان أخص من الإسلام، كما يقول ابن كثير عن هذه الآية: {قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}الحجرات: ١٤، "قوله تعالى منكراً على الأعراب الذين أول ما دخلوا في الإسلام ادعوا لأنفسهم مقام الإيمان، ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم بعد"([31]). ويستنبط منها:"أن الإيمان أخص من الإسلام، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، ويدل عليه حديث جبريل عليه السلام، حين سأل عن الإسلام، ثم عن الإيمان، ثم عن الإحسان، فترقى من الأعم إلى الأخص، ثم للأخص منه"([32]).  وهذا ما دفع بالعلماء إلى القول بأنّ هناك فرقاً وتبايناً بين الإيمان والإسلام من جهة، وهما - من جهة أخرى - اسمان لمعنى واحد([33]).
وتأكيداً على المعنى السابق، يرى ابن رجب الحنبلي أنّ اسْم الإسلام وَالإيمان: إِذَا أُفْرِدَ أَحَدُهُمَا، دَخَلَ فِيهِ الْآخَرُ، وَدَلَّ بِانْفِرَادِهِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِانْفِرَادِهِ، فَإِذَا قُرِنَ بَيْنَهُمَا، دَلَّ أَحَدُهُمَا عَلَى بَعْضِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ، وَدَلَّ الْآخَرُ عَلَى الْبَاقِي. وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْمَعْنَى جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ.وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا الْخَطَّابِيُّ فِي كِتَابِهِ (مَعَالِمِ السُّنَنِ)، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ بَعْدِهِ. ويأتي بأحاديث في ذلك. ويذكر ابن رجب أيضاً أن أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، وَصَنَّفُوا فِي ذَلِكَ تَصَانِيفَ مُتَعَدِّدَةٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ جُمْهُورَ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْكِي عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ نُقِلَ هَذَا التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ.وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَزُولُ الِاخْتِلَافُ، فَيُقَالُ: إِذَا أُفْرِدَ كُلٌّ مِنَ الإسلام وَالإيمان بِالذِّكْرِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ، وَإِنْ قُرِنَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ. وَالتَّحْقِيقُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الإيمان هُوَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ، وَإِقْرَارُهُ، وَمَعْرِفَتُهُ، وَالإسلام: هُوَ اسْتِسْلَامُ الْعَبْدِ لِلَّهِ، وَخُضُوعُهُ، وَانْقِيَادُهُ لَهُ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْعَمَلِ، وَهُوَ الدِّينُ، كَمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الإسلام دِينًا، وَفِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإسلام وَالإيمان وَالْإِحْسَانَ دِينًا، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الِاسْمَيْنِ إِذَا أُفْرِدَ دَخَلَ فِيهِ الْآخَرُ، وَإِنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ قُرِنَ أَحَدُ الِاسْمَيْنِ بِالْآخَرِ. فَيَكُونُ حِينَئِذٍ الْمُرَادُ بِالإيمان: جِنْسَ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ، وَبِالإسلام جِنْسَ الْعَمَلِ. وَمِنْ هُنَا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ: كُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ، فَإِنَّ مَنْ حَقَّقَ الإيمان، وَرَسَخَ فِي قَلْبِهِ، قَامَ بِأَعْمَالِ الإسلام([34]).
وكل هذا يعنى أن الإسلام والإيمان قد يترادفان، ولاسيّما من حيث الانقياد والاذعان، ويتباينان من حيث الأفعال الظاهرية. وقد يتضمن أحدهما الآخر، أو يكون بينهما عموم وخصوص بحسب السياق. وهذا خلا المعاني المخصوصة لكل من(الإسلام)، و(الإيمان)، كاستعمال الإيمان للصلاة والدعاء، والإسلام للتسليم والانقياد، وغيرها، مما أُشير إلى بعضها.
وما قيل عن(الإسلام)، ينطبق إلى حدما على (المسلم) و(المؤمن). فكل مؤمن مسلم، أما كون كل مسلم مؤمناً فمحل اختلاف، فقد يكون صحيحاً ومتلازماً، وقد يكون متابيناً ومختلفاً. فإذا ورد  لفظا الإسلام والإيمان منفردين ومفترقين، فالعلاقة بينهما علاقة الترادف، ويقصد بهما الدين كله،من دون فرق بينهما. ولكن إذا وردا معاً،وفي سياق واحد، فالعلاقة علاقة تمايز وتغاير وتباين، مع وجود روابط متصلة بينهما. فحينئذٍ، وفي هذه الحالة، الإيمان يرتبط بالتصديق والأعمال القلبية؛ من الإيمان بالله تعالى، وغيرها من أعمال القلوب. وأمّا الإسلام: فيراد به الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ، بِفِعْلِ كُلِّ طَاعَةٍ ظاهرة وَقَعَتْ مُوَافِقَةً لِلْأَمْرِ، سواءً صحبها الإيمان القلبي،أو لم يصحبها، فيكون صاحبها إما مؤمناً كامل الإيمان، أو ضعيف الإيمان، أو منافقاً.
وهناك نوع من الإتفاق بين علماء الإسلام في هذه المعاني، مع اختلافات تمليها اللغة والنصوص، فالمعتزلة يقرّرون المعنى اللغوي للإسلام، وأن الإسلام اسم يطلق على الدين الذي نتدين به، مع ذلك لايعدّون كل ما ورد هذا اللفظ في القرآن حقيقياً، بل أحياناً يعدّونه مجازاً على المعنى اللغوي المعهود. ولهذا نجد أنهم لايفرِّقون بين الإسلام والإيمان بالمعنى الحقيقي للمصطلحين؛ فالإسلامإيمان والإيمان اسلام، حقيقة لا مجازاً.   
بعد أن يورد القاضي عبدالجبار انتقال بعض الأسماء في اللغة إلى معانٍ شرعية، مثل الصلاة والصوم والزكاة، وجواز هذا الانتقال عنده، وأنه موجود ثابت، وأن المؤمن جعل بالشرع اسماً لمن يستحق التعظيم والإجلال، فكذلك:(المسلم) جعل بالشرع اسماً لمن يستحق المدح والتعظيم، حتى لافرق بينهما إلا من جهة اللفظ. لأن لفظ(مسلم) لم يبق - بحسب رأيه - على ما كان عليه في الأصل، لأن الكافر المنقاد للغير لايسمّى مسلماً، ولا يطلق على النائم والساهي، لأن الانقياد غير مقصود منهما، ولكان يجب أن لايسمّى الآن بهذا الاسم إلا المشتغل به، دون من سبق منه الإسلام([35]).
ويرى القاضي المساواة بين المسلم والمؤمن بالمعنى الإصطلاحي. فعن قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ. فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ}الذاريات: ٣٥ – ٣٦، يقول: فلو لم يكن أحدهما هو الآخر، لكان لايصح على الاستثناء على هذا الوجه..([36]).والقاضي يحاول أن يثبت في كتبه أن:(الإسلام) و(الإيمان)، بالمعنى الحقيقي، ليس بينهما فرق، ولهذا يردّ كثيراً على مخالفيه، فيقول في مكان آخر:"وربما قيل في قوله تعالى: {قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}الحجرات: ١٤، أفليس قد ميّز بين الإيمان والإسلام؟ وجوابنا أن الإسلام في اللغة هو الاستسلام والانقياد، وذلك ليس بإسلام في الدين على الحقيقة، ولذلك قال: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ}، ومن يكون مسلماً في الحقيقة فقد دخل الإيمان قلبه، ولذلك قال بعده: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ}الحجرات: ١٥، فبيّن تعالى أنّ الاعراب لم يكونوا كذلك، بل كذبوا في قولهم آمنا"([37]).
            والزمخشري يوافق القاضي في التفرقة بين المعنيين في الآية،ولكن بتعريف مغاير للإسلام، ولا يسميه مجازياً. فهو يرى أن: (الإيمان) هو التصديق مع الثقة وطمأنينة النفس. والإسلام: الدخول في السلم، والخروج من أن يكون حرباً على المؤمنين، بإظهار الشهادتين. ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِى قُلُوبِكُمْ}. مع ذلك يتوصل إلى أنّ ما يكون من الإقرار باللسان من غير مواطأة القلب، فهو إسلام، وما واطأ فيه القلب اللسان، فهو إيمان([38]). وهذا يعني أن تعريف الإسلام قد يفسّر بالانقياد الظاهري لأوامر الله تعالى. وهذا لايخالف كثيراً ما أقرّه العلماء الآخرون، فالإسلام يرادف الإيمان: (اعتقاد وقول وعمل)، وما عدا ذلك فهو (إسلام)، أو (مسلم)، بالمعنى المجازي وليس الحقيقي. فكل مؤمن مسلم، وكل مسلم مؤمن، بالمعنى الحقيقي. وقد يطلقالإسلامعلى الإقرار باللسان من غير مواطأة القلب.
            لقد تعددت أقوال العلماء في مسمّى الإسلام، والفرق بينه وبين الإيمان، كما قلنا، ومن هؤلاء الأشاعرة، فحدّ الإسلام عند (ابن فورك): "هو الاستسلام، فكلّ إيمانٍ إسلامٌ، وليس كلُّ إسلامٍ إيماناً، لمّا لم يكن كلُّ إسلامٍ تصديقاً"([39]). وذلك أن الإيمان تصديق القلب، ولكن الإسلام قد يكون استسلاماً ظاهرياً، ليس معه الإيمان القلبي، كما أكّد ذلك (الباقلاني) بقوله:"كل إيمان إسلام، وليس كل إسلام إيماناً، لأن معنى الإسلام الانقياد، ومعنى الإيمان التصديق، ويستحيل أن يكون مصدق غير منقاد، ولا يستحيل أن يكون منقاد غير مصدق؛ وهذا كما يقال: كل نبي صالح، وليس كل صالح نبياً. ويدل على صحة هذه الجملة قوله تعالى: {قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}الحجرات: ١٤، فنفى عنهم الإيمان، وأثبت أن ذلك منهم إسلام لا إيمان. وأيضاً: قوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ}الحجرات: ١٧، فغاير بين الإسلام والإيمان. ويدلّ على صحة هذا القول أيضاً أن الرسول عليه السلام فرّق، هو وجبريل، بين الإسلام والإيمان، حين سأله، فقال له: ما الإيمان؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، حلوه ومره، فقال جبريل عليه السلام: صدقت. والمراد بجميع ذلك أن: تصدق بالله ورسوله، إلى آخر ما ذكر، ثم قال له: فما الإسلام؟ فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت، وتغتسل من الجنابة، وهذا واضح في كونهما غيرين، وأن محل الإيمان القلب، وهو التصديق، ومحل الإسلام الجوارح. وهذا الحديث يقوّي لك جميع ما ذكرت لك"([40]). فالإسلام عند (الباقلاني) الانقياد، ولهذا أن كل إيمان إسلام، وليس كل إسلام إيماناً، فهناك تغاير بين الإسلام والإيمان. وبصورة عامة فإن محل الإسلام الجوارح.
وفي الفرق بين الإيمان والإسلام، وما بينهما من الاتصال، ينقل (الغزالي) الاختلاف في أن الإسلام هو الإيمان، أو غيره. وإن كان غيره، فهل هو منفصل عنه، يوجد من دونه، أو مرتبط به، يلازمه؟ فقيل إنهما شيء واحد، وقيل إنهما شيئان لا يتواصلان، وقيل إنهما شيئان، ولكن يرتبط أحدهما بالآخر. وهذه ثلاثة مباحث، على حدّ قول الغزالي: بحث عن موجب اللفظين في اللغة، وبحث عن المراد بهما في إطلاق الشرع، وبحث عن حكمهما في الدنيا والآخرة([41]). والبحث الأول لغوي، والثاني تفسيري، والثالث فقهي شرعي. ففي موجب اللغة، والحق فيه أن الإيمان عبارة عن التصديق، والإسلام عبارة عن التسليم والاستسلام، بالإذعان والانقياد، وترك التمرد والإباء والعناد. وللتصديق محل خاص، وهو القلب، واللسان ترجمان. وأما التسليم، فإنه عام في القلب واللسان والجوارح؛ فإن كل تصديق بالقلب فهو تسليم وترك الإباء والجحود، وكذلك الاعتراف باللسان، وكذلك الطاعة والانقياد بالجوارح. فموجب اللغة أن الإسلام أعمّ، والإيمان أخصّ، فكان الإيمان عبارة عن أشرف أجزاء الإسلام، فإذن كل تصديق تسليم، وليس كل تسليم تصديقاً([42]).
أما عن إطلاق الشرع، فيرى الغزالي أن الحق فيه أن الشرع قد ورد باستعمالهما على سبيل الترادف والتوارد، وورد على سبيل الاختلاف، وورد على سبيل التداخل. أما الترادف([43])، ففي قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ. فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ}الذاريات: ٣٥ – ٣٦، ولم يكن بالاتفاق إلا بيت واحد، وقال تعالى: {يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ}يونس: ٨٤، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الإسلام على خمس، وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة عن الإيمان فأجاب بهذه الخمس. وأما الاختلاف، فقوله تعالى: {قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}الحجرات: ١٤، ومعناه استسلمنا في الظاهر([44])، فأراد بالإيمان ههنا: التصديق بالقلب فقط، وبالإسلام الاستسلام ظاهراً باللسان والجوارح..([45]).
وأما التداخل،فيرى الغزالي أن هناك أدلة ما تثبت ذلك، منها: ما روي أنه سئل فقيل: أي الأعمال أفضل، فقال صلى الله عليه وسلم:الإسلام، فقال: أي الإسلام أفضل، فقال صلى الله عليه وسلم: الإيمان. وهذا دليل على الاختلاف، وعلى التداخل، وهو أوفق الاستعمالات في اللغة، لأن الإيمان عمل من الأعمال، وهو أفضلها، والإسلام هو تسليم إما بالقلب وإما باللسان وإما بالجوارح، وأفضلها الذي بالقلب، وهو التصديق الذي يسمى إيماناً([46]).
 ويرى الغزالي أن الاستعمال لهما على سبيل الاختلاف، وعلى سبيل التداخل، وعلى سبيل الترادف، كله غير خارج عن طريق التجوز في اللغة. أما الاختلاف، فهو أن يجعل الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب فقط، وهو موافق للغة.والإسلام عبارة عن التسليم ظاهراً، وهو أيضاً موافق للغة.فإن التسليم ببعض محال التسليم، يطلق عليه اسم التسليم، فليس من شرط حصول الاسم عموم المعنى لكل محل يمكن أن يوجد المعنى فيه، فإن من لمس غيره ببعض بدنه، يسمّى لامساً وإن لم يستغرق جميع بدنه، فإطلاق اسم الإسلام على التسليم الظاهر، عند عدم تسليم الباطن، مطابق للسان. وعلى هذا الوجه جرى قوله تعالى: {قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}الحجرات: ١٤، وقوله صلى الله عليه وسلم، في حديث سعد أو مسلم، لأنه فضل أحدهما على الآخر، ويريد بالاختلاف تفاضل المسمّيّين.
 وأما التداخل، فموافق أيضاً للغة في خصوص الإيمان، وهو أن يجعل الإسلام عبارة عن التسليم بالقلب والقول والعمل جميعاً. والإيمان عبارة عن بعض ما دخل في الإسلام وهو التصديق بالقلب. وهو الذي عنيناه(والكلام للغزالي) بالتداخل. وهو موافق للغة، في خصوص الإيمان، وعموم الإسلام للكل. وعلى هذا خرج قوله (الإيمان)، في جواب قول السائل أي الإسلام أفضل، لأنه جعل الإيمان خصوصاً من الإسلام، فأدخله فيه. وأما استعماله فيه على سبيل الترادف، بأن يجعل الإسلام عبارة عن التسليم بالقلب والظاهر جميعاً، فإن كل ذلك تسليم. وكذا الإيمان، ويكون التصرف في الإيمان على الخصوص بتعميمه وإدخال الظاهر في معناه، وهو جائز، لأن تسليم الظاهر بالقول والعمل، ثمرة تصديق الباطن، ونتيجته. وقد يطلق اسم الشجر ويراد به الشجر مع ثمره، على سبيل التسامح. فيصير بهذا القدر من التعميم مرادفاً لاسم الإسلام، ومطابقاً له، فلا يزيد عليه ولا ينقص، وعليه خرج {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ}الذاريات: ٣٦([47]).
وهذا يعني أن الإسلام عند الغزالي عبارة عن التسليم والاستسلام، بالإذعان والانقياد، وترك التمرد والإباء والعناد. مع أن التسليم عام في القلب واللسان والجوارح، فإن كل تصديق بالقلب، فهو تسليم وترك الإباء والجحود، وكذلك الاعتراف باللسان، وكذلك الطاعة والانقياد بالجوارح. فموجب اللغة عند الغزالي أن الإسلام أعم، والإيمان أخص، فكل تصديق تسليم، وليس كل تسليم تصديقاً.فعبّر بالإسلام عن تسليم الظاهر بالقول والعمل. والإسلام أيضاً تسليم إما بالقلب وإما باللسان وإما بالجوارح، وأفضلها الذي بالقلب، وهو التصديق الذي يسمّى إيماناً.
وممن تناول هذا الموضوع من الأشاعرة العز بن عبدالسلام، فيرى أن الشرع خصّ (الإسلام) بالانقياد إلى الشهادتين باللسان، وقد استعمله الشرع في الانقياد إلى كثير من الطاعات، كالانقياد إلى الدعائم الخمس، وغيرها. ويرى أن الإيمان إذا حمل على التصديق، والإسلام على الدعائم الخمس، فلا عموم بينهما، ولا خصوص. وإن حمل (الإسلام) على الانقياد اللغوي، كان أعمّ من الإيمان، إذ كل مؤمن منقاد، وليس كلّ منقاد مؤمناً، أي مصدِّقاً. وإن حمل الإيمان على التصديق بأعمال الجوارح، فإن حمل الإسلام على الشهادتين، أو الدعائم الخمس، كان الإيمان أعمَّ من الإسلام، وإن حمل الإسلام على الانقياد اللغوي، كان أعمّ من الإيمان. وإن بنينا على الظّاهر من لفظ الإسلام والإيمان، فلا عموم ولاخصوص، فإن الإيمان إذا أطلق حمل على التّصديق بالشهادتين، وإن أطلق على الإسلام حمّل على النطق بالشهادتين، فعلى هذا فلا عموم ولاخصوص في قوله: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ. فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ}الذاريات: ٣٥ – ٣٦، لأن الظاهر من هذا الإيمان أنه التصديق بالقلب. ومن هذا الإسلام: أنه النّطق باللسان. وإن حمل الإيمان على التصديق، والإسلام على الانقياد إلى كل طاعة، وهو خلاف الظّاهر، كان الإسلام أعمّ([48]).
هؤلاء العلماء،الّذين يصنّفون ضمن الأشاعرة، لايبتّون بتعريف معين، وإنما ينظرون إلى السياق والمقام، وما قيل فيه، فيصنّفون ويفصّلون على أساسه. فيعتبرون للمعنى اللغوي، وماجاء في الكتاب والسنة، وفق السياق.فالإسلام عبارة عن تسليم واستسلام وإذعان وانقياد، ويتضمن تسليم القلب واللسان والجوارح. وبهذا الاعتبار، فالإسلام عندهم أعمّ، والإيمان أخصّ، فكل تصديق تسليم، وليس كل تسليم تصديقاً، أو كل مؤمن منقاد، وليس كلّ منقاد مؤمناً.وعبّر بالإسلام عن تسليم الظاهر بالقول والعمل، ويأتي الإسلام بمعنى الانقياد إلى الشهادتين باللسان، وقد استعمله الشرع في الانقياد إلى كثير من الطاعات، أي مصدِّقاً. وقد يكون (الإيمان) أعمّ، إن حمل الإيمان على التصديق بأعمال الجوارح، وحمل الإسلامعلى الشهادتين، أو الدعائم الخمس. وإن بني على الظّاهر من لفظ الإسلام والإيمان، فلا عموم ولاخصوص. والكل له معناه الخاص.
 أما الفرق بين الإيمان والإسلام، وما بينهما من الاتصال، فهناك أقوال، بحسب ورود الأدلة الموجودة، فقيل إنهما شيء واحد، وقيل إنهما شيئان لا يتواصلان، وقيل إنهما شيئان، ولكن يرتبط أحدهما بالآخر. إذاً هناك ترادف وتباين وترابط، مع الاختلاف.أما بالنسبة للإيمان، كمفهوم ومصطلح شرعي معروف في علم العقيدة والكلام، ففيه تفصيل لا مجال لذكره هنا، وإن كان الّذي ذكر له صلته في الموضوع([49])r


الخاتمة

أحمد لله على ماتم انجازه في هذه الدراسة، والكمال لله، فإن أصبت فمن الله وتوفيقه،  وإن أخطأت فتقصير مني، مع أني حاولت الوصول إلى الحق بالطرق العلمية المتاحة لدي. وفيما يأتي عرض موجز لتسجيل أهم نتائجها:
1.         اختراق المصطلحات القرآنية، وتغييرها بصورة عمدية مقصودة،ومن ثم إعادة صياغتها من المباديء الأساسية عند شحرور.وهذا الحكم المسبقأوقعه في التناقض، وليِّ النصوص، أحياناً، والتعسف،أحياناً أخرى.
2.                 أمّا بالنسبة لمصطلح (الإسلام) و(الإيمان)، و(المسلم) و(المؤمن)، لدى شحرور، فإن الباحث يرى أنّه مع الجهد الكبير الّذي بذله، لكن:
أ. منهجيته غير واضحة.
ب. يتلاعب بالمصطلحات، ويعبث بها.
ج. يؤوِّل لصالح رؤيته ما لايمكن تأويله، ولهذا وقع في أخطاء تخالف المنهجية العلمية.
3.         تعريف (الإسلام)، لدى شحرور،بـ"التسليم بوجودالله، وباليوم الآخر، فإذا اقترن هذا التسليم بالإحسان والعمل الصالح، كان صاحبه مسلماً، سواءً أكان من أتباع محمد(الذين آمنوا)، أم من أتباع موسى(الذين هادوا)، أم من أنصار عيسى(النصارى)، أم من أية ملة أخرى غير هذه الملل الثلاث، كالمجوسية، والشيفية، والبوذية(الصابئين).."، ناقصة، وقراءة جزئية أحادية الجانب، لا تؤيدها اللغة والأدلّة القرآنية.
4.         تعريف الإيمان، وإطلاق المؤمن على أتباع محمد (صلى الله عليه وسلم)، قراءة قاصرة أيضاً، ولهذا اضطر إلى إبداع الإيمانين والإنائين، والتأويل، وإيجاد العلاقة بين الإيمان والفطرة، والإسلام والفطرة، بصورة غير دقيقة.
5.         يعمِّم كثيراً، ويصدر أحكاماً عامة من دون تثبت مطلوب، مثل: الإسلام يسبق الإيمان دائماً، وأنّ المجرم هو المقابل للمسلم بإطلاق، ويجعل من الإيمان بمحمد (صلى الله عليه وسلم)،واتّباع الدين الخاتم شيئاً اختيارياً، لأن الحد الأدنى المقبول عند الله هو الإسلام، بفهمه الخاص، وهذا مخالف للآيات القرآنية الصريحة المحكمة، التي تأمر أهل الكتاب، وغيرهم، باتّباع الرسول، والإيمان به.
6.         من معاني مادة: (سلم):السلامة، والعافية، والتحية، والخضوع، والانقياد، والتسليم، وإخلاص الدين لله، وبعد ذلك أطلق على الشريعة التي جاء بها الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، والمعاني الشرعية الأخرى. ومجمل القول لمعنى(الإسلام) في القرآن الكريم: اسم للدين الذي تدين به(دين الأنبياء، واسم للشريعة الخاتمة)، والتوحيد والإخلاص والاستسلام والإقرار، مع معاني الخضوع والإنقياد بصوره المختلفة.
7.         أمّا المعنى اللغوي لـ(أمن)، والّذي أخذ من:(أمن)، هو: التصديق، وضد الخوف، ونقيض الْخِيَانَةِ والكفر. والملاحظ أن الآيات التي ذكرت فيهالفظة أمن، وصيغها،لاتخرج عن المعاني المذكورة في اللغة. مع التنبيه إلى أن الله تعالى ذكر مع الإيمان، ومع الذين آمنوا، أوصافاً للإيمان وللمؤمنين، وغير المؤمنين، سلباً وايجاباً.مع إعطاء صبغة اصطلاحية للإيمان والمؤمن، واطلاقه على الشريعة ودين الإسلام، المتمثل بخاتم الأنبياء، خلا المتضمن لمعنى الإيمان، بالمعنى الكلامي.
8.          الأصل اللغوي لكل من الإيمان والإسلام، مختلف، وهذا من البديهيات، بخلاف الدلالة الاصطلاحية، التي قد تتداخل في بعض جوانبها، من حيث التباين والترادف.
9.         إذا ورد لفظا الإسلام والإيمان منفردين ومفترقين، فالعلاقة بينهما علاقة الترادف، ويقصد بهما الدين كله،من دون فرق بينهما. ولكن إذا وردا معاً،وفي سياق واحد، فالعلاقة علاقة تمايز وتغاير وتباين، مع وجود روابط متصلة بينهما. فحينئذٍ، يرتبط الإيمان بالتصديق والأعمال القلبية؛ من الإيمان بالله تعالى، وغيرها من أعمال القلوب. وأما الإسلام: فيراد به الِاسْتِسْلَامُ لِلَّه،ِ بِفِعْلِ كُلِّ طَاعَةٍ ظاهرة وَقَعَتْ مُوَافِقَةً لِلْأَمْرِ، سواءً صحبها الإيمان القلبي أم لم  يصحبها، فيكون صاحبها إما مؤمناً كامل الإيمان، أو ضعيف الإيمان، أو منافقاً.
10.       الإسلام قد يفسّر بالانقياد الظاهري لأوامر الله تعالى، والِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ بِفِعْلِ كُلِّ طَاعَةٍ ظاهرة وَقَعَتْ مُوَافِقَةً لِلْأَمْرِ، سواءً صحبها الإيمان القلبي أم لم يصحبها، فيكون صاحبها إما مؤمناً كامل الإيمان، أو ضعيف الإيمان، أو منافقاً. وقد يرادف الإيمان(اعتقاد وقول وعمل)، وقد يستخدم(الإسلام)، أو (المسلم)، بالمعنى المجازي وليس الحقيقي.
11.             كل مؤمن مسلم، وكل مسلم مؤمن، بالمعنى الحقيقي. وقد يكونالإسلام عبارة عن  الإقرار باللسان، من غير مواطأة القلب.
12.       وقد تكون دلالة الإسلام أعمّ، إن كان عبارة: عن تسليم واستسلام وإذعان وانقياد،متضمناً تسليم القلب واللسان والجوارح. والإيمان أخصّ. فكل تصديق تسليم، وليس كل تسليم تصديقاً. أو كل مؤمن منقاد، وليس كلّ منقاد مؤمناً.وعبّر بالإسلام عن تسليم الظاهر بالقول والعمل. ويأتي الإسلام بمعنى الانقياد إلى الشهادتين باللسان، وقد استعمله الشرع في الانقياد إلى كثير من الطاعات، أي مصدِّقاً.
13.       قد يكون (الإيمان) أعمّ، إن حمل الإيمان على التصديق بأعمال الجوارح، وحمل الإسلامعلى الشهادتين، أو الدعائم الخمس. وإنْ بني على الظّاهر من لفظ الإسلام والإيمان، فلا عموم ولاخصوص. والكل له معناه الخاص.
14.       وَالتَّحْقِيقُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الإيمان هُوَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ، وَإِقْرَارُهُ، وَمَعْرِفَتُهُ. وَالإسلام: هُوَ اسْتِسْلَامُ الْعَبْدِ لِلَّهِ، وَخُضُوعُهُ، وَانْقِيَادُهُ لَهُ، وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْعَمَلِ. وَهُوَ الدِّينُ، كَمَا سَمَّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الإسلام دِينًا. والإيمان بهذا المعنى: من جِنْس تَصْدِيقِ الْقَلْبِ، وَالإسلام جِنْسَ الْعَمَلِ. ومَنْ حَقَّقَ الإيمان، وَرَسَخَ فِي قَلْبِهِ، قَامَ بِأَعْمَالِ الإسلام.

فهرس المصادر والمراجع
1.          إحياء علوم الدين، الغزالي ، أبو حامد، دار المعرفة، بيروت، د:ط .
2.          أساس البلاغة، الزمخشري، بيروت، لبنان، دارصادر، د:ط، 1399هـ/1979م.
3.          الإسلام والإيمان منظمة القيم، محمد شحرور، الأهالي للطباعة للنشر، دمشق، ط1، 1996.
4.     الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولايجوز الجهل به، الباقلاني، القاضي أبي بكر بن الطيب، ت: محمد زاهد الكوثري، المكتبة الأزهرية للتراث، ط2، 1421ه-2001م.
5.          الإيمان، محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده: ت: علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، بيروت، لبنان، مؤسسة الرسالة، ط2 ،1406.
6.     بناء المفاهيم، مجموعة من الباحثين، العبث بالمفاهيم: دراسة نقدية في الكتاب والقرآن ، السيد عمر، القاهرة، مصر، المعهد العالمي للفكر الإسلامي-دار السلام، ج1، ط1،1429هـ/2008م.
7.          تأويل مشكل القرآن، ت: إبراهيم شمس الدين، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، ط2، 2007م-1428هـ.
8.     التجديد في الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر، مدارسه ومناهجه، إسحاق بن عبد الله السعدي، بحث مقدم للمؤتمر الدولي الأول لقسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم -جامعة الفيوم في الفترة من 27-29/10/1429هـ-27-29/10/2008.
9.          التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه، رمضان عبد التواب، القاهرة، المؤسسة السعودية في مصر، مطبعة المدني، ط4.
10.    تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، ت: سامي بن محمد سلامة،  دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1420هـ - 1999م .
11.    تنزيه القرآن من المطاعن، القاضي، عبدالجبار بن أحمد المعتزلي، دارالنهضة الحديثة – بيروت، 1426هـ- 2005م.
12.    جامع البيان عن تأويل آي القرآن، محمد بن جرير الطبري، ت: عبدالله بن عبدالمحسن التركي، دار هجر للطباعة والنشر، ط1، 1422هـ-2001م
13.  جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم، ابن رجب الحنبلي، زين الدين عبد الرحمن بن أحمد، ت: شعيب الأرناؤوط - إبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7.
14.    الجامع لأحكام القرآن، القرطبي،  ت:  هشام سمير البخاري، الرياض، المملكة العربية السعودية، دار عالم الكتب، د:ط، 1423هـ- 2003م.
15.    الحدود في الأصول، ابن فورك الأصفهاني، الأستاذ أبي بكر محمد بن الحسن، ت: محمد السُليماني، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1999م.
16.    دلالة الألفاظ، إبراهيم أنيس، القاهرة، مصر، مكتبة الأنجلو المصرية، د:ط، 2004م.
17.    شرح أصول الخمسة، القاضي، عبدالجبار بن أحمد المعتزلي،  ت: عبدالكريم عثمان، مكتبة الأسرة، القاهرة، د:ط، 2009م.
18.  الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري، ت: أحمد عبد الغفورعطار، بيروت، لبنان، دار العلم للملايين ، ط4، 1407ه‍/1987م،.ج5.
19.    علم اللغة، علي عبد الواحد وافي، القاهرة، مصر، دار النهضة، ط7.
20.    علم اللغة، محمود السعران، بيروت، لبنان، دار النهضة العربية، د:ط.
21.    الفكر الإسلامي المعاصر، مجموعة من الباحثين، لبنان، منشورات دار المقاصد الإسلامية، ط1،1428 هـ / 2007م .
22.    الفكر الإسلامي تقويمه وتجديده، محسن عبد الحميد، بغداد، العراق، دار مكتبة الأنبار، ط1،1408هـ/1987م.
23.    كتاب اعتقاد أهل السنة، الاسماعيلي، أبوبكر أحمد بن إبراهيم،  ت: جمال عزّون، دار ابن حزم، الرياض، ط1، 1420ه-1999م.
24.    الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد ،دار الكتاب العربي – بيروت، ط3، 1407 هـ.
25.    لسان العرب، ابن منظور، بيروت، لبنان، دار صادر، ط3، 1414هـ.
26.    ليس من الإسلام، محمد الغزالي(د:ت)، قاهرة، دار الشروق، ط6.
27.  مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ت: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية،1995م-1416هـ.
28.    المذهبية الإسلامية والتغيير الحضارى ، محسن عبد الحميد، قطر ، مطابع الدولة الحديثة ، ط1، 1404ه.
29.    المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، الفيومي، أحمد بن محمد بن علي، المكتبة العلمية – بيروت، د:ط، د:ت.
30.    معالم التنزيل في تفسير القرآن، البغوي،  محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود ، ت: محمد عبد الله النمر وآخرون، دار طيبة، ط4، 1417 هـ - 1997م.
31.    معجم مصطلحات الفكر الإسلامي المعاصر دلالاتها وتطورها، فاتح محمد سليمان، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 2012م.
32.    معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، ت: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، ط1، 1399هـ - 1979م .
33.    معنى الإيمان والإسلام، العز بن عبدالسلام، عزالدين عبدالعزيز، ت: إياد خالد الطباع، دار الفكر المعاصر، دار الفكر، دمشق-بيروت، د:ط، د:ت.
34.    المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، ت:صفوان عدنان الداودي، دار القلم، الدار الشامية - دمشق بيروت، ط1، 1412 هـ.
35.  منهج التجديد في الفكر الإسلامي، فاروق النبهان، التجديد في الفكر الإسلامي(ندوة)، محمد إبراهيم الكتاني ومجموعة من الباحثين، السعودية، مؤسسة الملك عبدالعزيز آل سعود والمركز الثقافي العربي، ط 1، 1989م.
36.  منهج تجديد الفكر الإسلامي، عبد الله بن عبدالمحسن التركي، منهج تجديد الفكر الإسلامي، التجديد في الفكر الإسلامي(ندوة)، محمد إبراهيم الكتاني ومجموعة من الباحثين، السعودية، مؤسسة الملك عبدالعزيز آل سعود والمركز الثقافي العربي، ط1، 1989م.
37.    نحو منهج لتنظيم المصطلح الشرعي، هاني محي الدين عطية،  القاهرة، مصر، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1417هـ/1997م.
38.  نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر، ابن الجوزي، جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن، ت:محمد عبد الكريم كاظم الراضي، بيروت، لبنان، مؤسسة الرسالة، ط1،1404هـ/1984م.
39.  النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد، المكتبة العلمية - بيروت، ت:طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي، 1399هـ - 1979م.
40.    الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، هارون بن موسى، ت: حاتم صالح الضامن، بغداد، العراق، وزارة الثقافة والاعلام، دار الحرية للطباعة، د:ط، د:ت
41.   .الوجوه والنظائر لألفاظ كتاب الله العزيز، أبو عبدالله الحسين بن محمد الدّامعاني، ت: عربي عبدالحميد علي، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، ط1، 2003م/1424هـ.
المواقع الألكترونية:
http://www.rasid.com/artc.php?id=15128   - زكي الميلاد لـ«البصائر» الجزائرية: قضايا التجديد الإسلامي، ومستقبل العلاقة بين الإسلام والغرب، شبكة راصد الإخبارية - « أجرى الحوار: الدكتور مولود عويمر من صحيفة «البصائر» الجزائرية » - 23 / 2 / 2007م.
-             البناء الفكري، علي بن عمر بادحدح، جامعة الملك عبد العزيز بجدة، مؤتمر فور شباب العالمي، تحت شعار: بناء وإخاء عن:www.islameiat.com





([1]) الإسلام والإيمان، ص51-52.
([2]) الإسلام والإيمان، ص52.
([3]) الإسلام والإيمان، ص52.
([4]) هكذا عند المؤلف.
([5]) الإسلام والإيمان، ص52-53.
([6]) تمام الآية: {قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (17)}الحجرات:14-17.
([7]) الإسلام والإيمان، ص53.
([8]) الإسلام والإيمان، ص53-54.
[9]تفسير الطبري، ج7، ص594.
[10]المصدر نفسه، ج7، ص594.
[11]تفسير الطبري، ج22، ص434.
[12]المصدر نفسه، ج22، ص435.
[13]المصدر نفسه، ج21، ص180.
[14]الإسلام والإيمان، ص54.
[15]الإسلام والإيمان، ص55-56.
[16]الإسلام والإيمان، ص56.
[17]الإسلام والإيمان، ص56-57.
[18]للتفصيل ينظر: الزمخشري، أساس البلاغة، مصدر سابق،ج1، ص35، وابن فارس، معجم مقاييس اللغة، مصدر سابق، ج1، ص133-13، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري، ت: أحمد عبد الغفورعطار، بيروت، لبنان، دار العلم للملايين ، ط4، 1407ه‍/1987م،.ج5، ص2071،والنهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد، المكتبة العلمية - بيروت، 1399هـ - 1979م، ت:طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي، ج1، ص69، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير، الفيومي، أحمد بن محمد بن علي، المكتبة العلمية – بيروت، د:ط، د:ت، ج1، ص24.
[19]هذا ما توصل إليه الباحث في أطروحته للدكتوراه، بعد ذكر الآيات التي تتعلق بالإيمان، ومشتقاته الأخرى. ينظر: التطور الدلالي لمصطلحات العقيدة لدى الفرق الإسلامية، دراسة مقارنة بين أهل الحديث والمعتزلة والأشاعرة، غير مطبوع.
[20]جعل محمد شحرور من هذا القيل أصلاً وقولاً راجحاً، وهذا غير مستبعد في مثل هذه الأمور، فأحياناً القول المرجوح في التاريخ يتحول إلى الراجح بعد تقويته بالأدلة، ولو أنّ شحرور يورده في سياق رؤيته العامة، والّذي نسجل عليه الملاحظات.
[21]المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، ت:صفوان عدنان الداودي، دار القلم، الدار الشامية - دمشق بيروت، ط1، 1412 هـ ، ص91.
[22]كتاب اعتقاد أهل السنة،الإسماعيلي، أبوبكر أحمد بن إبراهيم،  ت: جمال عزّون، دار ابن حزم، الرياض، ط1، 1420ه-1999م، ص46-47. وفي نفس المدرسة العقدية، بل عند إمامهم.
[23]مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ت: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية،1995م-1416ه ، ج7، ص14.
[24] المصدر نفسه، ج7، ص476.
[25]صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، ص23، ح/50. هذه صيغة الحديث عند البخاري:"هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ"، وعند مسلم:"فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم"، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان، ص36، ح/1.
[26]مجموع الفتاوى، مصدر سابق، ج7، ص10.
[27] المصدر نفسه، ج7، ص155.
[28] المصدر نفسه، ج7، ص13باختصار.
[29] المصدر نفسه، ج7، ص14باختصار.
[30] المصدر نفسه، ج7، ص157.
[31]تفسير القرآن العظيم، مصدر سابق، ج7، ص 389.
[32] تفسير القرآن العظيم، المصدر السابق، ج7، ص389.
[33] ينظر: الإيمان، محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده: ت: علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، بيروت، لبنان، مؤسسة الرسالة، ط2،1406، ج1، ص120-122-123
[34]جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم، ابن رجب الحنبلي، زين الدين عبد الرحمن بن أحمد، ت: شعيب الأرناؤوط - إبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، ج1، ص106-108، باختصار.
[35]شرح الأصول الخمسة، القاضي، عبدالجبار بن أحمد المعتزلي،  ت: عبدالكريم عثمان، مكتبة الأسرة، القاهرة، د:ط، 2009م.، ص705بتصرف.
[36] المصدر نفسه، ص706-707بتصرف.
[37]تنزيه القرآن من المطاعن، القاضي، عبدالجبار بن أحمد المعتزلي، دارالنهضة الحديثة – بيروت، 1426هـ- 2005م، ص492، ص395.
[38]الكشاف، مصدر سابق، ج4، ص 376.
[39]الحدود في الأصول، ابن فورك الأصفهاني، الأستاذ أبي بكر محمد بن الحسن، ت: محمد السُليماني، دار الغرب الإسلامي، ط1، 1999، ص112.
[40]الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولايجوز الجهل به، الباقلاني، القاضي أبي بكر بن الطيب، ت: محمد زاهد الكوثري، المكتبة الأزهرية للتراث، ط2، 1421ه-2001م، ص56.
[41]وهذا ما لانتطرق إليه في دراستنا هذه.
[42]إحياء علوم الدين، الغزالي ، أبو حامد، دار المعرفة، بيروت، د:ط، ج1، ص 116باختصار.
[43]وقيل: الإيمان تصديق القلب، والإسلام الانقياد بالظاهر، فكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمناً، فسماهم في الآية الأولى مؤمنين؛ لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم". الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، ت:  هشام سمير البخاري، الرياض، المملكة العربية السعودية، دار عالم الكتب، د:ط، 1423هـ- 2003م، ج17، ص48.
[44]وهو(الإسلام) الذي يعتبره الأصفهاني دون الإيمان، وهو "الاعتراف باللسان، وبه يحقن الدم، حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل، وإياه قصد بقوله:{قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}الحجرات:١٤".معجم مفردات ألفاظ القرآن، مصدر سابق، ص423.
[45]إحياء علوم الدين، مصدر سابق، ج1، ص 116بتصرف.
[46] المصدر نفسه، ج1، ص 116.
[47] ا إحياء علوم الدين، لمصدر السابق، ج1، ص 117.
[48]معنى الإيمان والإسلام، العز بن عبدالسلام، عزالدين عبدالعزيز، ت: إياد خالد الطباع، دار الفكر المعاصر، دار الفكر، دمشق-بيروت، ص17-19باختصار.
[49]لقد قام الباحث بذكر هذا الموضوع تفصيلاً، مع مقارنة بين الفرق الثلاث، في أطروحته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق