03‏/07‏/2019

آخر الكلام/ المقلب الذي شربه الإخوان!


محمد واني
كنّا نودّ أن نرى عصـراً جديداً من الاستقرار المجتمعي والانفتاح الاقتصادي والسياسي يطلّ على مصر بعد الانتخابات التي جرت في يونيو من عام 2012، والتي فاز فيها الدكتور (محمد مرسي)، ليصبح أوّل رئيس مدني يأتي عن طريق صناديق الاقتراع. ولكن الأحداث بدأت تتّجه نحو التصعيد، والأوضاع تسير إلى الأسوأ، إلى أن توّجت في النهاية بانقلاب عسكري قاده الجنرال (عبدالفتاح السيسي)، الذي أنهى نتائج الانتخابات، وفرض حالة الطوارئ على البلاد!
 لم يمض شهران ونصف على تولّي (مرسي) الحكم حتّى وجّهت إلى سياساته انتقادات شديدة، ونظّمت مسيرات احتجاجية يومية مطالبة بعزله وتنحيته عن الحكم، و"اعترض عليه الصحفيون والليبراليون، واشتكى منه الفنانون، وتوجّس منه الأقباط شرّاً في أن يحوّل مصـر إلى دولة إسلامية يُضطهدون فيها!". أمّا على الصعيد الدولي، فقد
ازدادت مخاوف القوى الدولية المؤثّرة، والشركات الكبرى، من تعرّض مصالحها إلى الخطر نتيجة عدم الاستقرار، وأبدت إسرائيل قلقها من مصير اتّفاقية السلام، رغم أن الرجل أكّد مراراً أن "الاتّفاقات والمعاهدات الدولية التي أبرمت طبقاً للقانون الدولي واجبة الاحترام".
باختصار، تحوّلت السلطة خلال فترة حكم (مرسي) القصيرة إلى كابوس أقضّ مضاجع أصحاب النفوذ والمصالح في الداخل والخارج، ومضاجع الإخوان، أيضاً، وسبّب لهم البؤس والتعاسة، حيث تحوّلوا فجأة ودون سابق إنذار من حكّام إلى محكومين، ومن أصحاب السلطة والنفوذ، إلى نزلاء السجون والمعتقلات؛ حيث نكّل بهم، وطوردوا، وهاموا بوجوههم في أرض الله مهاجرين، وقد صودرت ممتلكاتهم، وهدّمت مقرّاتهم، وحرّمت نشاطاتهم السياسية.
أظن جازماً أن الانتخابات، والعملية الديمقراطية التي جرت، كانت برّمتها خدعة ومصيدة محكمة للإيقاع بتنظيم سياسي وديني (عالمي) مؤثّر، بغية تحجيمه وإنهاء دوره، ولو إلى حين!
كان من السهل أن ينخدع تيار دعوي إصلاحي تقليدي بـ(المقلب المحكم) - إن جاز التعبير - ويتحوّل إلى طعم سهل لدهاة السياسة والمراكز الاستراتيجية العالمية، وكنت قد حذّرت - في مقال نشر في إحدى الصحف الخليجية (11/9/2012)، أي بعد ثلاثة أشهر من تولّيهم السلطة- من مخاطر مشاركة (الإخوان) في الانتخابات الرئاسية، وذلك لأسباب؛ منها أنهم (دعويون) أكثر من كونهم (سياسيين)، بمعنى أنهم يجهلون دهاليز السياسة وألاعيبها القذرة!، يجب ألا يستهينوا بقوّة أعدائهم، وهم كثيرون، ومن المستحيل السماح لهم بإقامة مشـروعهم السياسي والديني في بلد مفصلي في المنطقة كمصر! وإن مشكلات مصر الاقتصادية والسياسية وتعقيداتها أكبر من قدراتهم بكثير، وأحسب أنهم قد فتحوا على أنفسهم طاقة جهنم، وورّطوا أنفسهم في مشكلات لا قِبل لهم بها. وهذا ما كان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق