04‏/07‏/2019

الأضاحي حفاظ على التوازن البيئي وليست إبادة للحيوانات


كتبه: عبد الرحمن صديق
نقله إلى العربية: نجاة كريم البرزنجي
أحياناً نسمع أشخاصاً يقولون بأن الأضحية بهذا العدد الكبير من الحيوانات في عيد الأضحى المبارك نوع من إبادة الحيوانات وإهدار للمال والثروة، وإضرار بالاقتصاد الوطني، وما إلى ذلك. غير منتبهين إلى أن هناك حكماً كثيرة وحقيقة علمية وبيئية وراء هذا الأمر الإلهي.
 إن الله - سبحانه وتعالى - قد ذكر أسماء عدد كبير من الحيوانات في القرآن الكريم، وذلك لدورها الكبير في الحفاظ على التوازن البيئي، مثل: الطيور، الذباب، البعوض، النحل، النمل، الكلب، الخنزير، الأسد، الحمار، الخيل، البغال، الغراب، الهدهد، العنكبوت، الجراد، الثعبان، الحية، الحوت، البقرة، العجل، الغنم، النعجة، والجمل، وغيرها الكثير.

إن ورود أسماء هذه الحيوانات في القرآن الكريم يلفت انتباهنا إلى دورها الكبير في التوازن البيئي، والحفاظ عليه.
 إن الله - سبحانه وتعالى - قد منحنا نعماً كثيرة، وآلاء كبيرة، وقد منح الحيوانات أيضاً بعضاً من هذه النعم، وذلك لأن الحيوانات بأعمالها وتصـرفاتها الجميلة، لها دور فعال في التوازن البيئي والحفاظ عليه.
 ولهذا السبب - والله أعلم- تدخل امرأة النار بسبب هرّة حبستها، ويغفر الله - سبحانه - لأخرى عاصية مذنبة، لأنها أنقذت حياة كلب عطشان.
 ولهذه الأسباب، وغيرها الكثير، يوصينا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن لا نقطع شجرة مثمرة، حتى في الحروب، وأن لا ندمّر المدن الآهلة، وأن لا نذبح الحيوانات لغير الأكل، وأن لا نقتلها لغير سبب.
 ومن هنا، يمكن أن نقول بأن للحيوانات – أيضاً - حقوقاً، منها:
1 / الرفق بها وإراحتها عند ذبحها.
2 / تحريم قتل الحيوانات دون سبب.
3 / تحريم ضرب الحيوانات أو تعذيبها دون سبب.
4 / تحريم إنهاك الحيوانات، وإيذائها، وتحميلها فوق طاقتها.
5 / منع حبس الحيوانات.
6 / منع استخدامها خارج مجال عملها.
7 / احترام شعور الحيوانات. (مثلاً: إخفاء السكين عند ذبحها).
 ولكن كثيراً ما يُسئل هذا السؤال:
 أليست الأضحية إبادة للحيوانات؟ علماً بأن الله - سبحانه وتعالى - يقول في القرآن الكريم: {فصلّ لربّك وانحر}.
 للإجابة عن هذا السؤال، وبالاستشهاد بالعلم الحديث، والإحصاءات التي تنشـرها المراكز الدولية، المختصة بهذا الموضوع، نقول:
 إن الأضحية بالبقر والجمل والغنم والماعز، في أيام عيد الأضحى المبارك، كما جاء في القرآن والسنة النبوية الشـريفة، سبب رئيس للحفاظ على توازن الغازات الموجودة في الغلاف الجوي، وذلك لأنه - كما ورد في إحصاء منظمة فاو (منظمة الأغذية والزراعة)، التابعة للأمم المتحدة، (يسهم قطاع الثروة الحيوانية بنحو 14.5% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يتسبب بها الإنسان، كما أنه مستخدمٌ كبير للموارد الطبيعية). (انظر الرابط التالي:http://www.fao.org/livestock-environment/ar/)
ولهذا السبب إن الأضحية بهذه الأنواع الأربعة من الحيوانات يؤدّي إلى تقليل غاز الميثان، وغاز ثاني أوكسيد الكاربون، ويؤدي بالتالي إلى زيادة غاز الأوكسجين.
 وبحسب ميدل ايست أونلاين: تشكّل الأبقار كارثة بيئية بالنسبة للغلاف الجوي، إذ إنها تبعث وحدها في فرنسا ما يقرب من ثلاثة أضعاف الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري التي تنبعث من المصافي النفطية الـ14 الموجودة في البلاد.
وهذه الحقيقة تطرّق إليها تقرير بعنوان (الزراعة والحدّ من انبعاث الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري)، نشره صندوق الودائع، وهو جهاز مالي رسمي فرنسي.
ويقول واضع الدراسة (بنوا ليغي): إنه، وبعكس الأفكار الشائعة، فالأبقار التي لديها أربع أمعاء، مسؤولة عن 6.5% من الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري في فرنسا، وذلك بسبب الغازات المنبعثة من أمعائها، وبرازها.
وبحسب الدراسة، فإن الغازات المنبعثة من أمعاء الأبقار تنشـر في الفضاء سنوياً 26 مليون طن من غازات الاحتباس الحراري. أمّا تخزين برازها، قبل استخدامه كسماد زراعي، فينتج عنه انبعاث 12 مليون طن من هذه الغازات، بينما المصافي الفرنسية تبعث 13 مليون طن فقط.
والمادتان اللتان تبعثهما الأبقار في الجو هما الميثان وبروتوكسيد الأزوت، وهما الغازان المسؤولان مع ثاني أكسيد الكربون عن التغيّرات المناخية، وارتفاع حرارة الأرض. (للمزيد : انظر الرابط التالي:http://www.middle-east-online.com/?id=33701)
وقد حذت (جامعة زيورخ) السويسـرية حذو مؤسسات استرالية طالبت بتزويد البقر بفلترات (مرشحات)، على غرار فلتر السيارات، لتقليل تأثيرها السلبي على البيئة. وتطالب اليوم الدول التي ترّبي قطعان الجمال بفلترة هذه الجمال، رغم يقينها بأن الجمال أقلّ تأثيراً على ثقب الأوزون من البقر.
ونشر السويسريّون دراسة جديدة تقول إن (الميزان البيئي) للجمال أفضل من الميزان البيئي للبقر، بمعنى أن سفينة الصحراء أقلّ إطلاقاً للميثان من البقرة السويسريّة.
قال الباحث (ماركوس كلاوس)، من جامعة زيورخ، إن التجارب أظهرت أن عملية استقلاب الغذاء في الجمال أقلّ منها في البقر.
وتحمّل الدراسة البقر مسؤولية انبعاث 20% من غاز الميثان في جو الأرض، على المستوى العالمي.
وأشارت الدراسة، التي نشـرت في مجلة (بلس وان) البيئية، مطالبة بأعلاف جديدة لا ينبعث منها الكثير من غاز الميثان، عند تمثيلها في بطون الحيوانات.
وتجري (جامعة زيورخ) الآن تجارب متنوّعة من أجل التوّصل إلى علف بيئي مناسب للبقر.
وسبق لها أن نشـرت دراسة عن أعلاف غنيّة بزيت السمك، لأن الأخير يعرقل نمو البكتيريا الوظيفية المسؤولة عن انبعاث غاز الميثان (بكتيريا الميثان) في أحشاء البقر.
تطلق البقرة الواحدة 235 لتراً من غاز الميثان يوميّاً، وهذا الغاز أخطر من غاز ثاني أوكسيد الكربون، حسب تقدير العلماء.
فلترة الأبقار:
وفي هذا الصدد يقول الدكتور (مارتن هايمان)، من معهد ماكس بلانك الألماني المعروف: "إن غاز الميثان أخطر على البيئة 21 مرة من غاز ثاني أوكسيد الكربون، لأن جزيئة الميثان تمتصّ الحراة وتطلقها أكثر وأبطأ من جزيئة ثاني أوكسيد الكربون. ولكان الميثان أخطر بكثير، لولا أن حياته في الجو أقصر بكثير من حياة الغاز الآخر"..
 وتكفي 200 بقرة لإطلاق غاز نتروجين يعادل ما تطلقه بلدة تعدادها بين 5 و10 آلاف نسمة، بكامل منازلها ومعاملها.
وجدير بالذكر أن الحكومة الاستراليّة فرضت (ضريبة الميثان) على مزارعيها، في عام 2003، بعد دراسة علمية أثبتت أن 50% من غاز الميثان الذي يوسع ثقب الأوزون يتسـرّب من ثقوب القنوات الهضمية عند البقر. إلا أن الحكومة تراجعت عن هذه الضـريبة، التي يطلق عليها أيضاً ضريبة الريح، بعد حركة احتجاجات قادها المزارعون ضد القرار.
انظر الرابط التالي: http://www.greenline.com.kw/ArticleDetails.aspx?tp=5780)
وهذه حقائق نبيّن فيها الفرق بين غازي الميثان وثاني أوكسيد الكربون:
أولاً: غاز ثاني أوكسيد الكربون ( CO2) يكوّن نسبة 70% من حجم تلك الغازات التي لها دور كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري، بينما غاز الميثان يكوّن نسبة 23% منها.
ثانياً: قدرة غاز الميثان على حبس الحرارة في الغلاف الجوي أكبر بـ 23 مرة من قدرة غاز ثاني أوكسيد الكربون.
ثالثاً: غاز الميثان يبقى لمدة 8 سنوات في الغلاف الجوي، بينما غاز ثاني أوكسيد الكربون يبقى لمدة 100 سنة.
 كانت كمية الغازات المنبعثة في العام 2003م من قِبل الأغنام والأبقار حوالي 2.3 بليون طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون، و 104 مليون طن من غاز الميثان.
مختصو هذا المجال يُقدِّرون غاز الميثان المنبعث من فم الحيوانات في فرنسا فقط بـ 26 مليون طن تقريباً. وما ينبعث عن روث تلك الحيوانات يقدرونه بـ 12 مليون طن.
ولإنتاج كيلو غرام واحد من اللحم البقري ينبعث من 13 إلى 30 كغم تقريباً من غاز الميثان إلى الغلاف الجوي.
  وبحسب الإحصاءات التقريبية للمنظمات المهتمة بشؤون الأغذية والزراعة، فإن عدد هذه الحيوانات الأربعة هي كالآتي:
1/ البقر: يقدّر عدد الأبقار في العالم تقريباً بحوالي 1 مليار و 500 مليون رأس. وهذه أرقام تخصّ بعض الدول المهتمّة بهذا الجانب، كالآتي:
28 % منها في الهند (الذين لا يأكلونه، ولا يذبحونه).
200 مليون رأس في البرازيل.
165 مليون رأس في أمريكا.
110 مليون رأس في الصين.
2/ الغنم: يقدّر عدد الأغنام في العالم بـ 2 مليار رأس (من الغنم)، ويوجد نسبة 22% من هذا العدد في نيوزيلندة وحدها.
3/ الماعز: يقدّر عدد الماعز بحوالي 1 مليار رأس، ويوجد نسبة 30% منها في الصين.
4/ الجمل: يصل عدد الجمال في العالم إلى حوالي 20 مليون رأس جمل، ويوجد نسبة 70% منها في البلاد العربية والآسيوية والأفريقية.
(انظر الرابطين التاليين:
 من هنا نرى أهمية الأضحية بهذه الحيوانات الأربعة معجزة كبيرة، والتي تتمثّل في تقليل نسبة غازي الميثان وثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بالإضافة إلى فوائدها الاجتماعية والاقتصادية الأخرى.
 وذلك لأن نسبة عدد هذه الحيوانات في ازدياد مستمر سنة بعد أخرى، وبهذه العملية يعود التوازن مرة أخرى بين مكونات غازات الغلاف الجوي، والتي يؤدّي الإخلال بنسبها إلى الإضرار بالحياة على الكرة الأرضية.

المصدر: مجلة Haiv (القمر) العدد (32 )، شتاء - 2013م.
Haiv: مجلة فصلية تعنى بشؤون الإعجاز العلمي في القرآن والسنة النبوية الشريفة، صدر العدد الأول منها في عام 2002م، وصدر لحد الآن (42) عدداً منها. تصدر عن مركز كوردستان للإعجاز العلمي في القرآن والسنة النبوية الشـريفة، ومقرّها السليمانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق