صالح شيخو الهسنياني
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَالعصـر (1) إِنَّ
الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾
قبلها سورة التكاثر (102) حسب ترتيب سور القرآن
وبعدها
سورة الهمزة (104) حسب ترتيب سور القرآن
نزلت قبلها سورة
الشرح (12)
سورة العصـر (13)
ونزلت بعدها سورة
العاديات (14)
سورة (العصـر) سورة مكية، آياتها ثلاث، عدد
آياتها: ثلاث آيات، عدد كلماتها: أربع عشـرة كلمة.
عدد
حروفها: ثمانية وستون حرفاً.
والحقيقة
الضخمة التي تقررها هذه السورة بمجموعها هي أنه على امتداد الزمان في جميع العصور،
وامتداد الإنسان في جميع الدهور، ليس هنالك إلَّا منهج واحد رابح، وطريق واحد ناج،
هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده، وتوضح معالمه.
إن
العمل الصالح هو الثمرة الطبيعية للإيمان، وبذلك يصبح الإيمان قوّة دافعة، وحركة
وعملاً، وبناء وتعميراً يتّجه إلى الله سبحانه.
أمّا
التواصي بالحق والصبر، فيبرز صورة الأمة المسلمة متضامنة متضامّة، خيِّرة واعية،
قائمة على حراسة الحق والخير، متواصية بالحق والصبر، في مودّة وتعاون وتآخ([1]).
منهج
كامل للحياة:
في هذه السورة الصغيرة ذات الآيات الثلاث
يتمثل منهج كامل للحياة البشرية كما يريدها الإسلام. وتبرز معالم التصور الإيماني،
بحقيقته الكبيرة الشاملة، في أوضح وأدق صورة. إنها تضع الدستور الإسلامي كله في
كلمات قصار. وتصف الأمة المسلمة: حقيقتها ووظيفتها، في آية واحدة هي الآية الثالثة
من السورة.. وهذا هو الإعجاز الذي لا يقدر عليه إلا الله..
والحقيقة
الضخمة التي تقررها هذه السورة بمجموعها هي هذه:
إنه
على امتداد الزمان في جميع الأعصار، وامتداد الإنسان في جميع الأدهار، ليس هنالك
إلا منهج واحد رابح، وطريق واحد ناج. هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده، وهو
هذا الطريق الذي تصف السورة معالمه. وكل ما وراء ذلك ضياع وخسار([2])..
تاريخ
نزولها ووجه تسميتها:
نزلت
سورة العصـر، بعد سورة الشـّرح، ونزلت سورة الشرح فيما بين ابتداء الوحي والهجرة
إلى الحبشة، فيكون نزول سورة العصـر في ذلك التاريخ أيضاً.
وقد
سمّيت هذه السورة بهذا الاسم، لقوله تعالى في أولها: ﴿وَالعصـر﴾.
الربط
بين السور الثلاثة حسب ترتيب النزول
مناسبتها لما قبلها
[سورة الشـرح]:
تعرض لما أنعم الله به على
النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتذكير له بهذه النعم، وتوجيه له إلى ما ينبغي أن
يؤديه لها من حقّ عليه.. وهكذا شأن كل نعمة ينعم الله بها على الإنسان، لا تتم
إلَّا بالشكر للمنعم، وبالإنفاق منها على كل ذي حاجة إليها.
مقابلات:
قوله
تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ يقابلها ﴿وَالعصـر﴾، يعني
شـرحنا صدر النبي - صلى الله عليه وسلم - للإيمان حال حياته؛ وشـرحنا صدور أتباعه
على مر العصور والدهور.
قوله تعالى: ﴿وَوَضَعْنا عَنْكَ
وِزْرَكَ . الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ . وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ يقابلها
﴿إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ يعني إن لم يكن الإنسان على الطريق
القويم والصراط المستقيم فهو دائماً في خسر ووزر، يحمل سيئاته كمثل الذي يحمل
أثقالاً على ظهره، ولا يضعها في حله وترحاله. وجعلنا لك ذكراً عالياً باقياً على
الزمن.. فما آمن مؤمن بالله إلَّا جعل الإيمان بنبوّتك من تمام إيمانه بالله، وإنه
لا يؤمن بالله من لم يؤمن بأنك رسول الله، يقرن ذكرك بذكر الله.
قوله
تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾
يقابلها ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾، يقول
عبد الكريم الخطيب: "وهكذا كان تدبير الله سبحانه وتعالى مع النبي
الكريم، بدأ أمره بالعسـر والضيق، ثم كانت عاقبة أمره إلى اليسـر والسعة. فالذين
يمشون في أول حياتهم على الشوك، ويغسلون أجسادهم بعرق الكفاح والصبر، يجنون أطيب
الثمرات، ويضعون أقدامهم على مواقع العزة والمجادة، ويتحلّون بحلل الكرامة
والفخار.. أما الذين يستقبلون الحياة نائمين في ظلها، متجنبين الخوض في غمراتها،
متخففين من حمل أعبائها وأثقالها، فهيهات أن تسلمهم الحياة آخر الأمر إلى غير
المهانة والضياع.. أي إن العسـر - أيّ عسـر- لا يلقى الإنسان إلَّا ومن محامله
اليسـر، الذي يعمل على مقاومته، ومصارعته حتى يقهره آخر الأمر، ويتركه صـريعاً،
ليأخذ اليسـر مكانه، متمكناً، لا ينازعه عسـر! هكذا الشدائد تتولّد منها دائماً
مواليد الخير، وتستنبت في أرضها أطيب الثمرات، وأكرمها، وأهنؤها"([3])..
وهذا لا يكون إلَّا بالإيمان والعمل الصالح.
قوله
تعالى: ﴿فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ . وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ يقابلها
﴿وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، أي أنه إذا كان من شأن
العسـر أن يصحبه يسـر، ومن شأن النّصب والتعب أن تعقبهما الراحة والرضا، فجدير بك
أيها النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما هو جدير بكل إنسان، أنك إذا فرغت من أي
موقع من مواقع الكفاح، والجهاد، فلا تركن إلى الراحة، بل افتح جبهة جديدة للكفاح
والجهاد، فإنه بقدر ما يمتد بك هذا الطريق الشاق العسـر، بقدر ما تحصل من خير،
وبقدر ما تبلغ من علو شأن ورفعة قدر..
وقوله
تعالى: ﴿وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ - إشارة إلى أن هذا الجهاد والكفاح، وما تحتمل
فيه النفس من نصب وتعب- إنما يعطي هذا الثمر الطيب، إذا كان متجهه إلى الله، وكانت
غايته مرضاة الله، والرغبة فيما عنده..
أما
النصب والتعب فيما لا يراد به وجه الله، والدار الآخرة، فهو عناء، وبلاء.
إن النصب
والتعب في مغارس الحق والخير، يزكو نباته، ويطيب ثمره، ويكثر خيره، وأما النصب
والتعب في أودية التيه والضلال، فذلك ما لا ينبت- إن كان له نبات- إلا الشوك.
قوله:
﴿ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ﴾ هم الذين آمنوا بالله، وعرفوا ما لله سبحانه
وتعالى، من كمال وجلال.. فاستمسكوا بالحق، وهو الإيمان، وما يدعو إليه، وما ينهى
عنه.. ثم تواصوا به فيما بينهم، فنصح بعضهم لبعض بالاستقامة عليه، والتمسك به، وفي
هذا ما يقوّى من جبهة الحق، ويكثّر من أتباعه([4]).
قوله:
﴿وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ إشارة إلى أن طريق الإيمان الموجه إلى مرضاة الله
بالصبر وتحمل المشاق، والاستقامة على شـريعته، ليس أمراً هيناً، فإن ذلك إنما
يحتاج إلى معاناة وصبر على مغالبة الشهوات، وقهر دواعي الأهواء، ووساوس الشيطان..
فطريق الحق طريق محفوف بالمكاره، والصبر هو زاد الذين يسلكون طريقه، ويبلغون به
غايات الفوز والفلاح([5])..
مناسبتها
لما بعدها
[سورة العاديات]:
سورة
العصـر دلت على ما يأتي([6]):
1.
الإنسان وإن ربح الثروة الكبيرة والمال الوفير،
فهو في خسارة محققة، إن لم يعمل للآخرة عملاً طيباً صحيحاً.
2. أقسم اللَّه تعالى على هذا الحكم بأي عصـر أو
زمان، لما فيه من التنبيه بتصـرّف الأحوال وتبدّلها، وما فيها من الدلالة على
الصانع ووحدانيته، وكمال قدرته، ومزيد حكمته، التي تظهر – أحياناً - بعد مرور
الزمان.
3.
حكم اللَّه تعالى
بالوعيد الشديد، لأنه حكم بالخسارة على جميع الناس، إلا من كان آتياً بأشياء أربعة،
أو متصفاً بصفات أربع، وهي: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي
بالصبر.
فدلّ ذلك
على أن النجاة معلقة بمجموع هذه الأمور، وعناصـر الإيمان ستة:
أن تؤمن
باللَّه، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشـره. والعمل
الصالح: أداء الفرائض واجتناب المعاصي، وفعل الخير.
والتواصي بالحق: أن
يوصي بعضهم بعضاً بالأمر الثابت، ويحث بعضهم بعضاً على توحيد اللَّه، والعمل
بالقرآن، والدعوة إلى الدين والنصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يحب
المرء لغيره ما يحب لنفسه.
والتواصي
بالصبر: أن يوصي الناس بعضهم بعضاً على طاعة اللَّه عزّ وجلّ، والصبر عن معاصيه،
والرضا بالقضاء والقدر في المصائب والمحن.
مقابلات:
1.
أقسم الله تعالى في (سورة
العصـر) بـــ﴿وَالعصـر﴾، تنويه بشأن هذا الوقت من الزمن، الذي تبدأ فيه
الأحياء تجمع نفسها، وتعود إلى مأواها بما حصّلت وجمعت في سعيها في الحياة.. وإنه
لجدير بالعاقل أن يحاسب نفسه على ما عمل في يومه هذا، وما حصل فيه من خير، وما
اقترف فيه من إثم.. إنه وقت محاسبة ومراجعة لأعمال اليوم، وتصحيح للأخطاء التي وقع
فيها، فلا يستأنفها في غده. وأقسم في (العاديات) بـــ﴿وَالْعَادِيَاتِ﴾؛
﴿فَالْمُورِيَاتِ﴾؛ ﴿فَالْمُغِيرَاتِ﴾. والمقسم به هنا، هو الخيل، في حال عدوها،
حاملة فرسانها إلى ميدان القتال.. فهي تعدو ضابحة، وهي في عدوها توري ناراً تنقدح
من احتكاك حوافرها بالحجارة التي تعدو عليها..
2.
إذا كانت (سورة
العصـر) تؤكد على أهمية العبادة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاختلاط
بالناس والصبر على أذاهم في ميادين الحياة، فإن (سورة العاديات) تؤكد على الصولات
والجولات في ميادين القتال ليلاً ونهاراً.
3.
وفي هذا ما يشير إلى
أنها تسير تحت جنح الظلام بفرسانها حتى لا تراها عين العدوّ، وحتى لا ينذر بها هذا
العدوّ، ويأخذ حذره من المفاجأة حين تطلع عليه على غير انتظار، ولهذا يظهر هذا الشـرر
الذي ينقدح من احتكاك حوافرها بالصوّان.
4.
في (سورة العصـر) بيّن
الخاسـرين في الدينا والآخرة، ثم استثنى ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، وفي (العاديات)
مدح وأقسم بـــــ ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا. فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا.
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا. فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا. فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا﴾.
5.
في (سورة العصـر)، بيّن
سبب خسـران الإنسان، لبعده عن الإيمان والعمل الصالح، وعدم تواصيه بالحق، وعدم
الصبر عليه. أما في (العاديات)، فبيّن ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾،
﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾.
الربط
بين السور الثلاثة، حسب ترتيب المصحف
الغرض من هذه السورة الترغيب في العمل الصالح، وقد أتى هذا في مقابلة ما
كان منهم من التّفاخر بالأموال والأولاد، ولهذا جاءت سورة العصـر بعد سورة التكاثر.
مناسبتها
لما قبلها [سورة التكاثر]:
الإنسان
الذي ألهاه التكاثر بالأموال، والتفاخر بالجاه والسلطان، دون أن يتزود للآخرة بزاد
الإيمان والتقوى، هو هذا الإنسان الخاسـر.. وأي خسران أكثر من أنه اشترى الدنيا
بالآخرة؟ وهذا ما جاءت (سورة العصـر) لتقرره([7])..
مناسبتها
لما بعدها [سورة الهمزة]:
في (سورة
العصـر) أقسم الحقّ جلّ وعلا (بالعصـر) على أن الإنسان في خسـر، مستثنياً الذين
آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر.
وفي
(سورة الهمزة) عرض للإنسان الخاسـر، ومن أين كان خسرانه؟، وإلى أين يكون مصيره؟([8]).
ومن هذا يتبين أن (سورة العصـر) واقعة بين
خسرين: خسـر قبلها، وخسـر بعدها، خسـر ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ. حَتَّى زُرْتُمُ
الْمَقَابِرَ﴾، والخسـر هو ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾، في (سورة التكاثر).. وخسر:
﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ . يَحْسَبُ
أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾، والخسـر هو ﴿كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ﴾:
رؤية الجحيم قبل الدخول (في سورة التكاثر)، وفي (الهمزة): دخول الحطمة ﴿نَارُ
اللَّهِ الْمُوقَدَةُ﴾([9]).
معاني
الكلمات:
قوله
تعالى: ﴿وَالعصـر﴾([10]):
العصـر:
هو الدهر.
وقيل:
والعصـران هما: الليل والنهار.
وقيل:
هما الغَدَاة والعشي.
وقيل:
(العصـر): بعد زوال الشمس إلى غروبها.
وقيل:
آخر ساعة من ساعات النهار.
وقيل:
صلاة العصـر، وهي الوسطى([11]).
وقيل:
أحد طرفي النهار.
وقيل:
والعصـر، أي: عصـر الدنيا، قد دنت القيامة.
وقيل: أَنه
عصـر النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - أقسم بِهِ.
وقيل:
أنه قسم بزمان الرسول - عليه السلام-.
وقيل:
ويجوز أن يفسر العصـر في هذه الآية بالزمان كله.
وقيل:
ويجوز أن يراد عصـر الإسلام كله، وهو خاتمة عصور الأديان لهذا العالم.
وقيل:
والعصـر الذي أنت فيه، فهو تعالى أقسم بزمان وجودك في هذه الحياة، في هذه الآية.
يقول ابن عاشور: "وللعصـر معان
يتعين أن يكون المراد منها لا يعدو أن يكون حالة دالة على صفة من صفات الأفعال
الربانية، يتعين إما بإضافته إلى ما يقدر، أو بالقرينة، أو بالعهد. وأياً ما كان
المراد منه هنا، فإن القسم به باعتبار أنه زمن يذكّر بعظيم قدرة الله تعالى في خلق
العالم وأحواله، وبأمور عظيمة مباركة، مثل: الصلاة المخصوصة، أو عصـر معين مبارك.
وأشهر
إطلاق لفظ العصـر أنه: علم بالغلبة لوقت ما بين آخر وقت الظهر وبين اصفرار الشمس،
فمبدؤه إذا صار ظل الجسم مثله، بعد القدر الذي كان عليه عند زوال الشمس، ويمتد إلى
أن يصير ظل الجسم مثلي قدره، بعد الظل الذي كان له عند زوال الشمس، وذلك وقت
اصفرار الشمس. والعصـر مبدأ العشي. ويعقبه الأصيل والاحمرار، وهو ما قبل غروب
الشمس، فذلك وقت يؤذن بقرب انتهاء النهار، ويذكر بخلقة الشمس والأرض، ونظام حركة
الأرض حول الشمس، وهي الحركة التي يتكون منها الليل والنهار كل يوم، وهو من هذا
الوجه كالقسم بالضحى، وبالليل والنهار، وبالفجر، من الأحوال الجوية المتغيرة بتغير
توجه شعاع الشمس نحو الكرة الأرضية.
وفي ذلك
الوقت يتهيأ الناس للانقطاع عن أعمالهم في النهار، كالقيام على حقولهم وجناتهم،
وتجاراتهم في أسواقهم، فيذكر بحكمة نظام المجتمع الإنساني، وما ألهم الله في
غريزته من دأب على العمل، ونظام لابتدائه وانقطاعه. وفيه يتحفز الناس للإقبال على
بيوتهم لمبيتهم، والتأنس بأهليهم وأولادهم. وهو من النعمة أو من النعيم، وفيه
إيماء إلى التذكير بمثل الحياة حين تدنو آجال الناس بعد مضي أطوار الشباب
والاكتهال والهرم.
وتعريفه
باللام على هذه الوجوه تعريف العهد الذهني، أي كل عصـر"([12]).
قوله
تعالى:
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾
وتعريف
الإنسان تعريف الجنس، ويشمل جميع أفراد النوع الإنساني الموجودين في زمن نزول
الآية، وهو زمن ظهور الإسلام. ومخصوص بالناس الذين بلغتهم الدعوة في بلاد العالم
على تفاوتها([13]).
قال ابن عباس: يريد جماعة من المشركين، كالوليد
بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن عبد المطلب. وقال مقاتل: نزلت في أبي لهب.
وفي خبر مرفوع أنه أبو جهل. وروي أن هؤلاء كانوا يقولون: إن محمداً لفي خسـر،
فأقسم تعالى أن الأمر بالضد مما توهموا([14]).
قوله
تعالى:
﴿لَفِي خُسْرٍ﴾
أي: إن
جنس الإنسان لا يخلو من خسران، ونقصان، وفقدان للربح في مساعيه وأعماله، طوال
عمره، وإن هذا الخسران يتفاوت قوة وضعفاً.
فأخسـر
الأخسـرين هو الكافر الذي أشـرك مع خالقه إلهاً آخر في العبادة، وأقل الناس خسارة
هو المؤمن الذي خلط عملاً صالحاً بآخر سيئاً، ثم تاب إلى الله تعالى توبة صادقة.
وجاء
الكلام بأسلوب القسم، لتأكيد المقسم عليه، وهو أن جنس الإنسان في خسـر.
وقال
سبحانه: ﴿لَفِي خُسْرٍ﴾ للإشعار بأن الإنسان كأنه مغمور بالخسـر، وأن هذا
الخسران قد أحاط به من كل جانب. وتنكير لفظ ﴿خُسـْرٍ﴾ للتهويل. أي: لفي خسـر
عظيم([15]).
وقيل:
لفي هلاك؛ أو: لفي شـر؛ أو: لفي نقص؛ أو: لفي عقوبة([16]).
أي أن
الإنسان ساقط في كل حياته - من حين التكليف إلى مماته - في خسـر، إلا من استثناه
الله تعالى([17]).
يقول الرازي:
"الخسـر: الخسـران، ومعناه النقصان وذهاب رأس المال. ثم فيه تفسيران، وذلك
لأنا إذا حملنا الإنسان على الجنس، كان معنى الخسـر هلاك نفسه وعمره، إلا المؤمن
العامل، فإنه ما هلك عمره وماله، لأنه اكتسب بهما سعادة أبدية. وإن حملنا لفظ
الإنسان على الكافر، كان المراد كونه في الضلالة والكفر، إلا من آمن من هؤلاء،
فحينئذ يتخلص من ذلك الخسار إلى الربح.
إنما
قال: ﴿لَفِي خُسـْرٍ﴾ ولم يقل: لفي الخسـر، لأن التنكير يفيد التهويل
[التعظيم] تارة، والتحقير أخرى، فإن حملنا على الأول كان المعنى: إن الإنسان لفي
خسـر عظيم لا يعلم كنهه إلا الله، وتقريره أن الذنب يعظم بعظم من في حقّه الذنب،
أو لأنه وقع في مقابلة النعم العظيمة. وكلا الوجهين حاصلان في ذنب العبد في حق
ربه، فلا جرم كان ذلك الذنب في غاية العظم.
وإن حملناه
على الثاني، كان المعنى أن خسران الإنسان دون خسران الشيطان، وفيه بشارة أن في
خلقي من هو أعصى منك، والتأويل الصحيح هو الأول.
واعلم أن
الله تعالى قرن بهذه الآية قرائن تدل على مبالغته تعالى في بيان كون الإنسان في خسـر،
أحدها:
قوله:
لفي خسـر، يفيد أنه كالمغمور في الخسـران، وأنه أحاط به من كل جانب.
وثانيها:
كلمة إن، فإنها للتأكيد.
وثالثها:
حرف اللام في لفي خسـر، وهاهنا احتمالان:
الأول:
في قوله تعالى: لفي خسـر، أي في طريق الخسـر.
الاحتمال
الثاني: أن الإنسان لا ينفك عن خسـر، لأن الخسـر هو تضييع رأس المال، ورأس ماله هو
عمره، وهو قلما ينفك عن تضييع عمره، وذلك لأن كل ساعة تمر بالإنسان، فإن كانت مصـروفة
إلى المعصية، فلا شك في الخسـران، وإن كانت مشغولة بالمباحات، فالخسـران أيضاً
حاصل، لأنه كما ذهب، لم يبق منه أثر، مع أنه كان متمكناً من أن يعمل فيه عملاً
يبقى أثره دائماً. وإن كانت مشغولة بالطاعات، فلا طاعة إلا ويمكن الإتيان بها، أو
بغيرها على وجه أحسن من ذلك، لأن مراتب الخضوع والخشوع لله غير متناهية، فإن مراتب
جلال الله وقهره غير متناهية، وكلما كان علم الإنسان بها أكثر، كان خوفه منه تعالى
أكثر، فكان تعظيمه عند الإتيان بالطاعات أتم وأكمل. وترك الأعلى والاقتصار بالأدنى
نوع خسـران. فثبت أن الإنسان لا ينفك البتة عن نوع خسـران([18]).
قوله
تعالى:
﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾
استثناء
مما قبله، والمقصود بهذه الآية الكريمة تسلية المؤمنين الصادقين ... وتبشيرهم
بأنهم ليسوا من هذا الفريق الخاسـر([19]).
قوله
تعالى:
﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾
يقول النابلسي: "الحقيقة أن الله
هو الحق، وإذا توجهت إلى غيره فلن تجد شيئاً بل سـراباً في سـراب، وعود كاذبة،
وأقوال فارغة، وكلمات طنانة، لكنها هراء وهواء، وإذا توجهت إلى الله عز وجل وجدت
كل شيء، فأول معنى من معاني الحق الشيء الموجود، وأول معنى من معاني الباطل الشيء
المعدوم.
وأخطر ما في الحياة أن تتجه إلى جهة لا تملك
شيئاً، وأخطر ما فيها أيضاً أن تعتقد اعتقاداً ليس له مرتكز واقعي أبداً... فإذا
كنت مع الحق فأنت في سعادة كبيرة، لماذا؟ لأنك مع الثابت ومع الموجود.. وكلمة (حق)
ذات شأن وخطر، لأن علينا أن نراجع أنفسنا، وحقيقة أفكارنا عن الدين، ليتبين هل هي
صحيحة؟ وهل معتقداتنا صحيحة؟ وهل تصوراتنا عن الله صحيحة؟ وهل معتقداتنا بالنبي -
صلى الله عليه وسلم - صحيحة؟ وهل آراؤنا في القضايا المعاصـرة صحيحة؟ وما قيمة
رأيك أنت؟"([20]).
وقوله تعالى: ﴿وَتَوَاصَوْا﴾
فعل ماض، من الوصية، وهي تقديم النصح للغير مقروناً بالوعظ.
و﴿الْحَقِّ﴾:
هو الأمر الذي ثبتت صحته ثبوتاً قاطعاً([21]).
وقيل في (الحق)
أربع تأويلات:
أحدها:
أنه التوحيد.
الثاني:
أنه القرآن.
الثالث:
أنه الله.
والرابع:
أن يوصي مُخَلَّفيه عند حضور المنية ألا يمُوتنَّ إلا وهم مسلمون([22]).
قوله
تعالى:
﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾
و﴿الصَّبْرِ﴾:
قوة في النفس تعينها على احتمال المكاره والمشاق.
وفيه
أوجه:
أحدهما:
على طاعة الله.
الثاني:
على ما افترض.
ثالثاً:
بالصبر عن المحارم واتباع الشهوات([23]).
والصبر
في اللغة: الحبس والكف. ومنه: قتل فلان صبراً، إذا أمسك وحبس. ومنه قوله تعالى:
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ
وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الكهف: 28]؛ أي احبس نفسك معهم.
فالصبر:
حبس النفس عن الجزع والتسخط، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش.
وهو
ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على امتحان الله.
وهو واجب بإجماع
الأمة، وهو نصف الإيمان؛ فإن الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر.
وهو مذكور في القرآن
على ستة عشـر نوعاً:
الأول: الأمر
به، نحو قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ
وَالصَّلَاةِ﴾[البقرة:153].
وقوله: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا﴾ [آل عمران: 200].
وقوله: ﴿وَاصْبِرْ
وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [النحل: 127].
الثاني: النهي
عن ضده، كقوله: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا
تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ﴾ [الأحقاف: 35].
وقوله: ﴿وَلَا
تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: 33]، فإن إبطالها ترك الصبر على إتمامها.
وقوله: ﴿وَلَا
تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾ [آل عمران: 139]،
فإن الوهن من عدم الصبر.
الثالث: الثناء
على أهله، كقوله تعالى: ﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ...﴾ [آل عمران: 17].
وقوله:
﴿وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ
الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: 77 ].
الرابع: إيجابه
سبحانه محبته لهم، كقوله: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: 146].
الخامس: إيجاب
معيّته لهم، وهي معيّة خاصة، تتضمن حفظهم، ونصـرهم، وتأييدهم. ليست معيّة عامة:
وهي معية العلم والإحاطة، كقوله: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال:
46].
وقوله: ﴿وَاللَّهُ
مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 249].
السادس: إخباره
بأن الصبر خير لأصحابه، كقوله: ﴿وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ
لِلصَّابِرِينَ﴾[النحل: 126].
السابع: إيجاب
الجزاء لهم بأحسن أعمالهم، كقوله تعالى: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا
أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 96].
الثامن: إيجابه سبحانه
الجزاء لهم بغير حساب، كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ
بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10].
التاسع: إطلاق
البشرى لأهل الصبر، كقوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ
وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ
الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 155].
العاشـر: ضمان
النصر والمدد لهم، كقوله تعالى: ﴿بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ
مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ
الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾ [آل عمران: 125].
الحادي عشـر:
الإخبار منه تعالى، بأن أهل الصبر: هم أهل العزائم، كقوله تعالى: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ
وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [الشورى: 43].
الثاني عشـر:
الإخبار أنه ما يلقى الأعمال الصالحة، وجزاءها، والحظوظ العظيمة، إلا أهل الصبر،
كقوله تعالى: ﴿وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا
وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾ [القصص: 80].
وقوله: ﴿وَمَا
يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ
عَظِيمٍ﴾ [فصلت: 35].
الثالث عشـر:
الإخبار أنه إنما ينتفع بالآيات والعبر أهل الصبر، كقوله تعالى لموسى: ﴿أَنْ
أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ
اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾[إبراهيم:5].
وقوله في أهل سبأ:
﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ [سبأ: 19 ].
الرابع عشـر:
الإخبار بأن الفوز المطلوب المحبوب، والنجاة من المكروه المرهوب، ودخول الجنة.
إنما نالوه بالصبر، كقوله تعالى: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ
عُقْبَى الدَّارِ﴾[الرعد: 24].
الخامس عشـر: أنه
يورث صاحبه درجة الإمامة. سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - يقول: بالصبر واليقين تنال الإمامة في
الدين، ثم تلا قوله تعالى: ﴿جَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا
لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 24].
السادس عشـر:
اقترانه بمقامات الإسلام والإيمان، كما قرنه الله سبحانه باليقين وبالإيمان، وبالتقوى والتوكل،
وبالشكر والعمل الصالح والرحمة. ولهذا كان الصبر من الإيمان بمنزلة لرأس من الجسد.
ولا إيمان لمن لا صبر له. كما أنه لا جسد لمن لا رأس له.
درجات الصبر:
الدرجة الأولى: الصبر
عن المعصية، بمطالعة الوعيد: إبقاء على الإيمان، وحذراً من الحرام، وأحسن منها:
الصبر عن المعصية حياء.
ذكر للصبر عن
المعصية سببين وفائدتين.
أما السببان: فالخوف
من لحوق الوعيد المترتب عليها.
والثاني الحياء من
الرب تبارك وتعالى أن يستعان على معاصيه بنعمه، وأن يبارز بالعظائم.
وأما الفائدتان:
فالإبقاء على الإيمان، والحذر من الحرام.
فأما مطالعة الوعيد،
والخوف منه: فيبعث عليه قوة الإيمان بالخبر، والتصديق بمضمونه.
وأما الحياء: فيبعث
عليه قوة المعرفة، ومشاهدة معاني الأسماء والصفات.
وأحسن من ذلك: أن
يكون الباعث عليه وازع الحب، فيترك معصيته محبة له.
الدرجة الثانية: الصبر
على الطاعة بالمحافظة عليها دواماً، وبرعايتها إخلاصاً، وبتحسينها علماً.
هذا يدل على أن
عنده: أن فعل الطاعة آكد من ترك المعصية، فيكون الصبر عليها فوق الصبر عن ترك
المعصية في الدرجة.
الدرجة الثالثة: الصبر
في البلاء، بملاحظة حسن الجزاء، وانتظار روح الفرج، وتهوين البلية بعد أيادي المنن،
وبذكر سوالف النعم([24]).
أي: أن جميع الناس في خسـران ونقصان... إلا
الذين آمنوا بالله تعالى إيماناً حقاً، وعملوا الأعمال الصالحات، من صلاة وزكاة
وصيام وحج، وغير ذلك من وجوه الخير، وأوصى بعضهم بعضاً بالتمسك بالحق، الذي على
رأسه الثبات على الإيمان، وعلى العمل الصالح... وأوصى بعضهم بعضاً كذلك بالصبر على
طاعة الله تعالى، وعلى البلايا والمصائب والآلام... التي لا تخلو عنها الحيا.
فهؤلاء المؤمنون الصادقون، الذين أوصى بعضهم
بعضاً بهذه الفضائل، ليسوا من بين الناس الذين هم في خسران ونقصان، لأن إيمانهم
الصادق، وعملهم الصالح، قد حماهم من الخسـران([25]).
[1] - التويجري، الموسوعة
القرآنية خصائص السور: (12/157).
[2] - في ظلال القرآن:
(6/3964).
[3] - التفسير القرآني
للقرآن: (16/1610).
[4] - التفسير القرآني
للقرآن: (16/1669).
[5] - نفسه.
[6] - التفسير المنير:
(30/394-395).
[7] - التفسير القرآني
للقرآن: (16/1667).
[8] - التفسير القرآني
للقرآن: (16/1670).
[9] - فاضل السامرائي،
لمسات بيانية، قناة الشارقة الفضائية.
[10] - الطبري، جامع
البيان: (24/589)؛ الثعلبي، الكشف والبيان: (10/283)؛ السمعاني، تفسير القرآن:
(6/278)؛ الرازي، مفاتيح الغيب: (32/279)؛ ابن عاشور، التحرير والتنوير:
(30/530).
[11] - من الصباح إلى وقت
العصـر هناك وقت كاف للاستشهاد،
وما وقع فيها من أحداث، بخلاف الفجر وهو أول الزمن، ليس
هناك شاهد على أنهم في خسـر. وكذلك الضحى،
ليس هناك مدة كافية للاستشهاد. والمغرب غروب الشمس، غروب الحياة،
وزوال الدنيا،
فالعصـر مدة كافية للاستشهاد، ودلالة كافية، لأنه أحسن
شاهد لبيان الناس أنهم في خسـر. فاضل السامرائي، لمسات بيانية.
[12] - التحرير والتنوير:
(30/529-530).
[13] - التحرير والتنوير:
(30/528).
[14] - مفاتيح الغيب: (32/279).
[15] - سيد طنطاوي، التفسير
الوسيط: (15/501).
[16] - الماوردي، النكت
والعيون: (6/334).
[17] - السامرائي، لمسات
بيانية.
[18] - مفاتيح الغيب:
(32/279).
[19] - التفسير الوسيط:
(15/501).
[20] - موسوعة أسماء الله
الحسنى: (1/ 547 وما بعدها)، دار المكتبي، ط6، 2010م.
[21] - التفسير الوسيط:
(15/501).
[22] - النكت والعيون:
(6/334).
[23] - النكت والعيون:
(6/334).
[24] - ابن القيم، مدارج
السالكين: (2/151- 163) باختصار، دار الكتاب العربي - بيروت، ط3، 1996م.
[25] - التفسير الوسيط:
(15/501-502).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق