أ. د. فرست مرعي
المقدمة
إذا كانت الدراسات والبحوث قد اهتمت إلى حد ما بأدعياء النبوة في التاريخ الإسلامي، فإن مثل هذه الدراسات لم تتطرق إلى اليهود الذين ادعوا المسيحانية بالمفهوم التوراتي، أو النبوة والمهدية بالمفهوم الإسلامي. والسبب في اعتقاد الباحث يعود بالدرجة الأولى إلى عدم اهتمام المؤرخين بهذه المجالات التي تخص فئة هامشية تنتمي إلى أهل الذمة ليس لها تأثير على مجريات الأمور في الدولة الإسلامية، فضلاً عن قلّة المعلومات في هذا الجانب.
وقد شهد العالم الإسلامي ظهور العديد من الحركات اليهودية المسيحانية الكاذبة، حيث كانت البلدان الإسلامية تعد وبحق أرضاً خصبة لمثل هذه الأفكار، نتيجة الحرية والأمان الذي عاشه اليهود في ظل الإسلام، تلك الحرية التي منحتهم مساحة كبيرة من التفكير والدرس والبحث، وصلت بهم حد دراسة التأويلات والتفسيرات الباطنية والصوفية كالقبالة([1])، ومكنتهم من طرح ادعاءاتهم بدون أية مواربة أو مخاوف. وقد كان من أهم تلك الحركات المسيحانية: حركة أبو عيسـى الأصفهاني، حركة اليوذعانية، وحركة داود الروحي، وغيرها.
يرجع اختيار الباحث لهذه الحركة نموذجاً للدراسة، لأن الروايات المتعلقة
بالمسيح الدجال - على حد تعبير الباحث اليهودي الألماني (إريك براور) - هو أهم
مادة مفردة نمتلكها حول تاريخ اليهود الكورد([2])،
كما أن هذه الحركة لم تلق الدراسة ولم تشبع بحثاً من قبل المؤرخين المسلمين. فضلاً
عن ذلك، فإن الروايات المتعلقة بتلك الحادثة قليلة جداً، لذا حاولت - بقدر الإمكان
- إلقاء الضوء عليها، مستفيداً في هذا الجانب من روايات المؤرخين والباحثين
اليهود، ودائرة المعارف اليهودية (الإنسكلوبيديا اليهودية)، لعلها تضفي مورداً
جديداً على التاريخ الإسلامي عامةً، وتاريخ كوردستان خاصة، وتوضح من جانب آخر
طريقة استيعاب وتفكير القوم لهذه الحركة، وانعكاسها على مجمل الأوضاع السياسية
والدينية في تلك الحقبة المهمة من التاريخ الإسلامي.
أما الموضوع، فقد وقع اختياري عليه لسببين؛ أولهما: دراسة الحركات اليهودية
المسيحانية في ظل الخلافة العباسية، وأثرها على اليهود في مختلف أقطار المشـرق
الإسلامي. ومحاولة تفنيد آراء بعض المستشـرقين والمؤرخين اليهود، حول تعرض اليهود
لأشكال من الاضطهاد والتمييز والتهميش، أدت إلى ظهور مثل هذه الادعاءات. حيث كان
المستشـرق الفرنسي (كلود كاهين) واضحاً في التعليق على هذا الموضوع الحساس، في
معرض كتابته عن الأقليات غير الإسلامية – أهل الذمة (اليهود) خلال العصـر
الإسلامي-، ومقارنته بوضعهم في الحقبة المسيحية الوسيطة في أوروبا بقوله: "ليس
ثمة شيء في الإسلام في القرون الوسطى يمكن تسميته تحديداً بمعاداة السامية".
كما إن الموضوعية تحتم علينا أن نحاول مقارنة عدم التسامح المسيحي بنظيره
الإسلامي، لما لهما من أوجه شبه وأوجه اختلاف، فالإسلام - بغض النظر عن العديد من
الاضطرابات والقلاقل- قد أظهر من التسامح والود إزاء اليهود الذين عاشوا في بلاد
المسلمين أكثر مما أظهرته أوروبا([3]).
أما المستشـرق اليهودي - البريطاني – الأمريكي (برنارد لويس)، الذي يعتبر
مؤلفه (اليهود في الإسلام) أكثر تقييماً للاعتدال بشأن وضع اليهود تحت النفوذ
الإسلامي في العصور الوسطى الإسلامية، فيقدم تفسيره الخاص لإحساس اليهود بوضع أفضل
تحت حكم الإسلام منه في ظل المسيحية، قائلاً: "عندما نقارن موقف المسلمين من
اليهود، ومعاملتهم إياهم، في القرون الوسطى، بوضع اليهود بين جيرانهم المسيحيين في
أوروبا الوسيطة، فإننا نرى عدداً من المقابلات الصارخة... إن معاداة اليهود في
المجتمع الإسلامي ليست من جهة لاهوتية... إنها بالأحرى ذلك الموقف المعهود من قبل
الغالب إزاء المغلوب، موقف الأغلبية إزاء الأقلية، دون ذلك البعد اللاهوتي
الإضافي، وبالتالي البعد النفسـي الذي يضفي على نزعة معاداة السامية لدى المسيحيين
طابعها الأوحد والخاص"([4]).
أما السبب الثاني، فهو أن هذا
الموضوع، وهو اضطهاد الشعوب الإسلامية لليهود، فيما يعرف بـ(معاداة السامية)، قد
صار لغة العصـر، وموضوعه. هذا من جانب؛ ومن جانب آخر، فإن مثل هذه الموضوعات لا
تدعم كراهية الإسـرائيلي لغيره من البشـر، وترسخ في وجدانه حب الأنا وتفردها فحسب؛
بل إنها تلقى رواجاً وقبولاً على كافة الأصعدة في إسـرائيل، وتدرس في المدارس
والجامعات الإسرائيلية. أضف إلى ذلك، أن غالبية هذه النخبة من المؤرخين
الإسـرائيليين هم من مؤلفي كتب التاريخ المدرسية، والجامعية، في مراحلها المختلفة،
في إسـرائيل. ومن هؤلاء: مناحيم شترن، وأريئيل ربابورت، وبروريا بن باروخ، في
العصـرين اليوناني والروماني، وبت تسيون عراقي كلورمان، ويسـرائيل جرشوني، في فترة
ما بعد ظهور الإسلام([5]).
ولبيان تهافت مثل هذه الادعاءات التي ليس من ورائها طائل، فإن معاملة الفاتحين
المسلمين لليهود كانت حسنة في فترة الفتوح وما بعدها في العصـرين الأموي والعباسي،
قياساً بما لاقوه على يد البيزنطيين والساسانيين.. فقد كانت تدابير الإمبراطور
البيزنطي (هرقل Heraclius) شديدة ضدهم، بحيث جعلتهم يعملون مع العرب المسلمين في الشام ضد
الروم البيزنطيين، حتى وصل الأمر بالخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان إلى إسكان
جماعة منهم في مدينة (طرابلس) (= اللبنانية) المعرضة لهجمات الأسطول البيزنطي([6]).
وجاءت الفتوح الإسلامية بتحسن كبير في وضع اليهود، وأكد الخلفاء الراشدون
ذلك في وصاياهم بأهل الذمة. وتعطي الروايات اليهودية صورة طيبة لنظرة الخلفاء
الأوائل للجماعات اليهودية، وخاصة في العراق([7])..
وفي الشام، كانت المعاملة حسنة، وعومل "اليهود السامرة"([8])
معاملة خاصة، لتعاونهم مع العرب المسلمين.. وكان التزام الأخيرين بالعهود،
وحمايتهم لأهل الذمة، مدعاة احترام هؤلاء، ومودتهم. وفوق ذلك، فإن الشـريعة
الإسلامية لا تميز بين اليهود وغيرهم، من حيث الوضع القانوني، وهذا يعود إلى نظرة
الإسلام المفتوحة لأهل الكتاب([9]).
لقد أكد الإسلام على وحدة الأديان
السماوية في الأصل الإبراهيمي، ووفر للآخرين حرية العقيدة، ما داموا يلتزمون
بالعهود، ولا يعتدون على المسلمين، أو يعينون عليهم. وترك المسلمون لأهل الذمة
شؤونهم الخاصة وفق شـرائعهم، واستعانوا بالذميين من اليهود والنصارى، في الوظائف
المالية والكتابية، للاستفادة من خبراتهم. وكانت سمة التسامح على أشدها في صدر
الإسلام، ولا يمكن تفسير ذلك – كما حاول البعض من المستشـرقين وتلامذتهم التفوه
به-؛ بحاجة العرب المسلمين إلى الشعوب الأخرى في الإدارة، وغيرها، بل هي الثقة
بالنفس، وروح التسامح([10]).
عقيدة انتظار المخلص الموعود من نسل داود: المسيحانية"Messianism"
اصطلحت العبرية على استخدام لفظ (مشيحوت)، للتعبير عن مبدأ الإيمان
بخلاص شامل يتحقق على يد الملك المسيح (هامشيح)، الذي يعتبر قدومه مؤشـراً لبداية
مستقبل مثالي بكل ما فيه. وهي مأخوذة من الفعل العبري (ماشح)، الذي يعني، في عبرية
العهد القديم، أن يمسح بالزيت المقدس. أما مصطلح (المسيحانية/Messianism)، فهو مشتق
من اللغة العبرية، من الفعل: (ماشيح Mashiach)، الذي
يعني: "الممسوح بدهن الزيت المقدس- هامشيح": "The Anointed one"، على
عادة بني إسـرائيل في مسح الطفل، أو الملك المتوج، بدهن الزيت، كسِمة للقداسة
""Yehoshua أي (يهوه المنقذ)، وقد حور الاسم واتخذ صيغة (يشوع): "Yeshu"، وهو
الاسم الذي عرف به السيد المسيح -عليه السلام-، والذي يعني "الربُّ
يخلص"([11]).
وقد ترددت اللفظة اسماً ومصطلحاً معاً، في الكتاب المقدس: العهد القديم،
والجديد، ولمرات عديدة. ففي (سفر صموئيل الثاني) (22/51) نقرأ:
"أحمدك يا رب، وأورنم اسمك بين الأمم نصـراً عظيماً يمنح ملكه ويظهر رحمته
لمن مسحه، لداود وذريته إلى الأبد"([12]).
وجاء في (سفر اشعيا): "سيخرج من جذع يسـي (والد نبي الله داود -عليه
السلام-) وينمو غصن من أصوله، روح الرب ينزل عليه.. لا يقضـي بحسب ما ترى عيناه.
ولا يحكم بحسب سماع أذنيه، بل يقضـي للفقراء بالعدل، وينصف الظالمين بكلام كالعصا،
ويميت الأشـرار بنفخة من شفتيه. يكون العدل حزاماً لوسطه، والحق مئزراً حول خصـره،
فيسكن الذئب مع الخروف، ويبيت النمر بجانب الجدي"([13]).
وكان الأحبار والأنبياء يسمون من أجل المسح بالزيت (مسحاء الله)، وينهى العهد
القديم عن المساس بهم، كما جاء في (سفر أخبار الأيام الأول) (20/ 22): "لا
تمسوا مسحائي، ولا تؤذوا أنبيائي". وكان مسح الملوك أول شعائر التتويج
والمبايعة، فكان (شاؤول) و(داود) من هؤلاء المسحاء. ثم أطلقت كلمة مسيح مجازاً على
كل مختار منذور. فقد ورد في (سفر اشعيا): "إن كورش الملك الفارسي(=الأخميني)
كان مسيحاً للرب. لأن الرب أخذ بيده لإهلاك أعداء بني إسـرائيل، وإقامة الهيكل من
الجديد".
وجاء في (الإنجيل): "وبينما هو يفكر (يوسف النجار) في هذا الأمر، ظهر
له ملاك الرب في الحلم، وقال له: "يا يوسف ابن داوود، لا تخف أن تأخذ مريم
امرأة لك، فهي حبلى من روح القدس، وستلد ابناً تسميه (يسوع)، لأنه يخلص شعبه من
خطاياهم"([14]).
وجاء أيضاً: "ولما بلغ الطفل يومه الثامن، وهو يوم ختانه، سمي يسوع،
كما سماه الملاك قبلما حبلت به مريم"([15]).
ومع تخصيص جذع يسـي (والد النبي داود-عليه السلام-) بدور القيام بمهمة
المسيحانية المنتظرة، وتحقيق الخلاص النهائي لبني إسرائيل على يده، فإن الاسم
واللقب قد أطلقا على آخرين لا يمتون بصلة رحم إلى الفرع المنتخب إلهياً من بين
فروع بني إسـرائيل الأخرى (بني يعقوب –عليهم السلام-).
وقد شاع استخدام هذا الفعل في كتاب العهد القديم، للتعبير عن مسح الكهنة
والأنبياء والأمراء، وبعض الأدوات والأشياء. وهو تقليد كان شائعاً لدى شعوب الشـرق
الأدنى القديم. ولما كان المسح بالزيت يضع الشخص الممسوح في مكانة أعلى من جميع
إخوانه، لكي يكون في خدمة الرب؛ فإن ذلك يجعله أكثر قرباً من يهوه، كما يجعله
مختاراً منه، ويقوم بالحكم نيابة عنه، ويمنح بني إسـرائيل البركة باسم يهوه، وينفذ
شـريعته، وخططه، وكل ما يريد على الأرض، كما يجعل منه ملكا مقدساً لا تنتهك حرمته.
ومن خلال مسح الملك، وتسلحه بالروح السماوية، فإنه يتلقى حكمة خارقة، ولأنه قد
أصبح ملاك يهوه؛ فهو ينفذ كل رغباته على الأرض. وهو يعرف المستقبل، ويتمتع بحياة
أطول من كل البشـر، كما أن خبراته عظيمة، ويمكنه تحقيق ما يعجز عنه الآخرون.
ثم تطور المفهوم في عصـر التلمود، حيث أصبح يستخدم فقط للدلالة على ملك
يأتي في المستقبل، مزوداً بقوى من الرب الذي اختاره، لينفذ مهمة تخليص بني
إسـرائيل من الأعداء، ويحكمهم كملك عظيم، ويخضع باقي الشعوب الأخرى لسيطرته
الدينية والسياسية([16]).
وقد كانت فكرة الخلاص في العهد القديم إحدى الأفكار التي شوهها أحبار
التلمود، ومعاصريهم من أدباء الأبوكاليبس([17])، أو الأدب الرؤيوي، فبدلاً من التمسك بدعوة الأنبياء بأن
يكون مجيء الخلاص مرتبطاً بعودة بني إسرائيل إلى الطريق القويم، في عبادة الرب،
ونبذ عبادة الأوثان، وكافة الموبقات الأخرى؛ من انحلال خلقي، وفساد اجتماعي، نحى
أحبار التلمود، ومعاصروهم من الكهنة، وأدباء الأبوكاليبس، بمفهوم الخلاص منحى
عنصـرياً، حيث أصبح يشير إلى الإيمان بمجيء ملك يهودي ترسله السماء، يتميز بقدرات
قتالية خاصة، يقود بني إسـرائيل، ويضعهم -طبقاً لهذا المفهوم المتطور - على قمة
السلم البشـري. وتحت تأثير قبول عقائد أخرى (=
الغنوصية)، المتمثلة في الفلسفة الأفلاطونية المحدثة، وعقائد ثنوية
إيرانية، تبعد عن شـريعة موسى، وتحت تأثير العنصـرية والدونية، التي يتحدث منها
أولئك الأحبار، نتيجة الهزائم العسكرية المتكررة التي لحقت بهم على يد الآشوريين
والبابليين واليونان والرومان، وضع أحبار التلمود شـروطاً أخرى لمجيء هذا الملك المسيح،
عرفت باسم (مخاض المسيح)، هي في مجملها حالة الكوارث المدمرة الشاملة للعالم أجمع،
تتبعها حاله سلام وهدوء أبدي، يتميز فيها اليهود -كما يعتقدون - بوضع السيادة على
كافة أنحاء المعمورة، متعبدة، طائعة، مقدمة القرابين، لتتخذ من صورة الإله التي
يرسمها بنو إسـرائيل في هذا التراث، محطاً للعبادة، وتصبح عبادة الشعوب لصورة هذا
الرب، خضوعاً لبني إسـرائيل في الوقت ذاته.
وفي مجموعة أخرى، عرفت بـ (معجزات المسيح)، يتحدث فيها أحبار اليهود عن
تصورهم لوضع غيرهم من الأمم الأخرى في عصـر المملكة المسيحانية، يقول الربي يوسى:
"سيجلس الرب المبارك، ويسحق الأغيار شيئاً فشيئاً، ولا يقدرون على البقاء
أمامه، لأن التوراة تكون عليهم نيراً عظيماً، يحاولون التخلص منه"([18])..
فقد أطلق على الملك الأخميني (كورش الثاني) (559-530 ق.م)، لقب (المسيح
المنتظر)، تكريماً له، جرّاء قضائه على المملكة الكلدانية (البابلية)، واحتلال
عاصمتها (بابل)، عام 539ق.م، وإصداره أوامر تقضـي بالسماح ليهود الأسـر البابلي
بالعودة إلى (فلسطين)، ومساعدتهم مادياً من أجل إعادة بناء المعبد السليماني (هيكل
سليمان)، الذي دمره الملك البابلي (نبوخذ نصـر) عام586 ق.م.. فجاء في (سفر اشعيا):
"وهذا ما قاله الرب لكورش، الذي مسحه، وأخذ بيمينه، ليخضع له الشعوب، ويضعف
سلطان الملوك، حتى يفتح أمامه المصاريع، فلا تغلق في وجهه الأبواب: أسير قدامك،
فأمهد الجبال، وأحطم مصاريع النحاس، وأكسـر مغاليق الحديد، وأعطيك الكنوز الدفينة،
والذخائر المخبأة، فتعلم إني أنا الرب، إله إسـرائيل، الذي دعاك باسمك، {أي
الممسوح}([19]).
كذلك أطلق الاسم في (سفر
زكريا) على شخصيتين، هما: الكاهن الأعظم يشوع، والملك زربابل، وهو حفيد الملك
(جيهوى أشين)، وكان وقتها زعيماً ليهود المنفى، الذين عادوا من بابل إلى يهودا
(=المملكة الجنوبية قبل تدميرها على يد نبوخذ نصـر)، بموافقة الملك كورش الثاني.
وعين (زربابل) في ظل حكم الملك (داريوس الأول)، في سنة 521ق.م حاكماً لمقاطعة
يهودا (=أورشليم- القدس، وأطرافها)، وكان آخر حكامها من بيت داود. ويتحدث (كتاب
زربابل)، الذي كتب في زمنه، والذي قيل أنه وجد منقوشاً على الحجر، عن رؤى رآها
زربابل (بذر بابل) عن ظهور المسيح ([20]).
وقد ألفت أعمال كثيرة عن
الآمال المسيحانية التي نشأت عن كتاب زربابل، وتقول دائرة المعارف اليهودية:
"رغم أنه من الصعوبة تحديد تواريخ مختلف الأعمال التي يتكون منها هذا الأدب
المسيحاني، فلا يستبعد أن يكون بعضها سابقاً حتى على كتاب زربابل... وقد كان لهذه
الكتابات تأثير كبير على اليهود في العصور الوسطى" ([21]).
وتزامنت الفكرة دائماً مع
حقب المحن والفتن والملاحم، وموجات الاضطهادات والتصفيات الجماعية لليهود على أيدي
خصومهم Trauma Suffering، وحالات نفسية تتسم بالإحباط والخذلان Frustration، وأن ظهور
المنتظر الغائب، والمنقذ الموعود، من نسل داود، هو سفينة النجاة، وطريق الخلاص مما
يعانون من مذلة وصغار، وضياع وتشتت، وغياب سلطان، وما يتجرعون من قسوة وظلم
وامتهان، وما يحسونه من إحباط ويأس وخذلان في ديار العبودية والشتات Bandag of Exile([22]).
ولقد تعرض اليهود،
ومؤسساتهم الدينية، إلى حملات عديدة من القتل والتخريب والهدم على يد أعدائهم،
ومنها:
1.
التدمير الأول لأورشليم وهيكل سليمان عام 586-587 ق.م، على يد الملك
الكلداني البابلي (نبوخذ نصـر)، ثم الأسـر البابلي.
2.
التدمير الثاني لأورشليم وهيكل سليمان، على يد القائد الروماني (تيتوس)،
عام 70م، وفرضه قسـراً إجلاء بني إسـرائيل عن (فلسطين). ويبدو أن اليهود الذين
عاشوا في شمال الجزيرة العربية، وجنوبها (اليمن)، هم من هؤلاء اليهود([23]).
3.
المذبحة الهائلة التي أنزلها الإمبراطور الروماني (هادريان)، عام 132م،
باليهود، إثر فشل حركة التمرد الفاشلة التي قادها الزعيم اليهودي (شمعون باركو
خيبا Simon Bar Kochiba)، الذي
انتحل صفة المسيحانية، وادعى أنه المسيح المنتظر، وقد قتل (باركو خيبا)، ومعه عدة
آلاف من اليهود، بعد استسلامهم للإمبراطور الروماني، الذي دمر (أورشليم)، وبنى على
أنقاضها مستعمرة رومانية، أسماها (كولونيا إيليا كابتولين)([24]).
وبناء على ما تقدم، فقد
سـرت إلى بنية العقيدة اليهودية عناصر رؤيوية ذات مضامين أخروية ، فصارت العقيدة
تبعاً لذلك تتضمن الإشارة إلى مرحلتين متتابعتين، أولاهما: تمهيدية، تسود فيها
المظالم، وتعم المفاسد، ويبتلى بنو إسرائيل فيها عادة بالحكم الأجنبي، وسطوته،
والقهر والاضطهاد والقسوة والمعاناة. وهذه المرحلة التمهيدية؛ تبدأ بعد أن تملأ
الأرض ظلماً وجوراً وفساداً، مما يستدعي عودة النبي (إيليا) من السماء، الذي سيمهد
- بجهاده وقتاله ضد أعداء بني إسـرائيل- للخلاص، ثم يصعد إلى (جبل الكرمل) ليعلن
نهاية الفواجع والكوارث، بل والتاريخ Consummation of History، وقيام عهد
جديد، هو العهد المسَائي على الأرض.
ومع ظهور السيد المسيح –
ببشارته-، ولأنه من جذع (يسـي)، ومواليد (بيت لحم)([25])،
فقد افترقت السبل باليهود مع مجيئه، فاعتقدت طائفة منهم أنه المنقذ الإلهي
المرتقب، وأنه المقصود بما ورد في الأسفار عن المسيا من أن اسمه : المسيح بن يوسف،
واحتجت هذه الطائفة بما جاء في نبوءة النبي (اشعيا) عنه: "ولكن السيد الرب
نفسه يعطيكم هذه الآية: ها هي العذراء تحبل وتلد ابناً، وتدعو اسمه (عمانويل)،
يأكل زبداً وعسلاً، إلى أن يعرف كيف يرفض الشـر ويختار الخير([26]).
فآمنوا برسالة السيد المسيح، واتبعوه، وصاروا يشكلون فرقة : يهودية – مسيحية: Judaizing Christians – Christianized Jews، وقد استمرت هذه الطائفة، التي لفقت في عقيدتها بين اليهودية
والمسيحية في الوجود، ردحاً طويلاً من الزمن، رغم أن اليهود والنصارى رفضوا معاً
الاعتراف بهم([27])، حتى أن الراعي
المسيحي (خريسوستوم Chrysostom) – الذي عاش أواخر القرن الرابع الميلادي – اضطر للتنديد بهذه
الطائفة بمدينة (أنطاكية) باسم المسيحية، التي كانت آنئذ قد غدت ديانة رسمية
للإمبراطورية البيزنطية.
أدعياء اليهود للمسيحانية قبل الإسلام
على الرغم من أن المسيح
المخلص غير مذكور بشكل صـريح في (التوراة)، إلا أن هناك إشارات له، ولعصـره، في
بعض أسفارها. كما أن بحث هذه الفكرة عند اليهود، والخوض في تفصيلاتها، أضفيا على
المسيح المخلص أوصافاً معينة، يتميز بها عن بقية البشـر، ويختلف فيها عنهم. فقد
قالوا إنه يجب أن يكون من نسل النبي داود – عليه السلام –، وأن يكون قاضياً،
ومعلماً للتوراة، كما يجب أن يكون نبياً، بل أفضل الأنبياء بعد موسى - عليه السلام
-، وأن ولادته يجب أن تكون في اليوم التاسع من آب، طبقاً للتقويم العبري. ثم لا بد
أن تكون هناك موطئات لظهوره، وعلامات، ذكروها وناقشوها في أدبياتهم. وقبل ظهوره لا
بد أن يظهر النبي (الياهو) (= إيليا = الخضـر، في التراث الإسلامي)، بفترة قصيرة،
يعلن عن ذلك. كما يجب أن يظهر قبله مسيح آخر اسمه (المسيح ابن يوسف)، من قبيلة
(أفراييم (= ابن يوسف)، موطئاً، وممهداً، ويخوض حروباً، حيث يسقط في آخرها صـريعاً
على أبواب (أورشليم). وسيقود المخلص اليهود منتصـراً، ويأخذهم إلى (فلسطين)، حيث
سيحكم العالم منها، وتخدمه الأمم والشعوب.
وطبقاً لما يذكره اليهود، فإنَّ العصـر المسيحاني سيكون عصـراً ذهبياً،
تنعدم فيه المجاعة والحروب والصـراعات بين الناس، وتعم الرفاهية والسعادة، ويزول
الحزن والأمراض من بينهم، بل وتطول أعمارهم، ومن يموت وعمره مائة يعتبر صغيراً،
كما جاء في (سفر اشعيا): "لا يموت هناك طفل أيام، ولا شيخ لم يستكمل أيامه،
لأن صغير السنِ يموت وهو ابن مائة سنة، والذي يموت دون مائة فإنَّه ملعون"([28]). وتذكر الأدبيات
المسيحانية أن هذه الحقبة ستطول لألفي سنة، قبل حلول يوم القيامة.
وبعد رفض عامة اليهود
الإقرار بمسيحانية السيد المسيح، تنامت دعوات المسيحانية، وعلى تعاقب القرون،
فادعاها بحسب التسلسل التاريخي:
1-
بين الأعوام 52 و45 للميلاد ظهر رجل يهودي من (مصـر)، وادعى بأنه نبي،
وتبعه حوالي ثلاثون ألف رجل، فقادهم إلى (جبل الزيتون)، عند (أورشليم)، وقال لهم
بأن حيطانها ستسقط بأمره، وسيحررها من سيطرة الرومان، ثم دارت الدائرة على أتباعه
على يد الجيش الروماني.. ويظهر مما ورد في (العهد الجديد) أن هذا المتنبئ بقي حياً
بعد هذه المعركة([29]).
2-
شمعون باركوخبا، يهودي ظهر في (فلسطين) في القرن الثاني الميلادي، وادعى
بأنه من نسل الملك داود، وقاد ثورة ضد الحكم الروماني في الأعوام 132-135م، انتهت
بقتله، وأتباعه، على يد القائد الروماني (يوليوس سيفردس)([30]).
3-
في حدود عام 448م ادّعى يهودي من (جزيرة كريت) بأنه موسى، وأنه أرسل ليخلص
اليهود. وقد وعد من كان في الجزيرة منهم بأن يأخذهم عن طريق البحر الأبيض المتوسط
إلى (فلسطين)، دون مراكب، حيث يفلق لهم البحر، كما فلقه موسى (عليه السلام)، وقد
ضـرب لهم موعداً لذلك. فلما جاءوا البحر، نادى على البحر أن ينشق، ولكنه لم ينشق،
ومع ذلك فقد أمرهم أن يقفزوا فيه، فأطاعوه وقفزوا، فغرق منهم من غرق، ونجا منهم من
نجا. أما المخلص المزيف، فقد اختفى ولم يعثر له على أثر ([31]).
4-
في حوالي 645م أعلن رجل من يهود أفريقية عن ظهور المسيح، وزعم أنه الموكول
بإعادة الأسباط العشـرة المفقودين إلى أرض الميعاد، وجمع حوله ما يقرب من أربعمائة
رجل من الحاكة والقصارين، وهجم بهم على مجموعة من أديرة المسيحيين، وحرقوا ثلاثة
منها، وقتلوا أحد رؤسائهم. فقبض على اليهودي، فصلب، وقتل أتباعه([32]).
أدعياء اليهود للمسيحانية في العصر الإسلامي
لقد سكن الجزيرة العربية يهود كثيرون، كما حكمت اليمن أسـرتان ملكيتان
يهوديتان، ومن المرجح أن تكون الآمال المسيحانية قد ثبتت أفئدة اليهود العرب أثناء
تدمير المملكة الحميرية على يد الأحباش، وما تبعها من اضمحلال لمركزهم. والإشارات
المختلفة، التي ساقها المؤرخ ابن إسحاق (المتوفى سنة 151هـ) للنبوءات اليهودية
المتعلقة ببعثة (نبي)، قد تكون نتيجة لقراءة مختلفة لبعض الكتابات اليهودية
المسيحانية. وكان ابن إسحاق، وعلماء المسلمين الذين جاءوا من بعده، يظنون أن
اليهود - الذين تنبأ أحبارهم بمبعث نبي - كانوا في حقيقة الأمر ينتظرون مبعث النبي
محمد -صلى الله عليه وسلم-، "أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي
في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به"([33]). وهذا واضح وضوح
الشمس في رابعة النهار، أن أياً من الأنبياء الإسـرائيليين، الذين جاءوا من بعد
موسى (عليه السلام)، في تعاقبٍ متطاولٍ، حتى ظهور المسيح (عليه السلام)، لم يدّع
أنه النبي الموعود في هذه النبوءة([34]). وأنهم حين أعلن
النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- نبوته، جحدوا هذه النبوة عامدين([35]).
ولكن يهود الحجاز - فيما يبدو - لم
يروا أيّ آية، ولم يشهدوا تحقق أيّ نبوءة، وقد ذكر ابن إسحاق: "وقد دعا رسول
الله - صلى الله عليه وسلم- يهود إلى الإسلام، ورغّبهم فيه، وحذرهم غيرة الله
وعقوبته، فأبوا عليه، وكفروا بما جاءهم به. فقال لهم (الصحابة) معاذ بن جبل، وسعد
بن عبادة، وعقبة بن أمية: يا معشـر يهود، اتقوا الله، فوالله إنكم لتعلمون أنه
رسول الله، ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه، وتصفونه لنا بصفته. فقال رافع بن
حريملة، ووهن بن يهوذا (= يهوديان): ما قلنا لكم هذا قط، وما أنزل الله منٍ كتابٍ
بعد موسى(عليه السلام)، ولا أرسل بشيراً ونذيراً بعده..."([36]).
وعلى أية حال، فقد ادعى العديد من اليهود أنهم المسيح المخلص (المنتظر)،
وهم حسب التسلسل التاريخي:
1-
في عام 102هـ/720م، أيام الخليفة الأموي يزيد بن عبد الملك، ادّعى يهودي
سوري اسمه (سفيروس)، أو (سيرينوس= سيرين Serenas)، أنه
المسيح المخلص([37])، وتنبأ بمعجزة تعود
بها (فلسطين) إلى اليهود، وادعى (سيرينوس) أنه نبي، لا لليهود وحدهم بل
للمسلمين، كذلك ألغى بعض أحكام الفقه اليهودي، التي مصدرها التلمود وليست التوراة،
التي تحرم أطعمة بعينها، وسمح بالزواج دون عقد، بل ذكر عنه، وعن أتباعه، بأنهم لم
يكونوا يصلون. وقد صدقه جمع كبير من اليهود، بل وحتى المسيحيين، وجمع أموالاً
ومتاعاً، بحجة استعمالها في طرد المسلمين من (فلسطين)، وإقامة دولة اليهود. وقد
ذاعت شهرة (سيرينوس) حتى وصلت إلى (إسبانيا) (الأندلس)، التي كانت في ذلك الوقت
تحت الحكم الإسلامي. وبهذا الصدد يذكر أحد المعاصـرين: "أن يهود ذلك البلد
قرروا النزول عن ممتلكاتهم، ووضعوا أنفسهم تحت قيادة هذا الشخص، الذي كانوا
يشبهونه بالمسيح"([38]).
وقد ألقي القبض عليه بعد بضع
سنوات، في عام 106هـ/724م، في أيام الخليفة هشام بن عبد الملك، في رواية، وفي
رواية إلى الخليفة يزيد بن عبد الملك. ولما سأله الخليفة هشام عن مدّعاه، أجابه
بأن دعوته كانت لتضليل اليهود، والسخرية منهم، وأن ادّعاءه لم يكن عن إيمان
وعقيدة، فترك أمره إلى أبناء ملته، وقيل بل أمر بقتله([39]).
2- عبيد الله أبا عيسـى إسحاق بن
يعقوب الأصفهاني، وقيل كان اسمه ابن عيسى عاديا (عوفيد)، هناك خلاف بين المصادر
الإسلامية واليهودية في التوقيت الذي ابتدأ الأصفهاني دعوته، ففي حين تشير المصادر
اليهودية إلى أن زمن ادعائه بأنه المسيح المنتظر جاء في زمن الخليفة الأموي عبد الملك
بن مروان(65- 685 /86هـ-705م)، وفق دائرة المعارف اليهودية([40])، وفي زمن آخر خلفاء
بني أمية مروان بن محمد( 127-744 /132هـ - 750م)، حسب مرجع آخر([41])، اعتماداً على كتاب
(الملل والنِحل) للشهرستاني (المتوفى سنة 548هـ). يلاحظ بأن المصادر الإسلامية
تذكر بأن الأصفهاني دعا إلى نفسه في بداية قيام الخلافة العباسية، في زمن الخليفة
أبو جعفر المنصور(136-158هـ)، وكان قد ابتدأ حركته في أواخر حكم الدولة الأموية.
ويعتقد أنها استمرت حتى أيام الخليفة أبو
جعفر المنصور. وقال لليهود إن للمسيح خمسة رسل، يأتون قبله واحداً بعد الآخر، وزعم
أن المسيح أفضل ولد آدم([42]).
ويذهب ابن حزم (المتوفى سنة 456هـ) أن محمد بن عيسى كان يؤمن بأن عيسـى نبي بعثه
الله بالإنجيل إلى بني إسـرائيل، وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم- نبي بعثه الله
بشـريعة القرآن إلى بني إسماعيل (عليه السلام)([43])، وزعم أن الله كلّمه
وأمره بتخليص اليهود من أيدي الأمم العاصية الظالمة. وحرم أبو عيسـى أكل اللحوم،
وشـرب الخمر، والطلاق، وأوجب سبع صلوات (سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام برك)([44]). وكان أبو عيسـى
اليهودي خياطاً أمياً، لا يقرأ ولا يكتب، ونسب إليه تأليف عدة كتب، واعتبر أتباعه
ذلك معجزة، لأنه لم يكن يقرأ ويكتب. وظل أبو عيسـى ثائراً ضد الخلافة العباسية
لعدة سنين، وعندما هوجم من قبل جيش الخليفة المنصور، خط حول أتباعه خطاً بعود آس،
وقال لهم أقيموا داخل الخط فليس ينالكم عدو أو سلاح، فكان الجيش العباسي يحملون
عليهم حتى إذا بلغوا الخط تراجعوا عنهم خوفاً من طلسم أو عزيمة، ولكن أبو عيسـى
خرج من الخط وحده على فرسه، وقاتل الجيش العباسي، وقتل عدداً منهم، ثم قتل، وانهزم
أصحابه. وفي رواية أخرى يذكر الشهرستاني أنه قتل على يد جيش المنصور، في منطقة
(الري)([45]).
وكان (سنباذ)، وهو أحد القادة الإيرانيين،
من أهالي منطقة نيسابور التابعة لإقليم خراسان، قد ثار ضد الخليفة العباسي أبو
جعفر المنصور سنة 140هـ/ 757م، انتقاماً منه بسب قتله لأحد قادة الثورة العباسية
(أبو مسلم الخراساني)، في 5 شعبان 137هـ/ 755م. واستطاع أن يجمع حوله الكثير من
الأتباع، في مدة قصيرة، واحتل - في البداية- (قومس) (=كومش)، ووضع يده على الخزائن
التي كان أبو مسلم قد أودعها في تلك المدينة، ثم ما لبث أن أعلن عزمه على التوجه
صوب بلاد العرب المقيمين الحجاز، وأعلن اعتزامه هَدم الكعبة المشـرفة. ويعتقد أن
الداعي اليهودي أبو عيسـى الأصفهاني استغل انشغال المنصور بحركة سنباذ، فثار هو
الآخر، فكان أن قضـى قائد المنصور (جهور بن مرار العجلي) على حركتي سنباذ المجوسي،
وأبو عيسـى اليهودي، مرة واحدة، وقتل غالبية أتباعهما في منطقة (الري)، سنة 140هـ/
757م([46]).
3 - في الحقبة نفسها، ادعى أحد
أتباع (أبو عيسـى الأصفهاني)، واسمه (يوذعان)، أو يهوذا، من مدينة (همدان)، ادعى
أنه المسيح المخلص، وقد حرم الخمر، وأكل اللحم، كما فعل أبو عيسـى، وشـرع أيضا
صلوات وصياماً، وكان يرى بأن الأعياد والسبت ما هي إلا رموز قد بطلت، بعد أن هدم
الهيكل. وكان أتباعه يجبرون اليهود على اتباع ممارساتهم، وكان أيضاً يحث على الزهد
والإكثار من الصلاة، وكان يقول بأن للتوراة ظاهراً وباطناً، وتنزيلاً وتأويلاً.
وقد خالف في تأويلاته عامة اليهود، كما خالفهم في التشبيه، ومال إلى القدر، وأثبت
الفعل حقيقة للعبد، وقدر الثواب والعقاب عليه، وشدد في ذلك([47]).
ويذكر أحد مؤرخي الأديان، أن اليوذعانية، أو المقاربة، هم كالباطنية في المسلمين
([48]). وتشير بعض الروايات بأن شـرذمة من أتباعه كانت
باقية إلى عام 938م([49]).
4- في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، توفي حاخام العراق
الأكبر ورأس الجالوت([50]) في الدولة الإسلامية،
وكان اسمه (الجاؤون سليمان)، ويبدو أنه لم يترك ولداً يخلفه في وظيفته، وكان أحق
المرشحين لهذا المنصب ابن أخيه (عنان بن داود)، فعارض في انتخابه أكبر رجلين
باقيين على رأس اليهود في الدولة الإسلامية، وهم: دوداي بن نحمن، مدير الأكاديمية
البابلية في (فومبديثة) (= فم البداق – قرب الأنبار) - نهر دعة (= بالقرب من مدينة
الفلوجة الواقعة على نهر الفرات)، و يهوداي بن البصير، عميد الأكاديمية البابلية
في (سورا) (= منطقة الفرات الأوسط – قرب مدينة الحلة)، بسبب ما ذكر عنه من فساد
السيرة وسوء الأخلاق وقلة التقوى، واختارا لزعامة يهود العراق الأخ الأصغر لـ(عنان
بن داود)، وكان اسمه (حنانيه بن داود)([51])، لا سيما وأن بعض علماء اليهود قد تأثروا بآراء
المعتزلة وأصحاب (الكلام) من المسلمين، فصاروا ينتقدون تعاليم الربانيين، ويتحفزون
للخروج على أحكام التوراة وقيودها. وكان على رأس هذه الحركة ثلاثة من علماء
اليهود، هم الربيون: أفراييم، واليشع المعلم، وحنوكة([52])،
فوجدوا في ثورة (عنان) ضالتهم المنشودة، ونصبوا (عنان بن داود) على رأس حركتهم.
فأسـرع الربانيون([53]) بالشكوى إلى
الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، الذي أمر بحبس (عنان). ويروي بعض المؤرخين أن
(عنان) هذا لقي الإمام أبا حنيفة النعمان (المتوفى سنة 150هـ) في السجن، فأشار
عليه أن يدعي أنه صاحب دين، وأنه يؤمن بعيسـى ومحمد - عليهم الصلاة والسلام-
نبيين، وأنه اختار الأعياد طبقاً لرؤية الهلال، بدلاً من الحساب الفلكي، وأنه يصـر
على أن آراءه ليست بآراء اليهود القدماء، وليس ثائراً على رأس الجالوت، لذا أطلق
على حركته اسم (القرائيين)، أو بني المقرأ ([54]).
وبعد إطلاق سـراحه رحل إلى (فلسطين) هو وأتباعه، حيث شيدوا لهم كنيساً([55])،
وإن كان بعض الباحثين المحدثين يرفض رواية السجن هذه، ويرجحون أنه لا صحة لها من أساسها،
وينفون ما زعمه باحثو الربانيين من تأثر القرائين بالشيعة الأثني عشـرية، وأن
(عنان) كان تلميذاً للمعتزلة الذين وقفوا موقف الحذر من بعض الأحاديث النبوية،
وتحرجوا من اعتبار الحديث مصدراً أساسياً للتشـريع الإسلامي، كما أن رفض (عنان بن
داود) للتلمود ليس مردّه الحقد على الربانيين، بل بسبب الصـراع على منصب رئيس
الجالوت، كما قيل([56]).
ويرجح البعض عودة نشأة هذه
الفرقة إلى فترة سابقة على عصـر (عنان)، وإلى أن جذور تاريخ القرائيين يمتد إلى
أعماق التاريخ اليهودي، كما ذكر أحد المؤرخين أن (العانانية) نسبة إلى (عانان بن
داود)، وأشار بأنها فرقة غير القرائيين، الذين يرجع تاريخ نشأتهم إلى فترة سابقة
في التاريخ اليهودي([57]).
وقد اعتبر مؤرخو عصـر
المماليك، أن الربانيين والقرائيين بمثابة الفرقة الواحدة، وذلك رغم أنه كان لكل
من الفرقتين معابدها الخاصة. فقد اتفق القراءون، والربانيون، على استخراج ستمائة
وثلاث عشـرة فريضة من التوراة، كما اتفقوا على نبوة موسى وهارون ويوشع، وعلى نبوة
إبراهيم وإسحق ويعقوب، وهو (إسـرائيل)، وأبنائه الاثني عشـر (الأسباط)، ولم يعترف
القراؤون بغير هؤلاء([58]).
5-
في بداية القرن الثاني عشـر الميلادي (السادس الهجري)، ادعى رجل يهودي اسمه
سلمون (سليمان)، ظهر في (فلسطين)، بأنه المسيح المخلص الذي تنتظره اليهود:
"إنَي مرسل رسولي، فيعد الطريق أمامي، ويأتي فجأة إلى هيكله (المعبد)، السيد
الذي تلتمسونه، وملاك العهد الذي ترضون به. ها إنِي آتٍ، قال رب الجنود"([59]).
وكان (سلومون) يسافر من مكان إلى آخر، يعد اليهود بأنه سيجمعهم بعد شهرين ونصف إلى
أورشليم (القدس)، وقد تعجب اليهود من ادعائه، لأنه كان كاهناً، والكاهن من نسل
قبيلة (لاوي)، وليس من نسل نبي الله داود (عليه السلام)، الذي هو من نسل (يهوذا)([60])،
الذي هو شـرط في المسيح المخلص، كما تمت الإشارة إليه سابقاً. وكان يقول للناس
بأنه سيذهب إلى (مصـر)، "وآتي بإخوتنا منها إلى أورشليم". وكان (سلومون)
الكاهن من فرقة القرائين([61])،
وهو أول قرائي يدعي أنه المسيح([62]).
6-
في عام 1172م/604هـ ظهر يهودي في مدينة (فاس) بالمغرب، اسمه (موسى الدرعي)،
وكان من علماء اليهود المعروفين، وقال لليهود بأنه المسيح، وأنه سيحقق معجزته في
الليلة الأولى من الفصح اليهودي (= التسع من شهر نيسان). وقد أمر أتباعه أن يبيعوا
أمتعتهم، وأن يصبحوا مدانين للمسلمين، وذلك بشـراء ما قيمته ديناراً بعشـرة
دنانير، من أجل أن يحققوا ما جاء في التوراة: وأعطى الرب نعمة للشعب في
عيون المصـريين، حتى أعاروهم، فسلبوا المصـريين"([63]).
وقال لهم، في تعليل ذلك: لأنَهم سوف لا يرونهم بعد ذلك. ولكن عيد الفصح جاء ومضـى
ولم يحدث شيء، وأصبح الذين صدقوه فقراء صعاليك بسبب دَينهم للمسلمين، وهرب الدرعي
إلى فلسطين، ومات هناك([64]).
تصدي علماء الكلام اليهود لأدعياء المسيحانية
لقد تصدى أكابر متكلمة اليهود
لدعاوى الوقاتين، ونددوا بتنبؤاتهم عن ميعاد ظهور المسيا (المسيح المنتظر)، كما هو
واضح في كتابات سعديا بن يوسف الفيومي(892-942م)، وموسى بن ميمون(1135-1204م)([65])، ويوسف
البو(1380-1444م)، المتأثرين بالنزعة العقلية الاعتزالية. فأنكر هؤلاء دعاوي
الوقاتين، وسحرهم، وشعوذتهم، وأكدوا وقرروا أنه لا يجوز لأحد التنبؤ بقدوم المنقذ
الإلهي (المسيح المنتظر)، "فعِلْمُ ظهوره لا يعلمه إلا الله"([66])،
مع تأكيدهم للمقاصد الغائية للمسيحانية، من أن ظهور المخلص بشارة لدخول بني
إسرائيل الأمان، وأن الإنسانية ستجد طريقها الصحيح إلى الدين الحق، وتعاليم
التوراة وشـرائعه، وستنعم البشرية بالرشاد تحت ظل مبادئ العدل والإخوة والمساواة،
وستسقط كل العوائق والموانع التي كانت تحول دون الانكباب على دراسة التوراة،
والاستهداء بتعاليمه، وستنتهي عصور الخصومات والحروب، وتنعم البشـرية بالسلام
والرفاهية بمجيء وقيام السيادة الإلهية على الخلق أجمعين. فصار الوقاتون يبحثون عن
تاريخ محدد لظهور المسيا اليهودي، فحدد بعضهم عام 1096م، وهو عام بدء الحملات
الصليبية، عام ظهور المخلَّص، والسنة المنشودة للخلاص النهائي المحتومThe Year Of The Deliverance. ولما أثبتت الأحداث أن الحروب الصليبية كانت
شؤماً ودماراً كاملاً ليهود أوروبا، إذ جعل الصليبيون شعارهم الأول: "الثأر
للسيد المسيح من قتلته اليهود"، واتهموا اليهود بموالاة المسلمين، مما جر إلى
سلسلة متعاقبة من حملات الاضطهاد والتنكيل والمذابح الجماعية، ومصادرة الأموال
والممتلكات، وفرض الإقامة الجبرية على اليهود في مناطق مقفلة، حصـروا فيها (Ghetto)، وألزموا
بلبس القبعات المدببة (The Jew Hat)، ووضع شـرائط صفراء على صدورهم،
بغية فرزهم وفصلهم عن المسيحيين (The Yalow Badge)([67]).
وهكذا انتهى الأمل بالخلاص بنتائج
سلبية، ومعاناة قاسية.. وفي القرنين التاليين للحروب الصليبية، عاد الوقاتون إلى
تحديد تواريخ أخرى لمجيء المخلص من آل داود، فافترضوا عامي 1348م و1403م ميقاتاً
معلوماً لظهوره، استخلاصاً من الرؤويات المبثوثة في (سفر دانيال)([68]).
داود مناحيم بن سليمان ابن الروحي العمادي (1099 – 1160م)
هناك تضارب واختلاف في
تدوين حادثة فتنة (داود بن سليمان الروحي (الرائي) بين المصادر اليهودية
والإسلامية، فالمصدر الإسلامي الوحيد عنه هو كتاب (بذل المجهود في إفحام اليهود)،
لصموئيل(السموأل) بن يحيى بن عبده المغربي (المتوفى سنة 570هـ/1175م)، الذي اعتنق
الإسلام ببغداد سنة 558هـ/1162م([69])،
وغادرها الى إقليم (أذربيجان)، حيث خدم بيت (بهلوان)، وأمراء دولتهم، وتوفي في
مدينة (مراغة) سنة 570هـ/1174م([70]).
فيما لم يشـر المؤرخ الشهير ابن الأثير (المتوفى سنة 630هـ/ 1232م) إلى هذه
الحادثة، رغم معاصـرته لها.
أما المصادر اليهودية، فكلها تستند في روايتها
إلى رحلة (بنيامين بن يونا التطيلي)([71]).
وتختلف هذه المصادر في اسم بطل هذه الفتنة، فبنيامين يسميه (داود الروئي)، ويقول
المؤرخ اليهودي (ابن ويرغه)، في كتابه (سبط يهوذا)، إنه (داود الداود). وفي (سلسلة
التواريخ)، لابن يحيى، إنه (داود المنصور). وفي رواية: أن لفظة (الروئي) محرفة عن
لفظة (الرازي)، نسبة إلى مدينة (الري)، المدينة الإيرانية المعروفة، التي كانت
عاصمة لإقليم الجبال، والتي بنيت مدينة طهران في شمالها([72]).
أما بخصوص المصادر الإسلامية، وتحديداً كتاب (بذل المجهود في إفحام اليهود)، فإنه
يسميه (مناحيم بن سليمان)، ويعرف بابن الروحي([73]).
ويعتقد أحد الباحثين اليهود المحدثين، بأن اسم (مناحيم) مختلق، أطلقه هذا
المسيح الدجال على نفسه، لأن التقاليد اليهودية تقول إن المسيح المنتظر يحمل اسم
مناحيم، أي (المعزي)، وعليه يمكن البت أن الاسم الكامل لبطل هذه الفتنة هو: داود
بن مناحيم بن سليمان المعروف بابن الروحي.
وبشأن تاريخ هذه الفتنة، فيمكن تحديده في خلافة (محمد بن المستظهر)، الذي
بويع له بالخلافة في 12 ذي الحجة سنة 530هـ/1136م، ولقب بالمقتفي لأمر الله، وتوفي
سنة 555هـ/1161م([74]).
وهذا واضح من قول الرحالة (بنيامين): "وقبل عشـر سنوات قامت في (العمادية)
فتنة داود ابن الروحي". ولما كان من المعلوم أن (بنيامين) زار (إيران) حوالي
سنة 1170م، لذا يبدو أن التاريخ التقريبي لوقوع الحادثة صحيح. كما يمكن الاستئناس
بما أورده (بنيامين) من أن (داود الروحي) قد تلقى العلم في (بغداد) على يد رأس
الجالوت، ورأس المثيبة. ولما كان رأس المثيبة (علي بن إسـرائيل اللاوي) قد تولى
رئاسة المثيبة من سنة 1152 إلى سنة 1160م، لذا أمكن القول بأن (داود ابن الروحي)
قام بحركته في حدود سنة 1160م/555هـ([75]).
وإذا كان (بنيامين) و(السموأل) يتفقان من حيث المبدأ في نشأة هذه الفتنة،
ودواعي أسبابها، فإنهما يختلفان في أَسلوب روايتها. فالأول يدافع عنه، وينسب إليه
الخوارق والمعجزات؛ بسبب يهوديته([76])،
في حين يتحامل الثاني عليه بالطعن والتشهير؛ لكونه قد دخل في الإسلام، وهاجم
اليهود واليهودية في كتابه (بذل المجهود في إفحام اليهود)([77]).
ولد (داود) في بداية حروب
الفرنجة عام
لمعت في خيال (داود) فكرة
تحرير القدس من يد الفرنجة (=الصليبيين)، فكيف الوصول إلى ذلك؟ حَول الفكرة إلى
عمل، وادعى أنه المسيح المنتظر، وأن الله أوكل إليه مهمة تحرير القدس الشـريف،
وأنه سيعيد العدل إلى هذه الربوع. نالت فكرته الرضا والقبول. وادعى أنه يعرف اسم
الله الأعظم، فهو إذن من العارفين بالله. قال (بنيامين التطيلي): “لقد تضلع
بالتوراة والفقه والتلمود وسائر العلوم، وبرع بلغة المسلمين ودياناتهم، ونبغ بفنون
السحر والشعوذة، ودخل في روحه أن يعلن العصيان على الأتابك قطب الدين بن مودود
التركماني (544-565هـ/1149- 1169م)، في خلافة المتقي لأمر الله العباسي، في منطقة
طبرستان (= مازندران - جنوب بحر الخزر – قزوين)، وجمع حوله يهود جبال تلك المناطق،
ودعا إلى مقاتلة الصليبيين، وقال لليهود: إن الله قيضني لفتح القدس، وإنقاذكم من
نير الاستعباد، فآمنت به مجاميع من البسطاء، وحسبوه المسيح المنتظر"([84]).
ولما خرج (داود الروحي)، طلبه عامل السلطان مودود، وسأله: "أمن صحيح
أنك ملك اليهود؟ قال داود: نعم، فأمر بالقبض عليه، وزجّه في السجن، وعقد مجلساً
للنظر في هذه الفتنة. فإذا بداود قد اختفى، وظهر في بلاد السلطان في (الموصل)، وهو
طليق من الأغلال والقيود. فدهش السلطان، وقادة الجيش، وسأله السلطان: كيف شخصت إلى
هنا؟ ومن أطلق سـراحك؟ فأجابه داود: بحكمتي ودهائي وحدهما، وأنا لست خائفاً منك،
ولا أخشـى وزراءك. فأمر السلطان (= سنقر بن مودود) حراسه بأن يقبضوا على (داود)،
لكن هؤلاء كانوا يسمعون صوته، ولا يرون شخصه. فهال السلطان هذا الأمر، وسمع صوت
(داود) يقول: إنني الآن ذاهب في طريقي. فشاهده الجميع وهو يبارح المكان، وتبعه
السلطان وجنده ووزرائه، حتى أشـرفوا على شاطئ النهر (قيزل أوزون). فرأوا داود
ينشـر طيلسانه فوق الماء، ويعبر عليه إلى الجانب الآخر... أما داود، فقد نطق ببعض
التعاويذ، ونطق باسم الله الخفي (= الأعظم)، فقطع بيوم واحد ما مسيرته عشـرة أيام،
فبلغ مدينة (العمادية)، وقص على أتباعه ما حدث..."([85]).
كتب السلطان السلجوقي (سنقر بن مودود) إلى الخليفة العباسي المقتفي لأمر
الله(530-555هـ/1136-1161م) بأخبار (داود بن الروحي) اليهودي، فطلب الخليفة من رأس
الجالوت، ورأس المثيبة، في بغداد، بإجراء اللازم، فحرروا كتاباً إلى داود، جاء
فيه: "ليكن بمعلومك أن موعد ظهور المسيح لم يحن بعد، وليس لدينا براهين عن
قرب ظهوره، وهذا الأمر لا يتم بشق عصا الطاعة. وإنا مطالبوك بالكف عما أنت فيه،
وإلا حرمناك من أن تكون من جماعة بني إسـرائيل". وأرسلت نسخة من الكتاب إلى
الرئيس (زكاي)، والى الفلكي المعروف ببرهان الفلك في الموصل، ليردعوا داود عن زيفه
وأباطيله، ولكن داود لم يرتدع([86]) .
يقول (بنيامين التطيلي) بهذا الصدد: وبواسطة الحيلة، أرسل الرئيس (رأس المثيبة في
الموصل) زكاي( = زكاي بن سليمان حسداي) إلى حمي داود عشـرة آلاف دينار، فدخل على
داود وهو يغط في النوم، وذبحه في فراشه، وتخلص العباد من شـره، وأرسل رأس الجالوت
إلى الأمير زين الدين علي بن بكتكين التركماني(539 -563هـ/1144-1163م) مبلغاً
جسيماً، وقدره مائة ألف دينار ذهباً، لكي يعفو عن اليهود في منطقة العمادية([87]).
لقد تجاهلت المصادر الإسلامية (داود بن الروحي)، ولم تذكره، والسؤال: هل
قصة داود مختلقة؟ أم هي حقيقية؟ يبدو أن قصة داود بن الروحي حقيقة تاريخية، ولكن
المؤرخين الإسلاميين أهملوها، ولم يتعرضوا لتدوينها، بسبب عدم أهميتها من وجهة
نظرهم، ولأنهم لم يذكروا إلا النذر اليسير من أخبار أهل الذمة من اليهود والنصارى،
وما جاء في كتبهم من النتف القليلة عن أخبار هؤلاء، أوردوها على سبيل العرض ليس
إلا، أو أنهم ذكروها لعلاقتها بتاريخ الخلافة، واشتراك المسلمين فيها. بينما كانت
هذه الأخبار مهمة من وجهة نظر مؤرخي يهود، ورجالتهم، لأنها تلقي ضوءاً على الجوانب
السياسية والثقافية والاجتماعية للمجتمع اليهودي، ضمن دولة الخلافة العباسية آنذاك([88]).
فالعالم اليهودي (السمؤال بن يحيى بن عباس المغربي اليهودي)، بعد اعتناقه
الإسلام سنة (558هـ - 1162م)، كتب كتاباً سمّاه (بذل المجهود في إفحام اليهود)،
تعرض فيه لقضية داود بن الروحي بإسهاب، جاء فيه: "خاطب داود اليهود بقوله:
لعلكم تقولون: لأي شي استفزنا داود؟ لسنا نريدكم لحرب أو لقتال، ولكن لكي تكونوا
واقفين بين يدي هذا القائم، ليراكم هناك من يخشاه من رسل الملوك الذين ببابه،
وينبغي أن يكون مع كل واحد منكم سيف يخفيه تحت أثوابه"([89]).
تعاطف اليهود في البداية مع داود،
وعندما انكشف أمره، وقتل، وصفوه بصاحب الفتنة المحتال. ولكن اليهود عانوا وبال
المشقة والخسارات والفقر في منطقة العمادية، أما ماذا حدث ليهود بغداد أثناء ظهور
داود؟ قال يحيى بن عباس المغربي: "فرح اليهود به، وقدموا أموالهم إلى ممثلي
المسيح المنتظر، واكتسـى الفقراء ثياباً، واجتمعوا على السطوح ينتظرون الطيران على
أجنحة الملائكة إلى بيت المقدس، وارتفع من النساء بكاء خوفاً على أطفالهن من أن
يطيروا قبل طيرانهن، فيجوع الأطفال بتأخر الرضاع عنهم. وعندما لم يحصل الطيران،
تعجب المسلمون لما اعترى اليهود عندما أسفر الصبح، واختفى ممثلو الدجال داود،
وانكشفت الحيلة، فسموا ذلك العام عام الطيران"، وهو عام (556هـ - 1160م)([90]).
وفي خبر يورده بنيامين التطيلي: "إن موسى بن ميمون عندما قبض على داود، وعرف
بمصيره، قال داود للوالي: إذا قطع رأسه لا يلبث أن يعود للحياة، فأمر الوالي بحز
رقبته، وعاجلته المنية، وانتهت هذه الفتنة"([91]).
ويذكر (السموأل)، الذي كان معاصـراً لهذه الحركة، بأنه رأى جماعة من يهود
الأعاجم (= إيران) في مدن: خوي، وسلماس، وتبريز، ومراغه، قد جعلوا اسمه (مناحيم)
قسمهم. وأما من في العمادية من اليهود، فصاروا أشد مباينة ومخالفة في جميع أمورهم
لليهود([92]).
وعندما وصل الرحالة اليهودي بنيامين التطيلي الى إيران، بعد عدة سنوات من
موت داود الروحي، وجد مجموعة من اليهود يعتقدون بمناحيم المسيح المنتظر، الذي
سيظهر مرة أخرى، كما وجد أتباعاً له في العمادية، وغيرها، يسمون (المناحمية)([93]).
وقد كتب السياسي البريطاني (بنيامين دزرائيلي) (1804 – 1881م)، الذي تولى
رئاسة الوزارة في بريطانيا مرتين (من 27 فبراير/ شباط إلى 1 ديسمبر/ كانون الأول
عام 1868م، ومن 20 فبراير/ شباط 1874 إلى 21 أبريل/ نيسان 1880م)، والذي كان من
أصل يهودي، رواية عن (داود الروحي – الرحى)، صوره فيها بطلاً قومياً فاتحاً([94]).
وقد أطلق اليهود الكورد، الذين هاجروا من العراق، اسمه على إحدى مستوطناتهم
في(إسـرائيل) (فلسطين المحتلة)([95]).
هذه هي صورة اليهودي المتمرد، الذي دفعته القبالة للخروج على السلطة؛ من
صورة اليهودي الذليل، إلى صورة اليهودي الرجل الثائر الذي أراد تحرير القدس من يد
الفرنجة.
خاتمة البحث
لقد تبين للباحث بعد هذه الدراسة، ما يلي:
أولاً: بشأن أوضاع اليهود في ظل الخلافة الإسلامية، نستطيع الجزم - بعد
دراسة لآراء مجموعة من المستشـرقين والمؤرخين اليهود-، أنهم قد اتفقوا مع المصادر
الإسلامية بشكل كبير على أن معاملة اليهود في المجتمع الإسلامي، في العصـر
الإسلامي (الوسيط)، كانت أفضل بكثير من معاملتهم من قبل المسيحيين الأوروبيين في
تلك الحقبة. كما أن اليهود رحبوا بالإسلام، وتنعموا تحت جناحيه بحياة حرة كريمة،
وقبلوا حكمه، وجزيته، وهو ما نلمسه بشكل عملي في الازدهار والرخاء الذي عاشه
اليهود في مختلف الدول العربية والإسلامية بعد دخول الإسلام.
كما أكد المؤرخون اليهود، قبل المسلمين، على
سماحة الإسلام، وعلى نظرة اليهود للفتح العربي الإسلامي، ثم قبول حكمه، باعتباره
المنقذ لهم من نير وظلم الدولة البيزنطية. وأن ما حدث لليهود من أعمال الاضطهاد،
والطرد من أسبانيا، ومحاكم التفتيش في أوروبا، على وجه الخصوص، رغم ضلوع اليهود
فيها، إلا أنهم في البلدان الإسلامية عامة، والعربية، لم يمروا بما مروا به في
الغرب، بل وعاشوا في حرية دينية تامة، ومارسوا شعائرهم، وبنوا المعابد، ومع ذلك
عملوا في الخفاء، وحاكوا المؤامرات ضد السلطات المحلية الإسلامية.
ثانياً: بشأن الحركات اليهودية
المسيحانية في المشـرق الإسلامي، يتضح من البحث أن المسيح اليهودي هو ذلك
الشخص الذي من شأنه إنقاذ بني إسـرائيل، وتكوين مملكة داود. أما الفكرة المسيحانية،
فتعني خلاص بني إسـرائيل من هذا العالم وشـروره وآثامه، وسيادة اليهود للعالم
الجديد، تحت قيادة الملك المسيح.
وقد كانت الفكرة المسيحانية تظهر وبقوة لدى
اليهود، عندما تتدهور الأوضاع، وتقع الكوارث، وتندلع الحروب بين الأشـرار
والأخيار، فضلاً عن الانحطاط الأخلاقي، وتدهور العلاقات الاجتماعية. ثم تكون
النهاية ببشارة إيليا بقدوم المسيح.
وقد ظهرت
هذه الفكرة، وبقوة، لأول مرة، بعد دمار المعبد السليماني (= المسجد الأقصـى)، على
يد الملك البابلي نبوخذ نصـر، ثم ظهرت خلال ما تعرضوا له من دمار على يد الغزاة
الصليبيين، والمغول، فيما بعد - حقبة البحث -، ثم عادت للظهور بعد أعمال العنف
والاضطهاد والقمع ومحاكم التفتيش والطرد التي اجتاحت يهود أوروبا في العصور
الوسطى.
ومن أهم الحركات المسيحانية، قبل داود
الروحي؛ حركة أبو يعقوب الأصفهاني، وداود بن عنان صاحب المذهب القرائي اليهودي،
واليوذعانية، وغيرها. هذه النماذج وغيرها من المسحاء الكذبة، تؤكد على عنصـرين
هامين، الأول: كذب وادعاء هؤلاء المسحاء الكذبة، الذين استغلوا ما وصل له
اليهود من انتظار وشوق ولهفة في انتظار المسيح الذي سيخلصهم من هذا العالم
وشـروره.
أما الثاني:
طبيعة الظروف المحيطة، سواء أكانت اضطهاد الجاليات اليهودية في أوروبا، أو الغزو
الغربي للعالم الإسلامي، ولم يكن العالم الإسلامي طرفاً فيما تعرض له اليهود، فلم
يكن العالم الإسلامي سبباً لظهور مثل هذه الحركات؛ وإنما الحرية والتسامح
والرفاهية ورغد العيش، هي عوامل حفزت بعض اليهود على العمل على السيطرة على
إخوانهم، بواسطة استعمال التصوف اليهودي (القبالة)، وتوظيفها، مع أساليب الشعوذة
والدجل الذي كان يسود المجتمعات اليهودية في إيران، واليمن، وكوردستان، حيث كان
(داود الروحي) على دراية بأن يهود إيران كانوا "أغبى اليهود جميعاً"،
على حد تعبير (بنيامين التطيلي)، وهذا ما مكنه من تولي وتبوأ موقع القيادة فيهم.
وكان من نتائج هذه الأكاذيب والأوهام فشل تلك الحركات الذريع، وهو ما عاد بآثاره
السلبية الوخيمة على الجاليات اليهودية نفسها.
[1] - القبالة: هي مجموعة التفسيرات والتأويلات
الباطنية والصوفية عند اليهود. والاسم مُشتَّق من كلمة عبرية تفيد معنى التواتر أو
القبول أو التقبل أو ما تلقاه المرء عن السلف، أي (التقاليد والتراث)، أو (التقليد
المتوارث). وكان يُقصَد بالكلمة أصلاً: تراث اليهودية الشفوي المتناقل، فيما يعرف
باسم (الشـريعة الشفوية)، ثم أصبحت الكلمة تعني، من أواخر القرن الثاني عشـر=
«أشكال التصوف والعلم الحاخامي المتطورة» (إلى جانب مدلولها
الأكثر عموماً، باعتبارها دالاً على سائر المذاهب اليهودية الباطنية منذ بداية
العصـر المسيحي). وقد أطلق العارفون بأسـرار القبَّالاه (مقو باليم بالعبرية،
والقبَّاليون بالعربية) على أنفسهم لقب (العارفون بالفيض الرباني). ومصطلح (قبالة)
واحد من مصطلحات أخرى تشير إلى المدلول نفسه، فالتلمود يتحدث عن (رازي هتوراه)، أي
(أسـرار التوراة). وقد كان يُشار إلى المتصوفين بعبارات: (يورديّ مركافاه)، أي
النازلون إلى المركبة، و(بعلي هاسود)، أي أسياد أو أصحاب الاسم، و(إنشـي إيموناه)،
أي رجال الإيمان، و(بني هيخلاه دي ملكا)، أي أبناء قصـر الملك. وكان القبَّاليـون
يرون أن المعـرفة، كل المعـرفة (الغنوص أو العرفان)، توجد في أسفار موسى الخمسة،
ولكنهم كانوا يرفضون تفسير الفلاسفة المجازي، وكانوا لا يأخذون في الوقت نفسه
بالتفسير الحرفي أيضاً. فقد كانوا ينطلقون من مفهوم غنوصي أفلاطوني مُحـدَث،
يُفضـي إلى معـرفة غنوصـية، أي باطنية، بأسـرار الكون، وبنصوص العهد القديم،
وبالمعنى الباطني للتوراة الشفوية. (لمزيد من المعلومات راجع: عبد الوهاب المسيري:
موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، مج 5، ص 345).
[2] - يهود
كردستان، أكمله وأصدره: رافيل باتاي، نقله إلى العربية: شاخوان كركوكي وعبد الرزاق
بوتاني (أربيل: دار ئاراس،2002)، ص 63.
[3] - مارك ر. كوهين: بين الهلال والصليب، وضع اليهود
في القرون الوسطى، ترجمة: إسلام دية ومعز خلفاوي، قدم له: صادق جلال العظم
(كولونيا- ألمانيا: منشورات الجمل،2007)، ص 20 -21.
[4] - كوهين: بين الهلال والصليب، ص 22.
[5] - هاني عبد
العزيز السيد سالم: الحركات اليهودية المسيحانية في ظل الإسلام، حركة شبتاي زيفي
نموذجاً، بحث مقدم إلى المؤتمر العالمي للتاريخ والحضارة الإسلامية في جامعة
مالايا، كوالالمبور، تشرين الاول 2011م، ص 912.
[6] - البلاذري: فتوح البلدان، حققه وعلق حواشيه وأعد
فهارسه وقدم له: عبدالله أنيس الطباع وعمر أنيس الطباع (بيروت: مؤسسة
المعارف،1407هـ-1987م)، ص 174، .
[7] - عبد العزيز
الدوري: اليهود في المجتمع الإسلامي عبر التاريخ، في أوراق في التاريخ والحضارة
(بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1428هـ -2007م)، ج3، ص 94 – 95 نقلاً عن Cambridge History of Religion in The Middle East.
[8] - السامرة، وهي
باللغة العبرية (شومرون)، التي تعني عاصمة مملكة إسـرائيل، التي يوجد فيها جبل
جريزيم الذي كان يحج إليه السامريون في عيد الفصح. وقد شكلت السامرة أقلية صغيرة
العدد في مصـر، أيام سلاطين المماليك. هذا فضلاً عن أن بعض المصادر المعاصـرة قد
أشارت إلى أن السامرة ليست من اليهود، ومع هذا فقد عاملهم سلاطين المماليك على
أساس أنهم فرقة يهودية ينطبق عليها شـروط أهل الذمة. وقد نشأت هذه الطائفة في
فلسطين، بعد سقوط مملكة إسـرائيل -التي انشقت بعد وفاة سليمان- على يد الملك الآشوري
(تجلات بلاصـر) عام 738 ق.م الذي أجلى اليهود عن فلسطين إلى نواحي شمال بلاد ميديا
(= كوردستان)، وأحل محلهم بعض القبائل في سكنى عاصمة المملكة، وهي مدينة السامرة
القديمة، التي يعيشون حولها، والتي قامت على أنقاضها مدينة نابلس. ويذهب بعض
الباحثين اليهود إلى أن نشأة هذه الفرقة ترجع إلى أيام السبي البابلي عام 586 ق.م.
وفي هذا التاريخ بنى السامريون هيكلهم فوق جبل جرزيم. وقد اشتدت العداوة بين هذه
الفرقة وبقية اليهود، عندما رفضوا المساهمة في بناء الهيكل الثاني، إذ كانوا يعتبرون
أن المكان المقدس لليهودية هو جبل جرزيم في نابلس، وليس جبل صهيون وأورشليم. وقد
أضاف هؤلاء إلى التوراة عبارات توحي بقدسية هذا الجبل. ومن المعروف أن السامرة
يصعدون (جبل جرزيم) ثلاث مرات في السنة، حاملين معهم حمامة ذهبية، ليقدموها قرباناً
على المذبح في أعلى الجبل، وهم لا يحجون إلى القدس، ذلك لأن جبل جرزيم يحتل عندهم
مكاناً مقدساً، بدلاً من القدس، وهم يقدمون الشاة في عيد الفصح محتفظين بعظامها
سليمة. ينظر: محاسن محمد الوقاد: اليهود في مصر المملوكية في ضوء وثائق الجنيزة
(د،م، الهيئة المصـرية العامة للكتاب،1999)، ص 228 - 229 .
[9] - البلاذري:
فتوح البلدان، ص 158.
[10] - عبد العزيز
الدوري: المرجع السابق، ج3، ص 95.
[11] - عرفان عبد
الحميد فتاج: اليهودية عرض تاريخي، والحركات الحديثة في اليهودية (عمان: دار عمار
للنشر، 1422هـ-2002م) ص25-26. نقلا عن The Encyclopedia of Religion
[12] - الطبري:
التفسير 6/35،
[13] - العهد
القديم، سفر اشعيا :11، وانظر أيضاً: سفر صموئيل الأول :16/13 (فحلّ روح
الرب على داود من ذلك).
[14] - العهد
الجديد، إنجيل متى: 1/20-21.
[15] - العهد
الجديد، إنجيل لوقا: 2/12، و4/16:
"روح الرب عليّ، لأنه مسحني لأبشر المساكين".
[16] - منى ناظم
الدبوس: المسيح اليهودي ومفهوم السيادة الإسرائيلية، سلسلة نحن وهم 1(القاهرة:
الاتحاد للصحافة والنشر،1986)، ص28-29، 53.
[17] - كلمة يونانية
تعنى الكشف أو الإظهار. ويطلق مصطلح أدب الأبوكاليبس على المؤلفات التي تهتم
بالكشف عن الأشياء الغامضة التي تقع فيما وراء الطبيعة، والخافية عن العين
البشرية. وقد تبلور هذا الأدب في القرن الأول الميلادي، بهدف حث بني إسـرائيل على
التمسك بالشـريعة. للمزيد راجع: منى ناظم الدبوسي: المرجع السابق، ص
26
[18] - هاني عبد
العزيز السيد سالم: الحركات اليهودية المسيحانية في ظل
الإسلام، ص 912.
[19] - العهد
القديم، سفر اشعيا،45-1 و14-28، وقد صور سفر ارميا، في عبارات ثأرية، مصير الملك
الكلداني نبوخذ نصـر، الذي دمر أورشليم، وخرب المعبد السليماني (الهيكل)، وسبى
اليهود إلى مدينة بابل، فيما سمي بالسبي البابلي. ينظر: سفر أرميا 31/7.
[20] - بركات أحمد:
محمد واليهود، نظرة جديدة، ترجمة: محمد علي مراد (القاهرة: الهيئة المصرية العامة
للكتاب، 1996م) ص204.
[21] - Messianic Movements, Encyclopedia Judaica (Jerusalem
1971)، Vol. XI, Column 1413.
[22] - عرفان عبد
الحميد: اليهودية، ص29، نقلاً عن Britannica Encyclopedia، مادة
اليهودية.
[23] - فاروق
الدملوجي: تاريخ الأديان – الألوهية وتاريخ الآلهة (بيروت: الأهلية للنشـر
والتوزيع، 2004)، ص 459؛ ويذكر الكاتب أن عدد اليهود الذين قتلوا على يد تيتوس من
سكان أورشليم (القدس) بلغ مليوناً من الأنفس.
[24] - بركات أحمد:
محمد واليهود نظرة جديدة، ص34؛
[25] - لرد دعوى
المسيحية، أنكر اليهود أن يكون السيد المسيح – عليه السلام – من مواليد بيت لحم،
وهو الأمر الذي أكدته الأناجيل: (ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية) (إنجيل متى
:2/1)، وفي (إنجيل لوقا:2): المدينة التي سيخرج منها المخلص الموعود.. وبعد أن فشل
اليهود في رد نسبة اليهود إلى داود، قالوا: إن السيد المسيح من مواليد الناصـرة،
واستدركوا: (أمن الناصرة يخرج شيء صالح؟)، (إنجيل يوحنا: 1/46).
[26] - العهد
القديم، سفر اشعيا: 7/14، وقارن بإنجيل متى: 10/18
[27] - لرد دعوى
المسيحية أنكر اليهود أن يكون السيد المسيح – عليه السلام – من مواليد بيت لحم،
وهو الأمر الذي أكدته الأناجيل: (ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية) إنجيل متى
:2/1، وإنجيل لوقا2: المدينة التي سيخرج منها المخلص الموعود؛ وبعد ان فشل اليهود
في رد نسبة اليهود الى داود، فقالوا: إن السيد المسيح من مواليد الناصرة،
واستدركوا: (أمن الناصرة يخرج لهم شيء صالح)، إنجيل يوحنا: 1/46.
[28] - الاسم
أورشليم ليس عبرياً، وفي التوراة هناك صورتان لاسم المدينة، هما: يروشلم،
ويروشلايم، وهذا الاسم الثاني هو المستعمل بين اليهود، واستعمل العرب منذ ما قبل
الإسلام عدداً من الاسماء، منها: أوريشلم، وأوريشلوم، وأوريسلم، وغيرها، وقد ورد
بعضها في شعرهم. انظر: ياقوت الحموي: معجم البلدان.
[29] - أعمال الرسل:
21/38؛ إن العدد كان أقل مما ذكر.
[30] - بركات أحمد:
محمد واليهود نظرة جديدة، ص184.
[31] - Encyclopedia Judaica Messianic Movement, pp234؛ بركات أحمد: محمد واليهود نظرة عصرية ، ص
204.
[32] - عرفان عبد
الحميد فتاج: اليهود، ص 33؛ جعفر هادي حسن: الدونمه بين اليهودية والإسلام، ص27
نقلاً عنS.W. Baron,
Social and Religious History of the Jew, Vol 5, p.184..
[33] - سفر تثنية الاشتراع: 18 / 18.
[34] - مولانا محمد علي: حياة محمد ورسالته، نقله إلى العربية: منير البعلبكي،
الطبعة السابعة (بيروت: دار العلم للملايين، 1984)، ص 46؛ هاشم يحيى الملاح: موقف
اليهود من العروبة والإسلام في عصـر الرسالة، هيئة كتابة التاريخ، سلسلة الموسوعة
التاريخية الميسرة (بغداد: دار الشؤون الثقافية،1988)، ص 25.
[35] - ابن هشام: السيرة النبوية، حققها وضبطها: مصطفى
السقا وآخرون (بغداد، مطبعة وأوفسيت منير، 1986)، ق1، ج1، ص204.
[36] - السيرة النبوية لابن هشام، ق1، ج2، ص563- 564.
[37]. هناك خلاف في تسمية هذا الشخص في المصادر،
ما بين سيرين وسيرينوس، فبينما يذكره المؤرخ العراقي المشهور عبد العزيز الدوري،
والمؤرخ الهندي، بـ (سيرين)، يلاحظ بأن الباحث العراقي جعفر هادي حسن يطلق عليه
(سفيرنيوس). ينظر: عبد العزيز الدوري: اليهود في المجتمع الإسلامي عبر التاريخ ج3،
ص107؛ بركات أحمد، مرجع سابق، ص26، جعفر هادي: المرجع السابق، ص26.
[38]- بركات أحمد: محمد واليهود، ص26؛ نقلاً عن
جراتز: تاريخ اليهود (فيلادلفيا، 1894م)، الجزء الثالث؛ رحلة بنيامين التطيلي:
ترجمة عزرا حداد، تقديم: عباس العزاوي (بيروت، دار الوراق للنشـر المحدودة،2011)،
ص 243.
[39] - بركات أحمد:
مرجع سابق، ص26؛ عبد العزيز الدوري: أوراق في التاريخ والحضارة، ج3، ص107؛ جعفر
هادي حسن: مرجع سابق، ص26.
[40]. (Hayytim J Cohen –Amnon Netzer) " Isfahan "
Encyclopedia Judaica, (Jerusalem, 2007) Vol, 10, pp,79-80
[41]- رحلة بنيامين التطيلي، 243.
[42] - الشهرستاني: الملل والنحل، ج2، ص 239.
[43]-
الملل والأهواء والنحل، تحقيق: عبد الرحمن عميرة وزميله (بيروت: دار الجيل،
د،ت)،ج1، ص 179؛ عبد العزيز الدوري : مرجع سابق، ص 107.
[44] - المزامير،
119 / 164.
[45] - الملَل
والنحل، ج2، ص 239.
[46] - ادوارد براون: تاريخ الأدب في إيران، ترجمه إلى الفارسية: علي باشا صالح،
ترجمه إلى العربية: أحمد كمال الدين حلمي، تقديم: محمد علاء الدين منصور(القاهرة،
المجلس الأعلى للثقافة،2005م)، ص 164؛ وقد توهم المستشرق البريطاني (براون) في
توقيت خروج (سناذ)، والصحيح هو سنة 137هـ، وليس كما قال 140هـ، والخطأ الآخر الذي
وقع فيه (براون) هو أن أبو مسلم أودع أمواله في مدينة (قومس)، والصحيح أنه أودعها
في مدينة (الري). ينظر بهذا الصدد: غلام حسين صديقي: الحركات الدينية المعارضة
للإسلام في إيران في القرنين الثاني والثالث الهجريين، ترجمة: مازن إسماعيل
النعيمي، (دمشق: دار الزمان، 2010)، ص 80- 82؛ فرست مرعي: محاضرات في تاريخ
الخلافة العباسية(صنعاء: ألوان للطباعة والنشر،1422هـ-2001م)، ص39- 40.
[47] - الشهرستاني:
الملل والنحل، ج2، ص 240.
[48] - فخر الدين
الرازي: اعتقادات فِرق المسلمين والمشركين، مراجعة وتحرير: علي سامي النشار (بيروت،
دار الكتب العلمية،1402هـ- 1982م)، ص 83.
[49] - جعفر هادي: المرجع السابق، ص 28؛ Haim Hillel Ben – Sassoon. (Messianic Movement), Encyclopedia
Judaica, VOL 14, pp118.
[50] - رأس الجالوت: أو أمير المنفى – تعتبر بعض
المأثورات (يهواكيم) آخر ملك من سلالة داود أنه أول رأس جالوت عرف به، وكان رأس
الجالوت - في أيام عزّه- القاضي السامي لجماعات اليهود، ولم تضيق الشريعة اليهودية
سلطته وتنظيمه إلا قليلاً. وبقي هذا المنصب شاغراً إلى عهد الفاتحين العرب
المسلمين، فرجع إليه حينئذٍ بهاؤه، وأن جميع رؤساء الجالوت، الذين قاموا منذ القرن
السابع الميلادي حتى القرن الحادي عشر منه، كانوا من سلالة (بستاني)، الذي بواسطته
تجدد عز هذا المنصب، وتأيد موقفه السياسي. ينظر: يوسف رزق الله غنيمة: نزهة
المشتاق في تاريخ يهود العراق، هامش 2 ص97.
[51]-
الشهرستاني: الملل والنِحل، ج2، ص 238. ابن حزم الفصل في
الملل والأهواء والنحل، ج1، ص 178؛ علي بن محمد الفخري: تلخيص البيان في ذكر فرق
أهل الاديان، تحقيق وتقديم: رشيد الخيون (بيروت: مدارك،2011)،ص 288- 289؛ الدوري:
مرجع سابق، ص 107.
[52]-
رحلة بنيامين التطيلي، ص 227-228.
[53] - الربانيون أو الربانيون أو الربيون: هم
جمهور اليهود المعروفون أكثر من غيرهم، وتعني كلمة (ربانيم) بالعبرية الإمام الحبر
الفقيه، وقد عربت هذه الكلمة إلى (رباني)، ووردت في القرآن الكريم في قوله تعالى: {إنا
أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا
والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله ...} سورة المائدة ، الآية 44 ،
وقد سمي أبناء هذه الفرقة (ربانيين) إشارة إلى اتباعهم تفسير علماء اليهود
وفقهائهم في المشنا (= نص التلمود)، والتلمود، وتقيدوا بذلك حتى صار هذا الاسم سمة
عامة لهم. وكانت رئاسة اليهود (= الجالوت) لواحد من الربانيين، وهم أكبر طوائف
اليهود في تلك الآونة، وكان له حق الإشراف على أبناء الطوائف الثلاث من: الربانيين
والسامريين والقرائين. والربانيون هم حالياً جمهور اليهود الذين ينقسمون الى
طائفتين كبيرتين وهم: الاشكناز، وهم يهود أوروبا وشـرقها، والسفارديم، وهم اليهود
الذين استقروا في حوض البحر الأبيض المتوسط، بعد هروبهم من الأندلس إثر محاكم
التفتيش الإسبانية. ينظر: فرست مرعي الدهوكي: لمحات من تاريخ اليهودية والنصرانية
ومخططاتهما ضد الإسلام، الطبعة الثانية (صنعاء: المنتدى الجامعي للنشر
والتوزيع،1423هـ-2002م)، ص 49 – 50.
[54] - ريجارد كوك: بغداد مدينة الإسلام، نقله الى
العربية وقدم له وعلق عليه: فؤاد جميل ومصطفى جواد (بغداد: مطبعة شفيق،1962)، ص 62
- 63.
[55]- القرائيين كلمة مشتقة من المصدر (قرأ)،
بمعنى قرأ –دعا- نادى- وذلك لأنهم لم يؤمنوا بغير (المقرأ) أي ما يقرأ فيه، وهي
التوراة التي لم يعترفوا بغيرها من كتب اليهود، كما أنهم لم يتقيدوا بما جاء في
التلمود، ويعتقدون بسابق القدر، ويعتمدون على الأهلة في تقويمهم وحساب أعيادهم
ومواسمهم، مما أوجد فروقاً في هذه الناحية بينهم وبين الربانيين. وقد شبههم بعض
المؤرخين العرب بالمعتزلة في الإسلام، والحقيقة أن هذا التشبيه لا يطابق الواقع،
ولعل السبب في ذلك هو الخلط بينهم وبين الفريسيين، وهم فرقة يهودية ظهرت في بداية
العصر المسيحي، أي إنها كانت معاصرة للسيد المسيح (عليه السلام)، وكانت تناصبه
العداء. ينظر: مراد فرج: القراءون والربانيون، ص 29 – 30.
[56]- حسن ظاظا: الفكر الديني
اليهودي أطواره ومذهبه (دمشق: دار القلم،2002)، ص295. قاسم عبدة قاسم: أهل الذمة
في مصر من الفتح الإسلامي حتى العصر العثماني، ص112.
[57]- المقريزي، الخطط، ج2، ص472، 476. قاسم
عبده، أهل الذمة، ص112.
[58]- القلقشندي: صبح الأعشـى في صناعة الإنشا،
ج13، ص253، انظر أيضاً: مراد فرج، القراؤون والربانيون، ص113، 116.
[59] - سفر ملاخي: 3/1.
[60] - فرست مرعي الدهوكي: لمحات من تاريخ اليهودية
والنصرانية، ص 150 ملحق رقم (1).
[61] - جعفر حسن هادي: مرجع سابق، ص 29.
[62]- المرجع نفسه، ص 29.
[63] - سفر الخروج، 12 / 36.
[64] - جعفر هادي حسن: الدونمه بين اليهودية والإسلام،
ص 29 - 30.
[65] - موسى بن ميمون: ولد موسى بن ميمون فى قرطبة
عام530هـ / 1135م التي كانت تخضع لحكم المسلمين آنذاك. وقد ظل هناك حتى عام 563هـ/
1165م؛ إذ رحل إلى مصـر، وهناك قضـى بقية حياته إلى أن توفي. وينحدر موسى من أسرة
عريقة يرجع نسبها إلى يهوذا هنَّاسي، بل إن بعض الباحثين يرجعون نسبه إلى الملك
داود. وكان أبوه ميمون قاضياً فى المحاكم الدينية مشهوراً= =ومتمكناً في الدراسات
الدينية وعلم الفلك والرياضيات، وتلقى ابن ميمون دروسه الأولى في الأندلس، حيث
تمتزج فيها علوم العالم وثقافاته. وفي ظل هذه البيئة التي انصهرت فيها كل تلك
الثقافات المختلفة نشأ موسى نشأة علمية فلسفية ودينية؛ فقد اهتم الأب ميمون بتعليم
ابنه التوراة والتلمود وغيرهما من علوم الدين اليهودي. كما تتلمذ على يد عدد من
المسلمين حاملي مشعل الحضارة والعلم في ذلك الحين؛ أمثال يوسف بن صديق الأندلسي،
الذي كان لدروسه أثر عظيم فى تكوين عقلية ابن ميمون العلمية، وكذلك ابن أفلح
الأشبيلي الذي درس على يده بالأندلس علم الفلك؛ هكذا اطلع ابن ميمون على كتابات
المسلمين في المنطق والفلسفة والعلوم الطبيعية والطب. وعن ترحال موسى
بن ميمون وأسرته نعرف أنه عندما دخل الموحدون إلى قرطبة عام 543هـ / 1148م خيروا
أهل الذمة من اليهود والنصارى المقيمين فيها بين اعتناق الإسلام أو الرحيل عنها،
فرحل بعضهم وبقي البعض الآخر ممن أظهر الإسلام وأبطن اليهودية منتظراً فرصة اللحاق
بمن خرج. هكذا خرجت أسـرة ميمون إلى جنوب إسبانيا حيث مدينة (المرية)، وهناك عاشت
الأسرة اثنتي عشرة سنة حتى فتحها الموحدون عام 555هـ / 1160م. وطبقاً لنظام
التخيير السابق الذكر اضطرت الأسـرة إلى اعتناق الإسلام وحفظ القرآن والاشتغال
بالفقه. ولكن حينما سنحت الفرصة بالرحيل، غادرت أسـرة ميمون (المرية)، متوجهة إلى
مدينة (فاس) المغربية، في العام نفسه. ونتيجة لتشدد الموحدين، اضطرت أسـرة ميمون
إلى الإبحار خفية في عام563هـ/ 1165م إلى (عكا)، ثم مكثت فيها ما يقارب ستة أشهر،
حيث اضطرت للنزوح إلى (مصـر)، بسبب المعاملة الوحشية من الصليبيين للمسلمين
واليهود الخاضعين لسلطانهم، كما أن مصـر كانت تتميز بقدر كبير من التسامح الديني
وحرية العقيدة، هذا إضافة إلى المعاملة الحسنة من قبل الأيوبيين لأهل الذمة. وفي
مصـر، تولى موسى بن ميمون رئاسة الطائفة اليهودية عام 583هـ / 1187م، وقد كان ذلك
بدعم من الناصر صلاح الدين الأيوبي، ووزيره القاضي الفاضل، تقديراً منهما لدور
العلم والعلماء. كما أن موسى كان قد عيَّن ابنه إبراهيم خلفاً له في رئاسة
الطائفة، وظلت هذه الوظيفة تتوارث داخل أسـرة موسى بن ميمون حتى القرن الرابع عشـر
الميلادي، وقد كان من نتائج تولى موسى رئاسة الطائفة أن أخذ في محاربة كل الخرافات
والأساطير الموجودة في الديانة اليهودية، كما حارب كل العادات السيئة الموجودة في
الصلوات والطقوس الدينية. ونتيجة توطيد علاقته بالناصـر صلاح الدين وأسـرته
وحاشيته، عمل طبيباً للملك الناصر، كما استعان به الناصر على تهدئة يهود اليمن، في
أوقات اندلاع أعمال الشغب والتمرد. ينظر: عبد المجيد، محمد بحر: اليهود في
الأندلس، (القاهرة: الهيئة المصـرية العامة للكتاب، المكتبة الثقافية، 1970م)،
ص89- 90؛ هاني عبد العزيز السيد سالم: الحركات اليهودية المسيحانية في ظل الإسلام
، ص 13 - 14 .
[66] -
العهد القديم: سفر زكريا، 34/23.
[67] -
عرفان عبد الحميد: مرجع سابق، ص 33 - 34.
[68] -
فرست مرعي: لمحات من تاريخ اليهودية والنصرانية، ص 44 - 48.
[69] -
رحلة بنيامين التطيلي، ص 244.
[70] -
المصدر نفسه، ص 244.
[71] -
المصدر نفسه، ص 243 – 246.
[72] -
المصدر نفسه، ص 244 هامش3.
[73] -
السموأل بن يحيى المغربي: إفحام اليهود، تقديم وتحقيق وتعليق: محمد عبد
الله الشـرقاوي (الرياض: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة
والإرشاد،1407هـ)،181.
[74] -
يوسف رزق الله غنيمة: نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق، مع ملحق بتاريخ
يهود العراق في القرن العشـرين بقلم مير بصري، الطبعة الثانية (لندن: دار
الوراق،1997)، ص 143 هامش (1).
[75] - رحلة بنيامين التطيلي،
244.
[76] -
المصدر السابق، ص 244 - 245.
[77] -
المصدر نفسه، 245؛ والغريب أن أحد الكتاب اليهود المحدثين يدافع عن السموأل
اليهودي الذي أسلم بقوله: "ففي كتاب إفحام اليهود للصموأل (السموأل) ب. يحيى
المغربي، وهو يهودي دخل في الإسلام، نجد رواية أكثر واقعية لانتفاضة الروي؛ بغض
النظر عن تحامل الكاتب على اليهود"، إريك براور: يهود كردستان 63.
[78] -
هبتون: حبتون – حفتيون، جبل بنواحي الموصل، وهو من أعمال الموصل. ينظر،
ياقوت الحموي: معجم البلدان (بيروت: دار صادر، 1986)، ج2، ص 211، ج5، ص 223؛ وفي
نص آخر له يقول: "ثم يقلب في أرض حفتيون من أرض الموصل حتى يخرج في كورة
المرج من كور الموصل" ياقوت الحموي: مصدر سابق، ج3، ص 123، ولعل حفتيون تصحيف
من النساخ.
[79] -
جان موريس فبيه: آشور المسيحية، ترجمة: نافع توسا، مراجعة وتدقيق: يوسف
توما (بغداد: منشورات الفكر المسيحي،2011)، ج1، ص 152، حيث يضيف بأنه اعتماداً على
كتاب العفة والملاحظة المدونة في العدد 90 المخصصة للربان (قام إيشوع)، حيث يقول:
"يقع جبل حيوتون الذي سيؤسس فيه الربان إيشوع ديره على بعد عشرة أميال من دير
بيث عاوي (= يقع على بعد خمسة أميال غرب مدينة عقرة)"، المرجع نفسه، ص 152 -
153؛ وهفتون:" بليدة من نواحي أربل، تنزلها القوافل لمن يريد أذربيجان،
وخفتيان: قلعتان عظيمتان من أعمال أربل، أحداهما على طريق (مراغة)، يقال لها
خفتيان الزرزاري، والأخرى خفتيان سـرخاب بن بدر، ويكتب في الكتب خفتيذكان".
وقد وردت في رسائل صموئيل بن علي رأس مثيبة بغداد باسم خفتيذكان زرزاران. ينظر:
رحلة بنيامين التطيلي، ص 185-186؛ ولمزيد من المعلومات ينظر: سليمان صائغ الموصلي:
تاريخ الموصل (مصر: المطبعة السلفية،1342هـ/1923م)، ج1، ص 60؛ فرست مرعي: الفتح
الإسلامي لكردستان (دمشق: دار الزمان، 2011)، ص 142.
[80] -
يبدو أنه هناك مبالغة من قبل الرحالة اليهودي بنيامين التطيلي في تقدير عدد
اليهود في تلك المنطقة الجبلية النائية من كوردستان (= العراق)، ولعله يقصد يهود
إيران وكوردستان.
[81] -
محمد عبد الحميد الحمد: دور اليهود في الحضارة الإسلامية (الرقة :2006)،
ص219، وكان الباحث قد اعتمد على كتاب الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري،
للمستشـرق السويسـري (آدم متز)، في تدوين المعلومات الخاصة بدراسة داود الروحي على
يد علماء المسلمين؛ ولكنني بمراجعة المرجع المذكور لم أجد النص المدون في المتن،
لذا اقتضى التنويه.
[82] -
أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1986)، ص 353.
[83] -
الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ترجمة: محمد عبد الهادي أبو
ريدة (القاهرة، 1983) ج1، ص 62.
[84] -
رحلة بنيامين التطيلي، ص 186 - 187.
[85] -
المصدر نفسه، ص 187 - 188.
[86] -
رحلة بنيامين التطيلي، ص 188 – 189؛ يوسف غنيمة: نزهة المشتاق في تاريخ
يهود العراق، ص 146.
[87] -
رحلة بنيامين التطيلي، ص 189.
[88] -
يوسف غنيمة: نزهة المشتاق، ص 141.
[89] -
السموأل بن يحيى المغربي: إفحام اليهود، ص182.
[90] -
المصدر نفسه، ص 183 - 184.
[91] -
رحلة بنيامين التطيلي، ص 246.
[92] -
إفحام اليهود، ص 182.
[93] -
رحلة بنيامين التطيلي، ص 189هامش (3).
[94] -
السموأل بن يحيى المغربي: إفحام اليهود، تقديم وتحقيق وتعليق: محمد عبد
الله الشـرقاوي (الرياض: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة
والإرشاد،1407هـ)،181.
[95] - فرست مرعي، فصول من تاريخ يهود كردستان،
(دهوك: وزارة الثقافة - دار النشـر والطباعة، 2013م)، ص122.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق