خديجة عبدالخالق
ليس من قبيل الصدفة أن يولي الإسلام أهمية قصوى للمؤسسة الأسرية فيما يخص هيكلها البنائي والأدوار المرتبطة بذلك، فالأسرة هي اللبنة التي تبنى عليها الحضارة؛ لذلك فإن نظام الأسرة في الإسلام يحقق أفضل مستويات التوازن بين حقوق الزوج والزوجة والأطفال والأقرباء .
وبما أن مصالح المرأة تتحقق في أفضل صورها ضمن أسرة مستقرة فلا بد من بذل الجهود وتوجيهها من أجل تعزيز البنية الأسرية التي تكفل للمرأة الحرية والدعم الحقيقي اللازم لأداء أدوارها المختلفة كفرد وكعضو فعال في المجتمع، لذا نحن في حاجة إلى استقرار البناء الأسري؛ وللمرأة دور فعال في هذا البناء ولا يجوز أن تقوم العلاقة بين الرجل والمرأة داخل البنية الأسرية على أساس المنافسة لأن ذلك يؤدي إلى انعدام الاستقرار داخل الأسرة ويجعل الأفراد في خطر وعدم استقرار نفسي وضيق اقتصادي، لذا أقول إن استقرار الحياة الأسرية وشرعيتها جديران بالدعم والاعتراف، وحضور الأم داخل الأسرة ذو أهمية جوهرية في استقرارها ونموها فهي الخلية الأساسية في بناء المجتمع والتي تقوم على أساس -عقد الزواج- بين الرجل والمرأة، وتتسع بإنجاب الأطفال؛ وعندما تتوقف المرأة عن تربية الأولاد فذلك يعني نهاية العالم .
إن فكرة الأسرة في الإسلام مستمدة من الشريعة (القانون الإلهي) ولهذا فقد ضمنت وحدة وقوة الأسرة المسلمة على مدار القرون، فالإسلام دين الواقعية لم ينظر يوما إلى رابطة الزوجية نظرة تحقير؛ بل على العكس الزواج مطلب ديني لا يصح تأجيله إلا لسبب معقول، فقد ذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه كان يحض على الزواج المبكر ويكره أن يظل المرء عازبا (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ...)، ولقد ذكر الله تعالى في إعلاء شأن الزواج في كتابه العزيز {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} الروم 21.
وهذه المودة والرحمة والسكينة معناها الاستقرار النفسي والعاطفي، ولقد ذكر العلماء الأمريكيون بعد مضي خمسة عشر قرنا أن الزواج هو أفضل وسيلة للمحافظة على الصحة النفسية، لذلك عملية التخلي عن القيم الإسلامية الأسرية لصالح العولمة هي بمثابة تهديد واضح لأمن المجتمع المسلم، وعدوان على خصوصيتها لأن النظام الأخلاقي ومنظومة الأعراف الاجتماعية الإسلامية شديدة الخصوصية، وفرض أي قيمة من ثقافات أجنبية عليها لن يؤدي إلا إلى انعدام الاستقرار النفسي عند الأفراد وبالتالي يؤدي إلى مزيد من العنف والفوضى السياسية والاجتماعية.
ولايخفى على أحد أن المؤتمرات الغربية تستهدف تذويب القيمة الأسرية الإسلامية في إطار منظومة كونية، الهدف منها تمييع ومسخ قيم الإسلام وأدبياته، حتى تسود الفوضى والاباحية، وهذا ما لا يقبله عقل وقلب المسلم الغيور على دينه ووطنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق