رئيس التحرير
العملية
السياسية الجارية في العراق، ومنذ التغيير الكبير في الخارطة السياسية، بالإطاحة
بنظام (صدام حسين)، في (2003)، لا تزال غير واضحة المعالم، ولم تفرز لحد اليوم
نظاماً سياسياً مستقراً، على الرغم من ادعاءات (المعارضة العراقية) – سابقاً -
بأنها ستحول (العراق) إلى واحة للديمقراطية بعد التخلص من الدكتاتورية.
ولكن
الذي حصل عملياً، هو سقوط البلد في وحل (الطائفية) البغيضة، والتي حاول قادة الكتل
السياسية الخروج من مأزقها، وتجاوز مطبّاتها، ولكنهم لعوامل التاريخ والجغرافيا،
ولحظوظ النفس، ومآرب أخرى،
أصبحوا بعض وقودها، وساهموا في استفحالها، وتمكنها من
حياة العراقيين..
وقد
ساهم ذلك كله في ظهور تناقضات أساسية بين المكونات الرئيسة الثلاثة في العراق:
الكورد، والعرب السنة، والعرب الشيعة، مما فسح المجال واسعاً أمام دول الجوار في
تحريك الداخل العراقي بما يلائم مصالحها، وأدى إلى لعب مجموعات، مثل (داعش)،
وغيرها، على هذه التناقضات، بما يهدّد وحدة العراقيين ومصالحهم في الصميم..
فهل
كان ما جرى في (العراق)، مقصوداً، ومخططاً له؟ أم أن لعبة المصالح، والتناقضات
التاريخية، هي التي سيّرت العراقيين في هذا الطريق؟
وهل
كان (العراق) سيناريو تمهيدي، يجري على ضوئه تدشين مستقبل المنطقة، ويضعها على
أعتاب ما تعيشه اليوم: إحياء ومركزة للنزاعات الطائفية والمذهبية، وحروباً، من كل
لون؟
لا
شك أن فرحة شعوب المنطقة بزوال الأنظمة الدكتاتورية وسقوطها، لم تكن نابعة من مجرد
الحرص على التغيير، والرغبة في التخلص من أنظمة فشلت في إحداث التنمية المنشودة،
وأصبحت عبئاً على بلدانها، فضلاً عن سحقها لكرامة مواطنيها.. بل كانت ردة فعل لا
مفر منها، واستجابة طبيعية لكل ذلك. فهل خططت هذه الشعوب لما يجري اليوم في
(العراق)، وغيره، أم أن ما يجري هو شيء أكبر من إرادتها، وخارج ما خططت له؟.. وهل
ستسكت على سرقة ثوراتها وانتفاضاتها، من قبل من يدفعون بالمنطقة اليوم إلى نفق
مسدود، أم أنها استمرأت اللعبة، ولا يهمها بعد ذلك ما ينتظرها آخر النفق؟
إننا
نعيش اليوم أحداثاً سترسم مصير المنطقة لأحقاب مديدة، فما يجري اليوم ليس مجرد
صراعات بين دول أو جماعات، ولكنه إعادة تشكيل لتاريخ وجغرافيا جديدة، ندفع ضريبتها
اليوم نقداً، وفيما بعد بالتقسيط!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق