قرأت دراسة أعجبتني جدا، تتحدث عن مجموعة قواعد سلوكية، وذوقية،
تفرضها حقيقة انتشار ظاهرة تغلغل مواقع التواصل الاجتماعي إلى حياة الفرد المعاصر.
فهذه الم واقع، خصوصا (الفيس بوك)، و(التويتر)، وبرامج (المحادثات)، ومواقع (التدوين)،
وغيرها الكثير، أصبحت مفردة من مفردات حياة الإنسان اليومية في العصر الحديث، خصوصا
بعد انتشار الهواتف الذكية، وتوسع استخدام شبكة الانترنت، وسهولة الوصول إليها، تقنيا،
وماديا. ولعل أفضل ما يجسد هذه الحقيقة، ويعبر عنها، هو أننا من النادر جدا جدا أن
نكون في مكان عام، مثل: وسائل النقل، أو المقاهي والمطاعم، وحتى الجلسات
العائلية،
أن لا نجد الأفراد منشغلين بهواتفهم المحمولة، وفي الغالب تظهر على ملامحهم، للمتأمل،
انعكاسات المحادثات التي يجرونها مع أصدقائهم عبر هذه الوسائل، من: تبسم، أو تقطيب،
أو انزعاج، أو ارتياح.
وتقترح الدراسة مجموعة قواعد سلوكية، يجب أن يتحلى بها مستخدم وسائل
التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال: من الأدب والذوق إذا دخلت على شخص في غرفة منفردة،
أن تطرق الباب عليه للاستئذان، فتحاكي الدراسة هذا الأدب، وتفترض أن لا يدخل الشخص
في محادثة مع شخص آخر، دون سابق إنذار، أو استئذان. أو أن يطلب مدير العمل من موظف
عنده الصداقة، لما قد يسببه ذلك له من حرج، إن هو رفض الطلب. وعلى هذا المنوال تمضي
الدراسة، التي وجدت لها نظيرا في موضع آخر.
إحترم.. تحترم
ثمة ظاهرة سيئة للغاية، وخلق بغيض لبعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي،
و(الفيس بوك) تحديدا! حيث يحاول البعض أن يجعل من الموقع مكانا يترصد به الآخرين، ويحاول
الدخول في حياتهم، بشكل أو بآخر، خصوصا في الجانب العاطفي! وأقصد هنا دعاوى الحب الفيسبوكي!!.
فالبعض يتسلل إلى عوالم الآخرين، باحثا مترصدا عن ما يشفي غليل
رغباته، لذلك يحاول، بشتى الطرق، أن يعرف تفاصيل عن حياة الآخرين.. مثل: الاسم، السن،
العنوان، رقم الهاتف، الصورة، الحالة الاجتماعية، وضع المشاعر....إلخ.
وفي الحقيقة، نحن كمستخدمين لهذه المواقع، لسنا معنيين بأن نعرف
تفاصيل حياة الناس الشخصية، فالصداقة على (الفيس) أنواع:
1- صديق يشاركك الأفكار، والنقاشات، والحوارت، على الصفحة العامة،
يعطيك من فكره، وتجربته، ويأخذ منك.
2- صديق يشاركك إلى جانب ذلك في الحوار، والتعارف الشخصي، والخاص،
وهذا يكون عادة متاحا لك أو للعامة على (المحادثة)، وهذا النوع يكون في الغالب لأشخاص
نعرفهم في الحياة، وفي الفيس.
3- صديق يشاركك النقاشات على الخاص، ويفتح لك أبواب قلبه، ويهبك
بعض أسراره، ويشاركك في بعض خصوصياته، وقد يساعدك أو تساعده، وهذا قليل نادر على (الفيس
بوك)، لأن الثقة فيه من الأمور العصية والصعبة، فالثقة لا توهب إلا للأشخاص الحقيقيين،
والمتواجدون في هذا الموقع مجرد أشباح، قد يظهرون بأسمائهم وصورهم الحقيقية، وقد يظهرون
بهويات وصور مستعارة.
فإذا كان شخص يتواجد، وهو يغلق المحادثة بشكل عام، فمن الفضاضة
أن تدخل عالمه الخاص، محاولا إجراء محادثة شخصية.
وإذا كان شخص متاحاً على المحادثة، ويرد على اتصالات الآخرين في
حدود، فمن قلة الأدب أن تحاول الدخول إلى حياته الشخصية،أو ادعاء التسلل إلى عواطفه،
حتى ظهرت ظاهرة (الحب من أول دردشة). وإذا شاركك شخص بعض خصوصياته، فمن السذاجة الاعتقاد
أن هذا الشخص يريد أن يمارس معك بعض العبث العاطفي، بشكل من أشكال العبث.
لذلك أقترح أن يكون شعار (إحترم ..تحترم) شعارا نتوج به سلوكنا
في العالم الافتراضي كمستخدمين، لكي لا يتحول وجودنا وراء الشاشات الجامدة، وفي الخلوات
الصامتة، إلى عبث، نتخلى خلاله عن الذوق، الذي هو سلوك الروح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق