حاولت أن أجد موضوعا أنشره، فوجدت حولي المئات من المواضيع التي
يمكن الكتابة فيها، ولكني أردت أن أكتب شيئا يعد مهما في مجتمعنا، والظروف التي نعيشها.
ووقعت في دائرة الحيرة والتفكير، وبينما كنت أقلب صفحات دفتر يومياتي أوقفتني سطور
كتب فيها:
المرأة أنثى، المرأة إنسان، والمرأة أم، والمرأة بنت، المرأة أخت،
المرأة معلمة، المرأة طبيبة، المرأة وزيرة..
إلخ . فوجدت موضوعا مهما بالنسبة لي ولكثير
من النساء، وخاصة العراقيات، اللاتي عانين ومازلن يعانين الاضطهاد والتهميش من قبل
الآخر..
أوقفتني هذه الأسطر التي لها أثر كبير في حياتي، لأنني امرأة، وقلبـي
يحزن لرؤية نساء مظلومات ومضطهدات في حياتهن. وقد تكلمت عن المرأة ودورها كثيرا، حتى
أني جعلت هذا الموضوع مشروع بحث لدراستي الجامعية، ولا بد أن يكون له سامع، حتى وإن
كان أحد ما قد كتب في هذا المجال قبلي.. وأنا
من المناصرات لحرية المرأة، والمدافعات عن حقوقها في الحياة، والكل يعرف أن المرأة نصف المجتمع، وهذا النصف يجب أن يكون متعلما ومثقفا
ومدركا لأمور الحياة، من أجل أن يثبت نفسه في المجتمع، ولا ينبغي للمجتمع أن يهمل نصفه،
أو يعطله، أو يهضم حقوقه. وربما قيل إن المرأة نصف المجتمع في الكم، ولكنها أكثر منه
في التأثير بالإيجاب والسلب.
لذلك اهتم كثير من المفكرين والمصلحين بقضية المرأة، ودعوا إلى
إنصافها وتكريمها ورفع الظلم عنها، حتى تنال حقها في التعلم والعمل وتحمل المسؤولية.
ومنذ القدم شاركت المرأة الرجل في بناء الحضارات الإنسانية، ولكن دورها أصبح غالبا
غير ملحوظ، مع ذلك فإن حقوقها المشروعة غالبا ما كانت منتزعة. فالمرأة إنسان، كما يؤكد
الدين الإسلامي، وكان من فضل الإسلام أنه كرم المرأة، وأكد إنسانيتها وقابليتها للتكليف
وتحمل المسؤولية تجاه الآخر.
فالمرأة والرجل متساويان في أصل النشأة، متساويان في الخصائص الإنسانية
العامة، متساويان في الجزاء والمصير. قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ
رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ
وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً] النساء/1.
وقد أكد الدين الإسلامي على ذكر حقوق المرأة، وأعطاها مكانة عالية
في المجتمع، وأنصفها مع الرجل في كثير من المجالات، ففي حديث للرسول (صلى الله عليه
وسلم) قال: (رفقا بالقوارير) أي: ارفقوا بالمرأة ولا تظلموها وأعطوها حقوقها، فالمرأة
جوهرة ثمينة يجب الحفاظ عليها، ولا يسمح لأحد بأن يهمش أو يخدش هذه الجوهرة.
ويحضرني هنا ذكر الكاتبة الفرنسية (سيمون دي بوفوار)، التي اشتهرت
من خلال كتاباتها المدافعة عن حقوق المرأة. ولدت (سيمون) في مدينة (باريس) سنة
(1908- 1986)، وكانت أغلبية كتاباتها تدور حول مشكلة المرأة، وخاصة مشكلة حرية المرأة، ومسؤولياتها في
الحياة، ومعنى وجودها. اشتهرت هذه الكاتبة من خلال كتابها (الجنس الآخر)، حيث عالج
وضع المرأة بالنسبة للرجل. وعرف عن (بوفوار) إيمانها بالمساواة بين كلا الجنسين، وحلمت
بالعيش إلى جانب الرجل في العمل والسياسة والاقتصاد والطب، وكانت تردد قولتها المشهورة:
"لسنا نساء بالولادة، ولكن بالاكتساب".. من هنا بدأت النساء تثور وتخرج مطالبة
بحقها في العمل، وفي كل ميادين الحياة. وقد أثمرت نضالات وجهود النساء في العالم، حيث
نرى اليوم أن المرأة قد نجحت في الحصول على مراكز مهمة جدا في المجتمع، فأصبحت المعلمة،
الطبيبة، الرئيسة، المهندسة، الوزيرة.. لقد دخلت المرأة في كل هذه الميادين، ونجحت
وتفوقت على الرجال في بعض هذه المهن، ومن النساء من حصلت على جوائز عديدة، جعلتها ترتقي
إلى أعلى المناصب لكفاءتها وامتيازها.
بالنسبة لنا نشجع المرأة في كل مكان، وخاصة في بلدي (العراق)، وندعوها
إلى بذل قصارى جهدها، والدخول إلى كافة الميادين، من أجل تفعيل دورها في المجتمع، متحدية
كافة الظروف من أجل الارتقاء، والحصول على أعلى الامتيازات، وإبداء رأيها في الحياة
والعمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق