محمد واني
لا أحد يعلم بالضبط كيف ولماذا وأين ظهر تنظيم (الدولة الإسلامية
في العراق والشام) (داعش)، بالصورة المفاجئة التي أدهشت العالم، وشدت الأنفاس إليه،
وسط هذا الكم الهائل من العصابات المسلحة والميليشيات الإرهابية التي تعج بها المنطقة،
ميليشيات وعصابات من كل صنف ونوع، وفي مختلف الاختصاصات والاهتمامات، فيها من تخصص
بسرقة السيارات واقتحام البيوت والمحلات والبنوك، وفيها من يخطف الرهائن ويقايضها بأموال
طائلة، وفيها من تشكل على أساس الطائفية والدفاع عن مقدسات المذهب، وهي على أهبة الاستعداد
لخوض حرب ضروس لا تبقي ولا تذر ضد
خصومها لهذا الغرض، ومثال على ذلك الحرب الطائفية
التي جرت في العراق عامي 2006 ــ 2007. إضافة إلى تلك العصابات الإجرامية، توجد ميليشيات
منظمة، تنفذ أوامر بعض الساسة الجدد، الذين يتحكمون بمصائر البلد، للنيل من خصومهم،
وتلطيخ سمعتهم، أو قتلهم إن اقتضى الأمر، ومنها من تعمل كعصابات مرتزقة لصالح دول مجاورة،
وتنفذ أجندتها السياسية، وتحقق مصالحها في المنطقة، ومنها من ترتبط بأجهزة الاستخبارات
العالمية، أو تتبع شركات نفطية عالمية أو استثمارية عملاقة، أو أنها تستعمل من أجل
تنفيذ استراتيجية معينة لدول كبرى في المنطقة، وهي لا تتردد في عمل أي شيء في سبيل
تحقيق هذا الغرض، وإن كان الذبح وقطع الرؤوس والقتل الجماعي وسبـي النساء وزعزعة الاستقرار
وانتهاك حقوق الإنسان، بالصورة المهينة التي رأيناها في مناطق (سنجار) و(زمار)، وغيرها..
في حال استمر الوضع على ما هو عليه الآن، ولم ينتفض المجتمع الدولي
على الإرهاب والميليشيات الإرهابية، التي تتكاثر وتتمدد كالنبت الشيطاني داخل المجتمعات
الإسلامية، فإن (ثقافة قطع الرؤوس) ستترسخ في تلك المجتمعات، وقد تتحول بمرور الزمن
إلى (ظاهرة) لا يمكن الفكاك منها، ولا معرفة مدى آثارها الكارثية على عقول الأجيال
القادمة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق