اذا كان الإسلام عبارة عن القرآن والسنة النبوية، ولايشمل
كل هذا التراث الضخم، الذي خلفه لنا المفكرون والمفسرون والمحدثون ، طوال الألف وأربعمائة
سنة الماضية، فإننا أمام إشكالية حقيقية في تحديد المرجعية التي يعود إليها المسلمون.
ولكثرة الاختلافات الفكرية والسياسية، التي وصلت - في كثير من الأحيان- إلى التقاتل
والتصارع المرير بين المسلمين حول هذا الأمر، دعا البعض إلى ضرورة إخراج (السنة النبوية) من المعادلة، واعتبار
القرآن هو المرجع الوحيد للإسلام. وما زال هذا التوجه يسود لدى البعض. ولكن ظلت التفاسير
والتأويلات المختلفة، وفي كثير من الأحيان المتناقضة، التي رافقته طوال هذه القرون،
عائقاً أمام توحيد المسلمين، وانقيادهم لمرجعية
واحدة. وظل الاختلاف قائماً على قدم وساق في صفوف المسلمين، فتفرقوا أحزاباً وشيعاً،
كل واحدة تلعن الأخرى، وتصفها بأقذع الألفاظ،
وتتبنى تفسيراً ومعنى مختلفاً عن الآخر..
وهذه الفوضى الخلافية دفعت ببعض (المخلصين)! إلى البحث عن
تبرير مقنع لها، من خلال سوق أحاديث تنسب إلى النبـي، تبيّن فيما بعد أنها (موضوعة)،
ضمن الأحاديث الكثيرة التي احتسبت على الإسلام، وهي ليسن منه في شيء، ومن أشهرها الحديث الذي يقول: إن "اختلاف أمتي
رحمة!".. وهذا يعني أن كل هذه الاختلافات، والصراعات الدموية، التي جرت بين المسلمين،
من أيام (معاوية) و(علي) و(الخوارج)، إلى تنظيم (القاعدة) و(داعش)، والأحقاد المتبادلة
بين السنة والشيعة، تعتبر رحمة في رحمة. وهذا - لعمري - من أجهل وأسخف التبريرات الواهية،
ومحاولة لشرعنة الجرائم والمجازر التي حدثت، ومازالت تحدث ! وحال هؤلاء حال من راح
يكّحلها، فعماها!..
الحقيقة التي لا يجب أن نتجاهلها، ولا نغض الطرف عنها، أن
الإسلام بحاجة إلى (إصلاح)، حاله حال جميع المناهج الفكرية والتربوية التي تتعامل مع
الإنسان، وتوجه مساره في الحياة. من خلال؛ أولاً: تحديد المرجعية الإسلامية، ومن ثم
تصفية وتنقية الشوائب التي علقت به، على مدى القرون الماضية. وهذه الإصلاحات الضرورية،
من واجب هيئات ومؤسسات مختصة، على مستوى عال من الصلاحية والتخصص، لا من واجب فرد،
أو أفراد، مهما توفرت لديهم العلوم والمعارف الدينية..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق