01‏/01‏/2017

الأمين العام يشارك في ملتقيين فكريين بأربيل وإسطنبول ويحضر مؤتمراً عن الصحوة الإسلامية ببغداد

 تقرير: المحرر السياسي
شارك الأمين العام للاتحاد الإسلامي الكوردستاني الأستاذ (صلاح الدين محمد بهاء الدين) في أعمال (منتدى الشرق) الذي عقد يومي السبت والأحد 8-9/10/2016 بمدينة إسطنبول التركية، كما حضر أيضاً مؤتمراً لما يعرف بـ(مجمع الصحوة الإسلامية) في العاصمة العراقية (بغداد)، يومي السبت والأحد 22-23/10/2016، بالإضافة إلى مشاركته في فعاليات (منتدى الشرق الأوسط للبحوث – ميرى) المنعقد بأربيل عاصمة إقليم كوردستان يوم الخميس 27/10/2016.
·             ففي (إسطنبول)، شارك الأمين العام في إحدى جلسات النقاش التي نظمها (منتدى الشرق)، والتي تناولت (تصور المستقبل.. سيناريوهات وحقائق).
والمنتدى المذكور هو ملتقى سياسي وفكري، يترأسه الإعلامي المعروف (وضاح خنفر)، ويناقش في فعالياته السنوية جملة من الموضوعات المتعلقة بالتطورات الإقليمية والعالمية على الصعد السياسية والفكرية وغيرها.
وعرض الأستاذ (صلاح الدين محمد بهاء الدين) رؤيته في ورقة ركّز فيها على الأحداث الجسام التي وقعت خلال المائة عام الماضية في منطقة الشرق الإسلامي، بالقول: "إن ما حصل بعد اتفاقية سايكس بيكو من انقلابات وحروب ودمار وإراقة للدماء معلوم لدى الجميع، فخلال المائة عام الماضية نشأت أنظمة استبدادية، رضخت لها جميع الشعوب، وخاصة الأقليات الدينية والقومية التي تعرّضت في ظلها إلى التهميش وهضم الحقوق، ونتج عن استبداد الأنظمة أيضاً، تدهور الأوضاع إلى مديات كبيرة، وتفاقمت النزاعات والعداوات، سواء عن طريق علمانية متطرفة، أو تيار ديني متطرف، أو من قبل التيارات المذهبية والطائفية، ونشأت كذلك حركات قومية متعصبة. وفي المقابل، نشأ التطرف الديني، وهو حالة متكررة في التاريخ برزت خلال العقود المنصرمة، وزادت وتفاقمت وتجسدت في تنظيم القاعدة، وآخرها تنظيم داعش".
وأوضح الأمين العام: "إن الأنظمة المستبدة هي الباعث الأكبر على ظهور التيارات المتطرفة والحركات المتبنية للعنف، وأيضاً يشكل تزييف العملية الديمقراطية سبباً آخر لظهور هذه الحركات المتطرفة، وكذلك حافزاً للتحركات الشعبية، كما شاهدناه في ثورات الربيع العربي".
وأضاف: "علينا أن نبدأ بتشخيص تلك الأحداث، فمثل هذه الملتقيات تعتبر بحد ذاتها أداة للتشخيص.. ولا بد أن نفكر في كيفية تضميد الجراحات، جراحات الماضي والحاضر، ثم نخطو خطوات عملية، أول تلك الخطوات: تفهّم الواقع والحالة التي وصلت إليها الأقليات، والتخلي عن الحساسية التقليدية في القضايا القومية التي أضعفت قوى الدول. والخطوة الثانية: إيلاء الحكم اللامركزي للأقليات الاهتمام، وانتهاج النظام الفدرالي، رغم أنه يحل فقط جزءاً من المشكلة، ولا يرقى إلى المستوى المطلوب، لعظم حجم المشكلات، وكل ذلك يجب أن يكون في إطار دستور، وأن يتم تطبيقه تعويضاً عن ما وقع في السابق من ظلم واضطهاد، وتـأسيس مرحلة خالية من الظلم والاضطهاد، والعراق مثال على ذلك، وأنا من إقليم كوردستان العراق، وعلى دراية واطلاع على هكذا نمط.. أما الخطوة الثالثة، فهي إصلاح النظام السياسي، وبناء المؤسسات، وسيادة القانون، وحقوق المواطنة، وتحويل الشعارات إلى واقع عملي، والسير نحو ديمقراطية حقيقية، لا ديمقراطية زائفة. وأما الخطوة الرابعة، فهي إعطاء دور للدين في نشأة المجتمعات، خصوصاً في المشرق. وهناك إشكالية في فهم الدين، والشريعة الإسلامية مجموعة واسعة من القيم والعقائد الثابتة، وجزء كبير منها متغيرات، فمن الظلم أن نحصر هذا الدين الكبير في إطار ضيق، وعلينا أن ندرك أن الواقع لا يتغير إلا من خلال الفهم الواقعي، فالواقعية هي الطريق الصحيح نحو التغيير والقبول بالتباينات المكوناتية الأخرى، والتعايش والتسامح، وبمجملها يتم تأمين مستقبل أفضل، لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
·             وشارك الأمين العام في أعمال الاجتماع التاسع للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية في بغداد، تضامناً مع العراق في حربه ضد تنظيم (داعش).
وحضر المؤتمر في دورته التاسعة شخصيات بارزة، مثل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، ورئيس الائتلاف الوطني العراقي عمار الحكيم، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس مركز الأبحاث الاستراتيجية في مجمع تشخيص مصلحة النظام في الجمهورية الإسلامية الإيرانية (علي أكبر ولايتي)، إلى جانب شخصيات سياسية وعلمائية من دول عدة .
وألقى سيادته كلمة في المؤتمر أكد فيها على أهمية هذا التجمع وحساسية المرحلة التي يعقد فيها، قائلاً: "يتزامن عقد مؤتمرنا هذا مع قرب اندحار منظمة داعش الإرهابية، وسقوط خلافتها الزائفة في الموصل بعون الله، وانتهاء جرائمها بحق الإسلام والإنسانية في العراق. ولا شك أنَّ المشهد الذي نراه يومياً، من تلاحم الأخوة العراقيين من الكورد والعرب، والسنة والشيعة، في الدفاع عن العراق، وعن مكتسبات العراق الجديد، وفي الذود عن حياض الوطن، هو رسالة واضحة وصريحة لمن كان يحلم بتفكك الوطن والشعب، وهو أيضاً محاولة حقيقية لالتئام الجراح ".
وتابع: "ومنذ بداية حرب داعش، وقف إقليم كوردستان، شعباً وحكومة، وقفة إنسانية محترمة، جديرة بالتقدير، وهي استضافة النازحين، الذين يقارب عددهم المليون والثمانمائة ألف نازح، ولا زالوا في كوردستان يحظون بالاحترام والتقدير. وفي كلتا الحالتين: الوقوف مع العراقيين - جيشاً وشعباً- ضد داعش، وإغاثة النازحين، يتطلب مراجعات في المواقف من قبل العراقيين جميعاً، ويحتم أن تكون هناك التزامات للاستحقاقات، ووقفة مع شعب كوردستان في أزماته المالية والاجتماعية والأمنية التي يعاني منها".
وأردف: "إننا في العراق خصوصاً، والمنطقة عموماً، أمام منعطف تاريخي هام أتى بعد مئة عام من اتفاقية سايكس بيكو، وتقسيم الأمم إلى دول ودويلات، وإنشاء أنظمة مستبدة، وانتشار أفكار وفلسفات مستوردة، فكانت ثورات الربيع بمثابة صافرة إنذار لعهد جديد، ومرحلة واعدة، إلا أن هذه الثورات تعرضت إلى ثورات مضادة ومحاولات إجهاض من قبل فلول الأنظمة البائدة، من خلال مخططات أسيادهم، وليس هذا إلا دليل قاطع على مدى يقظة الشعوب، ومشروعها النهضوي، وانتصارها الحتمي، واستعادة أمجادها، بإذن الله".
وقال سيادته أيضاً: "نحن الآن أمام الهجمة التكفيرية الإرهابية التي نراها في المنطقة، وفي العراق بالذات، وهذا الاجتماع المبارك الذي يضم نخبة علمائية وسياسية وفكرية، جدير بأن نخطط فيه ليقظة قوية وحملة علمائية منتظمة، لإيقاف الفتن، ودحر مخططات الأعداء، واتخاذ خطوات جادة وعملية، للتغلب على هذه المؤامرة التي تستهدف تفكيك الأمة وتمزيقها، وتفريق الصف الواحد، وهذه الفتنة التكفيرية لم تأت إلا لصرف الأنظار عن العدو الأكبر، وتحويل الاهتمام عن القضية الرئيسية المركزية الكبرى، وهي القضية الفلسطينية، إلى قضايا جانبية تافهة، ويتوجب على النخبة العلمية والطبقة الفكرية، والمجاميع السياسية الفاعلة، نبذ الحساسيات والتخلي عن الملابسات التاريخية القديمة، والبدء من نقطة الانطلاق الجديدة اعتماداً على المبادئ والثوابت، وحفاظاً على المصالح العامة للأمة".
وواصل كلامه: "إننا في العراق الجديد عانينا الكثير من المآسي والنكبات، وواجهنا العديد من المؤامرات والمخططات، من قبل الأعداء أو من عملائهم المحليين، ولكن بقي العراق ويبقى، وبقي شعبه موحداً، ما دام الجميع منتبهين إلى أخطائهم، ومعالجين مشكلاتهم بروح أخوية، نابذين الطائفية وفتنها وارتداداتها، ولا بد أن يقف الأخيار من كل المكونات والطوائف والأحزاب لإيقاف النزيف وتوظيف الطاقات في البناء والوئام والمصالحة الوطنية، خصوصاً ونحن على أعتاب مرحلة انتهاء داعش وحكمها الفاسد ودولتها غير الإسلامية، إن شاء الله وإلى الأبد، ولا بد من العمل لبناء البلاد من جديد، وبصياغة جديدة، التزاماً بالدستور وعملاً بنصوصه، حقوقاً وواجبات".
وختم قائلاً: "يبقى الكورد، وإقليمهم، شعباً وحكومة، سنداً للعراق الاتحادي الفدرالي، وهم جزء من الحل وليسوا جزء من المشكلة، طالما إخواننا في العراق يلتزمون بالدستور ويؤدون واجبهم تجاه مواطني كوردستان، ويعملون بالدستور والمواطنة المتساوية، فإلى عمل وسطي إصلاحي لمواجهة التحديات، وتوظيف الفرص، والعمل لمصالحة وطنية، ونشر ثقافة التعددية وقبول الآخر، وإشاعة مبدأ التعايش السلمي، وسيادة القانون ودولة المؤسسات".
·             هذا وشارك الأستاذ الأمين العام في فعاليات ملتقى الشرق الأوسط للبحوث (ميرى) بأربيل، الذي جمع في هذا العام أيضاً صُناع القرار والأكاديميين وقادة الرأي، لمناقشة مجموعة من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حيث شارك الأمين العام في فعاليات اليوم الثاني تحت عنوان (ديناميات السلطة داخل الأحزاب المحلية في إقليم كوردستان.. الرؤية للمستقبل).
وقال الأمين العام في كلمة له بالمنتدى بأنَّ عمر التجربة السياسية في إقليم كوردستان تخطى الـ 25 عاماً، وخلال هذه الفترة أجريت عدة انتخابات، شكّل على أساسها البرلمان والحكومة، ورغم كل الأزمات والمشكلات التي واجهها، لكنه استطاع تأسيس كيانه السياسي والإداري، وهذا محل تقدير، لا يمكن نسيانه، وإن النجاح لا يمكن تحقيقه دون مشكلات ومعوقات.
ولفت سيادة الأمين العام في كلمته إلى أنه مع بداية تشكل الفضاء السياسي الكوردستاني، اكتسبت الأحزاب في نشأتها طابعاً خاصاً، اتسم بالضدية والعداوة للطرف الآخر، بحيث لا يرى في الآخر مكملاً له في خدمة الشعب وقضيته، بل على العكس من ذلك، تحتل المنافسة الشديدة حيزاً كبيراً من السلوك الحزبي، يصل إلى حد الاقتتال والصراع المسلح، وهو ما وقع بالفعل في السنوات الماضية، ولا زالت آثاره شاخصة إلى الآن.
وأشار الأمين العام إلى أنه يتم استخدام المؤسسات الحكومية والعامة في الصراع الحزبي، مبيناً بأنَّ عدم الاكثرات واللامبالاة بات ثقافة سياسية سائدة، فأطراف الصراع الحزبي لا يلقون بالاً للدعوات الشعبية والنخبوية المطالبة بإعلاء المصلحة الوطنية، وهم يعتبرون ذلك نوعاً من المزايدات السياسية.
وقال أيضاً بأنَّ كل طرف من أطراف الصراع الحزبي ينظر بازدراء إلى الطرف الآخر، ويحسب أن بإمكانه تسيير إدارة الإقليم لوحده دون مشاركة الطرف المقابل، موضحاً أنَّ تضخم الذات والنظر بقدسية إليها أضحى تصوراً مهيمناً يحول دون التواصل والعمل المشترك للدفع بالقضية القومية للشعب الكوردي إلى الأمام.
وحدّد سيادته مكمن استمرار الصراع والتنافس البغيض ببقاء عقلية كفاح الجبال، أو ما يسمى بالشرعية الثورية، ورسوخها في الحياة المدنية والسياسية وإدارة الإقليم، وبيّن أيضاً أنَّ التدخل الحزبي والحكومي في الشؤون الاقتصادية واحتكارهما لأدوات الانتاج وهيمنتهما على السوق أضاع السياسة والاقتصاد معاً.
وعبّر الأمين العام عن أسفه للجمود الحاصل في العملية السياسية بعد تعطيل البرلمان، وضعف الأداء الحكومي، واستمرار حالة الاحتقان والمناوشات السياسية التي تصل إلى حدّ التشهير بالرموز السياسية، بشكل تزداد معه وتيرة التصعيد السياسي، مستهجناً قيام بعض الساسة بتحديد موقفهم من مسائل معينة بناء على ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك).
وحذّر سيادته من أنَّ مستقبل إقليم كوردستان يشوبه الغموض، خاصة بعد زوال خطر (داعش) ونهاية هذا التنظيم إلى الأبد، والتغيّرات التي ستطرأ على العراق والمنطقة الإقليمية والدولية، مشيداً بقوات البيشمركة وتضحياتها الجسام في ساحات المواجهة ضد (داعش)، ودورها في لفت انتباه العالم إليها كقوة من مقاتلين العظام.
وأعرب الأمين العام عن اعتقاده بضرورة مساندة الحكومة، والحؤول دون سقوطها، لأنَّ سقوطها يعني فشل الأحزاب المشكّلة لها، وبأنه يتوجب على جميع الأحزاب أن تتشارك المسؤولية الأخلاقية في رأب الصدع وتجاوز المرحلة الراهنة، والاستجابة لمطالب الجماهير، التي تعاني من ضيق المعيشة نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية.
وأكّد أهمية التواصل مع الحكومة الاتحادية، وأشاد بالزيارة الأخيرة للوفد الكوردستاني الرفيع إلى (بغداد)، واصفاً إياها بأنها "ذهاب في الاتجاه الصحيح".

وقال بأن الخطوة الأولى لإعادة العملية السياسية إلى مسارها الصحيح هي الاعتراف بالخطأ والتقصير، كل طرف حسب حجمه ومسؤوليته، وبالذات الحكومة التي يجب أن لا تبرر فشلها على الصعيد الاقتصادي وتعتبر أنَّ ما حصل من تراجع سببه المتغيرات الدولية، معتبراً أنَّ الواقعية هي السبيل الوحيد لإصلاح الواقع، وليس الشعارات واللعب بعواطف الجماهير، وإنَّ على الجميع إدراك حجم التحديات، وأنَّ التهديد لا زال قائماً طالما بقي البيت الكوردي مفككاً، وأنه بالتكاتف وتحمل المسؤوليات، وعبر وضع الخطط والبرامج، نرفد المكتسبات ونضمن مستقبلاً أفضل لشعب إقليم كوردستان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق