محمد واني
منذ
أن ترّسخت المعادلة السياسية الدولية في منطقة الشـرق الأوسط، عقب إلغاء الخلافة
العثمانية عام 1924، وتقسيمها إلى مناطق نفوذ بين الدول الاستعمارية: بريطانيا
وفرنسا (سايكس بيكو)، بمباركة من روسيا، ودخول أمريكا إلى هذا التحالف الاستعماري
فيما بعد، لم تعد أيّ دولة حرة في توسيع حدودها أو تقليص مساحتها، ولا يسمح لإقليم
أن يعلن استقلاله، إلا إذا سمح التحالف الدولي بذلك، وهذا صعب جداً، ونادراً ما
يحدث، كما في حالة السودان مثلاً..
وربّما
أخطأ الكورد عندما عزموا على إعلان استقلالهم في 25 سبتمبر عام 2017، دون أخذ
موافقة ضمنية من التحالف الغربي الذي يدير المجتمع الدولي، وسيتصدّى بضـراوة لكل
من يحاول، أو يخطّط، أو حتّى يفكّر في تغيير هذه المعادلة السياسية التي تخضع لها
المنطقة.. وقد رأينا كيف أنه تصدّى لغزو صدام حسين للكويت عام 1990،
وماذا
فعل لمّا أحسّ بخطر زحف حركة الإخوان المسلمين على مصالحه، وعلى استراتيجيته في
المنطقة، من خلال توليّها الحكم في مصر عام 2012، وكيف عاقب أعضاءها، وطاردها في
كل مكان، وما زال، ولن يهدأ لهذا التحالف الغربي بال، حتى يقضي على آخر جيوبها في (تركيا)،
ويطيح بنظامها. وكثيراً ما أشرت إلى أن الهدف من وراء المناورات العسكرية الغربية
الجارية في المنطقة هو تركيا أردوغان، وليس إيران! فقبل مدّة قصيرة أعلن الرئيس الأمريكي
(ترامب) بأنّه لا يريد الحرب مع إيران مطلقاً! ولا يريد إسقاط نظامها، بل تغيير
سلوكها.. ولو نظرنا إلى حالة الهيمنة المطلقة للتحالف الغربي على المنطقة بدقّة،
لرأينا أن العلاقات بين الدول الإقليمية، والأحزاب والحركات السياسية، تحدّد بصورة
مباشرة، أو غير مباشرة، من قبل المجتمع الدولي الذي يسيطر عليه التحالف الغربي كما
قلنا. ويعني هذا بطريقة أخرى: أن تلك الدول والأحزاب لديها سقف محدّد للتحرّك
السياسي لا تستطيع تخطيه.. وبالطبع ينسحب هذا على حزبي السلطة في إقليم كوردستان. فلا
يستطيع أحدهما أن يتخطى نفوذ الآخر، مهما فعل وحاول، وربّما تحظى التقسيمات الإدارية
والسياسية لمنطقتي نفوذهما أيضاً بمباركة غربية وإقليمية.. أنا لا أبرر أخطاء
الحزبين، ولا أعفي مسؤوليتهما في تفاقم الأوضاع، ووضع حدّ لحالة الصـراع بينهما،
وضرورة التقارب والتصالح، فثمّة عشرات من الأهداف المشتركة تجمع بينهما، ورغم ذلك
فإنهما يعاودان تأزيم الأوضاع بين حين وآخر، ويخوضان صراعاً عبثياً، الشعب الكوردي
في غنى عنه.. وهذا يقودنا إلى أن إقليمنا داخل بقوّة في المعادلة الغربية، وجزء
منها، وتتحكم فيه بصورة وأخرى، ولن يستطيع الخروج منها إلى ما شاء الله!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق