مضى على
فراقهما عشـر سنوات..
كانت ترتدي الروب الأسود الخاص بالمحاماة، وهي
تحمل كراساً صغيراً يبدو أنه دفتر ملاحظات.
هبت من درجات السلم مسـرعة باتجاه غرفة القاضي،
وفجأة ارتطمت بجسم ثقيل قوي .
أمسك بها قبل أن تسقط..
نظرت إليه .
لم تتغير ملامحه.. إنه عبد الرحمن زميلها في أيام الجامعة.. يبدو أنه كان مسـرعاً أيضاً.
سألها وقد عرفها: نادية، هل لديك دعوى؟!
ابتسمت، وقالت له: نعم، دعوى طلاق!
ضحك، وقال: وأنا أيضاً لدي دعوى طلاق
.
سألها: ألا توجد محكمة في القضاء الذي تسكنين
فيه؟
أجابته: بلى، ولكننا انتقلنا من تلك المدينة،
ونحن نسكن الآن هنا بالقرب من المحكمة .
في هذه الأثناء قطع حوارهما صوت المنادي، وهو
يقول: المحامي عبد الرحمن توفيق، وموكله: سعد جميل.. المحامیه ليلى أيوب،
وموكلتها: هناء سامي.
ضحك الاثنان وهما يقولان: هيا إلى المرافعة.
* *
*
نعم، لقد لعب القدر دوره معهما، حيث كانا
المحور الثاني للمدعيين اللذين قدّما طلب طلاق، فما كان منهما سوى الذهاب إلى قاعة
المحكمة، حيث وقفت ليلى بجانب موكلتها المدعية هناء، التي رفعت دعوى الطلاق على
المدعى عليه سعد جميل، الذي وقف إلى جانبه زميلها المحامي عبد الرحمن توفيق
.
لم يظنا يوماً أنهما سيلتقيان في المحكمة، وهما
أحد أطراف الدعوى .
كان عبد الرحمن يحبها حباً لا مثيل له، لكن
الظروف حالت بينه وبين حبه لها.. حيث كان يعشقها بجنون، ولكنه لم يعترف لها عن ذلك
الحب، حتى بعد انتهاء سنوات الجامعة، لظروفه الصعبة في ذلك الوقت
.
لكن ها قد جاءت إليه على طبق من ذهب، وها هي
ظروفه قد تغيرت بتحسن وضعه المادي .
تشجع وقال لها بعدما انتهت المرافعة، حيث تأجلت
الجلسة إلى وقت آخر لملابسات الدعوى، وعدم حضور أحد الشهود:
لقد أجّل القاضي المرافعة إلى جلسة أخرى سيكون
موعدها الأسبوع القادم .
ليلى؛ هل تزوجت؟
نظرت إليه بذهول، وقالت: وما علاقة الجلسة
بزواجي من عدمه؟
أجابها وهو يبتسم لها بحنان:
لأني أعرض عليك الزواج، وأمامك أسبوع بإمكانك أن
تفكري على مهلك، وحين قدوم موعد الجلسة أعطني رأيك بالرفض أو القبول
.
يبدو أنها كانت معجبة به أيضاً، حيث ابتسمت له،
وقالت وهي تمازحه:
أنتظر حكم القاضي!
سألها وهو يبتسم: وما دخل قرار القاضي بنا؟
أجابته وهي تلملم أوراقها التي كانت فوق الدرج،
وهي تقول: ربما يحكم بيننا أيضاً.
قهقه عالياً، وهو يشير إلى سيارته في الكراج،
قائلاً لها:
هيا أوصلك إلى البيت، ونكمل حديثنا.
ابتسمت له وهو يفتح لها باب السيارة، وعندما أخذت
مكانها في المقعد المجاور لمقعده، قالت له: هل تعتقد أنهما سيتطلقان فعلاً؟
نظر إليها وهو يدير مفتاح السيارة، ثم قال لها:
لا أظن، أعتقد أنهما سيتصالحان.
سألته: من أجل أطفالهما؟
هزّ رأسه بالنفي، قائلاً: بل .. لأنهما يحبان
بعضهما.
كانت لكلماته أثرها الكبير في قلبها
.
قطع صمتها قائلاً لها: سيحسم أمرهما بالصلح.. وأمرنا
بالزواج.. هل توافقينني الرأي؟
أطرقت رأسها خجلاً، وقالت بصوت دافىء:
ربما!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق