خديجة عبدالخالق
ليس من السهل ان تتحرك الحياة دون تعاون بين الرجل والمرأة؛ فهذا ما حصل منذ بدء الخليقة حيث شاءت سنة الله تعالى أن لا تكون الانثى وحدها او الذكر وحده بل خلقهما الخالق سبحانه لكي يكملا بعضهما البعض، وجعل كل منهما محتاجا إلى الآخر في سبيل نهوض المجتمع و تحرره نحو الحضارة والمدنية، كل ذلك مرهون ببناء الانسان بشقيه (الذكر والانثى) وتحصينه بالارادة والوعي، فاذا كنا نطمح لمجتمع تتحمل فيه المرأة مسؤولياتها مع الرجل عليها ان تكون واعية؛ لان الوعي يفتح امام المرأة منافذ كثيرة تفهم من خلالها حقائق الحياة دون تزييف او تشويه، ولأن الوعي ميزة للرجل والمرأة معاً، فاذا استطاعت المرأة ان تنظر الى الامور نظرة شمولية وبشكل يتوافق مع التصور الاسلامي فانها تزداد وعياً بهذه الحياة وفهماَ للاشياء، وحيث ان دور المرأة ينطلق من دوائر التكليف والمسؤولية العامة من واجبها كأم وزوجة، ثم بعد ذلك كمواطنة تعمل في اي تخصص يرتبط ببناء الانسان وتوعيته الذي لابد أن يتم وفق ضوابط و فرص متاحة، حيث ان النمو العقلي والعملي والحركي في شخصيتها الانسانية ليس شيئاً بعيداً عن طبيعة الاشياء في وجودها.. والضعف والتخلف الذي تعيشه المرأة هو نتيجة إهمال لعناصر القوة والوعي في تربية شخصيتها وبناء وجودها، كما هو الحال في الرجل الضعيف في فكره والمتخلف في وعيه وحركه حياته، فذلك نتيجة للفقير في تهيئة عوامل تقدمه والقوة المحيطة به.. فاذا استطاعت المرأة ان تتعرف الى مسؤولياتها الحقيقية في بناء المجمع وترتيب اولويات ومهمات حياتها فانها ستتفاعل مع المجتمع بشكل ايجابي وتحقق التغيير عن طريق السلوك والفكر؛ ولن تحارب الفطرة بل ستمارس الحياة بصورة واقعية، وستخرج من دائرة التقليد المهيمن والاعمى وستفهم مشكلات العصر وتتعامل مع الواقع من منطلق صحيح، والوعي بالواقع وتحدياته وبفنون التربية ستجعلها مؤهلة لمواجهة العصر والعودة الى مرجعياتنا الثقافية والفكرية التي تنسجم مع طبيعة مجتمعاتنا.
لذا أعود فأقول على المرأة ان تحطم الحواجز التي تحول بينهما وبين رؤية ذاتها وتشخيص طريقها على حقيقته كي تتزود بالعلم وتتحصن بالثقافة وتحتل موقعاً متميزاً في مسيرة بناء المجتمع، ان دور المرأة اليوم هو واجب ديني وليس واجباً اجتماعياً فقط، وما يهم في عناصر هذا الدور هو ان يتم توعيتها دينياً بكل ما يحمله جوهر هذا الدين من حقوق ومن واجبات؛ لان عدم الوعي بالبعد التشريعي في قضايا المرأة والرجل ادى الى حدوث خلل في الممارسة السلوكية للناس بعيداً عن المضمون الحقيقي لثوابت الدين، وبالتالي ادى الى تحميل التشريع الرباني سلبيات سلوك المسلمين، فبعض النسوة حصلن على اعلى الشهادات العلمية والمناصب العملية في بعض المجتمعات ولكنهن يجهلن الكثير من الاحكام الشرعية الخاصة بهن، وبالتالي حدث خلل في تربية الابناء (ذكوراَ واناثاً) وهم لا يستوعبون هذه التشريعات بشكل جيد ولا يدركون مقاصد الشرع وأهدافه في بناء الإنسان .
اذن فهناك حاجة ملحة لإعادة النظر في تفاصيل هذا الدور الاساسي للمرأة وفق منهجية تأصيل اسلامية تسهم في تزويد كل المرأة بمقومات مواجهة التحديات الثقافية والاجتماعية و... الخ .
اذن فاهتمامنا بالمرأة يعني اهتمامنا بالاجيال القادمة لانها هي التي تشرف عليهم اشرافاً دقيقاً وعسيراً، وليست مهمتها امراً سهلاً حتى نستهين بشأن هذه المرأة التي خلقها الله واراد ان تكتمل بها الصورة الانسانية في المجتمع .
والمجتمع في واقعنا المعاصر بحاجة ماسة الى النساء الواعيات الصالحات ليقمن بدورهن في النهوض به ومساعدة الرجال الصالحين ضمن اطار التصورات الاسلامية الراقية، لأن المجتمع يشهد جهوداً ضخمة لأناس غير صالحين يهدفون الى هدم اسس المجتمع الاخلاقية، لذا فنحن بحاجة الى جهود كل المخلصين سواء كانوا رجالاً و نساءاً .
واخيراً وليس اخراً على المرأة ان تقوم بدورها عملياً في اصلاح وبناء المجتمع، وهذا ضروري وممكن في الوقت نفسه، فيما اذا توفر لها الوعي والعزيمة حينها ستشهد المجتمعات تغييراً نحو الأفضل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق