08‏/09‏/2014

كوردستان والبحث عن الذات وسط فشل النظام السياسي العربي

أحمد الزاويتي
أثبت قرنٌ من الحكم فشلَ العرب كنظام سياسي، فهم عندما يعادون (إسرائيل) علنا، يتحالفون معها سرا. وعندما يعلنون تضامنهم مع (فلسطين) جهرا، يضمرون لها العداء، بل يشتركون في محاربتها، وما (غزة) عنا ببعيد. وهم عندما يعادون (إيران) يفشلون، وكذلك عندما يؤيدون (تركيا). وعندما تفتح الأبواب لهم لدخول الربيع، يسدونها ليجلبوا صيفا ساخنا. وعندما تتراكم الأموال عندهم، يدخرونها، ويسخرونها لعقد مؤامرات ضد بعضهم، يجيدون المشاركة في التآمر على بعضهم، أسود مع بعضهم، ومع العالم الآخر كالنعاج. في الديمقراطية يسقطون، في الشفافية يختفون، لا نجد لهم في مجالات العلم والمعرفة والإبداع والتقدم والتطور مكانا في المنافسة، والحديث يطول في هذا المجال. باختصار، فإن النظام السياسي العربي نظام لا يستحق الاقتداء
به.
بالنسبة لـ(إقليم كوردستان) وهو يعيش وسط محيط هائج من الأنظمة السياسية العربية، والعراق جزء لا يتجزء من هذه الأنظمة، وهو الذي أصبح كالقار الذي لا يستطيع إقليم كوردستان إنقاذ قدميه منه، ولا يزال متلوثا بسلبيات هذا النوع من النظام السياسي، وأي إرادة كوردية نحو تشكيل نظام سياسي خاص بها، عليها أن تضع أمام عينيها أن لا تكون جزءا من النظام السياسي العربي، ولا تكون مثله، بل ولا حتى جزءا منه، كما هو حاليا.
لتكن لك تجربتك الخاصة
الكورد بحاجة إلى تجربة خاصة تلائم الإقليم وخصوصيته، وهو محاط بأنظمة تختلف عن بعضها، كاختلاف الشرق عن الغرب، فالنظام السياسي في (تركيا)، يختلف كليا عن النظام السياسي في (إيران)، كمثال، والنظامان السياسيان التركي والإيراني يختلفان جذريا، وفي كل شيء، عن النظام السياسي العربي في المنطقة. وكوردستان التي تبحث لها عن نظام سياسي خاص بها، محاصرة بهذه الأنواع من الأنظمة السياسية، والمختلفة فيما بينها في كل شيء، ومن الطبيعي ستتأثر بها بشكل من الأشكال، لكن ما يهم هو الحذر من التأثر الكبير بالنظام السياسي العربي، وعلى المسؤولين على النظام السياسي الكوردي، الذي يبحث له عن قالب خاص، أن يكونوا أذكياء في تجنب السلبيات في تلك الأنظمة السياسية المجاورة، والاستفادة من إيجابياتها.

النظام السياسي التركي والإسرائيلي

شرق بنظام غربي
أعتقد أن النظام السياسي التركي فيه من الإيجابيات أكثر مما في النظامين السياسيين: الإيراني والعربي، باعتبار أنه النظام السياسي الشرقي الأقرب إلى النظام الأوروبي. ونحن ككورد هنا في شرق لا يحبذنا، أحوج إلى الاقتداء بالأنظمة السياسية الغربية منها من الشرقية، رغم أن الطريق إلى ذلك طويل وصعب، نتيجة تأصل الجذور الشرقية فينا، إلا أن النظام السياسي التركي، وهو شرق بنظام غربي، ويجاورنا، قد يساعدنا في ذلك، وطريق الألف ميل تبدأ بخطوة. وبالنسبة للتجربة السياسية الإسرائيلية (رغم تحفظي على إسرائيل كدولة احتلال)، إلا أنه كنظام سياسي، فهو تجربة من الجدير الاقتداء بإيجابياتها، من حيث الديمقراطية، وانعكاس التجربة الغربية فيها، رغم أنها في قلب الشرق، وكلا النظامين السياسيين: التركي والإسرائيلي، تمكنا من أن تكون لهما تجربتهما الخاصة بهما، كنظام سياسي، ويمكن لكوردستان، على طريق تركيا وإسرائيل، أن يكون لها أيضا نظامها السياسي، غير المتأثر بسلبيات النظام السياسي العربي.

النظام السياسي الكوردستاني غير المستقر
بعد أكثر من 20 سنة من التجربة السياسية في كوردستان العراق، لا تزال التجربة لم تستقر على نوع واضح من النظام السياسي، فكوردستان مترددة: هل تعيش مع العراق في نظام فيدرالي، وبوجود كم هائل من المشاكل المستعصية على الحل، كما هو موجود حاليا؟ أو تطور نظامها إلى نظام كونفدرالي، وهو الأكثر استقلالا من الفيدرالية؟ أو تستقل تماما، لتكون لها دولة خاصة بها؟ والتردد ناتج من نقطتين أساسيتين، وهما:
- عدم وحدة الموقف الكوردي الداخلي من نوعية النظام السياسي، بين البقاء في العراق كفيدرالية، أو تطويره إلى الكونفيدرالية، أو الاستقلال كدولة.
- عدم التأكد من الموقف الدولي، فيما إذا رفع الكورد من مطلبهم، باتجاه الكونفيدرالية، أو الدولة.
وإلى أن يستقر القرار الكوردي حول نظام سياسي معين من الأنظمة أعلاه، سيبقى عدم الوضوح موجودا في النظام السياسي الإداري الكوردي، والذي أثبت على الأقل عن أفضليته على النظام السياسي العراقي في (بغداد)، وهو ما أقنع الكثير من دول المنطقة، والعالم، بأن كوردستان العراق يمكن أن يكون لها نظام سياسي خاص بها، كنواة لدولة مستقبلية، وهذا قد يغير من الموقف الإقليمي والدولي السلبـي تجاه أي مطلب للدولة الكوردية، وقد يشجع الكورد مستقبلا للمطالبة بالدولة علنا، هذا فيما إذا لم يستطع النظام السياسي في العراق من تطوير نفسه، ليكون نظاما سياسيا ناجحا، يقنع العالم على دعمه والاصطفاف معه، دون تقسيم، وانفصال أجزاء منه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق