08‏/09‏/2014

مرآة التأمّل

عبد الباقي يوسف
ظلال الاســم 
اسمك هو الاسم الذي يقدمك للآخرين 
وأنت تقدم اسمك لهم. 
على قدر ما تحسن تقديم اسمك إلى الآخرين، فإنه يحسن تقديمك لهم.
هذي الحروف تنبض في ثناياها نبضات قلبك،
تسبح في سعة فضاءاتها شذرات تأملك، 
تطوف ظلمة أوديتها وأضواء دروبها معالم خطواتك. 


إنك ابن أنوار وظلمة هذي الحروف، وهي ابنة كل حركة من حركاتك،
كل نفس من أنفاسك،
كل حاسة من حواسك، 
كل هنيهة من شرودك. 
كل خـَـلق أوتي اسماً يقدّمه، وكل اسم أوتي خلقاً يمثـّله  
كل خلق يبدأ حياته باسمه، ويبدأ اسمه بحياته. 
عندما شاء الله أن ينفخ في صلصال أول خليفة في أرضه، شاء أن يكرم هذه الخليفة بهدية الخلود. 

حضور اسمك هو حضور غيابك 

غياب اسمك هو غياب حضورك. 

عندما تحسن إلى اسمك، يحسن اسمك إليك.

يسيء إليك اسمك، عندما تسيء إليه. 

كل ملاك أهداه الله اسماً 

كل جنّي أهداه الله اسماً  
كل إنسان أهداه الله اسماً  
كل نبات أهداه الله اسماً 
كل جماد أهداه الله اسماً   
كل حيوان أهداه اللـه اسماً   

وإن نظرت إليك؛ ترى: 

كل عضو فيك له اسم  
كل شهقة تشهقها لها اسم 
كل زفرة تزفرها لها اسم  
كل نظرة عين تنظرها لها اسم  
كل خطوة تخطوها لها اسم 
كل نبرة صوت تنبرها لها اسم  
كل جلسة تجلسها لها اسم  
كل وقفة تقفها لها اسم  
كل نوم تنامه له اسم. 

وانظر: 
كل طير يطير يملك اسماً 
كل دابة تدب تملك اسماً   
كل زاحف يزحف يملك اسماً 
كل زهرة تزهر تملك اسماً   
كل شجرة تنمو تملك اسماً  
كل نبتة تنبت تملك اسماً    
كل بحر يبحر له اسم  
كل نهر ينهر له اسم 
كل جبل يجبل له اسم  
كل أرض تأرض لها اسم. 

ثم انظر إلى الزمن: 

كل وقت يحمل اسماً  
انظر في البرهة،
في الهنيهة، 
في اللحظة،
في الدقيقة،
في الساعة، 
في اليوم،
في الأسبوع،
في الشهر،
في الفصل،
في السنة،
في العقد،
في القرن. 

ثم انظر إلى الأرقام: 

كل رقم يتمتع باسم مختلف عن أخيه، 
كل رقم له خصوصية، له ميزة. 
انظر إلى رحابة الفضاء: 
كل نجمة تتمتع باسم   
كل طبقة غيم تتمتع باسم   
كل كوكب يتمتع باسم 
كل هنيهة ظلام تتمتع باسم 
كل هنيهة ضوء تتمتع باسـم. 
هذا غنى الله، فماذا لدى أغنياء الأرض، إن أغنى أهل الأرض هو أكثرهم فقراً إلى غنى الله. 

دربك إليك 

انظر إلى الشجر اليابس.. 
تأمل كيف أنه عندما يُطوى غصن منه، فإنه ينكسر دون مقاومة، في حين أنه في يَفـْعِهِ يرفض أن ينكسر مهما كانت اليد الممتدة إليه جبّارة، إنه متمسّك بالحياة، ويقاوم أشد مقاومة حتى لا يجتزَّ من شجرته. 
والثمرة اليافعة تبدي مقاومة في وجه الريح حتى تبقى متلألئة تزيـِّن غصنها، لكنها عندما تنضج تقع على الأرض من تلقاء نفسها، لأنها إن لبثت على غصنها فسدت، وما أتى بعدها من ثمار. 
كذلك عليك أن تنظر إلى كل أمر في الحياة، كل أمر يمكن له أن يُـلوى، ويكون وفق مشيئتك عندما يكون في مهده، غير أنه عندما يتقدم في العمر، فإنك إن سعيت إلى ليـّه، كسرته، وإلا سوف تضطر إلى الانسجام مع اعوجاجه، كضريبة تدفعها على خطيئتك أول الأمر. 
كل شيء يخضع  لمرحلة طفولة، لا شيء لا يمهد من طفولة: 

طفولة الزواج، 

طفولة الأبوة،
طفولة الولاية،
طفولة الغنى، 
طفولة الفقر،
طفولة الإيمان، 
طفولة الإلحاد،
طفولة المحبة،
طفولة البغضاء،
طفولة الصداقة،
طفولة الخصومة،
طفولة اليفـْعِ،
طفولة المراهقة،
طفولة الشباب،
طفولة الشيخوخة.

كل مراحل الطفولة الحياتية هذه تكون بيديك، تستطيع أن تلويها وفقما تأبى في طفولتها، فتلبث على ما لـُويَتْ عليه كنقش على حجر، لن تتقوى نفسك عليك إلا بقدر استجابتك الواهنة لها، ولن تتقوى عليها إلا بقدر قدرتك على إخضاعها. 

ليست ثمة سيادة قبل الإمساك بزمام السيادة على هوى النفس. 
الذي يفشل أن يكون سيداً على هوى نفسه، لا يحالفه نجاح ليكون سيداً حتى على شعرة من بدنه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق