08‏/09‏/2014

أديان وفق أهوائنا السياسية ! (آخر الكلام)

محمد واني 
يبدو أن المحاولات الجادة التي كانت تبذل في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، من قبل كتابنا ومثقفينا وعلمائنا، من أجل تحديث وتطوير مجتمعاتنا، والارتقاء بها إلى مصاف المجتمعات المتقدمة، قد توقفت وتلاشت تماما، بسبب هيمنة الفكر السياسي الظلامي على مجمل الجوانب الأخرى من حياتنا اليومية، ولم نعد نفكر كثيرا بإنشاء مراكز بحوث ودراسات علمية وثقافية، لتطوير وتنمية القدرات الفردية في المجتمع، أو تحديث مؤسساتنا التربوية والتعليمية، أو فتح قنوات اتصال مع تلك المجتمعات المتطورة، للاستفادة من نظم حياتها المتطورة، وتقنياتها العلمية.
 لم تعد هذه الأمور تعنينا كثيرا، ولا نهتم للهوة الشاسعة التي تفصلنا عنها، ففي الوقت الذي وصل الغربيون إلى قمة التطور والحضارة، بقينا نحن نغوص في مستنقع الجهل والتخلف: بينما هم يبتكرون كل يوم ألوانا جديدة للحياة والسعادة البشرية وبهجتها، نبتكر نحن صورا جديدة للموت والدمار.. هم يفتخرون بالإنجازات
العلمية والإنسانية التي حققها علماؤهم، ونحن نفتخر بالإنجازات التاريخية العظيمة، التي
حققتها شخصياتنا التراثية المقدسة، وأبطالها الميامين، الذين مازالوا يتحكمون فينا، ويقررون مصيرنا، بشكل من الأشكال، ولا نستغني عنهم أبدا، أشباحهم تعيش معنا، ولا تفارقنا ليل نهار، نأكل معها، وننام معها، نفرح لفرحها، ونزعل لزعلها، ونتابع أثرهم، ونقلدهم في كل شيء، في حركاتهم، وسكناتهم، وطريقة أكلهم ونومهم وزواجهم و..استنساخ طبق الأصل لهم..بهذه الصورة المشوهة عشنا في القرن العشرين، وودعناه، وما زلنا نعيش في القرن الواحد والعشرين، ومارسنا السياسة من خلال الأحداث التاريخية، وأبطالها، وليس من خلالنا، أو من خلال الوقائع التي نعيشها، وأدخلناها في الدين الحنيف، فأصبح الدين الواحد، أديانا مختلفة: دين "داعش"، ودين"القاعدة"، ودين"السلفيين"، ودين"العوام"، ودين العلماء التقليديين"، ودين"الشيعة"، وأديان أخرى، حسب المناطق، والاجتهادات السياسية .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق