01‏/03‏/2015

آخر الكلام// شبابنا المنسيون

محمد واني
الشباب يعني القوة والعنفوان والحضارة، ويعني كذلك العمل والبناء والتطور. لا تتقدم العلوم والمعارف إلا بهم، ولا تنتصر الأمم، وتستقل الشعوب، وتقام الثقافات، إلا على أكتافهم. هم المستقبل المشرق، والأمل المعقود، إن اهتمت بهم الدولة (أو المجتمع)، وأحسنت رعايتهم، ورفعت من شأنهم، ونظمت شؤونهم، ووجهتهم وجهة تربوية صحيحة، واهتمت بأفكارهم ومواهبهم، وفتحت لهم قنوات مختلفة للتعبير عن تلك المواهب والأفكار.. ومن ضمن هذه القنوات: القنوات السياسية، والمؤسسات التي تدير البلاد.
الدول المتقدمة فعلت ذلك منذ زمن، ونجحت في تطويع طاقات الشباب لصالح مواطنيها، واستطاعت أن تبني مجتمعات حضارية، متطورة، غاية في الجمال، والنظافة، وكأنها الحلم الذي نتوق العيش فيه،
ولا نخرج منه أبدا. فعلت ذلك لأنها دولة رشيدة، استطاعت أن تهدم الفواصل والحواجز التي تفصل بينها وبين شبابها. وتعتبر (اليابان) الأنموذج الأروع في هذا المجال. فعندما برزت كدولة حديثة عام 1868، كان عمر أول رئيس وزرائها، ثمان وعشرين سنة، بينما كان عمر وزير التعليم، فيها، اثنتان وعشرون عاما فقط، وكذلك الأمر بالنسبة لمعظم وزرائه الذين عملوا معه.. أما في معظم دولنا الإسلامية والعربية، التي يقودها (الشيوخ والعجائز).. فالتواصل بينها وبين الشباب شبه معدوم، هي في واد، وهم في واد آخر، لا توجد علاقة عمل مشترك بين الاثنين. العلاقة الوحيدة التي تربطهما ببعض، هي علاقة المعلم بتلميذه، أوالضابط بجنديه، أو السجان بسجينه. وهي علاقة قائمة أساسا على تصدير الأوامر، وتنفيذها. وعندما يشعر الشباب أن علاقتهم مع حكوماتهم قد وصلت إلى طريق مسدود، وأنه لا يوجد أي تفاهم بينهم، فإنهم سيحاولون الخروج من الدائرة المغلقة التي حشروا فيها، والبحث عن علاقات أخرى، مع أطراف وجهات أخرى، قد تكون مدمرة وعدوانية، غاية في السوء، تنعكس على المجتمعات والدول بعواقب وخيمة..
على الحكومة إيلاء اهمية استثنائية للشباب، من خلال فتح المراكز الثقافية، والمنتديات الفكرية، وتوفير فرص العمل لهم، وتعيينهم في المؤسسات الحكومية. ولكنها في خضم انهماكها بالقضايا السياسية، نسيت هذه الشريحة المهمة في المجتمع، ونأت بنفسها عن حل مشاكلهم، وتركتهم لمصيرهم.. ليس من المعقول أن يصطف شبابنا، بعد أن يتخرجوا من الجامعات، في طوابير العاطلين عن العمل، في انتظار رحمة الحكومة لتعيينهم، والأخذ بأيديهم!..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق