01‏/03‏/2015

مرافئ// شهداء بالقسط


د. يحيى عمر ريشاوي
مطالبة بعض المثقفين والتيارات الإسلامية الإعلام الغربي بقراءة الواقع الإسلامي كما يقتنع به هؤلاء، مطالبة فيها الكثير من البساطة في التفكير، وتفسير غير منطقي لواقع الإعلام الغربي، والأجندة التي توجه وتسير هذا الإعلام.
ليس من المنطقي أن تطالب هذا الجيش الهائل من المؤسسات الإعلامية الغربية، والتي تعبر عن تيارات فكرية وفلسفية وسياسية من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، بأن يتصف بالتوازن في الطرح الإعلامي، والتمييز بين الجلاد والضحية، كما نتوقعه (ونؤمن به) نحن في عالمنا الإسلامي. ويبالغ البعض إلى حد المطالبة بمحاكمة القائمين على أمر هذه المؤسسات، وكأنهم أعضاء وكوادر في منظمات إسلامية، ولم يلتزموا بالتوجيهات الصادرة إليهم !!
البعض منا يريد من هذا الإعلام أن ييدأ بالبكاء والنحيب على ضحايا المسلمين، والتنديد بالجرائم التي ترتكب هنا وهناك ضد المنتمين لهذا الدين الحنيف.. وهو توقع مبالغ فيه لشعب وإعلام لا يعرف من الإسلام وأحوال المسلمين إلا القليل، و يا ليته لم يعرف هذا (القليل)! المقارنة بين حادثة (شارل ايبدو) و(الضحايا الثلاث في كاليفورنيا)، وكيفية تعاطي الإعلام الغربي مع هذين الحدثين، وتفسير الحدث على أنه كيل بمكيالين، ولم ينصف المسلمين (وإن كان فيه شيء من الحقيقة)، إلا أن هذا التفسير، وبهذا الإطلاق والتعميم، فيه شيء من عدم الإنصاف، والتسرع في الحكم، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ...).
على الكتاب والمثقفين المنتمين إلى التيار الإسلامي أن يقتنصوا مثل هذه الفرص، لا لتوزيع الاتهامات، ولوم الآخرين، بل:
- جعلها فرصة سانحة لتوضيح مبادئ الدين الإسلامي الحنيف في المسامحة والتعايش بين الأديان.
- مراجعة نقدية لأداء الإعلام الإسلامي، والضعف الواضح في طرحنا الإعلامي والفني والفكري، والذي لا يرتقي إلى المستوى المطلوب بأي شكل من الأشكال.
- دراسة معمقة وموضوعية لواقع الإعلام الغربي، وكيفية تعاطيه مع الأحداث، وذلك بالدراسات والندوات، لا بالتنديد والوعيد !

أخيرا، إن هذه الانطباعات ليست دفاعا عن التغطية الإعلامية الغربية لواقع المسلمين، والأحداث المحيطة بهم، بقدر ما هي إعادة توازن إلى تقييم وميزان كاد أن يختل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق