د. يحيى
عمر ريشاوي
المتابع للتطوّر الجنوني لتكنولوجيا وسائل
الإعلام، يلحظ التغيّرات التي طرأت (وتطرأ) على شكل ومضمون العملية الإعلامية،
بحيث لم يعد بالإمكان عدّ وحصر عدد القنوات الفضائية ومواقع الانترنت وأشكال
وأنماط مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من ملامح تحوّلات الخارطة والبيئة الإعلامية
العالمية.
المجال
الإعلامي بات الآن في متناول الجميع إلى حدّ بعيد، وسهّلت تكنولوجيا الاتصالات
التعامل مع الكلمة والصورة والصوت، إلى حدّ جعل من المواطن العادي مؤسسة خبرية
ووكالة أنباء متنقّلة مزوّدة بكل الإمكانيات.. خبر اللحظة، والصورة، قبل وكالة
الأنباء، والتحليل والتعليق كيف وأين ومتى شاء!
هذه
البيئة الإعلامية الجديدة أصابت الجميع بالدهشة، وربّما خلقت نوعاً من الإرباك في
الرؤى والنظريات الأكاديمية والقانونية والإعلامية، إلى حدّ التشكيك في جدوى
القوانين والأنظمة الخاصة بالمجال الإعلامي.. فكيف يمكن محاسبة شخص على خبر، أو
رأي، أو تشهير، أو قذف، بإمكانه بكلّ سهولة نفيه، أو نسبته إلى أيّ شخص آخر، أو
الادعاء بأن القراصنة هجموا على موقعه وحسابه الخاص، وهو بريء من كلّ التهم الموجّهة
إليه؟! كيف يمكن في هذا العالم المفتوح التحدّث عن الملكية، وحقّ النشر، والبثّ، وغيرها
من مصطلحات القواميس الإعلامية والقانونية؟
كلّ ذلك يتطلّب من
المختصين والقانونيين وخبراء الإعلام، مراجعة معمّقة لكيفيّة التعامل مع هذه
التغيّرات، حتّى يمكن المواكبة معها، وسنّ القوانين والأنظمة الواقعيّة، والكفيلة
(نوعاً ما) بتنظيم وتأطير هذا المجال الحيويّ والمهم.. وخاصة مع الآراء التي تقول
إننا - شئنا أم أبينا- مقبلون على عصر جديد، يتضاءل فيه يوماً بعد يوم دور
(الإعلام التقليدي)، ويبرز فيه دور (الإعلام البديل)!.. يحتاج هذا الأمر إلى عقد
مؤتمرات، وورش عمل، وتقديم بحوث أكاديميّة، ومعرفة رأي المهتمين بهذا المجال،
للوصول إلى صيغ وقوانين منسجمة مع هذا الواقع الجديد، والخطير، بكل معنى الكلمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق