د. سعد سعيد الديوه جي *
بعد أن انعم الله علينا بإتمام رحلة الحج إلى "بيته" العتيق، وهي رحلة ممتعة روحيا قبل أي شيء، فالذهاب إلى بيت الله لا يمكن مقارنته بالذهاب إلى بيت قريب أو صديق ولا أي بيت أخر مهما كان جميلا أو فارهاً.
والمشاعر عن رحلة الحج لا يمكن حصرها بمقالة أو كتاب، ولكن من بعض تلك الجوانب وأنت في بيت الله وتؤدي مناسك الحج، الشعور الطاغي هو شعور الأمان والسلام والطمأنينة التي تملأ جوانب من أتى بنيات صادقة ملبياً دعوة صاحب هذا البيت، ناهيك عن الشعور "الأخوي" الطاغي وأنت ترى كل لغات العالم وأجناسه وأقوامه وهم يرددون " لبيك اللهم لبيك"..........
تلك الكلمات التي تخرج من حناجر الشباب والنساء ومن الطاعنين في السن وحتى من الأطفال.
ما الذي يدفع هذه الملايين إلى القدوم إلى بيت الله وتحمل مشاق أداء المناسك والسفر، سوى البحث عن الأمان والطمأنينة والسكينة خصوصا في مناسك الطواف والسعي والوقوف بعرفات ورمي الجمرات، تلك الطمأنينة التي تقرب الإنسان من ربه وتجعله مستعداً ليوم لقائه لقاءاً يليق بجلاله وعظمته؛ وأنا على يقين لو تم فتح الباب على مصراعيه لكل من يرغب بالقدوم لتضاعفت أعداد الحجيج أضعافاً مضاعفة، وهذا ما يثلج مشاعر المسلم الصادق بحيوية هذا الدين وديمومته بينما تكاد الأديان الأخرى تضمحل أو تندثر.
إن مشاعر السلام والأمان والطمأنينة يمكن لمسها وملاحظتها عند أولئك الذين أجهشوا بالبكاء لرؤيتهم الكعبة المقدسة وملاحظتها أكثر عند الذين بكوا أكثر بعد انتهائهم من طواف الوداع واستعدادهم للعودة إلى ديارهم وفراق بيت الله جسدياً بعد أن تعلقوا به روحياَ.
هذه المشاعر لمستها عند احدهم وهو رجل كبير عندما سألوه عن سبب بكائه فقال أنا مهموم وحزين لأني سأمشي على التراب الذي مشى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فأي إيمان في صدر هذا الرجل الذي حتى لم يكن يحسن العربية، حيث لا تشكل اللغة حاجزاً بين مشاعر المسلم وإيمانه.
ومن مشاعر الحج الفياضة من روح الإيمان ذلك الدافع الذي يحرك المسلم للحديث والتعارف مع كل المسلمين رغم العائق اللغوي، حيث تكفي بعض الكلمات والإشارات لكي تشعر بأنك أمام شخص هو أكثر من أخ وإن لم تره سابقاً أو تعرفه.
هذه الجوانب وأخرى لا تعد ولا تحصى تجعل من الحج إلى بيت الله رحلة لا مثيل لها على الإطلاق في كل زمان ومكان.
نسأل الله أن يمن بها على كل من كان في قلبه إيمان صادق وحسن نية تجاه الله ورسوله.
إنها رحلة الروح إلى عالم الروح قبل أن تفارق الجسد، رحلة للتخلص من الحقد والغل والحسد والكراهية والبغضاء والتعلق بالصفاء وحسن الخلق الذي يعد أثقل من كل العبادات الأخرى.r
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق