02‏/02‏/2015

كلمة العدد// يوتوبيا

رئيس التحرير
الحكم الصالح أو العادل مطلب بشري قديم، تغنى به الإنسان منذ أن اكتوى ظهره بسياط الظلم، وبشر به الفلاسفة والشعراء مذ وجدوا، وكتب عنه (أفلاطون) جمهوريته، التي التصق بها اسم (اليوتوبيا)، الدولة أو المدينة المثالية، فأصبح التفكير بدولة عادلة أو صالحة نوعا من اليوتوبيا، وخاصة بعد أن استمرأت (البشرية) على أرض الواقع فلسفة أخرى واقعية، دشنها (ميكافيلي)، وسار عليها أغلب من ملكته شهوة الحكم، فأصبح خادما لها، ونحر على مذبح شهواته كل شيء..
وإذا كان البعض، في نصف الكرة الشمالي، قد استفاد من تجاربه، وعمل على إرساء أنظمة للحكم تقترب، قليلا أو كثيرا، مما حلم به الشعراء، أو بشر به الفلاسفة.. فإن البعض الآخر من البشرية، وخاصة في عالمنا الإسلامي – وهي مفارقة يندى لها جبين التاريخ – لا يزال ينظر إلى مسألة الرشد والعدالة في الحكم، وكأنها
نوع من اليوتوبيا التي على الإنسان أن يحلم بها فحسب..
ما يجري اليوم في عالمنا الإسلامي، من نزاعات وحروب، وقتل، وتخريب، يؤكد أننا لم نتعلم الدرس بعد، وأن شهوة الحكم، ونزعة التملك والاستحواذ، هي التي وطدت أركان مملكتها، من خلال استغلال فقر وجهل الغالبية العظمى من الناس، واللعب على غرائزهم، وعصبياتهم..
ومع أن الأديان السماوية جميعا تؤكد أن هذه الدنيا فانية، وأنها لا تساوي في ميزان الله جناح بعوضة، وبالرغم من أننا - نحن الشعوب الإسلامية بالذات- نصرخ دائما بأعلى صوتنا أننا ورثة الأنبياء، وأننا حزب الله، وأحباؤه، وملته المخلصة.. رغم ذلك، فإن أوطاننا، وشعوبنا، تعيش في ظل أزمات وحروب وصراعات، من كل نوع.. غلبة واسئثارا بالسلطة والمال وكراسي الحكم!
أين الخلل إذاً؟! هل هو في الحكام، الذين لا يردعهم شيء عن الظلم والطغيان وسفك الدماء؟.. أم هو في الشعوب التي استمرأت الجهل، وتقلبت في مراتع الظلم، فهان عليها كل شيء؟.. أم هو في العلماء والمثقفين، أم في مناهج التدريس، أم الإعلام؟! أم نحيل الأمر على المؤامرات الخارجية، والأطماع الاستعمارية؟!

لا شك أن الأسباب عديدة، ولكن يبقى جذر كل تغيير وأساسه هو الإنسان نفسه.. فالإنسان هو مبدأ كل تغيير.. وللتغيير سننه وقوانينه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق