محمد واني
لم يكن إصرار نبي الله (محمد)
في نشر الدعوة الإسلامية إلا شكل من أشكال العمل الإنساني لإعادة هيكلة المجتمع (العالمي)
على أساس سليم وعادل وإصلاحي (وفق التعبير القرآني) {إن أريد إلا الإصلاح ما
استطعت}، إضافة إلى بعدها الرسالي طبعاً. والسؤال الجدلي المطروح: ماذا كان سيحدث لو لم يبعث الله النبي إلى
العرب والعالم في هذا التوقيت، ولم يقم بمقارعة الظلم حتى النهاية؟ حتماً إن مجرى
التاريخ كان قد تغيّر، وأخذ منحى آخر، ولم تصل الإنسانية إلى وضعها الحضاري الحالي..
دائماً كان ثمّة رجال أقوياء
أخذوا على عاتقهم نشر الخير والفضيلة والتصدّي للفوضى والدمار، والثبات على
مواقفهم. فلو لم يقف رجل مثل (الظاهر بيبرس) (1221 ــ 1277م) بوجه الطوفان المغولي
على العالم الإسلامي، لا أحد يعلم كيف كان شكل العالم اليوم.. وكذلك، لو لم يقرّر
الرئيس الأمريكي (روزفلت) أن تدخل بلاده الحرب العالمية الثانية (1939 ــ 1945) إلى
جانب قوات الحلفاء ضد قوات المحور بقيادة (هتلر)، في آخر لحظة، بعد أن أوشك
الطاغية أن ينتصر في الحرب، ويهيمن على العالم! وكذا الأمر بالنسبة لـ(صدام حسين)،
الذي غزا الكويت، واستباح أهلها (1991م)، ولم تكن عبارات المناشدة تكفي لإخراجه
منها، فكان لا بد من موقف جماعي حازم يردعه
عن غيّه، ويضعه في حجمه الطبيعي، وهكذا
كان..
ولم يكن قرار المجتمع الدولي
القاضي بمواجهة تنظيم (داعش) الإرهابي عملاً أخلاقياً وقانونياً تجاه مجموعة عصاة
خارجين عن القانون، اعتمدوا أبشع أنواع الإرهاب لتعبيد الناس فحسب، بل واجباً إنسانياً
مقدّساً لديمومة الحياة البشرية على الأرض، وتجنيبها مخاطر الفناء. ولن يهدأ لهذا
المجتمع الدولي بال حتى يقضي على التنظيم الإرهابي، ويستأصل شأفته، ويخلّص العالم
من شرّه.
ورغم نشاطات المجتمع الدولي
الكبيرة لردع الظلم والطغاة في إطار المنظمات والهيئات الحقوقية والإنسانية، فإن
هناك الكثير من الخروقات القانونية والانتهاكات الإنسانية تحدث دون أن يحرّك ساكن،
كمجازر الإبادة الجماعية التي تحدث في بورما ضد مسلمي (روهينكا)، وكما حدثت ضد الكورد
عام 1988.. ومهما كثرت الدعوات بضرورة حفظ السلم والاستقرار العالميين من نوازع
الفوضويين ودوافع الطغاة، فإن نجاح الأمر بحاجة إلى عمل دؤوب وإصرار جماعي لا يلين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق