حين
تنظر إلى المشهد السياسي العالمي، وتتابع ما يجري في بعض بقاع هذا العالم، يعتريك
السخط والغضب من اللامبالاة الغريبة لسادة العالم المتحضّر، والمؤسسات العالمية
(من المفترض) المهتمة بحقوق الإنسان، وتحقيق العدالة والرفاهية في العالم..
فالدماء البريئة تسيل، والأرواح تزهق، وأعداد الجرحى، والمفقودين.. حدث ولا حرج..
وموجات الهجرة من البلدان الفقيرة إلى الغنيّة، في تصاعد محزن.. وهذا العالم
المتحضّر لا همّ له سوى نقل الخبر، وتحليله، ومتابعته، وأقصى ما يمكن أن يتخذ من
إجراءات: بيان تنديد واستنكار شديد اللهجة! إلى من؟ لا أحد يدري!!
وحين
تنظر إلى قرارات وتصـرّفات و(طلعات) أقطاب السياسة العالمية (أمريكا وبريطانيا
وروسيا).. والبقية.. تشعر بهذه العبثية الغريبة في السياسة العالمية، وكيف أن مصير
دول وشعوب بأكملها باتت رهن مزاج ومصلحة رؤساء هذه الدول، وتحت رحمة دهاليزها السياسية..
وباتت المصلحة التجارية، والتفكير بالترويج لسوق الأسلحة المتنامي، تحتلّ
مساحة
واسعة من الجلسات واللقاءات السياسية هنا أو هناك!
صحيح
أن الجاني، والمتهم الأوّل بحقّ هذه الشعوب، هم سادتها وحكامها.. وصحيح أيضاً أن
هذه الشعوب تتحمّل جانباً من الضيم الواقع عليها.. إلا أن جزءاً كبيراً من دخل
وضرائب واقتصاديات العالم تذهب إلى المؤسسات التي تدّعي أنها تدافع عن حقوق
الإنسان، وعلى أنها ترسّخ مفاهيم وأركان العدالة والديمقراطية في العالم، وبأن
هناك شيئاً في هذا العالم يسمّى نظام عالمي موحد!
حين
تحاول أن تقنع نفسك بأن لا علاقة للأمر بنظرية المؤامرة، وأن هذه الشعوب هي
المسؤولة عن واقعها ومصيرها، وهي التي اختارت – وتختار- حكّامها ورعاتها.. ترجع
إلى نفسك وتقول: فماذا تعمل جيوش وأساطيل هذه الدول في هذه البلاد؟ ولماذا تتدخل
في رسم سياساتها وتنصيب حكامها؟ وكيف أقنع نفسي أن مؤسسات ضخمة، مثل الأمم
المتحدة، ومجلس الأمن، ومجلس حقوق الإنسان، وحلف الناتو، وغيرها من
المسمّيات، تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما يجري منذ سنوات في سوريا واليمن وغيرها من
البلدان المنكوبة.
هذا
الواقع المؤلم يصنع عندك قناعة مؤلمة بأن تتساءل عن جدوى هذه المنظمات العالمية،
وقدرتها على الحدّ من هذا الضيم الواقع، وبأن تتساءل مستغرباً ومستنكراً إلى أين يتّجه
مسار هذه السياسة العالمية في ظل تويتات وقرارات ترامب، وعنجهية بوتن، وتبعيّة
البقية؟! لا يمكنك أن تتفاءل مع هذا الواقع، ولا أن تقنع نفسك بأن (الدنيا لسه بخير)،
وحسبنا الله ونعم الوكيل!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق