إفتكار البنداري*
رئيس التعليم العالي التركي يحذر من أن الاعتماد على الولايات المتحدة وإسرائيل في استيراد بعض المحاصيل الزراعية، مثل الطماطم، قد يؤدي إلى "القضاء" على الأمة التركية في غضون 20 عاماً.
فيما بدا وكأنه التزام منهم بأحد واجبات منصبهم، تتزايد أعداد المواليد بين أسر الوزراء ونواب البرلمان وأعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، تطبيقاً للشعار الذي رفعه رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، "3 أطفال فأكثر لكل أسرة" لزيادة الثروة البشرية لتركيا وإنقاذها من الشيخوخة المبكرة "قبل أن تعض أصابع الندم".
فقد رزق وزير العدل التركي، سعد الله أرغين، بمولوده الرابع، وينتظر كذلك القيادي الشاب علي باباجان، وزير الدولة ونائب رئيس الوزراء، مولوده الثالث بعد عدة أيام.
وبحسب إحصائية نشرها موقع "أخبار العالم" التركي، الثلاثاء 5-10-2010، في هذا الشأن فإن إجمالي عدد أبناء وزراء حكومة العدالة والتنمية بلغ 67 طفلا، يحتل المركز الأول في عدد الأبناء وزير الصحة، رجب أقداغ، الذي يحظى ب 6 أبناء، وفي المركز الثاني أردوغان، ووزير الدولة فاروق تشليك، ووزير البيئة، ويسل أراوغلو، ووزير العدل، سعد الله أرغين؛ حيث لدى كل منهم 4 أبناء.ويحتل المرتبة الثالثة وزراء الدفاع، والداخلية، والمواصلات، وكذلك وزير الدولة ونائب رئيس الوزراء، جميل تشيتشاك، حيث لدى كل منهم ثلاثة أبناء.ويصل إجمالي عدد أبناء نواب البرلمان إلى 1400 ابن وابنة، يحتل المركز الأول بجداره سيد أيوب أوغلو، النائب المستقل عن محافظة شانلي أورفه، بـ 17 ولداً وبنتا.
وسبق أن دعا أردوغان إلى طرح جائزة لتشجيع المواطنين على زيادة النسل في الدولة التي وصل عدد سكانها في إحصاء 2009 إلى 72 مليون نسمة على مساحة 783.5 كم مربع، معظمها صالح للمعيشة والعمران."الندم"
ويبرر أردوغان تشجيعه لشعبه، بدءاً من أعضاء الحكومة والحزب، إلى زيادة النسل بأن الذين رفعوا شعارات تحديد النسل وتنظيم الأسرة في الغرب "يعضون اليوم أصابع الندم وهم يعانون أعراض الشيخوخة؛ ولذلك ينفقون الآن الأموال الكثيرة من أجل زيادة الإنجاب في بلادهم، ولكن دون طائل".
وقال خلال حضوره حفل زفاف ابن كبير مستشاريه مايو الماضي إنه "ينبغي زيادة عدد المواليد في تركيا أكثر مما هو موجود؛ فالبيانات تشير إلى أن معدل النمو 1.8% وهو معدل ضئيل قد ينذر بالخطر عام2038"، في إشارة إلى أنه يعني تزايد عدد المسنين مقارنة بعدد الشباب والأطفال، وما سيعكسه ذلك على قوة العمل والاقتصاد والجيش والحياة الاجتماعية في الدولة.وأضاف "إننا فخورون بشعبنا الشاب، فهو ثروتنا الحقيقية، وللحفاظ على ذلك نحتاج على الأقل إلى نمو في عدد السكان بنسبة 5ر2%".وفي وقت سابق قال أردوغان:"أوضحت الدراسات أن تركيا ستعاني من زيادة أعداد كبار السن ونقص في أعداد الشباب بعد 30 عاما، وستصبح مثل ألمانيا؛ لهذا لابد من إنجاب ثلاثة أطفال على الأقل، وأنا أقول ذلك من موقع المسؤولية كرئيس وزراء لهذا البلد". وبحسب دراسة قامت بها هيئة الدراسات الإحصائية ومعهد الدراسات السكانية بجامعة )حجه تبه( التركية عن تصور لمعدلات النمو السكاني في تركيا عام 2023 فإن السنوات القادمة تشهد تضاؤلاً نسبياً في معدلات المواليد مع زيادة في أعداد المسنين؛ ما يعني أن عدد السكان قد يصل فقط إلى ما بين 61- 83 مليون.
ولا يعتمد أردوغان على مجرد هذه الإحصاءات في دعوته لزيادة النسل، ولكنه يتقوى بالنجاحات الاقتصادية المشهودة التي حققتها حكومته في السنوات الثمانية الأخيرة، والتي تؤمن حياة كريمة للمواليد الجدد. ومن التقارير الصادرة مؤخراً عن حالة الاقتصاد التركي، التقرير الذي نشره المحلل الاقتصادي الألماني، دانيال إيكرت، في صحيفة "دي فيلت" الألمانية الشهر الماضي قال فيه: "إن حكومة رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، نجحت في تحقيق إنجازات اقتصادية هائلة أسهمت في اقتراب تركيا من التحول إلى قوة اقتصادية عالمية عظمى".
واستدل إيكرت على ذلك بأن تركيا تحتل الآن المرتبة السابعة في أوروبا من حيث الدخل الاقتصادي القومي بعد أن وصل دخلها السنوي إلى 617 مليار دولار، وهي تتفوق بهذا الدخل على دولة صناعية أوروبية مهمة هي بلجيكا (469 مليار دولار)، وهولندا (792 مليار دولار)، واحتفظت بمسافة مناسبة من ألمانيا التي تحتل المرتبة الأولى.
وفيما يخص علاقة الاقتصاد بالسكان قال: "إن تعداد السكان يلعب عاملا مساعدا في تحول تركيا لقوة اقتصادية عظمى.. فالبنية السكانية في تركيا تتمتع بوضعية صحية أفضل من باقي الدول في أوروبا الهرمة؛ إذ أن 26% من الأتراك هم أقل من 15 عاما و6% فقط تزيد أعمارهم عن 65 عاما"، وذلك يعطيها ميزة نسبية عن ألمانيا التي تبلغ نسبة من تزيد أعمارهم عن 65 عاما فيها20% من عدد السكان.
كما تسمح مساحة تركيا (783.5 كم مربع)، بزيادة في عدد السكان، إضافة إلى زيادة حجم المشاريع التنموية والاستثمارات الكبرى التي رفعت تركيا في السنوات الأخيرة إلى المركز الـ 17 على مستوى العالم من ناحية القوة الاقتصادية.
وسكان تركيا عبارة عن تركيبة عرقية معقدة موروثة عن الدولة العثمانية التي كانت تحتضن العديد من القوميات والعرقيات والأديان، والعرق التركي هو الغالب (66%) ثم الكردي 30% ثم الزازا (متفرع من العرق الكردي)، ثم العربي 1%، بالإضافة إلى شركس وأرمن ويونانيين وجورجيين وألبان وكلدان وشيشان وبلغار وغيرهم، و99.8% من هؤلاء مسلمون والبقية مسيحيون ويهود.
أوزجان: طماطم إسرائيل قد تدمر تركيا في 20 عاما من جهة أخرى؛ حذر رئيس التعليم العالي التركي من أن الاعتماد على الولايات المتحدة وإسرائيل في استيراد بعض المحاصيل الزراعية، مثل الطماطم، قد يؤدي إلى "القضاء" على الأمة التركية في غضون 20 عاماً "لأننا لا نعرف ماذا تحوي هذه الطماطم التي يخضعونها لعمليات الهندسة الوراثية"، بحد قوله.
وقوبل هذا التحذير باستنكار من وزير الزراعة التركي، الذي أكد على أن تركيا باتت في الثماني سنوات الماضية تعتمد على علمائها وعمالها في إنتاج محاصيلها الأساسية، ولا تستورد من إسرائيل سوى 6% من احتياجاتها.
وفي كلمته في حفل افتتاح العام الأكاديمي لجامعة )نوشهير( قال يوسف ضيا أوزجان، رئيس مجلس التعليم العالي، "ليس من المعقول أن تركيا التي تحتل المركز الـ 17 عالمياً في النشر العلمي والأكاديمي والـ 17 أيضاً في النمو الاقتصادي تعتمد على دول أخرى في الحصول على احتياجاتها من البذور الحيوية كالقمح والطماطم"، وفق ما نشره موقع أخبار العالم التركي مؤخرا.
وأضاف: "أجدادنا كانوا يستكفون ذاتياً من هذه البذور، فلم لا نستطيع نحن توفيرها ذاتياً؟"، لافتاً إلى "أن تأثيرات استيراد تلك البذور التي تخضع لعمليات هندسة وراثية، ولا نعلم ما بها، قد تكون مرعبة في المستقبل".
وذهب إلى أبعد من ذلك بقوله: "الولايات المتحدة وإسرائيل بهذه البذور المعالجة يمكنها أن تتخلص من الأمة التركية تماماً في غضون 20 عاما".
وسبق أن أكد عدد من الباحثين في الدول العربية من أن بذور الطماطم الإسرائيلية تحوي مواداً مسرطنة للإنسان، وضارة بخصوبة الأرض الزراعية التي تزرع فيها، ومن هؤلاء حسام رضا الباحث المصري في شئون التطبيع الزراعي بين مصر وإسرائيل .وكما ضرب مثلاً بالطماطم، ضرب أوزجان مثلاً أيضاً بمسألة احتياج الدولة إلى المصل الطبي "والذي أصبح مشكلة تتكرر في العالم كل 6 أشهر تقريبا".
وسأل الأكاديميين المجتمعين: "ألا يمكننا أن نصنعها في جامعاتنا؟ يمكنكم إنتاج هذه الأمصال والتوجه بها إلى رئيس الوزراء للحصول على دعم لتطويرها يصل إلى 12.5 مليون يورو".
وفي إشارة إلى المكانة العلمية التي وصلت إليها تركيا في السنوات الأخيرة، قال أوزجان في الحفل: "تركيا حصلت على المركزين 112 و183 بين تصنيف أفضل 500 جامعة على مستوى العالم"، داعياً إلى ضرورة اهتمام الجامعات بخدمة مجتمعها والعمل على توظيف العلوم لحل مشكلاته.الاستيراد من إسرائيل لا يتعدى سوى 6% وقوبلت تصريحات رئيس مجلس التعليم العالي باستنكار من وزير الزراعة التركي، محمد مهدي أكر، مؤكداً أن تركيا تعتمد بالفعل على أبنائها في إنتاج محاصيلها الحيوية، ولا تحتاج للاستيراد من إسرائيل سوى 6% من احتياجاتها، وفي المقابل هي تصدر لإسرائيل العديد من المحاصيل. ونقلت عنه صحيفة "حريت ديلي نيوز"، الثلاثاء 5-10-2010،قوله "تقريباً كل الحبوب والبقوليات ننتجها في تركيا. فقط 6% من الحبوب المهجنة نستوردها من إسرائيل".
وبشيء من التفصيل أضاف: "1.710 نوع من البذور تم تهجينها في تركيا حتى الآن، 50% منها داخل معامل وزارة الزراعة، وما بين 45-50% داخل الجامعات".
وتعقيباً على تحذير أوزجان من أن إسرائيل وأمريكا قد يقضيان على تركيا في غضون 20 عاما بالبذور المعدلة وراثياٌ قال خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التونسي: "هذه القضية متروكة للعلماء". وعن حجم الصادرات التركية من المحاصيل مقارنة بحجم الاستيراد قال إن تركيا تصدر ما قيمته 142 مليون دولار وتستورد ما قيمته 27 مليون دولار بحسب إحصاءات 2009، أي أن الكفة تميل لصالح الصادرات.
وأضاف "من الخطأ أن نقول إن تركيا لا تستطيع أن تنتج محاصيلها بنفسها، وتعتمد في ذلك على دول أخرى"، وفيما يخص استيراد بعض المحاصيل من إسرائيل قال: "لا توجد دولة في العالم تبيع ولا تشتري، إنها تجارة، وأنت تفعل ما يوافق مصلحة بلدك".
ووفق تقرير مؤسسة المصدرين الأتراك المنشور هذا الشهر فإن الصادرات التركية في سبتمبر الماضي حققت تصاعداً بنسبة 10.25% لتصل قيمتها إلى 9.2 مليار دولار، لتكون قد وصلت إجمالاً خلال الأشهر التسعة الأخيرة إلى 82.2 مليار دولار.
وأكثر القطاعات زيادة في حجم الصادرات خلال شهر سبتمبر, قطاع صناعة السيارات حيث بلغ مقدره مليار و462 مليون، يليه بالترتيب قطاع الملابس الجاهزة والنسيج (مليار و 138مليون)، ومنتجات الحديد والصلب (مليار و85 مليون)، وبلغت قيمة الصادرات الزراعية مليار و318 مليون دولار.
وفيما يخص إسرائيل من هذا الإحصاءات فإن حجم التجارة المتبادل بين الجانبين وصل فيما بين العامين 2008،2010 إلى ما بين 3 و3.3 مليار في دولار.
وعودة إلى الطماطم قالت وسائل إعلام تركية في إشارة لطيفة إن الطماطم التركية أصيبت بالجنون على غرار مثيلتها المصرية؛ حيث ارتفع سعرها في الأيام الأخيرة بشكل مذهل من 1.5-2 ليرة تركية إلى 5 ليرات تركية.
وعزا محمد تشاقمان، رئيس "الاتحاد التركي لبائعي الخضروات والفاكهة والبائعين الجائلين"، هذا الارتفاع إلى الموجات الحارة الأخيرة التي أدت إلى نقص شديد في إنتاج الطماطم، مطمئناً المواطنين بأن أسعار الطماطم ستعود إلى معدلاتها الطبيعية خلال الأيام القادمة، وذلك مع بدء الصوبات الزراعية إخراج منتجاتها من الطماطم.
* نقلا عن موقع أون اسلام. نت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق