بقلم : حجي أبراهيم
وردت هذه المقولة على لسان سلفنا الصالح أكثر من مرة، مع أنهم -أي السلف الصالح- كانوا رهبانا بالليل وفرسانا بالنهار، ومع هذا فإن الله سبحانه وتعالى يخاطبهم بتجديد الإيمان، كما ورد في القرآن الكريم بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا....}. ان صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهم القدوة الحسنة والأسوة الصالحة، وهم الصفوة المختارة، وجيل التأسيس، وهم الذين أناروا الدنيا بقلوبهم قبل سيوفهم وفتحوها، ومع هذا فالله سبحانه وتعالى يخاطبهم بالإيمان، فما بالنا نحن الذين نعيش في زمان فسد أهله، فقلما تجد مجلسا لا ترتكب فيه الغيبة والنميمة والكذب وما إلى ذلك من آفات اللسان، ولا ينجو منها المؤمن إلا بالصمت الطويل، لأن من كثر كلامه كثرت أخطاؤه، وكما قيل (من صمت نجا)، وحال مجتمعنا يرثى له من حيث الاهتمام بالدنيا أكثر من اللازم والمنافسة فيها أشد المنافسة، حتى وصل بنا الأمر إلى أن نعكس معنى الآية الكريمة: {وابتغ في ما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا}.فأصبح مطلبنا الأول والرئيسي والأهم هو طلب الدنيا وملذاتها الفانية والتي لو حصل عليها الإنسان في الدنيا لا يشعر بالسعادة الحقيقية، بل ويطلب المزيد والمزيد ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.وأصبح مطلبنا الثانوي هو الآخرة، بينما لو اهتم الإنسان بالآخرة وعمل لها، وأصبح همّه الأكبر هورضوان الله سبحانه وتعالى الذي خلقنا للعبادة لمصلحتنا، والله سبحانه وتعالى يحب عبده المؤمن أكثر من حب العبد لنفسه، حتى وان كلفنا الله تعالى ببعض الواجبات والتكاليف الشاقة لأنفسنا، ينبغي ان نعلم انه تعالى يحبنا ويريد لنا جنة عرضها السموات والأرض، ولكن لمن هذه الجنة التي فيها لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؟ الجواب: للمتقين...فمن هم المتقون؟ لنسمع الإجابة من الإمام علي (رضي الله عنه): (الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل والرضا بالقليل)، ما أحرانا ان نفكر مليا ونحلل هذه الكلمات ذات المعنى والمغزى الكبير، وذلك في جلسات وحلقات إيمانية بعيدة عن الدنيا ومغرياتها وزخارفها، وقلّما تجد هذه الحلقات الروحانية وحتى في مساجدنا، فإن اغلب روادها مستعجلون، فيدخل المصلي المسجد متأخرا بعد الآذان وقد تفوته بعض الركعات جماعة ويخرج فورا بعد السلام، وللأسف فان الكثير من مساجدنا لا تخلو من الزخارف والنقوش التي تذكرنا بمظاهر الدنيا وزينتها، فأين يتوجه الفقير؟ حتى يتساوى مع أخيه المسلم الغني وحتى لا يشعر بالحرمان والغربة، مما يملكه الأثرياء.وهذا لا يعني أن نشعر باليأس من عدم وجود أناس أتقياء وصالحين فإن الأمة الإسلامية لا تزال بخير والحمد لله، بل أقصد من كلامي هذا وجود فراغ من هذه الناحية حتى بين العلماء والملتزمين والدعاة والأسوة، وما دمنا قد شخصنا العلة، فعلينا القيام بعلاجها، لكي نكون موفقين ومؤثرين على غيرنا ونكون قدوة عملية بعملنا قبل كلامنا، كما ورد على لسان احد الدعاة حين قال: (أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم). ولنرجع أخيرا الى عنوان مقالتنا هذه (تعال نؤمن ساعة) أو( اجلس بنا نؤمن ساعة) ونفكر فيها جيدا ونحاول تطبيقها عمليا، في المسجد إن أمكن وإلاّ في البيوت، ومن الأفضل في الفضاء، تيمّنا بخلوات الرسول (صلى الله عليه وسلم).. لعلنا نشعر بطعم الإيمان وحلاوته، وما ذلك ببعيد، فلنجرب ذلك.
مقال رائع شكرا جزيلا لك استاذ حجي
ردحذف