06‏/02‏/2014

الحياة وحدة واحدة لاتتجزأ

بقلم : محمد واني 
كل شيء في الكون له أصول وقواعد، ونظام يسير عليه.. النجوم والكواكب والأجرام السماوية والمجتمع الإنساني والحياة بشكل عام.. كل شيء يعمل في إطار فريق واحد، وضمن مجموعة متكاتفة مرتبطة بعضها ببعض في تناغم وانسجام دقيق. الكل يدور في فلك الكل، ولا أحد يغرد خارج السرب، أو يتصرف لوحده، فالقمر والأرض مرتبطتان بالشمس، وهي تجري لمستقر لها ضمن المجموعة الشمسية. وهكذا كل صغيرة وكبيرة في الكون لها برنامج تتحرك على ضوئه، وأي خلل لهذا النظام الموزون الحي، سيحدث كارثة وفوضى قد تنهي الوجود بلحظة.. ولن يختلف الأمر في الإنسان وحياته على الأرض، والمفاهيم والدلالات الفلسفية التي يحملها، أو التي صنعها لنفسه، كضرورة لاستمرار الحياة، مثل: السياسة والثقافة والاقتصاد والدين والعدالة والجيش..إلخ، هذه المفاهيم مرتبطة بعضها ببعض، ولا يوجد مفهوم بمعزل عن الآخر.. وهي لها أصول وقواعد تسير عليها، ورغم استقلالية كل واحدة من هذه المفردات،
ولكنها في مجموعها تشكل واحدة واحدة لا يمكن فصل بعضها عن بعض، فالثقافة لها صلة وثيقة بالسياسة، والسياسة مرتبطة بالاقتصاد، وهكذا، وأي خلل في هذا التناغم الهارموني بين تلك المفردات الحياتية، واجتزاء بعضها عن بعض، سيحدث فوضى عارمة في المجتمع، وفي الدولة، والعالم أجمع، قد تنهي الحياة على الأرض..
فعندما تحكم السياسة من دون الاقتصاد أو الثقافة أو الدين.. إلخ، فإن الحكم يكون دكتاتورياً غاشماً، أو بوليسياً قمعياً، والبلاد تعمها الفوضى والدمار، وعندما يحكم الاقتصاد أو الثقافة أو الجيش لوحده من غير السياسة، فإن البلاد أيضاً ستسير نحو حتفها، وسيحكمها رجال تكنوقراط جامدون، أو عسكريون انقلابيون يحكمون بالحديد والنار، وقد اكتوى عالمنا الإسلامي والعربي كثيراً بنماذج من هؤلاء.. وكذلك عندما يحكم الدين، من دون إسناد ودعم من السياسة والثقافة والاقتصاد والمفاهيم الأخرى، فإن البلاد أيضاً ستكون سائرة نحو الخراب والدمار..
ما أريد قوله هو: إنه مهما كان فكرك راقياً ومعاصراً، وتراه أجدر وأقدر أن يتبع ويحترم، فإنك يجب ألا تنسى أفكار الآخرين، وينبغي أن تراها مثل ما ترى فكرك وتحترمه وتقدره، مهما كنت تراه سيئاً وغير جدير بالتقدير.. لأنه فكر إنساني أولاً وأخيراً، يجب أن تحترمه وتقدره أيضاً، ليكتمل معنى الحياة. وصدق رسول الله (عليه الصلاة والسلام) عندما قال في حديث شريف: "أن تحب لأخيك (في الإنسانية، ولم يقل لأخيك المسلم) مثل ما تحب لنفسك"..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق