06‏/02‏/2014

الخطاب الشيعي الموحد؛ ثوابت وخلافات وازمة ثقة


د. علي عبد داود الزكي
إن المكون الشيعي العراقي موحد بالعديد من المشتركات الأساسية والمهمة، ولعل أهم هذه المشتركات هي: (القدسيات المعتقدية الدينية، والمظلومية التاريخية، والأرض، ومقومات الأمن الديني والمجتمعي). إن الظلم والتسلط، الذي عانى منه المكون الشيعي، لدهور وعصور طويلة، جعل من العهد الجديد في عراق ما بعد سقوط الصنم، والذي يقوده الشيعة، وكأنه حالة شاذة وغريبة، وهناك رفض له من قبل أغلب دولة المنطقة، التي بدأت تمول وتدفع الإرهاب القذر إلى ساحة العراق، لغرض إسقاط النظام الجديد. لذا مهما اختلفت أيديولوجيا الأحزاب والكتل والقوى والشخصيات الشيعية، فإنها يجب أن لا تخرج بخطاباتها خارج حدود المشتركات، بما يضعف وحدة الصف، والذي قد يؤدي إلى انهيار عظيم، يسهل عملية الانهيار المدمر للعراق كبلد موحد. لأن ذلك يجعل المكون الشيعي في أضعف حالته، مما يمهد لما لا تحمد عقباه، بالنسبة لجميع العراقيين، وسيؤدي لانهيار حتمي للوحدة الوطنية، وتجزئة البلد. إذن أصبح الخطاب الشيعي الموحد
ضرورة لوحدة واستقرار العراق، وحفظ أمنه وسيادته. إن فكر التكفير اليوم بدأ ينتشر بسرعة، وعداؤه للمذهب الشيعي والشيعة وصل إلى مرحلة خطرة جدا، قد تؤدي إلى انفجار الأوضاع وخروجها عن سيطرة العقلاء، وأصبح الوضع وكأنه قنبلة موقوته وجاهزة للانفجار في أي وقت، لتدعم المواقف السياسية السيئة، وتعمق الخلافات، وتزيد من الصراعات السياسية في البلد. هناك مخطط إجرامي لعين، عمل عليه أقزام في الخليج وتركيا، وهو تأسيس حركة (داعش) الإرهابية، والتي تعمل على زيادة الفرقة الشيعية – السنية، ومن ثم تدمير وتجزئة العراق.
إن هشاشة مؤسسة الحكم في عراق ما بعد سقوط الصنم، وضعف الحكومة المركزية، بسبب الخلافات والتناقضات، سهلت عملية تمدد كوردي، وتغيير في ديمغرافية المناطق الخليطة، أو ما يسمى (المتنازع عليها)، لصالح الأكراد، الذين يملكون مؤسسات حكم أكثر تماسكا ونظاما من حكومة المركز، وتمددهم هذا كان على حساب العرب والتركمان وبعض الأقليات الأخرى. طبعا مما يؤسف له، هو عدم وجود شفافية، أو وثائق ذات مصداقية، يتم فيها توضيح الحقوق التاريخية لكل المكونات المتآخية في المناطق الخليطة، كما يوجد هناك تناقض كبير في ما يدعيه الجميع. إن ذلك سيسبب إرباكا كبيرا في حل مشاكل هذه المناطق، والتي من المتوقع أن يكون الحل فيها هو القوة، وفرض الأمر الواقع، من قبل من يتمكن من فرض سيطرته عليها، أو يكون هناك تدخل من قبل القوى العظمى، بفرض خارطة جديد للشرق الأوسط الجديد، أو فرض قدسيات انتماء جديدة.
يعتقد الكثيرون بعدم وجود جيش عراقي متماسك، وذو معدات حديثة، تمكنه من مواجهة التحديات الصعبة، في حالة حصول قرار سياسي للكورد بالانفصال، أو في حالة قرار الحركات الإجرامية المتربعة في المناطقة السنية، والتابعة للقاعدة، بفصل الجزء الغربي من العراق، وما سيرافق ذلك من خلخلة أمنية، وحدوث صراعات دموية. لقد عمل الطرف الكوردي، وأغلب الأطراف السنية، وبعض القوى الشيعية، على جعل الجيش العراقي ضعيفا، واستمرار ضعفه، ومنع تسليحه، بشكل كبير، لكي تبقى حكومة المركز ضعيفة، ويبقى الجيش عاجزا عن فرض هيبة الحكومة على كل البلاد. بينما المسؤولية الوطنية الكبرى كانت تحتم على الجميع دعم وتقوية الجيش، لغرض أن يكون قادرا على حفظ دماء الأبرياء، ومنع انزلاق العراق في أتون حروب أهلية لا تنتهي. لقد استبق (المالكي) الأحداث، ووجه الجيش للضرب بيد من حديد كل معسكرات (داعش) وقوى الإرهاب وحواضنه، لغرض إفشال مخططات تجزئة العراق، المدعومة من قبل (قطر) و(السعودية) و(تركيا) وقوى محلية وإقليمية أخرى. 
لا تكفي الأحلام والتمنيات وحدها لبناء العراق السليم المعافى، لأن البناء يتطلب المثابرة والعمل الاستراتيجي المخلص الشجاع. يحلم العراقيون بجميع مكوناتهم بتحقيق الأمن والاستقرار، وهذا غير ممكن، ما لم يتضامنوا جميعا، ويشعروا بانتمائهم المقدس للعراق، قبل أي انتماء آخر ضيق ومحدود. يجب أن تكون هناك رؤية استراتيجية للحكومة، والجيش، والأجهزة الأمنية، بنزع سلاح العشائر، الذي يمكن أن يهدد البلد، ويفقد الأجهزة الأمنية الوطنية هيبتها، ويجعلها عاجزة عن فرض الأمن والاستقرار في جميع المحافظات والمدن العراقية. لا معنى للاستقرار في بلد تتعدد فيه السلطات، ومراكز القوى غير المنسجمة: (سلطة جيش، وشرطة فيدرالية، ومحلية، ومؤسسات أمنية، وميلشيات عشائرية، وعصابات). 
* * *
إن سياسة العراق الخارجية اليوم، لا زالت دون مستوى الطموح، بسبب العداء والحقد لأغلب دول المنطقة على العراق الديمقراطي الجديد، وعدم الاتفاق السياسي للمكونات الرئيسية الثلاثة في العراق. فمن هم أعداء، ومن هم أصدقاء العراق اليوم؟ وما هي أسس التعامل الوطني مع القوى الإقليمية والعالمية، وحفظ حقوق وكرامة واستقلال العراق؟ هل من الصواب بناء علاقات اقتصادية قوية، والدفاع عن حقوق بلدان، ترفع شعارات العداء والطائفية، وتدفع بالإرهاب إلى بلدنا، وننسى حقوق بلدنا، وحقوق شعبنا؟ ما هي القواسم الوطنية المشتركة، التي يجب أن تكون لها قدسية كبيرة، ويجب أن يكون عليها اتفاق وإجماع وطني بتجرد وعدم حقد، لغرض حفظ الوطن من أي تمزق. الأمة العراقية إن لم تترسخ لها أسس قوية، فلا يمكن أن تصمد مع وجود هكذا متناقضات بين مكونات البلد المختلفة، مناطقيا، وعرقيا، ودينيا، وطائفيا. إذن يجب أن يتم تحديد المشتركات، وكتابة تاريخ عراقي خالص، يستنهض القواسم الوطنية والتاريخية والعرقية المشتركة، ليتم خلق فكر وطني سليم لكل العراقيين، ليؤمنوا بأمتهم العراقية، بقدسية عالية تعبر حدود العرقية والطائفية. لكن هل سيتم هذا فعلا؟! وهل هذا ممكن؟ أكيد هذا غير ممكن في ظل هكذا ظروف وتناقضات، فلا يمكن أن يقود فكر مكون عراقي واحد هذه المرحلة، لتذوب فيه جميع الرؤى، وتدعم فكر الأمة العراقية الموحدة. كما أن المصالح لبعض المتسلطين الأقزام، تحتم الفرقة، لا الالتقاء على ثوابت وطنية مشتركة، إضافة إلى أن اتفاق البعض، من قبل سياسيي الغفلة اليوم، ليس سوى تكتيك آني لغرض كسب مؤقت ومرحلي، مبني على أساس تبادل المنفعة على حساب الوطن والإنسان العراقي، ومستقبل أمة العراق، التي لا زالت فكرة، وكأنها خيالية، يصعب أن تجتمع حولها المكونات العراقية الرئيسية الثلاثة.
إن الأكراد اليوم دولة وأمة داخل دولة، ولا يشعرون بأي انتماء للعراق، إلا بكيفية نيل المكاسب. حيث أنهم يحاولون أن يحصلوا على أقصى ما يستطيعون على حساب باقي المكونات، مستغلين الظرف الذي يمر به العراق من تناقض وروح تنافر وانفصال، ولديهم سياسيين بارعين ذوي حنكة يعملون بكفاءة في تحقيق أهدافهم. لا بل إن الفكر الكوردي السائد حتى الآن هو الفكر الانفصالي، وعدم الإيمان بالعراق الواحد، ولديهم حساسية شديدة جدا تجاه المركز، بالرغم من تخلصهم من نظام صدام، وتحررهم منه منذ أكثر من عقدين من الزمان. إن الأكراد لديهم سعي كبير لاستقطاع مناطق واسعة جدا من العراق، وضمها إلى كوردستان بأساليب مختلفة (سياسية، وضغط عسكري، وتهجير، وتغيير ديمغرافي). يمكن أن نرى بأن الأحزاب الكوردية، مهما اختلفت بالرؤية الأيديولوجية، لكنها تبقى موحدة بالمشتركات، موحدة بقضاياها المصيرية، أي أن القواسم المشتركة لديهم تعتبر بمرتبة عالية من القدسية الوطنية، لا يمكن أن يتم التنازل عنها، مهما اختلفوا فيما بينهم. أما أحزاب وحركات المكون السني، فإن لديها عمقا عربيا، ودعما عربيا كبيرا جدا، ويوجد تمدد كبير لـ(القاعدة)، المدعومة من قبل دول البترول الخليجية، لغرض تمزيق العراق، ولغرض تهجير الشيعة في العديد من المحافظات المختلطة. وهذا المسلسل مستمر، وفعلا حصلت تغييرات ديمغرافية، في الكثير من المحافظات العراقية، وأصبح الأمر الواقع أن (القاعدة) تفرض سيطرتها، وتفرض إجرامها، وتقتل وتهجر، مع استمرار الدعم العربي الكامل لـ(القاعدة) في أعمالها في العراق، والدعم الإعلامي الهائل، الذي تروجه الفضائيات العربية. الهدف هنا هو تكوين إقليم سني كبير، تمهيدا للانفصال عن العراق، والالتحاق بـ(سوريا)، في حالة انهيار نظام حكم الأسد. لكن المعطيات الحالية تشير إلى (انقلاب السحر على الساحر). وسنرى قريبا انهيار الأمن الداخلي في العديد من الدول، التي دعمت الإجرام والقتل والتفخيخ والتفجير والإرهاب، وسنرى انهيار السعودية، لربما قبل سوريا.
إن المكون الشعبي الشيعي اليوم، في أغلب مناطق العراق، يعاني من الكثير، ولا يوجد من يدافع عنه، وعن حقوقه. ولا يوجد نظرة شيعية استراتيجية، تنظر في جميع احتمالات التطور السياسي في العراق، والمنطقة. قد يكون العراق سائرا اليوم نحو الفيدرالية، ومن المتوقع أن يرافق ذلك صراعات دموية بين أطراف متعددة، قد تؤدي إلى التجزئة والتشرذم، فما هي خسارة كل طرف؟ ومن هو الطرف الرابح؟ بالتأكيد العراق كله سيكون الخاسر. لكن هنا نقول: ماذا ربح العراق من الاستمرار الدموي، وعدم تقبل الوضع السياسي الجديد، من قبل بعض الأطراف، التي تسعى إلى إسقاط التجربة الديمقراطية؟؟ فمثلا: الأطراف الكوردية، لا تريد حكومة مركزية قوية! ولا تريد أية فروضات على الأكراد، لأنهم يريدون أن يستمتعوا بالحقوق والثروات، التي يمكن أن يحصلوا عليها من البقاء ضمن إطار العراق الواحد فقط!! وهنا يمكن القول بأن المكون الكوردي أصبح ليس عامل قوة للدولة والحكومة، وإنما عامل إضعاف للحكومة، واستنزاف لثروات ومقدرات البلد، مما يجعل المركز يقدم التنازلات بشكل مستمر. أما أحزاب المكون السني، فإنها بعد سقوط الصنم، أعادت حساباتها، ونجحت بتوحيد المكون السني، وحصلت على دعم عربي هائل، وتعمل اليوم على التوسع واستغلال فكر التكفير في تصفية المناطق الخليطة، لتكوين إقليم سني قوي، يمكنهم من فرض ما يريدون على المركز، وهذا أيضا عامل استنزاف وإضعاف لحكومة البلد، التي تحاول بشتى السبل إرضاءهم وتقديم التنازلات لهم. أما أحزاب المكون الشيعي، فإنها في أزمة حقيقية، أزمة ثقة شديدة مستمرة فيما بينها. فهي ستخسر الكثير، وستعاني من الكثير من المشاكل، ولأنها الطرف الأكبر، فستكون الخاسر الأكبر من تجزئة العراق، ستخسر حقوقا وثروات، وتخسر قيادة دولة قوية لها ثقل استراتيجي في العالم والمنطقة، وستتناحر فيما بينها لقيادة إقليم ضعيف وثري ويفتقر للكثير من مقومات الاستقرار والاستقلال. إذن يجب الإيمان بأن المكون الشيعي صاحب قضية، ويجب أن يدافع عن مشروعيتها، وخصوصا وأن المذهب الشيعي أغلب الطوائف السنية تكفره، و لا تعتبره مذهبا خامسا، ومن يقول غير ذلك، فهو يعتبر من الأقلية السنية التي يخشى عليه من التكفير والتكفيريين.
إن المكون الكوردي لديه الكثير من المفكرين والمنظرين، الذين وضعوا أسسا فكرية واجتماعية وتربوية عبر عدة عقود، ورسخوا معاني وقدسيات الوطن الكوردي، وحددوا حدود الأمة الكوردية وثقافتها. والأطراف السنية أيضا تمتلك فكرا قوميا عربيا، مدعوما من قبل العديد من المفكرين العرب، ولديهم استراتيجة واضحة ومرسومة، ولديهم قوة نفوذ اقتصادي هائلة. أما الشيعة اليوم، فليس لديهم مفكرين قادرين على رسم معالم المستقبل، وتحديد مفهوم أمة موحدة لهم، تجمعهم، وتجعلهم قادرين على مواجهة التحديات. أي أن الشيعة ليس لديهم مفهوم الأمة والوطن، كما هو لدى الأكراد والسنة العرب. إن الشيعة محكومة بقرارات دينية، والمرجعية لها دور عظيم في هذا الشأن. بينما المفروض أن يكون للشيعة فكر أمة ووطن ودولة، ليوحدهم، ويجعلهم قادرين على التماسك لبناء وطن، وتأسيس أمة قادرة على حفظ حقوق جميع أبنائها. ويجب أن يكون هناك دراسة للواقع العراقي، والواقع الشيعي في المنطقة: في السعودية، والكويت، وسوريا، ولبنان، والبحرين، واليمن، وآذربيجان، وتركيا، وإيران، والهند، وباكستان، وهل هناك وطن شيعي ؟ وما هي مقومات هذا الوطن؟ وما هي مقدساته الوطنية والدينية، التي يجب أن تكون خطوطا حمراء؟ وما هي التطلعات السياسية الاستراتيجية التي ستحمي هذا المكون وهذه الأمة، لكي يكون لها دور ريادي في العالم الإسلامي والأممي.
(دولة القانون)، قادتها لديهم الكثير من السلبيات، لكنهم محكومون أيضا بوضع سيء يفرض عليهم الكثير، ولديهم إيجابيات أيضا ليست بالقليلة، وفي كل الأحوال لا يمكن القول إن قيادات (دولة القانون) بلا أخطاء وهفوات. لكن هل يوجد طرف شيعي اليوم بلا أخطاء، وكل قيادته من الزهاد والمعصومين؟!! إن المرحلة التي مرت، وهي 10 سنوات، أثبتت بوجود قصور شيعي كبير، على مستوى القيادات المحدودة التفكير. كما أثبتت حقيقة العقم السياسي للحركات السياسية، التي كانت في المنفى، ولم تستطع الولوج إلى الداخل العراقي حتى الآن، وليس لديهم أجيال وأتباع صادقين، بل أغلب من التف حولهم المنافقون والانتهازيون والكاذبون، وأصبح تحسس الشارع لهم عن طريق من التف حولهم من الانتهازيين والمنافقين، وهذا طبعا أفشل مشروعهم، حيث أن قراراتهم لا تصل إلى حيث يتمنون أن تصل. وأصبح أغلب المتسلطين منهم ليس سوى صنميات سلطة تعمل أي شيء من أجل البقاء في مناصبها، ولديهم عجز شديد في أن يجدوا من يديم سلطتهم كوريث شرعي. فهم في الغالب مغتربون، والكثير من أسرهم تعيش في دول المهجر، وبعضهم ينتظر التقاعد، أو ينتظر أن يجمع ما يستطيع من مكاسب، لكي يهرب بها إلى المهاجر، التي أصبحت هي أوطانهم الجديدة. كما توجد نقطة مهمة لم ينتبهوا لها، وهي أنهم كانوا يمتلكون شيئا من القدسية بنظر المجتمع، الذي رحب بهم في عراق ما بعد سقوط الصنم، لكن المجتمع العراقي بعد عقد من المصائب والأزمات، تنبه إلى عدة نقاط، وهي: إن نضال المناضلين لم يكن هو وراء سقوط الطاغية المقبور، كما أن العاطفة غير الناضجة هي التي جعلتهم يصلون إلى سدة الحكم بصدفة لن تتكرر، واليوم أغلب هؤلاء أصبح وجودهم في السلطة جزءا من المشكلة، وليس جزءا من الحل، مع انهيار قدسية أغلب الحركات السياسية، وظهور الرمزية الفردية لبعض القيادات التنفيذية، لتكون رمزيتها بمرتبة أعلى من قدسية الحركات التي ينتمون لها، أو التي لازالوا أو كانوا يمثلونها.
الانتخابات قادمة، وستفرض أشياء جديدة بالتأكيد، ليس بالضرورة أنها ستكون أفضل مما مضى، مع اليأس الشعبي الكبير، إذ إن الكثير من الناس لديهم عزوف عن الانتخابات، لعدم ثقتهم بالحكومة، وعدم ثقتهم بحصول تغيير فعال، يمكن أن يصحح ويصلح البلاد، وينتشل العراق من هاوية الانحدار والسقوط، خصوصا مع ازدياد الفقر، وغياب الرؤية الاستراتيجية التنموية، التي يمكن أن تدعم اقتصاد البلد، وتستفيد من المقومات البشرية الشبابية الهائلة، المتوفرة في العراق، والتي أغلبها اليوم عاطل عن العمل. إن توزيع الثروة يجب أن يكون منصفا وعادلا، ولا يصب في جيوب محددة، لكي يكون هناك نهوض بواقع الاقتصاد، وشفاء للمجتمع من الأمراض والمآسي والآهات. إن لم تحارب الدولة الفقر، فإنها ستحارب الفقراء، أي ستحارب الشعب، إن الحل هنا يحتم بروز قيادة فكرية جديدة، تحمل الهموم الوطنية، وتعمل على إزالة كل رموز التشرذم، وتضع برنامجا تربويا واجتماعيا وسياسيا وطنيا، لإنضاج الرؤى، بما يمهد لانسجام فكري، يمهد لأمن واستقرار مجتمعي، وهذا ليس سوى تمنٍ، ولا يمكن أن يتحقق بانتظار معجزة أوصدفة تاريخية أو قدرية باستسلام. إن حتمية الخلاص ستفرض ولادة هذه القيادة، ذات الرؤية الثاقبة، والتي تتمتع بذكاء استراتيجي لوضع برنامج عمل صحيح، والإصرار والمثابرة على تحقيق الأهداف كأساس فعلي لعراق الأمن والاستقرار والسلام والحرية.
قلنا ما نعتقد، ونتقبل جميع الآراء الصادقة الصالحة، ونتقبل النقاش الإيجابي، الذي يهدف إلى توحيد أمة العراق، وتوحيد شعب العراق، بمقومات مقدسة تحفظ البلاد من التجزئة والمآسي 
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* مع تحفظ هيئة التحرير على بعض طروحات المقال، وبعض العبارات الواردة فيه، ولكن عملاً بحرية التعبير قمنا بنشره.. والمجال مفتوح للسادة القراء للتعقيب والرد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق