تقرير: المحرر السياسي
ما إن ظهرت النتائج الأولية للانتخابات التشـريعية التي جرت في الثاني عشر
من أيار المنصرم حتى أدركت الأوساط والأحزاب السياسية الكوردستانية، والعراقية، أنها
إزاء حالة جديدة من التلاعب بمجريات عملية الاقتراع ونتائجها.
البداية كانت
في إقليم كوردستان، إذ سارعت ستة أحزاب كوردية إلى الكشف المبكر عن قرصنة
إلكترونية لأصوات الناخبين في محافظات أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة، يضاف إليها
كركوك.
الأحزاب
الكوردية الستة (الاتحاد الإسلامي، حركة التغيير، الجماعة الإسلامية، التحالف من
أجل الديمقراطية والعدالة، الحزب الشيوعي، الحركة الإسلامية) عقدت في أربيل
اجتماعاً عاجلاً على مستوى القمة، يوم الاثنين الموافق 14/5/2018، عبرت خلاله
عن رفضها التام لنتائج الانتخابات
البرلمانية العراقية في الإقليم، وطالبت بإعادة العملية، وبإشراف دولي.
ووجهت الأحزاب
الستة اتهامات إلى الحزبين الرئيسين المتنفذين ( الاتحاد الوطني والحزب
الديمقراطي) بـتدبير "انقلاب إلكتروني" و"قرصنة أصوات
الناخبين" في الإقليم، مشددة على أن "ما يجري حتى الآن هو سلب لحقوق
مرشحين حازوا على ثقة الشعب، وإعطاؤها لآخرين عزلهم شعب كوردستان".
وتباعاً، دخلت
واشنطن على الخط لاحتواء الأزمة، من خلال مبعوثها (بريت ماكغورك)، حيث التقى في
السليمانية، يوم الثلاثاء الموافق 22/5/2018، بقادة أربعة أحزاب كوردية رافضة
لنتائج الانتخابات البرلمانية العراقية.
وكشفت مصادر
مقرّبة من الاجتماع أن المبعوث الأمريكي تفهّم مخاوف الأحزاب الكوردية، وتلمّس
منها إصراراً على رفض نتائج الانتخابات، وإعادة العملية في الإقليم وكركوك.
ولاحقاً، لاحت
في بغداد اعتراضات شديدة من عدة أحزاب وائتلافات على مجمل العملية الانتخابية
ونتائجها.
وأكد ائتلافان
عراقيان: (تحالف القرار، بزعامة أسامة النجيفي) و(ائتلاف الوطنية، بزعامة إياد
علاوي) أن الانتخابات شابتها "خروقات كبيرة" تطعن في شرعيتها، وطالب
ائتلاف علاوي بإلغاء النتائج، وتشكيل حكومة تصريف أعمال.
وأعلنت مفوضية
الانتخابات العراقية يوم السبت الموافق 19/5/2018، النتائج النهائية للانتخابات
البرلمانية، متجاهلة الاتهامات بـ"التزوير وقرصنة أصوات المقترعين".
من جانبها
صادقت الحكومة العراقية، يوم الثلاثاء الموافق 5/6/2018، على توصيات اللجنة
المكلفة بالتحقيق في اتهامات بتزوير الانتخابات البرلمانية.
وتضمنت توصيات
اللجنة، إلغاء نتائج انتخابات الخارج والنازحين لثبوت خروقات وتزوير جسيم ومتعمد
وتواطؤ.
ووجهت
الحكومة، بناء على تلك التوصيات، الأجهزة الأمنية والاستخبارية بملاحقة المتلاعبين
واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، بالإضافة إلى فرض قيود سفر على أعضاء المفوضية
إلى الخارج.
وفي هذه
الفترة تمكن مجلس النواب العراقي، مسنوداً بقرار مجلس الوزراء، من عقد جلسة
استثنائية، يوم الأربعاء الموافق 6/6/2018، صوّت خلالها على تعديل قانون
الانتخابات، بما يتيح إجراء عملية عد وفرز الأصوات يدوياً في عموم البلاد، وإلغاء
اعتماد الأجهزة الإلكترونية في عمليات الاقتراع، وصوّت أيضاً على قرار بانتداب
تسعة قضاة لإدارة مفوضية الانتخابات، على
خلفية اتهام الأخيرة بالفشل في إدارة الانتخابات البرلمانية، ومنع عمليات
(التزوير) التي رافقتها.
واستجابة
لقرار البرلمان العراقي، قرر مجلس القضاء الأعلى، يوم الأحد الموافق 10/6/2018،
تعيين قضاة لتولي مهام مفوضية الانتخابات، مؤكداً التزامه بتطبيق التعديلات التي
أجراها مجلس النواب على قانون الانتخابات.
قرار مجلس
النواب العراقي لاقى ترحيباً في الإقليم، حيث أعلنت الأحزاب الكوردية الستة في
بيان مشترك، تأييدها للقرار، واصفةً إياه بـ"الخطوة المهمة والتاريخية".
في المقابل،
رفضت رئاسة البرلمان الكوردستاني، ممثلةً بالحزبين الحاكمين، القرار، قائلةً إنه
"يفضي إلى المزيد من عدم الاستقرار السياسي والأمني" في العراق.
ويشهد العراق،
وإقليم كوردستان، على المستوى السياسي والشعبـي، ترقباً حذراً لما ستؤول إليه
الأوضاع وسط هذه التجاذبات الحادة بين الأطراف السياسية، بعد الكشف عن عمليات
التزوير وقرصنة الأصوات في الانتخابات، والقرارات ذات الصلة لإبطالها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق