د. يحيى عمر
ريشاوي
الديمقراطية
في أبسط معانيها تتمحور حول كلمتين لا غير: (تداول السلطة). بمعنى: إن لم تؤمن وتطبق
عملياً مبدأ تداول السلطة، وترك كرسي الحكم، وإتاحة المجال لغيرك، فكل ادعاءاتك حول
الحرية والديمقراطية والتعددية الحزبية، ذر للرماد في العيون، وضحك فاضح على الذقون!
معظم تجارب
(الديمقراطية)، في هذه المنطقة، لا تحمل من معاني الديمقراطية سوى الاسم والشكل، أما
جوهر الديمقراطية، فإنه غائب كل الغياب عن أذهان السلطة الحاكمة، وبرامجها. الديمقراطية
حين أكون أنا في سدة الحكم، وأجلس على كرسي الرئاسة، أما حين تحاول أن تجرّبها أنت،
فإنها ممنوع من
الصرف، أو هي في خانة المحرّمات والممنوعات، إن لم تكن (الجريمة الكبرى
والخيانة العظمى)!
حال إقليم
كوردستان، ومسألة انتهاء مدة رئاسة الإقليم، تعبر عن الواقع المؤلم الذي نعيشه نحن
شعوب بلدان العالم الثالث، تمديد وتمطيط ولي للقوانين والأنظمة والدساتير لصالح فئة،
أو شخص بعينه، كي يبقى في سدة الحكم، الله أعلم إلى متى؟! ولعلّ أصعب ما في الأمر،
حين تحاول بعض النخب السياسية والقانونية والإعلامية، أن يقنعوك جبراً بأن هذه هي الديمقراطية
بعينها، ولا غير!
وليس حال
معظم الأحزاب بأفضل من حال من بيدهم السلطة ومقاليد الأمور، رؤساء الأحزاب، وأعضاء
المكاتب السياسية، ليس في أجندتهم ترك كراسيهم للغير، حتى لو جلسوا على الكراسي المتحركة،
أو أصيبوا بأمراض الشيخوخة المزمنة، إلى حد الشلل والسرطان والزهايمر و.. و.. و..!
يبدو أن المسألة
تتجاوز كرسي رئاسة الإقليم، وكراسي رؤساء الأحزاب، إلى أبعد من ذلك. يبدو أنها ثقافة
متأصلة فينا، وليس بمقدور شعوب هذه المنطقة تجاوزها بسهولة. ترى هل العيب فينا، أم
في عدم ملائمة لباس الديمقراطية لأجسادنا، أم أن منظومة الدكتاتورية هي قدرنا؟! أم
أن كل ذلك مجتمعاً مغروس فينا، ويحتاج إلى من يستأصله من الأرضية السياسية والاجتماعية
والفكرية، ويغرس مكانه شيئاً آخر يلائم ثقافتنا، والبيئة التي نعيش فيها؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق