08‏/04‏/2016

بصراحة/ من أجل بقائنا

صلاح سعيد أمين
عجيب غريب أمر هذا الإنسان.. الإنسان الحاكم.. الإنسان المحكوم.. الإنسان الحاكم المسؤول، الذي يستنسخ تجارب الحكام الآخرين في القمع والاستبداد والجور والبطش طبق الأصل، وكأن الطامة الكبرى ستقع إن اتعظ من مصائرهم! الإنسان المحكوم، الذي أصبح مختبراً لإجراء كل التجارب التي تدور في فلك تعبيد وتركيع البشر مرة بعد أخرى.. الإنسان المحكوم الذي لا يسأل نفسه في وقت ما: لماذا انتخب مراراً وتكراراً حكاماً، وأوصلهم إلى سدة الحكم، وفي كل مرة لا يتورعون عن ممارسة الطغيان والظلم والفساد؟!
أصبحت منطقة الشرق الأوسط الشغل الشاغل للعالم، المنطقة التي تعرف بمهد الأديان السماوية
والحضارات القديمة.. مهد الأفكار والإبداعات في زمن ما.. الشرق الأوسط الذي أنعم الله على البشر
والحجر والشجر فيه، في سمائه وجوف أرضه، لكن (الإنسان)، في هذه البقعة من المعمورة، لا يتصرف حسب ما تمليه عليه مسؤوليته، ولا يتحرك وفق ما يقع على عاتقه. (الإنسان)، في هذه المنطقة، توقف عن التفكير، وأصيب بنوع من الجمود، والغفلة، الذي يصب في خدمة إنتاج الطغيان، والاستبداد، وتكرار التجارب الفاشلة، واحدة تلو الأخرى.
أزمة منطقتنا تكمن في غياب تفكيرنا، فقد ذقنا المآسي والويلات، والخلل يكمن في أذهاننا. غياب التفكير، وتجمد الأذهان، في هذه المنطقة، لا يقتصر على فئة دون أخرى، ولا على رؤية دون أخرى، بل للأسف الشديد يشمل الجميع، من أقصى اليمين، إلى أقصى اليسار!!
قال لي أحد أصدقائي: إن مجرد تحريك التفكير، واللجوء إلى المسارات الصحيحة له، لا يضمن إنقاذنا من المعمعة التي نغرق فيها، بل ينبغي - وبموازاة ذلك - أن يُفعّل (القرار) في بنيتنا، وأن تنتعش جرأة اتخاذه، والمصادقة عليه، في كياننا الإنساني، كوننا - على حد زعمه - لم نصل إلى المستوى الذي يعطينا الجرأة والشجاعة كي نتصرف وفق ما تقتضيه أحوالنا الجديدة، بعد الوصول إلى هذه القناعة، وهي أن لب مصائبنا وكوارثنا تكمن في تفكيرنا!..

واقع الحال يشير إلى أننا لن نصل إلى ما نتمناه في حياتنا، ولن نبني ما نحتاجه - كبشر - في دنيانا الفانية، دون أن نتحرر من الغياب الفكري الذي نعيش فيه، ودون أن نصحو من الغفلة التي توقفنا عن العمل. وبالتأكيد نحتاج أيضاً إلى الجرأة في القرار. (قرار) يغيّر أحوالنا، وينقذنا من كل ما أصابنا طيلة هذه الفترة الطويلة، التي أصبح من واجبنا أن نضع لها حدّاً، وأن نقطع دابرها إلى أبد الآبدين..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق