03‏/10‏/2016

انسداد الأفق السياسي الكوردستاني

تقرير: المحرر السياسي
يمر إقليم كوردستان بحالة من انسداد الأفق السياسي التام، نتيجة غياب الحلول لأزمات السلطة والإدارة، وأخطرها الانخفاض الحاد في الإيرادات العامة، والتي انعكست على الواقع المعيشي لغالبية الفئات المجتمعية، يتصدرهم موظفو الجهاز الإداري في مختلف القطاعات.. هذا الاضمحلال لمصادر الموارد المالية تتحمله الحكومة (الحزبان الرئيسان القابضان على السلطة)، وهي تواجه باستمرار انتقادات لاذعة وأحياناً تهديدات باعتصامات مفتوحة، وأبعد من ذلك عصيان مدني.
والمؤشرات توحي بانفراط عقد الائتلاف الحاكم نهائياً – ائتلاف من خمسة أحزاب – (الديمقراطي الكوردستاني، والاتحاد الوطني، وحركة التغيير، والاتحاد الإسلامي، والجماعة الإسلامية). وهذه المؤشرات تتأتى من بيانات – مواقف - صادرة من (المجلس التنفيذي للاتحاد الإسلامي)، وبيانات لقيادات في (الجماعة الإسلامية)، حثا فيها الحزبين الرئيسين (الديمقراطي الكوردستاني) و(الاتحاد الوطني) على الإسراع في التخفيف من آثار الأزمة المالية، وأقلها التقيد بمواعيد صرف رواتب الموظفين - المخفضة إلى النصف وأكثر - في مواعيدها المقررة. وقد ردت رئاسة الوزراء بالدعوة إلى اجتماع موسع زعمت أنه سيكون مكاشفة وإصلاحاً للأوضاع المتردية، وفي المقابل ردت الأحزاب الثلاثة برفض حضور الاجتماع، وقالت إنه بمثابة خطوة أخرى للهروب للأمام والتملص من المسؤوليات تجاه مواطني الإقليم. وتعجز الحكومة عن الايفاء بتعهداتها وتتراجع خطوات عن التزاماتها المالية بشكل يهز مصداقيتها، حتى باتت الفئات الوظيفية لا تثق إطلاقاً بأي خطوة تقدم عليها، ويكفهر الوضع بغياب الشفافية في مسألة الواردات النفطية، فالسلطة تتكتم على هذه القضية وتحيطها بسرية تامة رغم تسريبات لوثائق يكشف عنها بين الحين والآخر برلمانيون تُظهر وقوع فساد في قطاع النفط الكوردستاني.
ورغم تحركات رئاسة الوزراء ورئاسة الإقليم على مسارين دبلوماسيين متوازيين، عراقياً ودولياً، للحصول على دعم مالي لتجاوز النازلة الاقتصادية الداخلية، إلا أن النتائج تأتي غير فاعلة، فالزيارة الأخيرة لوفد حكومي رفيع إلى بغداد أفضت فقط إلى اتفاق لتقاسم واردات النفط المستخرج من بعض حقول كركوك، والمصدر عبر خط أنابيب إقليم كوردستان إلى ميناء جيهان التركي.
ويبدو أن الحكومة الحالية تواجه إفلاساً مالياً حقيقياً، خاصة مع تزايد الديون المتراكمة عليها، والبالغة أكثر من 30 مليار دولار وفقاً لتقارير اقتصادية غير رسمية.
ويشكل الصعيد العسكري والميداني – الحرب ضد داعش - عاملاً إضافياً ضاغطاً أمنياً واقتصادياً، لا يمكن التكهن بنتائجه على المديين القريب والبعيد مع قرب عملية استعادة السيطرة على مدينة الموصل، حيث تشارك فيها قوات البيشمركة بمختلف صنوفها القتالية.
وكذلك الصعيد السياسي الذي هو محور بقية الصعد الأخرى، لا زال الانقسام بمثابة معول هدم للجدار المجتمعي الكوردستاني، وهذا الانقسام عمقه تعطيل البرلمان وإقالة وزراء من الائتلاف الحكومي، وقد استعرضنا حيثياته في تقارير إخبارية سابقة لـ(الحوار).
ويزيد المشهد السياسي تعقيداً أيضاً الانشقاق الحاصل في صفوف قيادات (الاتحاد الوطني) وعلى الطرف الآخر تمسك (الديمقراطي الكوردستاني) بسياساته الإدارية المتصلبة، وفقاً لمراقبين.

وما برح الحزبان المذكوران يتقاسمان مناطق النفوذ السياسي والإداري في ما يعرف بـ (المنطقة الخضراء) و(المنطقة الصفراء)، وكذلك دخول كل طرف في تحالفات إقليمية وتفاهمات على المستوى العراقي بمعزل عن بعضهما، والمسألة باتت مثار جدل واستهجان الشارع الكوردي، إذ إن ذلك يولد نوعاً من الازدواجية في القرار السياسي والتصادم في الكثير من المحطات الإدارية، فتردي الحالة الاقتصادية وجمود العملية السياسية تمثلان (كرة الثلج) التي باتت تكبر شيئاً فشيئاً منذرة باكتساح ما بطريقها، وهذا ما لا يرجوه ولا يتمناه الجميع، سلطة وشعباً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق