د. يحيى عمر
ريشاوي
إحدى
ركائز قوة أيّ كيان سياسي، أو مؤسسة اجتماعية أو اقتصادية، أو حتى أسرة عادية
مكونة من أب وأمّ وطفلين! تكمن في كيفية الحفاظ على السمعة المكتسبة على مرّ
السنين والأزمنة، وحين تفقد هذه السمعة لسبب من الأسباب، فإنه من الصعوبة بمكان
إرجاعها والحفاظ على مكانتها السابقة.
المدراس والجامعات الأهلية تحاول
جاهدة الحفاظ على سمعتها، المؤسسات والشركات التجارية تسحب منتجاتها وسياراتها
الفارهة وتخسر الملايين، فقط بهدف الحفاظ على سمعتها الطيبة بين العملاء، شركات
البناء والمعامل، المطاعم والمحلات التجارية، مكاتب المحاماة، والعيادات الطبيّة،
وغيرها كثير، كلها تخطط وتضحي وتصرف الملايين والبلايين في سبيل الحفاظ على سمعتها
بين زبائنها وعملائها وطالبيها !
حين تحاول أن تسقط هذا المبدأ على
واقع التجربة السياسية في الإقليم، وتجري اختباراً بسيطاً لتجربة حكومة الإقليم،
من خلال هذه المرافق والمجالات التي كان من الممكن أن تبقي على شيء من السمعة،
فإنك تصاب بخيبة الأمل، وتستغرب من حكومة كان من المفترض أن تكون نموذجاً يحتذى به
لباقي مناطق العراق، لم يبق من نشاطاتها وإنجازاتها غير عدّ السياح القادمين من
وسط وجنوب العراق! ولا شيء بعدها قطّ!
الخدمات في أدنى مستوياتها، وبعد
ربع قرن من التجربة الإدارية، فإنّ المواطن في الإقليم ما زال يعيش في عالم
الإمبيرات والمولّدات!! الواقع السياسي لا يبشر بخير، ونحن الآن نعيش المربع الأول
- إن لم نكن خارج المربع- من تعطيل للبرلمان، وشلل تام لحكومة غارقة في الديون إلى
أخمص قدميها! الأوضاع الاقتصادية من سيء إلى أسوء، هجرة الطاقات والقدرات في
ازدياد مخيف، والعلاقات مع بغداد، والجولات المكوكية و(الحزبية) للعاصمة في مد
وجزر، من دون أن يستشعر المواطن العادي حلاً لهذه المعضلات، أو أن يرى بارقة أمل
لهذا النفق السياسي المظلم.
واقع الإقليم يقول، من دون خجل
ولا (وجل): إن السمعة التي اكتسبت عبر بحر من الدموع والدماء، جرفتها المصالح الحزبية والمادية الضيقة، ومن الصعوبة
بمكان - في ظلّ هذه الأوضاع - التغاضي عن الموجود، وكتابة كلمات المدح والتبجيل،
والتظاهر بالصحة والسلامة لجسد أنهكته الصراعات والمصالح الحزبية القاتلة !!
وحسبنا الله ونعم الوكيل!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق