11‏/07‏/2014

اللهم بلّغنا رمضان



رشاد محمود
بعد ساعات قليلة، ويتم الإعلان عن بدء شهر رمضان المبارك لهذه السنة (1435هـ)، أعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركة. ولكن حال المسلمين في هذه الأيام في أسوأ حال، وهو لم يصل إلى هذه الدرجة من السوء في أي زمان، فهم في شتات يأكل بعضهم بعضاً، لا يرحم كبيرهم صغيرهم، ولا يُوقر صغيرهم كبيرهم.. تغيَّرت الموازين وانقلبت رأساً على عقب، وصار الأبيض أسوداً، والأسود أبيضاً.. 
كانت هناك في سالف الزمان دولة مترامية الأطراف، شاسعة، تهابها الأسود والنمور، ولكن لماذا وصلت إلى هذا الدرك الأسفل من الانحطاط؟ كلنا نعرف الجواب، وهو أولاً من أنفسنا الضعيفة، التي لصقت - بشدة - بالدنيا وما فيها، كما يلصق العنكبوت في حوض الصمغ، ولا ينفك عنه. وثانياً:
لاحظ الأجنبي ما وصلنا إليه من الوهن والضعف والتردّي،
فاستغل هذا الوضع الذي هو في صالحه وصالح جماعته، فانكب علينا، وأخذ يقطعّ أشلاءنا بواسطة أنواع السكاكين الحادّة، ولا يزال هذا الأجنبي يلعب بنا كما يلعب الأطفال بالدُمى! رحماك يا رب.. ارحم هذه الأمة برحمتك الواسعة، واهدها إلى طريق الصواب، لكي ترى طريقها بوضوح..
وصلنا إلى ضفاف شواطئ رمضان المبارك لهذه السنة، والمسلمون، في أطراف هذه الدنيا الواسعة، قد تركوا بيوتهم ومساكنهم، وهم يعيشون في الخيام مع أطفالهم، ومدنهم قد تهدمت، وانهارت على ساكنيها، بواسطة النابالم والبراميل المتفجرة، وأنواع الأسلحة الفتّاكة، وكأن هذه الأسلحة قد صُنعت لقتل المسلمين فقط، أينما كانوا!!.. فأين الأمم المتحدة؟ وأين المجتمع الدولي المتمدن؟ وأين النظام العالمي الجديد الظالم؟ وأين الإنسانية جمعاء؟! وإن المرء ليسأل هنا: هل إن المجتمع الدولي الظالم هو مخلوق من البشر، أم إنهم حيوانات كاسرة لا تعرف الرحمة والشفقة والإنسانية؟ لا أتذكر بالضبط، ولكن قبل سنوات عديدة، قُتل أحد القساوسة، من الرعايا الغربيين، في قارة أفريقيا، حينذاك قامت الدنيا ولم تقعُد من أجل إنسان غربي قُتل في غابات أفريقيا! فهل إن الدم الغربي يساوي الكثير بالنسبة لهم، في حين إن الدم المسلم لا يساوي عندهم جناح بعوضة؟! في هذا الزمان نحن المسلمون حيارى وتائهون في أصقاع الأرض، لا نعلم ماذا نفعل، وأين نذهب، وأين نستقرّ، وكلنا نعلم أن الحل بسيط وسهل، وهو أن نقوي علاقتنا مع الله الواحد الأحد، فهو الذي يستطيع أن ينصرنا ويوصلنا إلى بر الأمان، وأن نهنأ في دنيانا وآخرتنا، وأن نتمسك بدين الإسلام الذي هو عصمة أمرنا، والحبل الذي يجب أن نتمسك به.. 
يقول الغربيون إن على المسلمين أن لا يخلطوا السياسة بالدين، والدين بالسياسة، ولكنهم يكيلون بمكيالين، فهذه دولة إسرائيل، التي أوجدها الغربيون في أراضي المسلمين، هي دولة سياسية دينية، والسياسيون هناك يلتقون جميعهم في مكان يُسمى (الكنيست)! فلماذا يجتمعون هم في معبد، وهذا العمل لديهم يُعتبر حلالاً، بينما لدينا يعتبر حراماً؟! هذه هي موازين الغرب، وعدالته الكاذبة، التي يطبقها على العالم، فنتيجة لذلك نرى الظلم مستشر في أنحاء العالم المختلفة، فلا مساواة، ولا عدل، ولا حق، ولا إنصاف يطبق بين الناس، وقد اختلط الحابل بالنابل، والمسلمون في الوقت الحاضر تغيّرت أخلاقهم إلى الأسوأ، فأقوالهم أقوال الأنبياء، وأعمالهم أعمال الجاهلية! فكيف نرجو منهم أيّ خير، فكلامهم كثير، وعملهم قليل، ولا يظهر في الأفق القريب أيّ فرج يَعُمُّ على هذه الأمة المنكوبة، لكي ينقذها من المآسي التي وقعت فيها، والنكبات التي مرت بها، لكي تعود إلى أوج قوتها وجبروتها ومجدها التليد الذي مضى، وباعتقادي أنه سوف لن يعود، ونحن على هذه الحالة البائسة التي يُرثى لها، وهي من صنع أيدينا وأفكارنا الضعيفة، التي ابتلينا بها في هذا العصر، بحيث لا نعرف عدونا من صديقنا.
وفي هذه الساعات القريبة من حلول رمضان المبارك أدعو الله (عزَّ وجلّ) أن يُبلِّغنا رمضان كما بلّغنا شعبان، ونحن تائبون إلى الله (سبحانه وتعالى)، التوبة النصوحة، عسى أن يقبلها منا، ومن جميع المسلمين المخلصين، وأن يبعدنا عن الفتنة ومسبباتها ونتائجها وسلبياتها.. وبمناسبة حلول رمضان المبارك أهدي إليكم هذه القطعة الشعرية بعنوان "دعاء" للشاعر (محمد رضا آل صادق):
مليك الخلق يا رباه .. 
                  إني عبدك الجاني
   دعوتك باسطاً كفي ..
                   اسأل لطفك الحاني
   فكللّني بعافية 
                  وظللّنـــــي برضــوان
   وسامحني لما أذنبتــه
                   يا عالي الشأن!
   فقد أسرفت بالآثام 
                  في سرِ وإعلان
    رحت أشقّ درب 
                 التيه، منقاداً لشيطاني
    ولم أجمع بتطوافي    
                 سوى ألمي وأشجاني
     إلهي ليس لي من 
               راحمِ، إلاك يرعاني
     لئن لم أستطع بثاً  
               لمختلــجٍ بوجداني
    فهذي أدمع القلب .. 
              بها أفصح تبيانِ
    قصدتك شارياً عفوك
           - مولاي – بإيماني
    أترجعني..
       كسير الطرف في صفقة خسران!
     وأنت المبدع المنشئُ
              يا رباه "بنياني"
      تعاليت أيا أكرم حنّــــان ومنّـــــــــــان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق