10‏/07‏/2014

مؤتمر: الخطاب الديني، إشكالياته، وتحديات التجديد

خاص بالحوار
عمر محمد علوط/ مراكش
عقدت مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" مؤتمرها السنوي الثاني خلال يومي 17و18 مايو/ آيار الماضي، بمدينة (مراكش) المغربية، وجاءت الجلسة الافتتاحية مخصصة للتعريف بالمؤسسة التي رعت المؤتمر، وهي مؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث"، من خلال إلقاء الأستاذ (محمد العاني)، مدير عام المؤسسة، كلمة أكد فيها على أن المؤسسة تسعى لتكون
بيئة حاضنة للأفكار التجديدية المتنوعة، وخلق فضاء معرفي لمناقشة مختلف القضايا ذات الصلة بالإنسان.
وبخصوص موضوع المؤتمر "الخطاب الديني: الإشكاليات وتحديات التجديد"، ذكر أنه يدخل في إطار استراتيجية المؤسسة، التي تسعى لتفعيل النقاش والسؤال بشأن هذا الموضوع القديم المتجدد، الذي كان محصوراً في إطار النخب الدينية والفكرية، لتبرزه الأحداث الأخيرة التي مر بها العالم العربي، وتضعه في قلب اهتمامات الإنسان العربي العادي وأسئلته الملحة، وذلك نظراً لتأثيره الجلي في تحديد خياراته السياسية، وأمنه واستقراره، وحاجاته المادية والروحية. 
وجاءت الجلسة الأولى مخصصة لأبحاث بعض المفكرين المشاركين في المؤتمر، وكالتالي: 
الدكتور حسن حنفي - مصر/ تجديد الخطاب الديني.
الدكتور رضوان السيد - لبنان/ الجماعة والتقليد والإصلاح: سياسات الدين في أزمنة التغيير.
الدكتور عبد الجبار الرفاعي - العراق/ ما تعد به فلسفة الدين.
الأستاذ عصام فوزي - مصر/ تقرير عن حالة التدين في مصر.
وخصصت أولى أبحاث الجلسة الأولى لموضوع "تجديد الخطاب الديني"، حيث حاضر فيها المفكر المصري (حسن حنفي)، مؤسساً مداخلته على حتمية إعادة النظر في ثنائية اللفظ والمعنى عند المسلمين عامة، ومتوقفاً عند لائحة عريضة من النظريات اللغوية التي ارتحلت في هذه الثنائية، منذ القدم حتى اليوم، ومؤكداً أنه لا معنى لتجديد الخطاب الديني عند مسلمي اليوم، دون الحسم في هذه الثنائية التي أسالت الكثير من الحبر. 
واعتبر (حنفي) أن تجديد الخطاب الديني يصطدم بعارضين رئيسين، أولهما: استمرار اللغة القديمة خوفاً من متابعة كل عصر، ومن هنا نشأت الحركة السلفية، التي لا شأن لها بالواقع، ولا علاقة لها بلغة العصر، وثانيهما: الإصرار على استعارة التجديد من الغرب، وخاصة في حقول الترجمة. 
من جهته، تحدث المفكر اللبناني (رضوان السيد) حول "الجماعة والتقليد والإصلاح، سياسات الدين في أزمنة التغيير"، وتميز خطابه بنبرة نقدية ضد المشاريع الإصلاحية السائدة في المنطقة العربية والإسلامية، وخص بالذكر ما وصفها بـ"الجهاديات العنيفة"، و"حركات الإسلام السياسي"، وتيار (محمد أركون)، الذي تعرض له بنقد شديد، ولو أنه استثنى منه حالة خاصة أشاد بها، وهي حالة (عبد الله العروي)، قائلاً في هذا الصدد: "إن عبد الله العروي الذي أصدر كتاب "السنة والإصلاح" سنة 2008، ليس هو عبد الله العروي الذي أصدر "الأيديولوجيا العربية المعاصرة" سنة 1960". واختتم (رضوان السيد) ورقته بطرح ما وصفه بمخارج ثلاثة، قد تفيد المسلمين بالخروج من هذا النفق الإصلاحي، وهذه الأزمة الساحقة والماحقة، كما سماها: 
أولاً: إعادة النظر في أداء المؤسسات الدينية التقليدية.
ثانياً: إعادة النظر في عملية تغيير المفاهيم، التي قام بها "السلفيون" و"جماعات الإسلام السياسي" و"الشيعة" وغيرهم.
ثالثاً: مساعدة الأحزاب السياسية الجديدة، التي أثبتت فشلها في تدبير أوضاع بعض الدول العربية بعد أحداث الربيع العربي.
أما المفكر العراقي (عبد الجبار الرفاعي)، فقد حاضر في موضوع "ما تعد به فلسفة الدين"، وعرض لقراءات بعض المفكرين الغربيين وتعاملهم مع مفاهيم الإلهيات، الدين، الرياضيات والطبيعيات. 
من ناحيته سلط (عصام فوزي)، من (مصر)، الضوء على الخطوط العريضة من مشروع بحثي ضخم، يعالج كيفية تحول حالة التدين إلى ظواهر وسلوكات متشددة، معتبراً أن الوطن العربي قدّس التدين ومظاهره، وترك الدين الحقيقي. ومن هنا صدور هذا التقرير حول "أحوال التدين في مصر، للفترة ما بين 2011 - 2013"، وتميزت المحاضرة بإلقاء مقتطفات من أشرطة وثائقية جاءت في التقرير الذي صدر مؤخراً.
عرفت الجلسة الثانية، التي أدار مضامينها الدكتور (الحاج دواق) من (الجزائر)، أبحاث كلٍ من: 
سماحة السيد هاني فحص - لبنان/ الآخر في الخطاب الفقهي.
الدكتور شريف يونس - مصر/ معوقات تجديد الخطاب الديني.
الدكتور محمد البشاري - المغرب/ أي خطاب إسلامي في الغرب؟
ودعا سماحة السيد (هاني فحص)، في ورقته التي كانت بعنوان "الآخر في الخطاب الفقهي"، إلى ضرورة مراجعة اعتبار الآخر في الخطاب الفقهي السائد الآن، في جميع الأوساط الدينية: السنية منها والشيعية.
وأضاف السيد (فحص): إن تحريك الساكن في الفقه الإسلامي يعتبر نوعاً من المصارحة من أجل التوجه نحو تحرير أشكال الدولة المتواجدة الآن، والتي لا تخدم بالأساس نقاط التلاقي بين الشعوب، بقدر ما تجمع بين الأطياف الضيقة فقط، مشيراً في ذات الوقت إلى ضرورة التوجه نحو الدولة المدنية، التي تعتبر تحدياً لدى الشعوب الإسلامية، لأن ما يميزها هو كونها لا تعتمد على تأصيل الشريعة، ليس إقصاءً لها، ولكن لأن كشف العمق فيها، هو علم حقيقي يحتاج لانخراط الجميع فيه، ضارباً المثال بخصوصية الفقه الشيعي نموذجاً، وحالة الانغلاق التي توجد فيه، من خلال مقاصده البعيدة عن الواقع.
أما الدكتور (شريف يونس)، من (مصر)، فقد أبرز في ورقته التي حملت عنوان "خطاب التجديد الديني"، أن مشكلة الخطاب الديني الحالي تتجلى في العنف، أو "الحركية" و"العصبية"، والخطاب الأصولي، واختصاره في الشريعة، الذي بات معكوساً في صورة الإسلام عبر العالم. 
أما الدكتور (محمد البشاري) من (المغرب)، فقد تساءل في طرحه حول "نوعية الخطاب الإسلامي الحالي في الغرب"، بين طريقته التي تميز بين ذاك الخطاب الموجه "للداخل الإسلامي"، وذاك الموجه للمصنفين في إطار "خارج العالم الإسلامي"، وهو ما اعتبره الدكتور ازدواجية في الخطاب لا يمكنها أن تُقبل، وهو ما دفعه أيضاً للتساؤل عن إمكانية تواجد خطاب إنساني وسط الخطابين الإسلامي وغير الإسلامي على حد سواء.
وختم (محمد البشاري) ورقته بمجموعة من التوصيات، قد تساهم في إنجاح مشروع تجديد الخطاب الإسلامي الموجه للغرب، مشيراً إلى ضرورة الإيمان بالمواطنة الصالحة، وإنهاء إشكالية الانتماء، وموضوع التقسيم الجغرافي الديني، بالإضافة كذلك لإنهاء الندية في التعامل مع الآخر، والحد من الكيانات المتصارعة، وفتح المجال أمام المشاركة السياسية، لتوسيع دائرة التواصل بالغرب، على أساس قضايا التجديد، وتحقيق الشهود الحضاري. وهي الأمور التي لا يمكنها أن تتحقق من دون توسيط الخطاب الإسلامي، والوقوف بصراحة في وجه الإشكاليات التي تواجهه، والتي تعيق تطوره.
وقد بدأت فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر بالجلسة العلمية الثالثة، والتي كانت برئاسة الدكتورة (ناجية الوريمي) من (تونس)، وجاء المشاركون كالتالي:
الدكتورة هالة فؤاد - مصر/ رؤيا العالم في الخطاب الصوفي ما بين التراثي والمعاصر.
الدكتور احميدة النيفر - تونس/ من التقليدين التحديثي والتراثي إلى خطاب التجديد الإسلامي.
الدكتور حافظ قويعة - تونس/ مشاريع التجديد الديني في الثقافة العربية المعاصرة: نحو قراءة متفهمة.
أكدت الباحثة المصرية الدكتورة (هالة فؤاد) أن "الكيفية المثلى التي يمكن أن نحمي بها تراثنا، هي أن نعرضه للنقد والهدم من أجل بنائه من جديد، وأن نعيد النظر في التراث العربي الإسلامي، ولا ننظر إليه نظرة قداسة وتحنيط، أو نطرحه كبديل حالي في مقابل التيارات الإسلامية المتشددة، أو المؤسسات الرسمية". كما دعت في ورقتها إلى إعادة طرح الأسئلة، ومن ثم التفكير بصوت عال في التصوف العربي الإسلامي، من دون التفكير في أي حل، لأن التكور التاريخي الحتمي سيفرز حلوله بكل تأكيد.
وأشارت (هالة فؤاد) إلى أن "المتصوفة طرحوا مفهوماً آخر للعقل، غير العقل الأرسطي، أكثر انفتاحاً وأقل سلطوية"، وهو المفهوم الذي لا يوجد له أثر في الطرق الصوفية، على الأقل في بلدها مصر، لأن الطرق الصوفية فيه هي إعادة مشوهة للتصوف، استبدل فيه العقل بالخرافة.
ومن جهته أيضاً، تساءل المفكر التونسي الدكتور (احميدة النيفر)، عن إمكانية الضبط الزمني والإشكالي لظهور الخطاب التجديدي في الفكر العربي الإسلامي، مشيراً إلى أنه المدخل الأساسي لفهم هذا الفكر والخطاب، وكذا تتبع مساره وتحولاته في الفكر العربي الإسلامي. 
وأشار (النيفر) إلى أن العالم العربي الإسلامي عرف التجديد عبر ثلاثة مراحل أثر فيها الاتجاه: التراثي، والماركسي، والإصلاحي، وتوقف عند اسمين من أعلام التجديد هما: (أمين الخولي) و(محمد إقبال)، الذي رأى فيه أول لبنة من الجيل الثاني من التجديديين، الذي طرح هذا المفهوم من داخل الثقافة العربية الإسلامية. 
وأوضح (النيفر) أن الجيل الثالث هو الذي سيتبنى فكرة وحدة التاريخ ورؤية العالم، التي رأى فيها اختباراً للتجديد في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن التجديد للأسف ظل منحسراً في رؤية الذات المسلمة، وعاجزاً عن تجاوز المرجعية التقليدية. 
أما الباحث التونسي الدكتور (حافظ قويعة)، فأشار في ورقته إلى العديد من الشواهد المستمدة من بعض أعلام الثقافة والفكر، في العالم العربي، وخارجه، ودعا إلى قراءتها من جديد، لأن بها العديد من المفاتيح لفهم ما يجري اليوم في العالم العربي المعاصر. وذكر بأن الأزمة التي نعرفها اليوم أعقد بكثير من تلك التي كانت في القرن التاسع عشر، رغم بعض المنجزات التحديثية التي عرفتها. 
أما الجلسة العلمية الرابعة، التي أدارها الباحث المغربي الدكتور (الطيب بوعزة)، فشملت البحوث التالية: 
الدكتور سعيد شبار - المغرب/ الخطاب الديني وضرورة التجديد المنظومي.
الأستاذ يونس قنديل - الأردن/ محددات الخطاب المقاصدي وحدوده.
شدد الباحث المغربي (سعيد شبار) على أن واقع مسلمي اليوم يعيش على إيقاع الخلط الكبير بين الخطاب المُنزل والخطاب المُنجز، وأن فداحة هذا الخلط تأتي في سياق يتميز بثقل دورات تاريخية كبرى في مجالات الحضارة والفكر والمعرفة لا ترحم، وبالتالي فالمطلوب من مسلمي اليوم الحسم في هذا الخلط حتى لا نتيه أكثر. 
وأضاف (شبار) أن الحسم في هذه الجدلية يتطلب التوقف عند خصائص ومحددات كل خطاب، والتي لا يمكن أن تتطابق بالضرورة، أو تختلف فيما بينها بالضرورة أيضاً، وليس واقع المسلمين اليوم سوى نتيجة حتمية لتفاعل هذا الخلط الكبير والتاريخي. 
ومن المعلوم حسب (شبار) أنه في المرحلة التأسيسية الأولى، في حقبة الصدر الإسلامي الأول، كان الخطاب المُنزل متحققاً على أرض الواقع، ولكن بسبب مقتضيات التداول التاريخي، وقعت انقلابات حيث نشأت العلوم والمذاهب والطوائف والفرق، لتخضع الوحدة الفكرية للمسلمين إلى جزئية صغيرة، وأصبح كل جزء من هذه الأجزاء يعتقد ويؤمن في قرارة نفسه بأنه الفرقة الناجية، ويروج بأنه المحدد النهائي والكلي للمرجعية الإسلامية. وبالنتيجة تحول جزء من التراث داخل سقف معرفي معين، إلى الناطق الوحيد باسم الحقيقة الدينية الكلية، وأصبح الخطاب المنجز يحل رويداً رويداً محل الخطاب المنزل، مع أن الأمر ليس كذلك، ولا يمكن أن يكون كذلك.
أما الباحث (يونس قنديل)، فقد أكد من جهته أنه من المهم جداً تسليط الضوء البحثي على الخطاب الديني، وتجديد هذا الخطاب، وعلوم المقاصد، في سياق واقعنا المفعم بالتحولات المضطربة والمضادة. وعندما نتحدث عن تجديد الخطاب الديني، فعلى المفكرين والباحثين والعلماء أن يستحضروا مقاصد الناس التي خرجت للشارع في الحراك العربي، بما يتطلب استحضار (براديغم) جديد في مشاريع تجديد الخطاب الديني عند مسلمي اليوم.  
وأضاف (قنديل) أن الخطاب المقاصدي لم يلد أصلاً من فراغ، وإنما كان عملية عقلية وذهنية حاولت التوفيق بين معطيات النص وبين الواقع واحتياجات الناس، آخذاً على العديد من المشاريع الإصلاحية المعاصرة كونها قامت باختزال التفسير في نموذج معين، موازاة مع إقصائها لباقي التفاسير والاجتهادات، بخلاف مقتضيات الخطاب المقاصدي، الذي عاش التنوع الهائل الذي مرت منه التجربة التاريخية الإسلامية في النظر إلى طبيعة الدين. 
جاءت الجلسة العلمية الخامسة برئاسة الدكتور (خميس العدوي) من سلطنة عمان، وتم فيها عرض أوراق كلٍ من:  
الدكتور مسفر القحطاني - السعودية/ إشكالية الأنسنة في الخطاب الديني المعاصر.
الدكتور ناجية الوريمي - تونس/ خطاب التجديد الديني وأزمة المنهج. 
الدكتور يحيى اليحياوي – المغرب/ الخطاب الديني في الفضائيات: الدعاة الجدد أنموذجاً.
الدكتور علي مبروك – مصر/ ملاحظات أولية حول الخطاب الديني وتجديده.
أوضح الدكتور (مسفر بن علي القحطاني) أن مصطلح (الأنسنة) في الفكر المعاصر، يختلف في مضمونه بين علماء الفكر الغربيين، وعلماء الفكر عند المسلمين والعرب، مثله مثل عديد من المصطلحات الفكرية الجديدة التي دخلت الفكر العربي الإسلامي.
   ويرى الدكتور (مسفر) أن الثقافة الإسلامية والعربية في هذا المجال، ما زالت تغوص في القديم، وتحاول أن تستوعب أو تبتلع الجديد، حيث يلاحظ أن الكثير من المصطلحات الفكرية القديمة ما زال مستعصياً - بشكل أو بآخر- على الفهم العربي الإسلامي، إما لأنها لا تستطيع أن تتجاوزه إلى أخذ مواقع واضحة، وإما لأن الجدال الفكري ينطلق لحدود اللانهاية. ومصطلح (الأنسنة) من بين هذه المصطلحات التي يسري عليها ما يسري على الآخر.
   وقال إن مصطلح (الأنسنة) في التراث الإسلامي، لم يستخدم كما كان في الفكر الغربي، إذ أن الغرب كان يريد جعل الإنسان آلهته التي لم يؤمن بها خلال مسيحيته، بينما الإسلام كان يرى الإنسان كقيمة عليا، جاء مع الوحي الإلهي، وليس متعارضاً معه، بالإضافة إلى أنه ليس مصدراً للوحي، كما يعتبر في الفكر الغربي.
   أما الباحثة التونسية الدكتورة (ناجية الوريمي)، فقد تطرقت لتوضيح أن تحديد الخطاب الديني في العالم العربي والإسلامي لا يمكن أن يتم في ظل تغييب منهج أو مناهج واضحة تساعدنا على ضرورة تجديد هذا الخطاب، وذلك من خلال طرحها مقاربة للتجديد الديني في الفكر الغربي والفكر العربي الإسلامي، وهي المقارنة التي تظهر حسب (الدكتورة ناجية) أن الفكر الغربي كان يعتمد بالأساس على فصل المناهج، وهو ما ساهم في إعادة قراءة النص الديني الغربي بشكل أعمق.
أما في الجانب العربي، فقد كان الأمر بعيداً شيئا ما عن النقاش العميق، وهو ما أنتج اصطدامات بين علماء الفقه وعلماء الكلام وصل لحد "تفسيق، وتكفير" الفريق الأول للفريق الثاني، واستباحة دمائه في كثير من المواقف التاريخية. 
أما الدكتور المغربي المتخصص في الإعلام (يحيى اليحياوي)، فقد فضل الحديث من زاويته الإعلامية، وطرح إشكالية غزو القنوات الفضائية، وبالأخص منها تلك التي أصبحت تعرف "بالقنوات الدينية"، مبرزاً مجموعة من الإشكاليات التي بدأت تطرح نفسها في الميدان الإعلامي العربي، الذي بات يتوفر على أكثر من 1200 قناة عربية، تأخذ فيها مجموعة 104 قناة "دينية" مكانها، يحمل هدف ما أسماه "متوسطة المكنون الديني على مستوى الصورة"، وهو الأمر الذي يطرح مجموعة من التساؤلات الجدية حول من يمول هذه القنوات؟ ومن يروج لها؟ وما يتم الترويج له فيها؟ وما هي نتائج ذلك في أرض الواقع المعاش؟
وأضاف (اليحياوي) أن الأمر الأكثر خطورة في هذا الأمر، هو كون ما يقارب 96 قناة من هذه القنوات يخضع في انتاجيته وتسييره للقطاع الخاص، بينما لا يبقى للإعلام الرسمي سوى 8 قنوات عبر العالم العربي بأكمله، الأمر الذي يجعل المتلقي أمام صنفين حقيقيين من الإعلام العربي بين "إعلام ديني"، وآخر "غير ديني"، مبدياً في ذات الوقت تحفظه على مصطلح "الإعلام الديني"، بقوله: إن "مصطلح الديني لا يمكن أن يطبق على هذا النوع من الإعلام، ما دامت الرسالة الإعلامية، والوسيط الإعلامي، والمستقبِل، واحداً"..
 وقد كانت المحاضرة الأخيرة للدكتور (علي مبروك)، تطرق فيها لتوضيح العلاقة المعرفية للمفاهيم الجديدة في عدة مجالات، من بينها: "نوع الدولة"، و"الحمولات الأيديولوجية" التي تحاصرها، أو مصطلح التجديد، وما يترتب عنه من فهم قد يأخذ إلى إشكاليات، من قبيل: هل نحن بصدد تجديد الخطاب، أي طلاء الخطاب القديم فقط، أم نحن بصدد البحث عن خطاب جديد يعوض القديم؟
وأضاف الدكتور (علي مبروك) أننا اليوم بصدد وضع مفهوم حقيقي لروابط المصطلحات والمفاهيم المنضبطة في مناهجنا، وهو التحدي الذي يجب التعامل معه بحزم كبير، بالاعتماد على نقد حقيقي وفعال.
واختتم المؤتمر الثاني لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود" المخصص لموضوع "الخطاب الديني: إشكالياته وتحديات التجديد"، أعماله، مساء يوم الأحد 18 مايو/ آيار، بتوزيع الشهادات على المحاضرين الذين أثروا المؤتمر بمداخلاتهم، ونقاشاتهم، وملاحظاتهم، حول القضايا المطروحة والمثارة في المؤتمر، من خلال الانفتاح على رموز الفكر العربي المعاصر والباحثين الشباب المجدين.

 الكاتب: طالب دراسات عليا في جامعة الجزائر، ومهتم بقضايا الإسلام والسياسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق